التعلم الإلكتروني وبناء المعرفة

ترجمة منتقاه من الفصل الثامن من كتاب :

Education for an Information Age
Teaching in the Computerized Classroom

7th Edition
by
Bernard John Poole, MSIS, PGCE
University of Pittsburgh at Johnstown, Johnstown, PA, USA
and
Elizabeth Sky-McIlvain, MLS
Least Tern, Georgetown, ME, USA

with
John Evans, MS
Boise State University, Boise, ID

and
Yvonne Singer, MS
Middlesex County College, Edison, NJ, USA

Dr. M. Gawdat د. مصطفى جودت

Dr. M. Gawdat
د. مصطفى جودت

ترجمة وتحرير : د. مصطفى جودت صالح

ربما تكون شبكة الانترنت أفضل مصادر المعلومات. ولا ريب في أنها تعد أفضل العوامل في إحداث التغييرات في العملية التعليمية، لاسيما منذ ظهور الصحافة المطبوعة. وبناءاً عليه تمر المنظومة التعليمية على جميع أصعدتها، بداية من مرحلة رياض الأطفال وانتهاءً بالمرحلة الثانوية، بتحول لا يؤثر فقط على طريقة تدريس المعلم بل يؤثر في الوقت ذاته على طريقة تعلم الطلاب. ولقد وصلت شبكة الانترنت إلى شتى بقاع العالم. ولقد تسنى لنا في الفصل السابع، التعرف على أن شركات الاتصالات اللاسلكية في جميع أنحاء العالم، تتسابق فيما بينها؛ لتنمية نظم قادرة على مواكبة الاحتياجات المتزايدة لخدمات الاتصالات المبنية على شبكة الانترنت، التي تخول جميع شرائح المجتمع القدرة على الحصول على المعلومات الفورية والسريعة، التي يحتاجونها في تخطيط حياتهم والتمتع بها .

لا شك في أن تضمين شبكة الانترنت واستخدامها في عملية التدريس والتعلم اليومية صار حقيقةً واضحة، ولكن ذلك لم يتم بنفس السرعة التي حدثت بها التغييرات التكنولوجيا. ويلاحظ كي ( Kay 1994 ) أن الأفكار القوية تخلق الاحتياجات التي يمكن أن تسدها فقط. وهذه هو جوهر تغيير النموذج، الذي يشير إليه كوهن، والذي يستغرق وقتاً أطول مما يعتقد أو يأمل الفرد.

Q_elearning_400px

 المسألة ليست مسألة تكنولوجيا، وذلك لأنه في البداية يجب القيام بالكثير من الأشياء. فبادئ ذي بدء، يتحتم على المدارس إعداد المعلمين لاستخدام التكنولوجيا وتضمينها داخل مناهجهم الدراسية. ولا يزال من الضروري قيام الكثير من المدارس بالاستثمار، أي يجب أن لا تقوم فقط بتركيب أجهزة الكمبيوتر، بل أيضاً بتركيب عدداً كافياً من أجهزة الكمبيوتر المتصلة فيما بينها من خلال شبكة والجاهزة لاستخدام شبكة الانترنت؛ لتبيان استخدام هذه الكمبيوترات في المجال التعليمي. هذا بالإضافة إلى أنه يجب أن تتصل الكثير من المدارس، بشبكة انترنت سريعة للغاية.

يجب تدريب المعلمين في الوقت الحاضر على تغيير النموذج الذي سيستخدم في العملية التعليمية. فإذا كان العقدان المنصرمان يمثلان عصر المعلومات، فإن بداية القرن الواحد والعشرين تمثل عصر البراعة المعلوماتية، حيث يتم استخدام شبكة الانترنت والموارد الالكترونية الأخرى استخداماً ناجحاً في تنمية التعلم ومهارات التعلم، كمكون رئيسي لمجموعة مهارات المعلم في الوقت الراهن. وتتضمن المعرفة الجديدة مهارات حل المشكلات والاتصالات ومهارات التعاون ومهارات القراءة والكتابة والحساب. ولا مناص من عودة المدارس لاستخدام التعلم الالكتروني، في تنمية مهارات الطلاب في القرن الواحد والعشرين.

أعتقد أننا لدينا كماً هائلاً من المعلومات رغم محدودية أعداد الأفراد القادرين على استغلال هذه المعلومات

جون سكالي ( 1939 ) المدير التنفيذي السابق لمؤسسة أبل ماكنتوش

تأملات على عملية التعلم

تهدف العملية التعليمية عامةً إلى مساعدة المتعلمين على التعلم ، هذا بالإضافة إلى أن هذه العملية لا تتضمن فقط المعرفة السطحية للبيانات، مثال ذلك ما يحدث عن تصفح شبكة الانترنت. وفي الغالب يعتبر المعلمون والطلاب أن عملية جمع وتنظيم البيانات التي يقومون بها عبر المواقع الالكترونية، ضرباً من ضروب التعلم. فعلى سبيل المثال لا الحصر لا يمكننا في أحد دروس العلوم المساواة بين تصميم خريطة للبيانات الخاصة بالمسافة التي قطعها أفراد التجربة وفهم واستيعاب القانون الأول للحركة. وتنطبق نفس المقارنة على جميع أنشطة شبكة الانترنت. ومن الأساسي تطبيق المقارنة في عملية التعلم على جميع أصعدة العملية التعليمية، بين المعلومات والبيانات المنظمة التي تفضي إلى تكوين محتوى معرفي والحكمة التي تصاحب فهم واستيعاب المحتوى المعرفي. وسنرى أن التكنولوجيا يمكن أن تلعب دوراً كبيراً في هذه العملية، يفوق مجرد قيامها بتيسير عملية جمع وتنظيم البيانات.

