التصميم التعليمي للتعليم الإلكتروني (ج1)

edutech-student

 

يعد التصميم التعليمي Instruction Design من العلوم التربوية الحديثة نسبيا والتى ظهرت فى السنوات الأخيرة من القرن العشرين (15-20سنة) حتى أنه اعتبر علماً بحد ذاته ناتجاً عن عدد من العلوم التربوية الأخرى. ويهتم علم التصميم التعليمي بوصف الإجراءات التى تتعلق باختيار المادة التعليمية (الأدوات، والمواد، والبرامج، والمناهج) المراد تصميمها، وتحليلها، وتنظيمها، وتطويرها، وتقويمها من أجل تصميم مناهج تعليمية تساعد على التعلم بطريقة أفضل وأسرع، وتساعد المعلم على اتباع أفضل الطرق التعليمية فى أقل وقت وجهد ممكنين.

تعود أصول التصميم فى العملية التعليمية إلى البحوث فى ميادين علم النفس والتربية التى زودتنا بمعين لا ينضب من المعارف والمهارات اللازمة لتطوير استراتيجيات التعليم وتقنياته، وأدت إلى ظهور نظريات تعلم مختلفة مثل النظريات الإجرائية، والمعرفية، والإنسانية، وهدفت هذه النظريات إلى تفسير عملية التعلم واقتراح نماذج للتعليم، فظهر التعليم المبرمج، والتعليم الفردى بأساليبه المختلفة، والتعلم للإتقان، وبذلك تطور مفهوم التصميم التعليمى.

نظريات التعلم والتصميم التعليمي:

حاولت نظريات التعلم دراسة أفضل السبل لحصول التعلم، وعملت على تقديم معلومات كافية عن العلاقة بين مكونات العملية التعليمية التى يتفاعل معها المتعلم، مما يساعد فى تحديد الأساليب والاستراتيجيات المناسبة للموقف التعليمى المعين، وخصائص الفئة المستهدفة، وقد اهتم التصميم التعليمى بالأخذ بنتائج نظريات التعلم فى إيجاد أفضل الطرق التى تؤدى إلى تحقيق الأهداف، فتعمل على ترجمة مبادئ التعلم والتعليم، إلى طرق واستراتيجيات تساعد فى تحديد المواد التعليمية، وتحقق نواتجها على صورة مخرجات تعلم عقلية وحركية ضمن ظروف بيئة معينة، وسياق محدد.

معنى التصميم التعليمي:

لو قسمنا مصطلح التصميم التعليمي إلى شطرين (تصميم + تعليم) فإننا نؤكد أن التعليم يدل على المجال، في حين يدل التصميم على طبيعة العملية، والتصميم في حد ذاته يستهدف ترجمة الأهداف إلى تصور إجرائي ملموس سعياً لتنفيذه بما يحقق هذه الأهداف، ومن هنا فالتصميم التعليمي يهدف إلى تجسيد الأهداف التربوية للموقف التعليمي في صورة نموذج أو تصور يستفيد من معطيات نظريات التعلم والمواصفات التربوية، وهو كذلك العلم الذي يعمل على تحقيق أهداف الموقف التعليمي بفاعلية، أي في أقل وقت وجهد وتكلفة ممكنة في مقابل إعطاء أكبر عائد ممكن من العملية التعليمية.

ويعد علم التصميم التعليمى من العلوم التعليمية التى حاولت الربط بين الجانب النظرى من ناحية، والجانب التطبيقى من ناحية أخرى، فالجانب النظرى هو ما يتعلق بنظريات علم النفس العام، وخاصة ما يتعلق بنظريات التعلم، في حين يتعلق الجانب التطبيقى بمجالين رئيسين، هما:

أ‌-         وصف البرامج التعليمية والاستراتيجيات المناسبة للتعليم، وكيفية توظيفها، ومواصفاتها التربوية.

ب‌-     تحديد الأداة التعليمية، أو الوسيلة التكنولوجية المناسبة للتعليم، كالكمبيوتر، والإنترنت، وشبكات مؤتمرات الفيديو، والقاعات الذكية، وغيرها من الأدوات.

  فالتصميم التعليمى يتكون من جانبين جانب علمي فلسفي، وجانب تقني أدائي، ويبحث التصميم التعليمي فى وصف أفضل الطرق التعليمية التى تحقق النتائج التعليمية المرغوب فيها وتطويرها، وفق شروط معينة، ويعد هذا العلم بمثابة حلقة وصل بين العلوم النظرية، والعلوم التطبيقية فى مجال التربية والتعليم.

التصميم التعليمي أم تصميم المحتوى التعليمي؟

                        للإجابة عن السؤال السابق نرجع إلى مجال التصميم التعليمي، فالتصميم التعليمي ينظر إلى التعليم كعملية شاملة ومتكاملة، ومن هنا فالمحتوى هو جزء من العملية التعليمية، ويشكل المعارف المراد تدريسها، وتصميم المحتوى يهتم بتنظيم عناصر هذا المحتوى وصياغته بالشكل الأنسب الذي يسهل الاستجابة له، أما التصميم التعليمي فيهتم بتصميم العملية التعليمية ككل بما في ذلك تدريس المحتوى وتقويم أداء الطلاب، وهو مفهوم أشمل من تصميم المحتوى.

التصميم التعليمي ID أم تصميم النظم التعليمية ISD؟

                        إن مصطلح تصميم النظم التعليمية مصطلح أشمل من التصميم التعليمي وهو يدمج النظرة المنظومية للتعليم في علم التصميم التعليمي، ومن منطلق تصميم النظم التعليمية فإن أي عملية تصميم تعليمي تتكون من خمس عمليات رئيسة من الممكن أن تقسم فيما بعد إلى عمليات إجرائية، والعمليات الخمس المشار إليها هي ما يعرف بالنموذج العام أو النموذج الخماسي.

لقد تأثرت النظرة المنظومية لتصميم التعليم تأثراً كبيراً بأسلوب النظم الذي يعتمد على النظرة الشمولية للموقف التعليمي، وإدراك كل مكوناته وارتباطها بعضها البعض والتفاعلات فيما بينها لتحقيق الهدف من النظام، وبالنظرإلى التعليم الإلكتروني من منطلق كونه نظاماً يتكون من عدة عناصر تتفاعل فيما بينها، فإن تصميم المقررات الإلكترونية يتطلب وضع جميع عناصر منظومة التعليم الإلكتروني نصب أعيننا فنحن عند تصميم مقرر إلكتروني يجب أن نجيب عن عدة تساؤلات منها:

  • لمن هذا المقرر؟
  • ماذا سيدرس ؟
  • ما الذي نرغب في تحقيقه؟
  • كيف سيقدم المحتوى؟
  • ما دور المعلم في تدريسه؟
  • ما المتطلبات المادية والبشرية لتنفيذه؟
  • وكيف سيقوم المتعلم من خلال المقرر الإلكتروني؟
  • وكيف سنتحقق من جودة المقرر الإلكتروني ( تقويم المقرر )؟

وغير ذلك من التساؤلات التي تعكس في مجملها النظرة الكلية لعملية التصميم والتي لا تعتمد على تصميم منتج فقط، بل منتج وعمليات معا .

 

عن د مصطفى جودت

أستاذ تكنولوجيا التعليم المشارك بجامعة الملك سعود ، وجامعة حلوان مدير تطوير المحتوى الرقمي بجامعة الملك سعود
error: Content is protected !!
التخطي إلى شريط الأدوات