بحوث تكنولوجيا التعليم بين السلوكية والإدراكية

مقتبسة من الفصل الثلاثين من كتاب

تكنولوجيا التعليم الماضي والحاضر والمستقبل

أعد الفصل

ريتشارد كلارك ( Richard E. Clark )

جامعة جنوب كاليفورني / لوس أنجلوس، كاليفورنيا

برندا سوجرو ( Brenda M. Sugrue )

قسم نظم المعلومات / المعهد الوطني للتعليم العالي، ليميريك، أيرلندا

ترجمة : أ.د. صالح الدباسي

edutech_kwcloud

في مراجعتهم الحديثة لأبحاث العقد الماضي في مجال استخدام الوسائل في التدريس، لاحظ كلارك وسولومون ( Clark & Solomon, 1986 ) حدوث تحول في النموذج من النظريات السلوكية إلى النظريات الإدراكية مما انعكس على أسئلة البحوث في دراسات الوسائل التعليمية. هذا التحول يتبع التحول في علم النفس من نظريات التعلم السلوكية إلى نظريات التعلم الإدراكية. وتركز نظرية التعلم السلوكية على الأسباب البيئية للتغيير في السلوك دون الإشارة إلى العمليات الذهنية التي تتوسط هذه التغييرات. وعلى النقيض من ذلك، تنظر نظرية التعلم الإدراكية إلى التعلم على أنه عملية بنيوية يكون المتعلم فيها منهمكاً بنشاط في عملية دمج المعرفة الجديدة مع القديمة. العوامل التي تقرر فيما إذا كان التعلم هو نتيجة للتعليم تشمل خصائص الطلاب مثل المقدرة العامة، والمعرفة السابقة، والحافز، والاختلافات في مهمة التعلم مثل خصائصها الإجرائية والتصحيحية، وطرق التدريس التي تضع عبئاً إدراكياً أكثر أو أقل على المتعلم. وضمن النموذج الإدراكي الجديد، يمكن أن يعّرف التعلم بأنه مدى نقل المتعلم المعرفة والمهارات السابقة إلى سياقات ومشكلات جديدة.

 

أبحاث الوسائل التعليمية في النموذج السلوكي :

لقد ركزت أبحاث الوسائل التعليمية في النموذج السلوكي على وسائل التدريس كمتغيرات مستقلة، وعلى مخرجات التعلم المتمثلة بتحصيل المعرفة أو المهارة كمتغيرات تابعة. وقد سيطرت دراسات الوسائل المقارنة على الأبحاث المنشورة في الدوريات. وقد شددت هذه الدراسات على مقارنة أثر التعليم بوساطة الوسائل الجديدة مثل التلفاز بالوسائل التقليدية مثل التدريس الصفي. وقد دعمت نتائج هذه الدراسات في العادة الوسائل الأحدث. لذلك، في الأيام المبكرة للصور المتحركة، جنحت الدراسات إلى تأييد الأفلام بدلاً من المعلمين. وفيما بعد أيدت دراسات مشابهة في تصميمها التلفاز بدلاً من المعلمين أو الأفلام أو الكتب الدراسية. وفي دراسات أخرى بتأثير من السلوكيين المغرمين بالتعزيز، بحثوا فيها قيمة التعزيز لوسائل متنوعة. ونتيجة لهذه الدراسات التي أجريت أساساً في ربع القرن العشرين بين 1950م و1975م، نمت حركة الوسائل وازدهرت. وفي وقت ما بعد بداية السبعينيات الميلادية، بدأ التغير في أدبيات الوسائل، وهو التغير الذي عكس الاتجاه نحو الإدراكية في أدبيات علم النفس.

 

أبحاث الوسائل التعليمية في النموذج الإدراكي :

يهتم النموذج الإدراكي بالتفاعل الذي يحدث بين المثيرات ( التي تعرضها أي وسيلة ) وبين العمليات الإدراكية الداخلية التي تدعم التعلم. وضمن النموذج الإدراكي، تدرس عملية المعالجة الإدراكية كمتغير تابع ( مخرجات )، بينما تدرس خصائص المتعلم كمتغيرات مستقلة أو وسيطة. والافتراض الذي يقوم عليه هذا النموذج، هو أن المتعلمين كثيراً ما يؤثرون بالطريقة التي يعايشون بها المثير التعليمي من خلال الاعتقادات والقيم والتوقعات والقدرة العامة التي اكتسبوها سابقاً والمعرفة السابقة بالموضوع الدراسي. إن النموذج الإدراكي يعطي للمتعلم دوراً نشطاً أكبر، ودوراً أقل للتحكم الخارجي بالتعليم مقارنة بما يعطيه النموذج السلوكي لهذين الدورين. لذلك، مع ظهور نظريات التعلم الإدراكية، تم التخلي عن أسئلة الوسائل المقارنة لأنها افترضت أن الوسائل لوحدها ساهمت في التعلم. وفي الأسلوب الإدراكي للبحث في الوسائل التعليمية يخصص انتباه أكثر إلى الطريقة التي تتفاعل بها خصائص متنوعة للوسائل ( مثل خصائص الاستدعاء التخيلي للعروض المرئية في مهام التذكر ) مع العمليات الإدراكية للتأثير في التعلم. لهذا، بدأ الباحثون فحص الكيفية التي يمكن لعوامل محددة في موضوع تعليمي تنشيط إدراكات خاصة لمتعلمين معينين في ظل ظروف مهام تعلم محددة. لقد رحب الباحثون في مجال الوسائل بدراسات التفاعل بين قدرة المتعلم وأسلوب التعليم. ويتوقع هؤلاء الباحثون، أن هذا النوع من الأبحاث سيحدد أي خصائص محددة للوسائل هي أكثر فاعلية ولأي متعلمين، وكذلك دراسة أنواع الإدراك التي يمكن أن تصبح متضمنة في معالجة أنواع مختلفة من نظم الرمز ( Solomon, 1979 ).