 

بيانات غنية ، معرفة محدودة

يجب أن يستوعب ويقدر المعلمون دون غيرهم الفارق بين البيانات والمعلومات. فمن ناحية تمثل البيانات المواد الخام للمعلومات. كما أن البيانات عبارة عن رموز منظمة ( أرقام وحروف وصور ) تمثل الأحداث. علاوة على أن البيانات ليس لها معنى في ذاتها. فالمعنى يتضمن الفهم، الذي يتضمن بدوره نشاطاً معرفياً إلى حد ما. وإذا جنحنا بخيالنا يمكننا القول بأن البيانات عبارة عن الطوب والبلاط والمواد الأخرى التي تمثل المكونات الرئيسة لعملية البناء. فعندما يُكمل البنًاء ( عامل البناء ) البناية، ينتقل الناس إليها. وعلى نفس الشاكلة، عندما يستوعب العقل البيانات – أي عندما يتعرف على ويستوعب البيانات، تتحول هذه البيانات معلومات.

 

على الجانب الأخر، قدم شانن وويفر Shannon and Weaver , 1949 ) ) تعريفاً للمعلومات ، مفاده ” أن البيانات تقلل من عنصر الشك – يصاحب عنصر المفاجأة والاندهاش، البيانات التي تفضي إلى تكوين فهماً أكبر والتي تجعل بالعقل يكون رؤية جديدة للعالم.

 

بناءً عليه، لا يتم إضافة معارف جديدة إلينا عندما يُقال لنا شيئاً نعرفه بالفعل. فعلى سبيل المثال إذا فتحنا كتاباً وقرأنا التالي ” 2 + 2 = 4 ، لن نلاحظ أن هناك شيئاً جديداً تم إضافته لنا ، باستثناء السؤال الذي يتبادر إلى أذهاننا ومفاده ” ما الداعي لقراءة هذا الكتاب؟ والإجابة على هذا السؤال تؤكد أننا نكتسب معارف جديدة عندما تثري البيانات التي حصلنا عليها( سواء عن طريق القراءة أو من خلال الخبرة أو عندما يخبرنا بها أي فرد ) عقولنا على المدى القصير أو على المدى البعيد. وبالتالي عندما نحصل على معارف جديدة، تتغير عقولنا بل حياتنا بصورة واضحة.

نموذج شانون وويفر للاتصال

 

توخى ديبونز و باحثون آخرون ( Debons et al , 1988 ) الحذر والحيطة وذلك على غرار جميع علماء المعلوماتية، في وصف السلسلة المتصلة التي اصطلحوا على تسميتها ” طيف المعرفة “. ومن الجدير بالذكر أن السلسلة المتصلة تبدأ بوقوع حدث يمثل شرطاً أو تغييراً في واقع الحياة. والحدث تستوعبه عقولنا عن طريق استخدام رموز – التي هي عبارة عن تمثيلات لا معنى لها، تكون في حاجة إلى قواعد وصيغ، لإعطائها المعنى والدلالة. وتتدفق البيانات ، بمجرد تنظيم التمثيل الرمزي للحدث، من خلال استخدام القواعد والصيغ. وإذا تحرينا الدقة في التعبير، لا يتدخل العقل حتى هذه المرحلة. ونحن الآن في شق البيانات للسلسلة المتصلة.

 

يبدأ دور العقل( المعرفة ) بمجرد إدراك الحواس للبيانات. وإذا قامت البيانات بخفض عنصر الشك، تكون المعلومات هي ناتج هذه التجربة. فالعقل يتغير بصورة ملموسة، أي أنه يتم تكوين روابط جديدة داخل المخ، نتيجة لنمو المعرفة التي تكونها المعلومات. ولقد لاحظ أوليفر وينديل هومز ” أن العقل الذي يكبر نتيجة لإضافة فكرة جديدة إليه ، لا يمكن أن يعود إلى بعده الأصلي “. فنحن الآن في الشق المعرفي لطيف المعرفة.

 

تضاف المعلومات إلى مخزون العقل من المعرفة، عندما يستوعب الفرد المعلومات، الأمر الذي بدوره يخول العقل القدرة على استخدام المعرفة في تحليل المواقف واستخدامها استخداماً مناسباً ( Debons , 1988 ) .

 

حل المشكلات ليس عملية منفصلة، حيث أن مصدر هذه المهارة هو القاعدة المعرفية التي يدعمها العقل. وتتمثل المرحلة النهائية لطيف المعرفة في الحكمة، التي تستند على مجموعة من القيم في إصدار الأحكام، التي تستخدم ما تم تخزينه من معرفة في العقل خلال التجارب.

 

إذا كان صحيحاً أن المعرفة مصدر للقوة وأن هؤلاء الأفراد الذين يمكنهم اكتساب المعرفة، بمقدورهم المنافسة القوية؛ للحصول على نصيب من الثروات المتاحة في المجتمع، فمن سيكون صحيحاً أيضاً أن التعليم هو الخبرة التكوينية الأولية التي تضع مفاتيح اكتساب المعرفة في أيدي الأطفال، ومن ثم سيستلزم الأمر أن يكون التعليم مفتاح البقاء في مجتمع المعلومات الحالي.

 

المعلم هو رجل تربوي لديه سلطة التعليم – أصل هذه الكلمة يوناني وتعنى القيادة نحو الخارج أو القيادة من أو التحدي أو الحث على التقدم . ويتمثل الشرط الأساسي لبناء فرداً متعلماً، في إعداد بيئة تشجع العقل وتحفزه على مواجهة العالم المتعدد الأوجه، على جميع مستويات النمو المعرفي لكل فرد.

 

تحول المعلومات إلى بيانات هي خبرة فردية منقطعة النظير

يصف ديبونز العملية المستخدمة في اكتساب ونقل ومعالجة واستخدام البيانات؛ لتصبح بيانات عالية القيمة في عملية صنع القرارات. ويتضمن النموذج الديبونزي ( نسبة إلى الباحث ديبونز ) لنظام المعرفة، مكوناً رئيسياً أخراً هو التحول ، الذي يعتبر المنتج النهائي لنظام المعرفة. وهذا عندما تؤثر البيانات نظراً لأنها معلومات جديدة على العقل البشري، ومن ثم ينخفض عنصر الشك ويتغير الأساس المعرفي لدى الأفراد للأبد.

 

بالنسبة للمعلم قد يتضمن هذا على الكثير من المضامين لاسيما التالي تفصيله:

 

لا يكتسب الطالب معلومات جديدة من مجرد محاولة توصيل البيانات

 

يجب أن تتذكر عدد مرات حضورك حصص دراسة، أو عدد مرات قراءتك صفحات الكتاب المتتالية غير محولاً بصرك نحو أي شيء ولا مستوعباً في الوقت ذاته أي شيء!

