المحاكاة عبر الإنترنت – Online Simulation

كتبها: د. محمد فضل المولى

للاستشهاد المرجعي:محمد فضل المولى عبد الله (إبريل 2017). المحاكاة عبر الإنترنت – Online Simulation، مقالة، متاحة في بوابة تكنولوجيا التعليم: https://drgawdat.edutech-portal.net/?p=15211


يتوقف نجاح برنامج المحاكاة وفاعليته على كونه نمطاً دقيقاً للعملية التعليمية وللمواقف الواقعية التي يحاكيها، كما أنها تساعد الطلاب على تحمل المسؤولية، فعلى سبيل المثال إذا أعطي الطالب درساً عملياً باستخدام مختبر الفيزياء؛ فإن الطالب يقوم من خلال الكمبيوتر بتجهيز الأدوات والأجهزة التي يمكن أن يضعها للحصول على نتائج التجربة الفيزيائية؛ وفي حال نسيان الطالب لعملية ما قد تسبب له خطراً ما، عندها يقوم الكمبيوتر فوراً بتذكيره لها أو يعطيه إشارة تبين عواقب تلك النتائج.

فمفهوم المحاكاة عبر الإنترنت  فهو لا يختلف عن مفهوم المحاكاة الكمبيوترية إلا باقتران أسلوب المحاكاة عبر الإنترنت من ناحية تنفيذ مجموعة من أساليب التعلم باستخدام شبكة الإنترنت، حيث تعتمد المحاكاة على بعض الإجراءات الكمية التي تصف سلوك نظام واقعي ما عن طريق إجراء سلسلة من العمليات على الكمبيوتر، ويعد هذا الأسلوب ذا فائدة من الناحية الإجرائية عندما تكون عمليات النظام معقدة لدرجة أن الحل الرياضي يكون صعبا أو مستحيلا.

تعريف المحاكاة عبر الإنترنت:

يوجد العديد من التعريفات الخاصة بمفهوم المحاكاة عبر الإنترنت، وإن اختلفت في اللفظ أو الصياغة إلا أنها تتفق في المضمون، كما يظهر من خلال هذه التعريفات عناصر المحاكاة عبر الإنترنت وبعض من خصائصها ومميزاتها ووظائفها وإمكاناتها ومبررات استخدامها.

فهي تعرف بأنها عملية التعامل مع الشيء الحقيقي من خلال تقليده على شبكة الإنترنت.

كذلك فالمحاكاة عبر الإنترنت تعتبر بيئة تعليم وتعلم متاحة للاستخدام من خلال موقع ما على شبكة الإنترنت On Line، وعن طريقها يمكن نمذجة التجارب المعملية الواقعية بهدف تنمية المهارات المعملية لدى الطلاب، وذلك بتطبيق تلك التجارب بشكل افتراضي يحاكي التطبيق الحقيقي.

وعليه نجد أن المحاكاة عبر الإنترنت هي عملية تقليد محكم لسلوك أو موقف أو ظاهرة أو لنظام حقيقي من خلال إنشاء نموذج لذلك النظام من خلال استخدام  أحد البرمجيات التي تدعم شبكة الإنترنت، عن طريق متصفح الإنترنت الذي يدعم عرض تلك التطبيقات المبنية على أحد منصات البرمجة، كمنصة الجافا أو منصة الفلاش. وتتيح هذه التطبيقات للطالب فرصة المشاركة الفعالة والنشطة في عملية تعلمه بدلاً من أن يكون مجرد مستقبل سلبي للمعلومات، كما أنها تتيح الفرصة للمتعلم لكي يتحكم في عناصر كل موقف ممثل أمامه وارتكاب الأخطاء دون أن تكون لها آثار سيئة على نفسه, وإعطاء هذا النموذج بعض المتغيرات ومحاولة التنبؤ بسلوك هذا النظام نتيجة لهذه المتغيرات، وتتطلب المحاكاة عبر الإنترنت وجود نظام حقيقي مادي نظري أو واقعي، يتصف بالديناميكية والمرونة ويسير وفق قواعد محددة بطريقة تمثيلية.

مميزات استخدام المحاكاة عبر الإنترنت:

يمكن تحديد مميزات وفوائد استخدام تطبيقات المحاكاة عبر الإنترنت في التعليم فيما يلي:

  • يمكن أن تعدل المحاكاة عبر الإنترنت بحيث تناسب قدرات ومهارات كل طالب بمعنى أنها تراعي الفروق الفردية بين الطلاب، كما يمكن تكرار التجربة طبقًا لقدرة كل طالب.
  • تسمح للمتعلم بإعادة التجربة بدون الخوف من الفشل، وعن طريقها يمكن أن نعدل سلوك وأداء الطالب فهو يختار التجربة ويتابع عملها بنفسه ويتحكم في متغيراتها.
  • تساعد الطلاب على اكتساب المعلومات التي يمكن أن تمثل خطورة عليهم أثناء دراستها واقعياً من خلال الأصل، كما تساعد على استكشاف المعلومات بطريقة تفاعلية.
  • تيسر للمتعلمين فهم المعلومات والمفاهيم المجردة، بجانب تصحيح الفهم الخاطئ لها.
  • تيسر للمتعلمين دراسة المعلومات الواقعية والتي يصعب الحصول على الأصل منها نتيجة البعد المكاني أو الزمني لحدوثها.