إن الجيل القادم من الباحثين مختلف عما سبق من أبحاث اهتمت بمقارنة وسائل مختلفة، فهؤلاء يدرسون الطريقة التي يعالج بها المتعلم أنماطاً مختلفة من المعلومات، والكيفية التي تنمو بها قدرات المعالجة هذه. ويبدو أن نتائج بعض هذه الدراسات توفر مضامين مهمة للتدريس. فعلى سبيل المثال، وجد أندرســــــــــــون ولورش ( Anderson & Lorch, 1983 ) أن الأطفال يوجهون انتباههم إلى المواد التلفازية التي يمكنهم استيعابها، مما يعني أن القدرة على الاستيعاب هي التي تقرر الانتباه وليس الوسيلة. وتقترح هذه النتيجة أنه على أساليب الإنتاج العلمي أن تنقل المعلومات القابلة للاستيعاب بدلاً من جذب الانتباه. وتحاول الوسائل الأحدث الاستفادة من هذه الأبحاث وتطبيقها في تدريس الأطفال بخصوص الكيفية التي يمكنهم بها تحصيل معرفة أكثر منتقاة من الوسيط التعليمـي ( أنظر مثلاً : Dorr, Graves & Philps, 1980 ).

عموماً، يبدو أن الوسائل لا تؤثر بالتعليم، وإنما بعض خصائص معينة في هذه الوسائل ربما تؤثر بالعمليات الإدراكية لطلاب بمستويات قدرات معينة في تعلم معرفة أو مهارات معينة. وعلى أية حال، ليس بالضرورة أن تكون هذه التأثيرات الإدراكية خاصة بوسيلة معينة أو مرتبطة بخاصية معينة لوسيلة معينة.

سوف نقوم فيما بعد – في هذه المراجعة – بتصنيف الدليل الذي يدعم الدعوى بأن الأثر الإدراكي نفسه ربما يمكن اكتسابه بوسائل عديدة وبخصائص عديدة لتلك الوسائل. وهذا يقترح أن الوسائل متساوية وظيفياً. لقد أدت هذه الحقيقة – التي سنناقشها بالتفصيل في الجزء القادم من هذا الفصل – بعدد من الباحثين إلى الإدعاء بأن الوسائل لا تؤثر في التعلم ولكنها تؤثر بدرجة كبيرة في تكاليف التعلم ( الوقت والتكلفة ).

إن التغير في النموذج الأساس لأبحاث الوسائل التعليمية ليس من أسلوب التعليم الموجَه بوساطة المعلم إلى أسلوب التعليم الموجَه بوساطة المتعلم، وإنما هو التحول من النظرة أحادية الاتجاه إلى النظرة التبادلية. إن النموذج الإدراكي الجديد يفترض أن القوى التدريسية لا توجد في الوسائل فقط لأن الطريقة التي نتعلم بها الوسائل تؤثر بما نتعلمه منها. وعلى أية حال، ليس المتعلمون فقط هم وسطاء القوة لأن إدراكاتهم مبنية على أنواع المعلومات وطرق التدريس التي تنقلها وسائل مختلفة. إن افتراض التبادلية هذا مشابه تماماً للافتراض الذي تعتمد عليه التطورات الحديثة في مجالات أخرى ذات علاقة بمجال الوسائل مثل أبحاث الشخصية ( مثل دراسات : Kyllonen, Lohman & Snow, 1984 )، والإدراك المكاني ( Olson & Bialystok, 1983 )، وعمليات المقدرة (Kyllonen, Lohman & Snow, 1984 )، والتفاعل بين الفرد والبيئة ( Solomon, 1974 b ).

توجد نتيجتان على الأقل للتحول إلى النموذج الإدراكي التبادلي. في أبحاث الوسائل. الأول هي محاولة الباحثين تحديد الخصائص الحاسمة للوسائل التي تميز ليس فقط بين الوسائل بطريقة هادفة ولكن تؤثر أيضاً تعلم الإدراكات ذات العلاقة. وقد أدى ذلك إلى تمييزات أكثر وضوحاً بين وسائل نقل المعلومات ومعالجتها من جهـــة ( مثل : مذياع ، حواسيب، تلفاز، كتب ) وبين مكونات أخرى للوسائل من جهة أخرى، خصوصاً أنماطها الذاتية في عرض المعلومات وأنواع العمليات الذهنية التي تقدمها. النتيجة الثانية للتحول في النموذج هو التطور الذي كان ينبغي أن يحدث منذ أمد طويل في نظريات التعلم من الوسائل، وهو تطور يمكن أن يوفر توصيات حول استخدام وسائل معينة لتحقيق أهداف تعليمية معينة.