 

لا يكتسب الطالب أي معلومات جديدة،عندما تكون المعلومات معروفة بالفعل

 

يجب أن تتذكر عدد مرات حضورك خصص دراسة أو عدد مرات قراءتك صفحات الكتاب المتتالية رغم عدم تعلمك شيئاً جديداً ! وفي الحقيقة يتمثل النقد العام للتعلم المبني على الكمبيوتر والمصمم تصميماً سيئاً، في أن هذا النوع من التعلم يتوقع مراجعة الطلاب للمادة التي تم استيعابها استيعاباً كاملاً، مراجعة عابرة. وعلى الجانب الأخر، سيدرك وسيعدد التعلم المبني على الكمبيوتر والذي تم تصميمه بصورة جيدة، خصائص وقدرات الطلاب، بل أنه سيتحدى المستخدم ، للانتقال إلى مستويات أعلى من التعلم، وذلك من خلال التعامل مع احتياجات التعلم الفردية لدى الأفراد.

 

لن تكون تجربة طالب مع الحدث هي نفس تجربة طالب أخر.

 

صاغ هاورد جاردنر ( Howard Gardner, 1993 , 1999 ) نظرية مفادها هو أن كل منا يختلف عن الأخر في توازن الذكاءات التي تشكل عقولنا. فنحن نستخدم طرائق مختلفة في التعلم إضافة إلى أن لكل منا ذكاءات معينة يمكن أن يستخدمها في التعلم الأمثل. وفوق ذلك يأتي الطلاب إلى حجرة الدراسة وبجعبتهم أساليب تعلم مختلفة ، حيث سيتبع كل أسلوب من أساليب التعلم طيف المعرفة بصورة مختلفة، وذلك وفقاً لاستجابتهم للأحداث المختلفة في الأوقات المختلفة.

 

فوق ذلك، النمو المعرفي ليس عملية خطية بل عملية دائرية. وكما وصف فيشر وروز، فإن الطالب المتعلم سيكرر الانتقال من الحدث إلى الحكمة بسرعات مختلفة ومن مستويات مختلفة للقاعدة المعرفية وبمستويات تحصيل مختلفة، خلال سنوات الدراسة.

 

ومن ثم فإن تحول البيانات إلى معلومات عبارة عن خبرة فردية فريدة، حتى عندما يتشارك فيها أفراد آخرين. ولسوء الحظ من الصعب تحقيق هذا التفريد في عملية التعلم ، لاسيما عندما يتوقع عمل جٌل المعلمين مع عدد كبير من الطلاب في آن واحد. ولا تزال نسبة المعلمين إلى الطلاب، نسبة غير مرضية في الكثير من حجرات الدراسة بداخل مدارسنا، رغم تحسنها عما كانت عليه منذ مائة عام مضت. وعلى الرغم من أن متوسط عدد الطلاب بالنسبة للمعلمين في المدارس الحكومية بالولايات المتحدة الأمريكية هو سبعة عشر طالباً تقريباً لكل معلم ، فإن هذا المتوسط يفند الحقيقة التي تقول أن نسبة الطلاب إلى المعلمين تصل إلى قرابة خمسة وعشرين طالباً في حجرات الدراسة التي يقومون بتدريسها، ويجب أن يكون المتوسط المعياري لهذه النسبة هو نسبة عشرة إلى خمسة عشر طالباً في كل حجرة دراسة.

 

لا ريب في أن إعداد محتوى مقررات دراسية تلائم احتياجات الفرد، يمثل تحدياً كبيراً حتى لأكفئ المعلمين, لاسيما عندما يتعين عليهم تخطيط الدروس لعدد كبير من الطلاب. وتعد فرق التدريس، أحد الحلول التي يمكن استخدامها في حجرة الدراسة، بينما يعد برنامج ” الحذف من المقرر الدراسي ” حلاً أخراً للإثراء والعلاج في وقت واحد. وقد تلاحظ أن التكنولوجيا ستستخدم كحلاً من الحلول المقترحة. ولقد اطلعنا في الفصل الخامس وكذلك في الفصل السادس ، على بعض من حزم البرامج الالكترونية والاقتصادية المتاحة للتعلم المتكامل. حيث تقوم هذه الحزم بدمج التدريس المتباين والمتعدد الوسائط والتدريب مع التقييم الفردي. هذا بالإضافة إلى أن أفضل هذه الحزم يولد تقييماً تكوينياً، ومن ثم فإن هذه الحزم لا تقدم فقط الوسيلة، بل تقدم أيضاً المواد التي يتم استخدامها لتحسين عملية التعلم . ونظراً لأن الحلول يتم تقديمها عبر شبكة الانترنت ، فإنها بالتالي تقع تحت مظلة التعلم الالكتروني. وعلى الرغم من أننا لن نستفيض في حديثنا عن نظم التعلم المتكاملة في هذا الفصل، إلا أننا سنطالب بعدم إغفالها أثناء تعلمك للنماذج والأنماط الأخرى. وسيتم مناقشة حلول التعلم الالكتروني الأخرى ، مثال ذلكWeb Quests and Hunts في الفصل التاسع ، عندما يحين الوقت لإلقاء الضوء على شبكة الانترنت كمصدر لأنشطة التعلم والبيانات أيضاً.