 

عيوب استخدام المحاكاة عبر الإنترنت:

  • تتطلب أجهزة وشبكات ذات مواصفات خاصة وعالية الثمن، وذلك لتمثيل الظواهر المعقدة بشكل واضح.
  • تحتاج إلى فريق عمل من المعلمين والمبرمجين وعلماء النفس، وخبراء المناهج وطرق التدريس وبالتإلى فهي تتطلب لإعدادها جهداً وتكلفه مادية كبيرة.
  • تتطلب قدراً كبيراً من التخطيط والبرمجة لتصبح فعاله ومؤثرة وشبيهة بالواقع.

عناصر المحاكاة عبر الإنترنت:

تتكون المحاكاة عبر الإنترنت المنفذة من خلال الكمبيوتر من ثلاثة عناصر رئيسة وهي:

  • النموذج Model : وهو الذي يصف الظاهرة محل الدراسة من خلال تحديد:
    1. المتغيرات: وهي التي تحدد الحالات المختلفة للتجربة.
    2. العلاقات المتداخلة بين هذه المتغيرات والقوانين التي تحكمها.
  • التحكم Control: وهو الذي يحدد الخطوات التي يستطيع الطالب أداءها في المحاكاة عبر الإنترنت.
  • الشكل View: وهو الذي يوضح التمثيل البياني للحالات المختلفة للظاهرة، وهذا التمثيل يمكن تقديمه من خلال شكل حقيقي أو تخطيطي وغالباً يفضل أن يحتوي الشكل على الملامح الأساسية للتجربة، وأغلب تطبيقات المحاكاة عبر الإنترنت تحتوي على عنصر التفاعلية والتي تعني أن المستخدم يمكنه تعديل البرنامج أو التفاعل معه عن طريق النقر بالماوس على أحد الرموز أو الأدوات الموجودة في واجهة التفاعل على الموقع أمامه، وفي هذه الحالة يستخدم المظهر الخاص بالتطبيق كتحكم أيضًا فيه.

 

الاعتبارات الواجب مراعاتها في تصميم تطبيقات وبرامج المحاكاة عبر الإنترنت:

ينبغي مراعاة الخصائص الآتية عند تصميمها:

  • العديد من تطبيقات المحاكاة تعرض النتائج فقط في شكل مخطط بياني, ولكن ينبغي أن يدمج هذه مع تمثيل العناصر المحاكاة في حالة السكون والحركة.
  • إن معظم تطبيقات المحاكاة تمثل العناصر في بُعدين, ومن الأفضل استخدام التمثيل ثلاثي الأبعاد, والذي يعد شائعا بالنسبة للطلاب.
  • يجب أخذ القرار حول درجة الواقعية المستخدمة عند تمثيل العناصر في المحاكاة, ومن الأفضل استخدام مستوى متوسط من التجريد ولو كان ضروري نستخدم الفيديو بالاتحاد مع الحركة؛ لتقليل الفجوة بين العالم الحقيقي والمحاكي.
  • في العالم الحقيقي لا توجد أجسام صارمة بل مرنة, ونحن نتعامل مع الأجسام الصارمة أفضل رياضيًا, وبالتإلى فإن النموذج المحاكي ينبغي أن يقدم العالم المرن بعد تفهم المبادئ العامة لتبسيطه.
  • توفير أجهزة الكمبيوتر اللازمة لإجراء التجارب المبنية على تطبيقات المحاكاة عبر الإنترنت، بالإضافة لوجود شبكة اتصال بالإنترنت عالية الجودة تسمح للطلاب التواصل مع التجارب من أي مكان وفي أي وقت.