 

إطار لتنظيم الأبحاث في الوسائل التعليمية

يمكن تصنيف الأبحاث في مجال الوسائل التعليمية طبقاً للمتغيرات المستقلة الرئيسة والمتغيرات التابعة الرئيسة التي يتم دراستها. وتوجد أربعة أنواع رئيسة من المتغيرات التابعة تلقى اهتماماً من الباحثين في الوسائل التعليمية هي : المخرجات الأدائية والمعالجة الإدراكية والتكلفة – الكفاءة والمساواة في إتاحية التعليم. وعلى الرغم من وجود العديد من المتغيرات المستقلة المرشحة لقائمة متغيرات أبحاث الوسائل، إلا أن ثلاثة من هذه المتغيرات تظهر بشكل متكرر في الأبحاث هي : خصائص الوسائل ( بما في ذلك نوع الوسيلة وخصائص محددة لوسيلة ما ونظم الرمز الموجودة في وسيلة ما )، وخصائص الطالـــب ( بما في ذلك القدرة العامة والخصائص وتفضيلات المتعلم والمعرفة السابقة )، وطريقة التدريس. إن أي مزيج من هذه المتغيرات التابعة والمستقلة يمكن أن تكون موضوع بحث في دراسة ما.

وشملت أبحاث العقد الماضي التوافقيات التالية التي ترتبط بأربعة أنواع من القضايا هي :

* قضايا سلوكية : تأثير نوع الوسيلة على التحصيل.

* قضايا إدراكية :- تأثير خصائص الوسائل على المعالجة الإدراكية وعلى التحصيل.

– تأثير طريق التدريس على المعالجة الإدراكية وعلى التحصيل.

– التأثير التفاعلي لقدرات الطالب وطريقة التدريس على المعالجة

الإدراكية.

* القضايا المتعلقة بالاتجاهات : – التأثير التفاعلي لاتجاهات الطالب وتوقعاته وطريقة

التدريس أو الوسيلة على المعالجة الإدراكية والتحصيل.

* القضايا الاقتصادية : – تأثير نوع الوسيلة على تكلفة التعلم.

– تأثير نوع الوسيلة على وقت التعلم.

تستخدم هذه الأنواع الأربعة من القضايا هنا لتنظيم أبحاث الوسائل في العقد الماضي.

الأبحاث المتعلقة بالقضايا السلوكية

دراسات الوسائل المقارنة :

حتى وقت قريب، تقارن الدراسة النموذجية في مجال الوسائل التعليمية. التحصيل النسبي للمجوعات التي تدرس موضوعاً متشابهاً بوساطة وسائل مختلفة. ومع بزوغ كل وسيلة تعليمية جديدة، تظهر مجموعة جديدة من هذه الدراسات تقارن الوسيلة الجديدة مع وسيلة أقدم منها. وخلال العقد الماضي، تلاشت أبحاث التلفاز بصورة لافتة للنظر وحل مكانها دراسات حول التعلم بمساعدة الحاسوب، وهي دراسات تنتمي لأسلوب دراسات الوسائل المقارنة المألوفة وعديمة الفائدة. ويبدو أن كل وسيلة جديدة تجتذب مجموعتها الخاصة من المؤيدين الذين يدعون إلى تحسين التعليم بوساطتها، ويحفزون أسئلة بحثية مشابهة لتلك التي طرحت حول وسيلة شائعة سابقاً. إن أغلب أساليب أبحاث المذياع في الخمسينيات الميلادية كانت مشابهة لتلك التي وظفت بوساطة حركة التلفاز في الستينيات الميلادية ( Schrum, 1977 )، ومشابهة للأبحاث الحديثة حول التعليم المعان بالحاسوب في السبعينيات والثمانينيات الميلادية ( مثال : Clark, 1985 ). ويبدو أن بحثية مشابهة نتجت في بيانات مشابهة وغامضة. إن دراسات الوسائل المقارنة، وبغض النظر عن الوسائل التي درست، تميل نتائجها إلى” عدم وجود فروق ذات دلالة إحصائية “. وقد قامت هذه النتائج بطريقة غير صحيحة على أنها دليل بان الوسائل المختلفة متساوية الفاعلية مع الوسائل التقليدية في تشجيع التعلم. وليس هناك نتائج ذات دلالة إحصائية تشير ببساطة إلى أن التغيرات في درجات التحصيل ( التعلم ) لم تكن نتيجة أي فروق منظمة في الطرق التي قورنت. في هذه الدراسات، الوسائل هي مجرد ناقلات للطرق التي درست. وعلى الرغم من أن الوسائل في أحوال كثيرة لم تكن بؤرة التركيز للدراسة، إلا أن النتائج تفسر بطريقة خاطئة، وهي أن التحصيل كان نتيجة الوسائل المستخدمة في الدراسة. لذلك مثلاً، عندما يحتوي كتيب ما على نسخة من التعليم المبرمج أدت إلى تعلم أكثر من المحاضرة التقليدية بوساطة المعلم ( بدون خاصية التعليم المبرمج ) في الموضوع نفسه، فإن النتائج كثيراً ما تفسر لصالح وسيلة الكتاب. إن المكون النشط في الدراسات التي توصلت إلى أن وسيلة ما تفوقت على وسيلة أخرى، هو في العادة جانب من طريقة التدريس لم يتحكم به الباحــــث ( مثل التعليم المبرمج ) وليس الوسيلة ذاتها. في السبعينيات الميلادية، أخذت الشكوك في دراسات الوسائل المقارنة التي لا تزال آنذاك تجرى بأعداد كبيرة في الازدياد. ولاحظ ليفي وديكـي ( Levie & Dickie, 1973 ) أن أغلب دراسات الوسائل المقارنة حتى ذلك التاريخ كانت عديمة الفائدة، واقترحا بأن أغلب أهداف التعلم يمكن تحصيلها من خلال ” التعليم الذي يقدم بوساطة أي تنوع في الوسائل المختلفة ” ( p.839 ). هذه الملاحظة كررهـــــا شرام ( Schrumm, 1977 ) الذي قال ” يبدو أن التعلم يتأثر بما يتم نقلــه ( المحتوى ) أكثر مما يتأثر بنظام النقل ” ( P.273 ).