 

ماهية التعلم الالكتروني

shutterstock_91862705-300x250يعنى التعلم الالكتروني أشياءً مختلفة لأفراد مختلفة. وفي سياق هذا الكتاب، يمكننا تعريف التعلم الالكتروني على النحو التالي ” التعلم الالكتروني هو نوع من التعلم يحدث عبر الشبكة. وهذا النوع من التعلم كان موجوداً قبل استخدام الكمبيوتر. فعلى سبيل المثال، استخدمت النساء في المجتمعات المختلفة ، الشبكات البريدية؛ للحصول على جميع ضروب التعليم التي لم يكن باستطاعتهم الحصول عليها بطرائق أخرى. ولقد تم استخدام الراديو منذ بداية عام 1900م؛ لتمكين الطلاب الذين كانوا يقنطون الأماكن النائية لقارة استراليا، من الحصول على قسط من التعليم. هذا بالإضافة إلى استخدام التليفزيونيات ذات الدوائر المغلقة لهذا الغرض. ولقد كان لاستخدام الكمبيوترات الشبكية في خضم هذه التكنولوجيات، عظيم الأثر في تركيز الضوء على التعلم الالكتروني؛ لأن المجتمع غدا مجتمع تعلم عالمي، على إثر استخدام شبكة الانترنت. وربما يتضمن التعلم معلماً على أحد طرفي السلسلة ويكون الطلاب سواء كأفراد أو كمجموعة على الطرف الأخر للسلسلة. وبصورة تبادلية يمكن عمل شبكات فيما بين الطلاب، الذين ينتمون لمدارس مختلفة ( محلية أو قومية أو دولية ) بهدف التفاعل والمناقشة وتنفيذ مشروعات مشتركة وألخ.

 

أهمية التعلم الالكتروني

لا يزال الهدف من هذا النص حتى هذه اللحظة هو إقناعك كمعلم مستقبلي، بأن التكنولوجيا يمكن أن تثري خبرات التعلم الصفي، ويمكن أن تيسر في الوقت ذاته المهام الصفية والمسئوليات التي ستواجهها خارج حجرة الدراسة. ولقد تم إطلاعك بالفعل على عالم رقمي جديد ومثير تتخطى تخومه خارج حدود العالم هذا بالإضافة إلى أن الأدوات تتميز بقابلية استخدامها وتعددها وجاهزيتها دائماً للاستخدام. ولقد حان الآن الوقت لترى كيف يمكن أن تصبح هذه الرؤية بيئة تعلم لطلابك. وهذا هو التعلم الالكتروني.

 

وسنرى أن التعلم الالكتروني لا يدعم فقط البراعة التكنولوجية فقط ،بل يدعم أيضاً مهارات حل المشكلات والاتصالات والتعاون في القرن الواحد والعشرين. وفوق ذلك للتكنولوجيا قيمة أخرى هامة هي إمكانية دعمها لقيم التنوع.

 

تتنوع الولايات المتحدة الأمريكية ومجتمعات العالم بصورة كبيرة من حيث السكان. ولا تزال البوتقة التي تنصر فيها الأعراق المتنوعة، بعيدةً جداً عن إمكانية تطورها إلى كل متجانس ثقافياً. و تعتبر التعددية الثقافية، محط اهتمام وتركيز كبير في العملية التعليمية؛ نظراً لأن الأطفال في حاجة إلى معرفة التنوع والتعايش معه أكثر من ذي قبل. وبما أن المعرفة مصدراً للقوة، فمن ثم سيدعم وعي وفهم الفارق قبول الفارق ووجود مجتمعاً أكثر عدالة، حيث تتوافر فرصة توزيع الحقوق بصورة متساوية ،بغض النظر عن عرقه أو نوعه.

 

يخدم التعلم الالكتروني أهداف التعددية الثقافية من خلال تمكين الطلاب في المجتمعات الريفية من الوصول إلى الطلاب في المجتمعات الحضرية، وتمكين الطلاب في المناطق والأحياء الغنية من التفاعل مع الطلاب الذين يقطنون المناطق والأحياء الغير غنية وكذلك من خلال تمكين الطلاب الذين ينتمون لخلفيات عرقية متنوعة من التعاون في مشروعات تتعدد فيها الثقافات. وسيحدث التعلم عن بعد فارقاً في باقات التقدم، التي تم وصف بعضها.

 

ستصبح هذه التفاعلات بين الثقافات وبين الأعراق وبين الاقتصاديات قاعدة وليس استثناء، عندما تصبح تكنولوجيا الشبكات، شيئاً شائعاً في المدارس . وعلى الرغم من أن هذا التفاعل لن يزيل الفروق الموجودة بين الثقافات وبين الأعراق وبين الاقتصاديات، إلا أنه سيفتح عيون الأطفال على حقائق تلك الفروق؛ بهدف مساعدة الأطفال على أن يكونوا أكثر تسامحاً مع بعضهم البعض. وسيقع على عاتق كل معلم يعمل مع الأسر والمجتمعات، القيام بدعم التعددية الثقافية؛ بهدف التخلص من المحاباة واستبدالها بالحدوب والميول نحو التنوع. وسيستكشف أكثر الملحق ( د ) هذا الموضوع بشيء من التفصيل.

 

بيئة التعلم الالكتروني  

يجب أن تضع في ذهنك حجرة الدراسة التقليدية بينما أنت تقرأ هذه القائمة الخاصة بالسمات التي تتشارك فيها جٌل خبرات التعلم التالي تفصيلها :

  • يمكن حدوث التعلم في أي مكان. فمحتوى التعلم يمكن الحصول عليه من خلال الولوج إلى الشبكة، فمن ثم يمكن الحصول عليه في أي مكان، يمكن من خلاله الولوج إلى شبكة الانترنت. فعلى سبيل المثال يمكن الولوج إلى شبكة الانترنت على الشاطئ أو على السرير أو في الطائرة أو في مكوك الفضاء أو في قاع البحر، حيث أن التخوم المادية لحجرة الدارسة ليست ضرورية لحدوث التعلم الالكتروني.

 

  • يمكن حدوث التعلم في أي وقت. على نفس الشاكلة، لا يحدد الإطار الزمني للتعلم الجدول الزمني لدق الأجراس، بل تحدده الأشياء التي يفضلها الطلاب. وتتمثل استثناءات القاعدة في المؤتمرات التليفزيونية والمؤتمرات الالكترونية والدردشة، التي تعتبر أحداثاً لا تزامنيه.

 

  • يتاح محتوى التعلم في وسائط متعددة. فيمكن الحصول على خبرات التعلم باستخدام طرائق وسبل كثيرة. وتتضمن الخبرات النموذجية النص والمحتوى البصري والسمعي بأنماط تزامنيه ولا تزامنيه.