توظيف المحاكاة عبر الإنترنت في العملية التعليمية:

تعد بيئة المحاكاة عبر الإنترنت بيئة تفاعلية افتراضية مبرمجة تحاكي المعامل الحقيقية وهي تمكن الطالب من إجراء تجارب معملية عن بعد بنفسه، أو في مجموعة من الأفراد المتواجدين في أماكن مختلفة، ويمكنهم الاشتراك في بناء وإجراء نفس التجربة من خلال الويب أو العمل في مشروع بحثي مشترك على جهاز الكمبيوتر والوصول إلى الاستنتاجات في المواد العلمية، وتحتوي تلك المعامل على أجهزة كمبيوتر ذات سرعة وطاقة تخزين وتطبيقات لتجارب علمية مناسبة ووسائل الاتصال بالشبكة العالمية تمكن الطلاب من القيام بالتجارب العلمية وتكرارها ومشاهدة التفاعلات والنتائج بدون التعرض لأدنى مخاطرة وبأقل جهد وتكلفة ممكنة، وتساهم بدرجة كبيرة في تعميق فهم الأفكار الصعبة، كما تساعد على سد العجز في الأجهزة المعملية، كما يمكن تغطية معظم أفكار المقررات بتجارب المحاكاة عبر الإنترنت وهو ما يصعب تحقيقه في الواقع نظرا لمحدودية وقت العملي المتاح للمتعلم، وذلك من خلال تبني تكنولوجيا المحاكاة عبر الإنترنت التي يمكنها أن تحاكي العمليات والأحداث والتجارب التي تحدث في المعامل الحقيقية وذلك في شكل تجارب إلكترونية متاحة على شبكة الإنترنت، إضافة إلى دعم المحاكاة عبر الإنترنت للاتصال والتفاعل مع الآخرين سواء زملائه أو معلميه.

حيث تسهم هذه النوعية من البرامج في ممارسة إجراء التجارب المعملية بسهولة ودون خطورة مما يسهم في تبسيط وفهم المفاهيم العلمية المجردة وتنمية مهارات التفكير وعمليات التعلم عكس ما يحدث في معامل العلوم التقليدية.

لذلك يعد استخدام المحاكاة عبر الإنترنت طريقة فعالة في عملية التعلم إذ يتم التعلم هنا في بيئة التعلم بالاكتشاف، والذي أكد عليه “جيروم برونر”، والذي يعتبر أحد رواد الطريقة الاستقرائية والموصى بها كأحد أهم الطرائق في تدريس المقررات ذات الطبيعة العلمية والرياضيات، ففي هذا الأسلوب يسير الطالب من نقطة إلى أخرى من خلال الملاحظات والأمثلة التي يشاهدها، ثم يربط بينهما في النهاية ليصل إلى الاستنتاج الذي اكتشفه نتيجة لمروره بموقف المكتشف الأول، ومن هنا فالوصول إلى النتيجة لم يكن إلا نتيجة لمعاناة الطالب وإدراكه للعلاقة بين السبب والنتيجة، ومروره كذلك بحالة المحاولة والخطأ مما يسبب انغماسه الكامل في المشكلة محاولاً الوصول إلى النتيجة عن طريق ملاحظة الظواهر وصياغة الفروض الصحيحة.

 المراجع:

  • إبراهيم عبد الوكيل الفار (2004). تربويات الحاسوب وتحديات مطلع القرن الحادي والعشرين، سلسلة تربويات الحاسوب، ط 1، دار الفكر العربي، القاهرة.
  • محمد فضل المولى عبد الله (2012). أثر العلاقة بين أنماط المحاكاة عبر الإنترنت واستخدام البيان العملي في اكتساب طلاب تكنولوجيا التعليم مهارات صيانة الأجهزة التعليمية، رسالة ماجستير، كلية التربية، جامعة حلوان.
  • هدى عبد الحميد عبد الفتاح (2009). فعالية استخدام العمل الافتراضي في تنمية المهارات العملية للكيمياء لطلاب كلية التربية, مجلة التربية العلمية, العدد الأول, المجلد الثاني عشر، مارس.
  • Wieman, W. Adams, P. Loeblein, and K. Perkins (2010). Teaching physics using PhET simulations, The Physics Teacher, Available at: http://phet.colorado.edu
  • Francisco Esquembre (2004). Easy Java Simulations: An easy-to-use tool to create scientific simulations in Java, Computer Physics Communications, 156, PP. 199-204.
  • Haubrock, S., Theisselmann, F., Rotzoll, H., Dransch, D (2009). Web-based management of simulation models – concepts, technologies and the users’ needs, 18th World IMACS / MODSIM Congress, Cairns, Australia 13-17 July 2009, Available at: http://mssanz.org.au/modsim09
  • Vasudeva Rao Aravind and John W. Heard (2010). Physics by Simulation: Teaching Circular Motion using Applets, Latin-American Journal of Physics Education, Volume 4, Number 1, January 2010.

عن د. محمد فضل

دكتوراه في التربية تخصص تكنولوجيا التعليم - جامعة حلوان، مُطور تعليم إلكتروني بمركز التعليم عن بُعد - دار الإفتاء المصرية والمشرف العام على العملية التعليمية.
error: Content is protected !!
التخطي إلى شريط الأدوات