خلال العقد الماضي وظفت جهود أكبر لتحليل نتائج الدراسات المقارنة المتوافرة وإعادة توجيهها. ويدعى التحليل الإحصائي الذي استخدم لتحقيق ذلك ” التحليل البعــدي ” ( Meta Analysis )، وقد أثبت أنه الأسلوب الأكثر فائدة لتلخيص أبحاث الوسائل التعليمية ( وأنواع أخرى من الأبحاث التربوية ). ويوفر التحليل البعدي الحالي لدراسات الوسائل المقارنة دليلاً على أن أي فروق ذات دلالة إحصائية في الأداء يتم التوصل إليها، إنما هي بسبب عوامل متداخلة في الطرق التي وظفتها تلك الدراسات. ولأن هذا إدعاء جدلي نوعا ما وأن استخدام التحليل البعدي يتوقع أن يزداد في السنوات القليلة القادمة، يقدم الجزء التالي من هذا الفصل مناقشة حول التحليل البعدي وإيجابياته وسلبياته عندما يطبق على دراسات المقارنة.

المراجعات والتحليل البعدي لدراسات الوسائل :

أحد الدراسات الشاملة التي كثيراً ما يرجع إليها الباحثون، هي الدراسة المسحية التي أجراها جمسون وسبز وويلز ( Jumison, Suppes & Wells, 1974 ) حول الدراسات التي تقارن التعليم التقليدي والتعليم بوساطة الحواسيب والتلفاز والمذياع. وقد استخدمت دراستهم أسلوب تدوين خلاصة نتائج الدراسات المتوافرة ودراسات التقويم وأبحاث مراجعة الدراسات. وأشارت الخلاصة التي توصلوا إليها إلى أن عدداً قليلاً من تلك الدراسات بينت تفوق الوسائل، بينما أشارت دراسات أخرى إلى تحصيل أكثر من خلال التعليم التقليدي، ولكن النتيجة الأكثر شيوعاً كانت عدم وجود فرق ذي دلالة إحصائية بين الاثنين. وقد شرحوا ذلك بالقول ” عندما تخضع الدراسة إلى درجة عالية من التحكم، فإن طبيعة التحكم تميل إلى توجيه طرق العرض بشكل قسري، في صيغ متشابهة بحيث لا يمكن لأحد أن يتوقع سوى الفروق التي ليس لها دلالة إحصائية التي تصل إليها الدراسات “.

وعلى أية حال، كانت هناك انتقادات لطريقة تدوين سجل تلك الدراســــــــات ( Box Score ) التي وظفتها الدراسة المذكورة في تلخيص أبحاث الوسائل المقارنــــة ( مثل : Clark & Snow, 1975 ). وقد وضعت العديد من هذه الانتقادات في الاعتبار بوساطة أسلوب التحليل البعدي الذي كشف عيوب التعميمات من الأبحاث السابقة. فقد أجرى جيمس كلك وزمـلاؤه ( James Kulik & etal ) من جامعة متشجان سلسلة حديثة من دراسات التحليل البعدي لأبحاث الوسائل ( تحتوي دراسة كلارك 1985م على اقتباسات لتلك الدراسات ). عموماً تسمح دراسات التحليل البعدي بتقدير أكثر دقة لحجم أثر الطرق التي وظفتها تلك الدراسات على التحصيل مقارنة بما كان ممكناً لسنوات خلت، ذلك أن إجراءات التحليل البعدي تمكننا من تحديد تقديرات حجم الأثر ( Size effect ) التي يتم تحويلها إلى نسبة مئوية للانحراف المعياري بالنسبة لدرجات الاختبار النهائي التي تعود فعلاً إلى اثر المتغير المستقل. وتكشف أغلب دراسات التحليل البعدي لأبحاث الوسائل عن أفضلية التعليم بوساطة الأحدث بحدود نصف انحراف معياري في أداء الاختبار النهائي مقارنة مع الطرق التقليدية ( المحاضرة بوساطة المعلم ).