 

  • التعلم ليس خبرة عرضية. فقدرة الطلاب على استخدام البيانات والمعلومات بصورة متكررة، شيئاً أساسياً للتعلم الالكتروني. وهذا يعد شيئاً ممكناً؛ نظراً لأن أصول ومواد التعلم رقمية، إضافة إلى أن اتصال الطلاب بالبيانات أصبح جزءاً من الأرشيف الرقمي. ويمثل كل من الدردشات والبريد الالكتروني والمؤتمرات الالكترونية والأنشطة والتدريبات والمهام والتقييمات، جزءاً من أرشيف خبرات تعلم الأفراد.

 

  • لا يتطلب التعلم حضور المعلم. ومن ثم يطرح سؤال نفسه مؤداه ” ماذا ؟؟ ” حسنا أنت لديك معرفة بالمؤتمرات التليفزيونية ومقتطفات الفيديو المباشرة ولوحات النشرات والمدونات والصفحات الالكترونية. ولك أن تتخيل تدريس الطلاب باستخدام هذه الأدوات فقط. و لا ريب في أن تحول النموذج وذلك كما قمنا بالمناقشة في الكثير من الأوقات، يكون في الغالب أكثر أنماط الاتصال فاعلية. وعلى الرغم من ذلك، تخيل كم من المفيد للمتعلم المبصر أن يرى الدرس معروضاً بصورة رقمية على شبكة الانترنت ، أو كم من المفيد للمتعلم الذي يعتمد على حاسة اللمس في القدرة على القراءة وإعادة القراءة للمحاضرة، بينما يستمع إلى تسجيل صوتي أو حديث رقمي.

 

  • لا يتطلب التعلم حضور الطلاب الآخرين. وهذا يبدوا أكثر وضوحاً. فلقد ناقشنا في الفصل السابع أن شبكات العمل وشبكة الانترنت، تكون مجتمعاً عالمياً، أفضى بنا إلى أكثر جوانب التعلم الالكتروني قوة .

 

  • يتطلب التعلم الاتصالات

 

  • يدعم ويشجع التعلم التعاون بل أنه غالباً ما يحتاج إليه . ويمكن تعريف التعاون على النحو التالي ” هو عبارة عن مساهمة فردين أو أكثر في مجموعة من المعلومات أو في نواتج تعلم أو في مشروع. ويمكن أن تكون المساهمات عبارة عن صور أو محركات بحث أو دوريات أو رسائل الكترونية. وبالطبع لا يعتبر التعاون أداة تدريسية جديدة. والقول المأثور الذي مفاده ” أن عقلين أفضل من عقل واحد، وأن أربعة أيدي أفضل من يدين، هو مقولة قديمة جداً، تستغلها أحداث التعلم الالكتروني بأقصى ما يمكن.

 

  • يدعم ويشجع التعلم التعاون بل أنه غالباً ما يحتاج إليه. ويمكن تعريف التعاون على النحو التالي تفصيله” هو عبارة عن تشارك فردين أو أكثر في فهم وتقديم تغذية راجعة متبادلة. ويدرك أكفء المعلمين أن دورهم يتمثل غالباً في التعاون مع الطلاب، لاسيما في أحداث التعلم الالكتروني. ومع ذلك تتيح شبكة العمل عدداً لا محدود من الأفراد المتعاونين، الذين لن يتقابل معهم الطالب المنخرط في التعلم الالكتروني بصورة مباشرة ،أي وجهاً لوجه.

 

  • تتطلب عملية التعلم حل المشكلات. فالتمرين والممارسة داخل نطاق البيانات المعروفة، لا يعد تعلماً الكترونياً ( رغم زعم برامج تعليمية كثيرة جداً بصحة هذا ). وتمثل أنشطة حل المشكلات، مكوناً لا يمكن الاستغناء عنه للتحديات التي تتطلب تعاوناً وتشاركاً.

 

يستطيع الفرد أن يثري خبرات التعلم لديه بصورة كبيرة، عن طريق التعاون والمشاركة. وفوق ذلك، لا تجعل تحديات حل المشكلات، الطلاب يحصلون المعرفة على مستوى معرفي أعلى فقط ( Fischer,1998) ، بل أنها تعمل على تحفيزهم . ولقد لاحظ روشيل وآخرون من خلال مراجعتهم لآثار التكنولوجيات الجديدة المستخدمة في عملية التعلم التالي تفصيله” يقدم القيام بتنفيذ المهام مع الآخرين، الفرصة ليس فقط لمحاكاة ما يقوم به الآخرين بل أيضاً لمناقشة المهمة وتوضيح الأفكار الخاصة بها………. وتشير تقارير الباحثين والمعلمين أن الطلاب الذين يشاركون في شبكات تعلم متصلة بالكمبيوتر، يظهرون تحفيزاً متزايداً وفهماً أعمق للمفاهيم ورغبة عارمة لمعالجة الأسئلة الصعبة”( 2000 ).

وبناءاً عليه فإن التعلم الالكتروني يأخذ أشكالاً كثيرةً، تمتد من قيام الطالب المفرد بالبحث في مصادر لا حصر لها على شبكة الانترنت ، وتقديم التقارير الخاصة بذلك للمعلم، إلى مشروعا ت الدراسات التعاونية العالمية، التي من خلالها يجمع ويتشارك ويحلل الطلاب في مواقع عديدة ومستويات مختلفة، البيانات ثم يشاركون المعلمين والعلماء فيما قد استوعبوه.

في الوقت الراهن، لنتتبع مثال نشاط التعلم الالكتروني الذي يقع تحت دائرة الضوء وهو ما يسمى بالتعلم عن بعد. ففي هذا النمط من التعلم، يستخدم المعلم شبكة الانترنت أو أي شبكة محلية في تدريس الطلاب الذين يقطنون أماكن بعيدة. ومن الجدير بالذكر أنه يتم إتاحة مزايا التعلم عن بعد، التي تتمثل في وسائل الاتصالات والتعاون والتشارك العديدة، للطلاب. وسنلقي نظرة على المؤتمرات التليفزيونية وجوانب التشارك الالكتروني أيضاً.