وفي حالة دراسات التعلم المعتمد على الحاسوب في الكليات على سبيل المثال، تزداد هذه الأفضلية من النسبة المئوية الخمسين إلى النسبة المئوية السادسة والستين في الاختبار النهائي في العديد من المقررات. إن هذا يعد إنجازاً مهماً إذا قبلناه كما هو. ولكن فحصاً أكثر دقة لهذه الدراسات، على أية حال، يكشف أن أغلب النتائج الكبيرة لحجم الأثر التي تعزى للحواسيب في هذه الدراسات تعود في الحقيقة إلى سوء تصميم تلك الدراسات والتداخل الشديد بين متغيراتها ( Clark, 1983, 1985 ).

وطبقاً لكلارك ( Clark, 1983 ) فإن الأسباب الأكثر شيوعاً للتداخل في أبحاث الوسائل يبدو أنها تعود إلى الأثر الذي لم يتم التحكم به، وهو الأثر المرتبط بما يأتـــي : ( أ ) طريقة التدريس أو اختلافات بين الطريقتين اللتين قورنتا و ( ب ) الأثر المرتبط بكون الوسيلة حديثة بالنسبة للطلاب، وهو الأثر الذي يختفي بمرور الوقت. إن الدليل على كل هذه التأثيرات المتحكم بها، يمكن اكتشافه في دراسات التحليل البعدي التي سنناقشها في الجزء التالي.

أثار غياب التحكم بالطريقة والمحتوى في دراسات التحليل البعدي للوسائل :

عندما نريد تحليل حجم الأثر، يفترض أن تخضع للتحليل الإحصائي الدراسات المصممة جيداً فقط. إن الأبحاث التي اختيرت في دراسة كلك ( Kulik ) تمثل تنوعاً كبيراً في خصائص التصميم ومحتوى الموضوع الدراسي وأنواع مهام التعلم والمستويات التعليمية. إن اكثر النتائج شيوعاً في الدراسات المسحية التي استخدمت أسلوب سجل خلاصة نتائج الدراسات ( Box Score )، كانت تفوق الوسائل الأحدث – بأفضلية إيجابية صغيرة – على الوسائل التقليدية. وعلى أية حال، عندما تخضع الدراسات للتحليل البعدي، فإن مصدرنا الأول للفرضيات المتنافسة هي الخلط بين الوسيلة والطريقة التي تعود لتصميم بحثي سيئ يبدو جلياً. كذلك يختفي الأثر الإيجابي للوسائل الأحدث بدرجة كبيرة أو محدودة عندما ينتج المعلم نفسه كل الطرق الخاصة بالمجموعات الضابطة والتجريبية ( Clark, 1985 ). إن مجموعات مختلفة من مصممي التعليم أو مجموعات مختلفة من المعلمين ستعطي على الأرجح محتوى مختلفاً وطرق تدريس مختلفة للمجموعات التجريبية والضابطة التي يجرى مقارنتها. إذا كانت هذه هي الحالة، فنحن لا نعرف إذاً، فيما إذا كان علينا أن نعزو التفوق لصالح الوسيلة أو للفروق بين المحتوى والطريقة اللتين قورنتا. وعلى أية حال، إذا كان أثر الوسائل يميل إلى الاختفاء عندما يقوم المعلم أو الفريق نفسه بتصميم الطريقتين اللتين يخضعان للمقارنة، فإن لدينا السبب للاعتقاد بان عدم وجود الفرق يعود للتحكم الأكبر بالمتغيرات غير المرتبطة بالوسيلة.

وأشار كلارك وسولومون ( Clark & Solomon, 1986 ) إلى عدد من الباحثين الذين ذكرونا بأنه عندما نفحص أثار وسائل مختلفة، فإن الوسيلة التي تجري مقارنتها هي فقط التي يمكن أن تكون مختلفة، على أن تكون جميع جوانب المعالجات التعليمية بما في ذلك محتوى الموضوع وطريقة التدريس متماثلة تماماً في الوسيلتين أو الوسائل التي يجري مقارنتها. في دراسات التحليل البعدي لمقررات الحاسوب على مستوى الكلية مقابل المقررات التقليدية، ينتج حجم أثر بحدود نصف انحراف معياري عندما يقوم أعضاء هيئة التدريس مختلفين بتدريس المقررات التي يجرى مقارنتها. وقد وجـــــــد كلارك ( 1993 ) أن أثر التفوق هذا يتناقص إلى حوالي عشر انحراف معياري، عندما نحلل فقط الدراسات التي يقوم معلم واحد بتخطيط وتدريس المقررات في المجموعات التجريبية والضابطة. إذاً يمكن الافتراض بان هذا الأثر الضعيف جداً والإيجابي في الوقت نفسه يعود إلى الفروق المنظمة ولكنها فروق لم يتحكم بها الباحث بالنسبة للمحتوى و ( أو ) طريقة التدريس، وهذا يحدث بشكل غير مقصود عندما يشترك معلمون ( أو مصممون ) مختلفون في المعالجات التجريبية والضابطة.

إن الدليل في دراسات التحليل البعدي هذه الذي يشير إلى التداخل بين عوامل عديدة يؤكد أن طريقة التدريس وليس الوسيلة هو الذي يؤدي بشكل مباشر وقوي إلى التعلم. ويمكن تلخيص الخلاصة بان الوسائل لا تؤثر في التعلم بشكل مباشر من خلال الأسلوب التناظري التالي : في التدريس، تخدم الوسائل وظيفة مشابهة للأساليب المختلفة التي يتناول بها المريض الدواء. فالفرد لا يمكنه الإدعاء بأن استخدام كبسولة أو سائل دوائي يمكن أن يغير أثر الدواء على الوظائف العضوية للإنسان ( فيما عدا أن الاختيار بينهما يمكن أن يجعل الأثر أكثر أو أقل كفاءة ). كما أنه ليس مهماً – فيما عدا أغراض الكفاءة – فيما إذا كان الدواء يقدم عن طريق الحقن أو الفم. إنها تركيبة الوصفة التي تؤثر بالوظائف العضوية للمريض، وليس وسيلة تناول الدواء. إن وسيلة الدواء هنا ( الكبسولة أو السائل ) تناظر وسيلة الحاسوب التعليمية أو المعلم في التعليم. إذاً ليس الحاسوب الذي يغير التعلم بطريقة مختلفة عن المعلم، كما أنها ليست الكبسولة التي تؤثر بالعمليات الحيوية للجسم بطريقة مختلفة عن السائل الدوائي. إن اختيار وسيلة الدواء ووسيلة التعليم يؤثر بكفاءة وتكلفة نقل المكونات النشطة. وفي كلتا الحالتين، فالذي يتأثر هو الجانب العضوي أو النفسي المهمين للنظم المستهدفة. إن المكون النشط في الدواء، هو خليط مناظر ( مشابه ) لما يسميه غالبيتنا مزيج من طريقة التدريس والمعلومات. إنها الطريقة لا الوسيلة التي تؤثر بالعمليات النفسية التي تنتج التعلم.

منذ بزوغ نظرية التعلم الإدراكية، تعّرف الطرق بأنها تمثيلات خارجية للعمليات الإدراكية المطلوبة للتعلم. فالأمثلة والتناظرات هي حالات للطرق التدريسية، كما هي البيئة التي تمثل بها المعلومات وتقدم خلال التدريس. ويوفر المثال دعماً خارجياً لعملية إدراكية تسمى الربط. وتدعم التناظرات نوعاً مختلفاً من عملية الربط الإدراكية، حيث يسمح التناظر بربط المشكلة الحاضرة مع حل تلك المشكلة الذي يوجد في خبرتنا ولكننا لا ننتبه لعلاقته بالمشكلة. فعندما درسنا الرياضيات في البداية، استفاد العديدون منا من التناظر بأن جمع وطرح الكسور كان مشابهاً لتقطيع الفطيرة. ولذا، فإن طرق التدريس المألوفة مثل إعطاء الأمثلة والتناظرات يمكن نقلها بوساطة أي تنوع من الوسائل وبالتأثير نفسه على التعلم,

غياب التحكم في أثر حداثة الوسائل الجديدة :

المصدر الثاني للتداخل في دراسات الوسائل المقارنة – على الرغم من أنه أقل أهميــة – هو الجهد والانتباه المتزايد اللذان يعطيهما الأفراد المفحوصين للوسائل التي تعتبر جديدة بالنسبة لهم. إن الانتباه المتزايد ينتج أحياناً جهداً أو إصراراً متزايداً مما يؤدي إلى زيادة التحصيل. إذا كان الانتباه يعود إلى تأثير حداثة الوسيلة، فإن الزيادة في التحصيل تميل إلى التلاشي عندما يصبح الطلاب اكثر ألفة بالوسيلة الجديدة. هذه هي الحالة التي ارتبطت بالتعليم المعان بالحاسوب في الثانوية العامة ( الصفوف 6-12 ). فقد مالت ثلاث أعشار انحراف معياري لمعدل حجم أثر الحاسوب. ( مثال : الارتفاع في درجات الاختبار من النسبة المئوية الخمسين إلى النسبة المئوية الثلاث والستين ) في مقررات الحاسوب إلى التشتت بدرجة ملحوظة، في الدراسات التي استمرت فترة أطول. ففي الدراسات التي استمرت أربعة أسابيع أو أقل، كانت أثار الحاسوب نصف انحراف معياري بينما تناقص هذا الأثر إلى ثلاثة أعشار انحراف معياري في الدراسات التي استمرت خمسة أسابيع إلى ثمانية أسابيع، كما تناقص هذا الأثر إلى عشري انحراف معياري، وهو الانحراف المعياري المألوف والضعيف، بعد ثمانية أسابيع من جمع البيانات. إن أثار عشري انحراف معياري أو أقل يكون مسئولاً عن أقل من ( 1% ) من التغير في مقارنة ما.