مثال للتعلم عن بعد

يقدم ريتشارد والس، الذي يقوم بالتدريس في مدرسة بالي كار الثانوية في شمال ايرلندا، مثالاً رائعاً على فاعلية التعلم عن بعد. وما سيلي تفصيله هو حصيلة عام استخدم خلاله التعلم عن بعد، في إعداد وتهيئة طلابه للتقدم لاختبار الشهادة العامة للمرحلة الثانوية، المعروفة في المملكة المتحدة في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. ولقد تم استخدام نظام إدارة المقررات التي يتم شرحها على السبورة، في إدارة مناقشات الكترونية وفي تبادل مواد ومهام التعلم.

بعد حصولي على درجة الماجستير في العام الماضي، قررت أن أغير جذرياً الطريقة التي كنت أتبعها في تدريس أحد الصفوف الدراسية . فلقد كانوا طلاباً أذكياء ولديهم قدراً عالياً من الحماسة والهمة، ولم يكن لديهم أي مشكلة في تخطي اختبار تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، أو حتى اختبار الشهادة العامة للمرحلة الثانوية، سواء قمت بتغيير طريقة التدريس التي انتهجها أو لا. ولقد تمثلت التحديات التي واجهتني في رحلتي لنيل درجة الماجستير، في إعادة اختبار مدى فاعلية تدريسي، وتفحص استخدام التعلم الالكتروني في المواقف التعليمية. وبعد ثلاثين عاماً من عملي في نفس المدرسة كمعلم لنفس المادة الدراسية، افترض أنني أعتقد فقط أنني كنت أدرس وهم يتعلمون، وهذا هو نهاية القصة. ولكن كان هذا خطئاً من جانبي.

لقد بدأنا العام الدراسي بدردشة وتلى ذلك مناقشة كانت تدور حول نوعية المعلم الذي يروق لهم. ومن خلال ذلك تبين لي أن نمط المعلم الذي يروق لهم، هو ذلك المعلم الذي يعرف جيداً حديثهم، المعلم الذي يثق فيهم ويحترمهم، المعلم الذي يقدم الملاحظات التي تقدم تفصيلاً كافياً وليس مفرطاً، المعلم الذي يسلط الضوء على النقاط الرئيسة، المعلم الذي يدرك أن طلابه يتعلمون من خلال طرائق وسبل مختلفة، المعلم الذي يبذل الجهد لاستيعاب ذلك، المعلم الذي يهيئوهم للاختبار الحقيقي، الذي يخضعون له ، ولا يقوم فقط بمجرد تدريسهم حقائق لا صلة لها بما يدرسونه، بل أنه قد يتصادف معرفتهم لهذه الحقائق، المعلم الذي يبين كيفية تناغم واتساق أجزاء المادة الدراسية، ومن ثم يعرف الطلاب ماذا ومتى وأين وكيف يقومون بعمل الأشياء في العام الدراسي المقبل. وهذا النوع من المعلومات من السهل اكتشافه في المناقشات المباشرة التي تدور داخل حجرة الدراسة، ولكن الفائدة العظيمة من استخدام السبورة، تتمثل في إمكانية مشاركة كل طالب داخل حجرة الدراسة( أي أنني لا أحصل فقط على أراء هؤلاء الذين اختارهم أو هؤلاء الذين يتهافتون لإبداء أرائهم )، علاوة على أن كتابة الدردشة على السبورة، يخولنا فرصة عمل مناقشة تفصيلية؛ لإلقاء الضوء على بعض المسائل.

أقوم في نظام التعليم القائم بشمال ايرلندا بالعديد من المهام، فبالإضافة إلى عملي كمعلم وأحد المدراء المفوضين في المدرسة، أحضر اجتماعات وحلقات دراسة ومؤتمرات عديدة، فلقد كان من الطبيعي أن أكون داخل حجرة الدراسة بعض من الوقت وفي مكان أخر معظم الوقت. وفي كثير من الأحايين أكون في المدرسة لأمارس مهمتي كمدير نظم ( مدير نظم هو مدرس مؤهل يمارس أعباء تدريسيه بنسبة 10% تقريباً ) مع طلاب فصلي. وفي أوقات أخرى أسافر إلى أي مكان بالعالم. وأقوم بالدردشة مع طلابي بصورة متزامنة، بل وأناقش الكثير من عناصر المقرر الدراسي بصورة لا تزامنيه، سواء على السبورة أو من خلال البريد الالكتروني. ولقد أنضم لي بعض من زملائي في الدراسات المؤهلة لنيل درجة الماجستير، مثال ذلك جون أندرسون وماري مالن ، في حجرة الدراسة الافتراضية من خلال منازلهم. فلقد أصبحنا مجموعة من المعلمين، الذين يستخدمون السبورة كمصدر أساسي للتدريس. ولقد قدمت لهم عدة ملاحظات، قد حصلت عليها من خلال روابط فائقة وعروض PowerPoint ودراسة حالة الكترونية لواحدة من المهام التي يضطلعون بها وكم كبير من المصطلحات والمواد العلمية النموذجية، بالإضافة إلى مواقع الكترونية مفيدة وذات صلة ونقاط هامة وأسئلة امتحانات نموذجية. ولقد استخدمت مجموعة من أدوات التقييم في بيئة التعلم الفرضي وصندوق رقمي للأسئلة التي تتطلب إجابات تفصيلية.

في واقع الأمر تطب ذلك مني جهداً كبيراً، ومن ثم توافر عامل الوقت ليصغي الطلاب إلى هذه المناقشات. ولقد أدركت حجم الوقت الكبير الذي قمت باستثماره، ولكن لم أقدر أن الوقت الذي استهلكته في التعامل مع كل موضوع من موضوعات المقرر الدراسي بصورة فرديه، كان أطول من الوقت الذي كان من الممكن أن استهلكه في الاعتماد على منهجية الكتابة على السبورة ومحادثة الطلاب. ولقد أدركت بسرعة أن استخدام التكنولوجيا بهذه الصورة، يفوق مجرد تقديم مادة علمية الكترونياً. فمستوى التفاعل هو الذي يحدث في واقع الأمر الفارق. وكما يقول أحد الأفراد” يمكنك أن تأخذ الطفل إلى الكمبيوتر ولكن لا يمكنك أن تجعله يتعلم الكمبيوتر.