ويشير كلارك وزملاؤه ( Clark, etal. ) في مراجعتهم للتعليم المعتمد على المرئيـات ( فلم ، تلفاز، صور ) ظاهرة مشابهة. وعلى الرغم من أن التناقص في حجم الأثر في الدراسات الأطول زمناً وصل درجة ذات دلالة إحصائية ( حولي 10.056 ألفاً )، إلا انه كان هناك عدد من المقارنات تشمل طرق ممزوجة مع وسائل مرئية مختلفة، وهو ما يجعل التفسير صعباً ( Clark & Solomon, 1986 ). وفي مراجعتهم لدراسات استخدام الحاسوب في الكلية، لم يجد كلارك وزملاؤه أي دليل لأثر الحداثة. وفي مقارنتهم للدراسات التي استمرت ساعة أو ساعتين مع تلك التي استغرقت حلقات أسبوعية لمدة فصل دراسي كامل، فإن أحجام الأثر كانت نفسها تقريباً. هل من المحتمل أن الحواسيب تمثل خبرة أقل حداثة ( أي مألوفة أكثر ) بالنسبة لطلاب الكلية مقارنة بطلاب الثانوية ؟

خلاصة وتطبيقات على أبحاث الوسائل المقارنة :

أنتجت مقارنات الوسائل العامة والدراسات التي بحثت فاعلية التعلم النسبي لوسائل مختلفة، القليل الذي يدعو إلى التفاؤل. وحتى في الحالات القليلة التي وجدت فيها تغييرات هائلة في التحصيل أو المقدرة، وجد أنها نتجت بسبب تقديم وسيلة جديدة مثل التلفاز أو الحاسوب، أي أنه لم تكن الوسيلة ذاتها التي سببت التغيير ولكن إصلاح المناهج الذي صاحب الوسيلة الجديدة. هذا بحد ذاته ملاحظة مهمة. فالوسيلة الجديدة تبدو كثيراً ما تشجع دعم التصميم التعليمي المكلف والتغييرات في المناهج و ( أو ) التغييرات المنظماتية في المؤسسة التربوية. ويبدو أن هذا النمط يتكرر حدوثه عبر التاريخ مع بزوغ كل وسيلة جديدة. إن مثل هذا النمط يمكن أن يكون مفيداً للإصلاحيين الذين يرغبون في الحصول على دعم جهود تحسين التعليم وتحسين المناهج و( أو ) إعادة تشكيل البنى المنظماتية المتحجرة. باختصار : انتظر وسيلة جديدة ثم قدم مقترحات إصلاحية تطالب بتبني الوسيلة الجديدة.

وعل أية حال، ينبغي على باحثي الوسائل أن يحذروا الجدل الذي يطالب بوسائل أحدث و الإصلاحات المصاحبة لها من خلال تقديم الوعود ( حتى ضمنياً ) بأن الوسيلة الجديدة يمكن أن تؤدي إلى تعلم أفضل. إذا كان موظفو الحكومة أو التعليم تاريخياً على استعداد لدعم إصلاحات مكلفة لتطوير التعليم والمناهج فقط عندما يتم تبني وسيلة جديدة، فينبغي أن نكون على استعداد لتشجيع مثل هذه الإصلاحات عندما نحتاجها. على أية حال، تشير الأبحاث بوضوح أن أي تحصيل في التعلم يصاحب وسيلة جديدة، لا يمكن أن يقال أن سببه هو اختيار تلك الوسيلة.

وجَه الباحثون العارفون بمحدودية دراسات الوسائل المقارنة انتباههم إلى أنواع أخرى من الأسئلة. فقد ركزت أساليب الدراسات الجديدة على دراسة خصائص الوسائل وتأثيراتها على الطريقة التي يعالج بها المتعلم المعلومات. في هذا الأسلوب، ينظر إلى أن العديد من الوسائل تمتلك خصائص مثل القدرة على إبطاء حركة الأشياء أو التصوير المقرب لتفاصيل المثير أو عرض شيء ثلاثي الأبعاد في صيغته ثنائية الأبعاد. ويعتقد أن هذه الخصائص تشجع المهارات الإدراكية عندما تنمذج بوساطة المتعلمين، بحيث يمكن على سبيل المثال، أن يتعلم الطفل الذي يتمتع بقدرة انتباه منخفضة المهارة الإدراكية من خلال التركيز على تفاصيل المثير ( Solomon, 1974 a )، أو يمكن للاعبي الشطرنج المبتدئين زيادة مهاراتهم في التعرف على التحركات والتشكيلات الذكية لقطع الشطرنج من خلال النمذجة المتحركة للحركات والأنماط. ولأن هذا النوع من السؤال تعامل مع الطريقة التي يتم بها اختيار المعلومات وتحويلها إلى تحصيل مهارات إدراكية قابلة للتعميم، اعتقد الكثيرون أن احتمالية توظيف نظرية متسقة تتعامل مع خصائص الوسائل كانت على وشك أن تتحقق. إضافة إلى ذلك، كان من المثير حقاً أن نتخيل أن خصائص هذه الوسائل يمكن أن تؤدي إلى مهارات إدراكية فريدة لأنها تعد بتدريس التحولات الذهنية التي لم تختبر.

إن وعود أسلوب دراسة خصائص الوسائل مبنية على ثلاثة توقعات على الأقل هي : (أ ) أن الخصائص تمثل جزءاً رئيساً من الوسائل وتوفر الربط بين الاستخدامات التعليمية للوسائل والتعلم، ( ب ) أن خصائص الوسائل تهيئ العناية المطلوبة للمهارات الإدراكية التي يحتاجها المتعلمون، ( ج ) إن الخصائص التي تحدد سوف توفر متغيرات مستقلة فريدة للنظريات التعليمية التي تحدد العلاقات السببية بين نمذجة الخصائص والتعلم. النقطة الأخيرة، ( د ) هي الأكثر أهمية لأنها تمثل بحثاُ متجدداً عن الدليل حول الربط بين الوسـائل ( أو خصائص الوسائل في هذه الحالة ) وبين التعلم. تمثل مناقشة خصائص الوسائل في الجزء التالي محاولة لاستكشاف الدليل لكل واحد من التوقعات المذكورة أعلاه.