استغليت عامل الجدية الذي يمر به الطلاب. ولم أجد في حجرة دراسة أخرى أي فرد ،يرهق ذاته بمجرد الاهتمام بأنماط تعلم الطلاب الفردية ولا حتى بتخطيط وإتاحة المقررات الدراسية بصورة أسبوعية. ولقد تواصلنا كثيراً على السبورة ومن خلال البريد الالكتروني، فضلاً عن أننا كنا نرى بعضنا البعض مباشرةً من حين لأخر. ولقد كانت المادة العلمية متاحة على مدار الأربع والعشرين ساعة طوال أيام الأسبوع ،ورغم أنني كنت موجوداً لفترات زمنية معقولة، كان يجب أن أكون متواجداً في المناسبات. ولقد كان الطلاب يقضون أوقاتً أكثر في دراسة الموضوعات، مما اعتادوا عليه. وعلى الأقل كنت متأكداً من أن أغلبية الطلاب كانوا على دراية بما كنت أتحدث عنه؛ نظراً لكم التغذية الراجعة الذي كنت أتلقاه منهم. فأنا أعتقد أن الدروس المعتادة لها مقدار معين من التغذية الراجعة، ولكن من الطبيعي أنها تنتهي بنهاية الحصة. ولا ريب في أن حصص التعلم الالكتروني الدراسية حصص شيقة لدرجة أن الوقت ينتهي بل وتدق الأجراس دون أن تشعر بالوقت.

لقد تمثلت النتائج التي لم أقم بدراستها أو بالتحقق منها ،في أن العمل المناط بالمعلم تنفيذه، يستغرق ساعتين أو ثلاثة ساعات، ولكن في النهاية تكون تجربة التعلم أفضل، بل سيكون لدى الطلاب الفرصة لتكوين أساساً جيداً للتعلم طوال الحياة. وعندما أقابل الطلاب، لا تزال تلهج ألسنتهم بالحديث عن هذه الخبرات الفردية. ولقد كان أفضل شيء راق لهم هو منهجية الصورة الكبيرة. حيث أنهم كانوا يعرفون مكان كل شيء على الموقع، وبناءاً عليه كان من الأيسر لهم تحديد مواقع الأشياء، حتى لو كانوا خارج نطاق المدرسة أو حتى لو كانوا يعملون من المنزل في أوقات المساء . ولم يكن لديهم أي مانع من استثمار أوقاتهم في إقامة اتصالات أخرى معي. وفي حقيقة الأمر، أشار لي الكثير من الطلاب في بعض الحالات إلى مقدار تقديرهم لهذه المنهجية الفردية التي كنت انتهجها معهم.

كان هناك 22 طالباً في حجرة الدراسة. حيث حصل 14 طالباً منهم على تقدير ممتاز مع مرتبة الشرف بينما حصل 7 طلاب منهم على تقدير ممتاز، في حين أن طالباً واحداً منهم كان يعاني من مشكلة صحية، وقد حصل على تقدير مقبول، الأمر الذي جعلني أشعر بالخزي ! وبصورة طبيعية حصل أقل من 10% من الطلاب الذين خضعوا للامتحانات في الجزر البريطانية، على تقدير ممتاز مع مرتبة الشرف.

لقد حصلت على ترقية وتركت التدريس في حجرات الدراسة لمدة عام، لأتفرغ لإنهاء إعداد مقررات دراسية. فمن الجدير بالذكر أنني أتعاون الآن مع لجنة الامتحانات المحلية في دراسة بحثية استطلاعية، الهدف منها تقديم هذه المقررات الدراسية لجميع المدارس في شمال ايرلندا. ومع ذلك معدل التقدم كان بطيئاً؛ نظراً لأنه كان يتحتم القيام بالكثير من الأشياء العالية القيمة والهامة أيضاً بصورة موازية، ولكنني سأقوم بتنفيذ جميع هذه المهام ، وسيكون لدى ايرلندا أول مقرراتها الدراسية الالكترونية ، في الوقت المناسب لإكمال برنامج المقاطعة الخاص بتوزيع أجهزة الكمبيوتر. وأنا أتطلع إلى البدء في دراسات بحثية مع أكثر من مئة طالب من خمس مدارس مختلفة، حيث أنني سأقوم بالتعاون مع وجون، بإعداد منهجية لتدريس الطلاب الذين تبلغ أعمارهم ستة عشر عاماً باستخدام هذه الطريقة في مدارسنا. ولقد أدركنا أن استخدام بيئات التعلم الافتراضي في حجرة الدراسة، يختلف عما قد مر به الطلاب والمعلمين في التعليم العالي أو في التعليم المستمر، هذا بالإضافة إلى شروعنا في دراسة هذه الفروق من جهة نظر الطلاب وكذلك من وجهة نظر المعلمين. وسيتم نشر النتائج والتقويمات لاحقاً على موقعنا الالكتروني http://www.elearningfutures.com

اعتبارات تصميمية للتعلم الالكتروني الفعال

يمكن أن يكون التعلم الالكتروني مهمة صعبة بالنسبة للطالب والمعلم، وعند إضافة التعلم عن بعد له يصبح أكثر ضروب التعلم صعوبة. وترتفع معدلات التسرب من المقررات الدراسية للتعلم عن بعد ( مقارنةً بأنشطة التعلم قصيرة المدى، التي تستخدم نموذج التعلم عن بعد ) ، عن معدلات التسرب في مقررات الدراسة المباشرة. ويستغرق الأمر مقداراً كبيراً من الوقت، لتصميم مشروع تعلم الكتروني فعال، فما بالك بمقررات WebQuest أو التعلم عن بعد. وسيجد حتى المعلم الذي قبل أحد المشروعات الجاهزة، مثال ذلك تلك المشروعات التي تم سردها في أعلاه، أن أول عملية تنفيذ مستهلكة للوقت، ومن الجدير بالذكر أن عدد قليل من المشروعات سوف يتم تضمينه بصورة منظمة في المناهج الدراسية والطرائق ووصف حجرات الدراسة.

elearning

النقاط التالي تفصيلها هي عبارة عن بعض الاعتبارات التي يجب أن يضعها المعلم في ذهنه، عند تنفيذ أو تصميم خبرات تعلم الكترونية أو حدث أو مقرر دراسي:

  • يحتاج الطلاب إلى أن يكون لديهم القدرة على إيجاد المعلومات التي يحتاجونها بسهولة.
  • يجب أن تكون المعلومات الموجودة في الموقع، متاحة لجمهور الطلاب شريطة أن تكون مناسبة في المحتوى وكذلك في مستوى القراءة إضافة إلى ضرورة إرضائها للشروط المعينة. فعند رفع أو تقديم الملفات أو المستندات ، يجب أن تكون في نسق يمكن لأي مستخدم أن يقرؤه.
  • يحتاج الطلاب إلى إيجاد عروضاً الكترونية لمعلومات جذابة ومتاحة. وسيمثل إعداد مشروع تعلم الكتروني لطلاب حجرة دراسة، ليس لديهم أي إمكانية للولوج إلى شبكة الانترنت خارج حجرة الدراسة ، أو لهؤلاء الذين يفتقرون إلى التمويل الضرورية لشراء برامج يستخدمونها في كمبيوترات المنزل، تضييعاً للوقت.
  • يحتاج الطلاب إلى أن يكون لديهم شعوراً بالانتماء إلى المجتمع. ويتطلب الشعور بالانتماء الإدراك ( أي أن هذا هو عملك ! ) وتغذية إيجابية داعمة ( لابد من ترسيخ قواعد المساهمة لدى الطلاب الأصغر ) وفرص للاتصالات العرضية أو المشاركة العرضية.
  • يحتاج الطلاب إلى أن يشعروا بالترابط مع معلمهم. وكرةً أخرى هناك ثمة أهمية للاتصالات والتغذية الراجعة.
  • يجب أن يكون التقييم رسمياً وعلى الأقل يكون مساوياً في الدقة، لذلك التقييم المتوقع في حجرة الدراسة الوجهيه . ويمكن إجراء تقييمات حقيقية للكثير من مشروعات التعلم الالكتروني، بل ويمكن استخدام طرائق معيارية مع مثل هذه المشاريع، ولكن يجب أن تكون أدوات التقييم المتمثلة في المعايير وقوائم الفحص المقالات المصححة، جزءاً من تصميم البرنامج، حتى لو كانت هذه الأدوات متاحة فقط في المنزل ومطبوعة أيضاً. وفوق ذلك، يجب أن يتضمن التقييم الصفي كيفية إدارة وتعلم الطلاب، أي لا بد من تقييم التشارك والتعاون.
  • يحتاج الطلاب إلى التوجيه نحو مجاراة المقرر الدراسي أو متابعة المهام، لاسيما إذا كان التشارك والتعاون مفاتيح رئيسة للتنفيذ النهائي.
  • الشبكة عبارة عن أداة عالية القيمة ومورداً للمعلومات، علاوة على ذلك يجب استخدامها في أي وقت ممكن، كامتداد لمحتوى المقرر الدراسي. ويجب أن يتم التعامل مع أمين المكتبة كمورد ثمين. حيث أنه / إنها يمكن أن يقدم / تقدم ليس فقط الموارد، بل أيضاً دروس كسب المعرفة والدعم ( هذا هو موضوع القسم التالي ).
  • تتوافق الطرائق البنائيه مع التكنولوجيا، بل يجب القيام بتخطيطها في تصميم المقرر الدراسي. ومن الجدير بالذكر أن هذا النص لا يرمي إلى وصف البنائية في حجرة الدراسة، وسنقتصر فقط على المقولة التالية : يجب أن يكون المعلم مرشداً من على جانب المسرح، وليس حكيماً على المسرح.

 

لا يمثل التعلم الالكتروني في القرن الواحد والعشرين، الترياق الشافي في العملية التعليمية، ولا الدواء المهدأ . فمن الممكن أن يكون كليهما معاً. ففي الوقت الحاضر، يكون المعلم هو الشخص، الذي يحدد قيمة التعليم في حجرة الدراسة. ونحن نختتم هذا القسم، بإلقاء نظرة أخرى على رؤية ديفيد ثورنبيرج للقرن العشرين، التي كانت في صدر الفصل السابع والتي كان مفادها ” التكنولوجيات الحديثة هي تكنولوجيا تحطم الحدود وتغير الوقت بالإضافة إلى أنها أدوات إبداعية وخلاقة تزيد من قدرتنا على الوصول إلى بغيتنا .

 

اكتساب المعلومات واهتمامات شبكة الانترنت

من وجهة نظر رجال التربية، اكتساب المعلومات هو عبارة عن القدرة على الإدراك عندما تكون المعلومات ( أو البيانات ) ضرورية، ومن ثم القدرة على تحديد المكان وتقييم والاستخدام الفعال لهذه المعلومات في عملية التعلم. ولقد كان يعنى هذا وذلك في معظم تاريخ العملية التعليمية حتى وقتنا الحالي، امتلاك القدرة على القراءة والاستماع والتحدث بطلاقه. وعندما تم استخدام شبكة الانترنت، برز تعريف التعلم الالكتروني ، بل أن أمناء المكاتب دافعوا عنه. ولقد انقسم اكتساب المعلومات في بيئة التعلم الالكتروني، إلى ثلاث مهارات هي : البحث في شبكة الانترنت وتنظيم والمشاركة في البيانات وبناء التعلم بناءً على المعلومات المكتسبة. وسنتعامل في هذا الصدد، فقط مع أولى هذه المهارات. حيث أن كل من تطبيقات والأدوات الرقمية، الخاصة بتنظيم البيانات وإمكانية المشاركة فيها ، تم مناقشتها في الفصول السابقة. ولا يرمي هذا النص إلى اختيار المهارة الأخيرة رغم أهميتها.

 

عن د مصطفى جودت

أستاذ تكنولوجيا التعليم المشارك بجامعة الملك سعود ، وجامعة حلوان مدير تطوير المحتوى الرقمي بجامعة الملك سعود

2 تعليقات

  1. وليد الرفاعي

    مقال رائع نحتاج فقط وضع بعض المصادر حتى نستطيع الاستفادة منه بحثيا ، وأقترح أن يقسم المقال على مقالين ، فهو طويل بعد الشيء ، شكرا دكتور

error: Content is protected !!
التخطي إلى شريط الأدوات