هل خصائص الوسائل هي الجوانب النفسية للوسائل ؟

كان التوقع الأول، أن خصائص الوسائل تمثل نوعا ما الخصائص النفسية للوسائل. على أية حال ادعى قليلون من مؤسسي فكرة خصائص الوسائل ( Soloman, 1946 ) بأنها كانت أكثر من مجرد علاقة مع وسائل أخرى. و بعبارة أخرى, الادعاء بأن أي خاصية للوسائل كانت متوافرة في أكثر من وسيلة واحدة ( و كثيرا ما تكون في وسائل عدة ). و لأن هذه الخصائص ليست شاملة لأي وسائل محددة و إنما ترتبط بها فقط من خلال العادة أو السهولة، فإن خصائص الوسائل ليست متغيرات للوسائل بأكثر من كون المحتوى المحدد للموضوع، و الصيغة و التنظيم، أو تصميم كتاب هي أجزاء من تعريف الكتاب. في الحقيقة، كثيرا ما أشادت المناقشات المبكرة حول خصائص الوسائل إلى نظم الرمز أو العناصر الرمزية للتدريس. ذلك أن كل الموضوعات التعليمية تم ترميزها بنوع ما من نظام التمثيل الرمزي، و أن الرموز تتنوع في التحول الإدراكي الذي يسمح بالتفاعل مع المعلومات التي نختارها من بيئتنا. إن بعض العناصر الرمزية ( الأسهم المتحركة، التصوير المقرب ) تسمح لنا بتشجيع المهارات الإدراكية. و على أية حال، يمكن للعديد من الوسائل المختلفة أن تقدم خاصية معينة، و لذا لا يوجد بالضرورة ارتباط بين الخصائص و الوسائل، فالوسائل مجرد عربات للخصائص، و لذا فمصطلح خصائص الوسائل يعتبر مضللاً .

 

هل تدعم خصائص الوسائل المهارات الإدراكية ؟

التوقع الثاني لأسلوب دراسة خصائص الوسائل، كان توجَه الاهتمام نحو تشجيع المهارات الإدراكية للمتعلمين و دعمها عندما يحتاجونها. و قد راجــع سولومـــــون ( Solomon, 1979 ) و حديثا جرينفيلد ( Greefied, 1984 ) الأبحاث التي بينت أن الخصائص الرمزية للخبرات و التعلم بوساطة الوسائل، تؤثر بشكل مختلف في المهارات التي تم تنشيطها لدعم عملية تحصيل المعرفة و إتقان هذه المهارات. و قد أجريت هذه الأبحاث جزئياً بتأثير ما ذكره جيروم برونر ( Jerme Braner ) في عام 1964م من أن التمثيلات والعمليات الداخلية تعتمد على تعلم ” الأساليب التي تضخم تصرفاتنا وإدراكنا ونشاطاتنا الإستبدالية بدقة ” ( P.2 ). وتشير هذه النظرة إلى أن الترميز الفريد أو العوامل البنائية للوسيلة ( مثل فلم عن السلسلة السببية ) أو النشاطات الفريــــــــــــدة ( مثل برمجية حاسوب )، ربما تتميز بتـأثيرات فريدة على المهارات الذهنية ذات العلاقة. لهذا، فإن توظيف عامل ترميز مثل اللقطة المقربة في التصوير أو السماح للطلاب بمعالجة المدخلات البيانية، ربما ينشط عمليات ذهنية خاصة تيسير تحصيل المعرفة، وكذلك تحسين إتقان المهارات. ففي دراسة أجراها سولومون ( Solomon, 1974 a )، تبين أن الطلاب الذين لديهم صعوبة في الانتباه إلى التلميحات في المجال البصري، تعلموا هذه المهارة من خلال مشاهدتها منمذجة في فيلم حيث شاهدوا آلة التصوير تقترب من مجال واسع إلى لقطات مقربة تحتوي تفاصيل عديدة. وعند تحليل المهمة اتضح أن التلميح المؤثر تطلب استراتيجية لتوجيه الانتباه تبدأ بمنظر عام للمثير بأكمله ثم تضييق مجال المثير حتى لا يتبقى سوى تلميح فردي قابل للتجديد. ولهذا، فبالنسبة للطلاب الذين يعانون من انخفاض مهارة الانتباه للتلميح ( وهو المهارة الإدراكية المطلوبة لتأدية مهمة ما )، بين سولومون أن الطريقة التدريسية المطلوبة هي النمذجة. في هذه الحالة، يقدم بناء النموذج على تحليل نظم الرمز، مما يسمح بترميز هذه الطريقة بعينها ونقلها إلى الطلاب. وعلى الرغم من أن طريقة اللقطات المقربة كانت موجودة في وسائل عديــدة ( أفلام وتلفاز وفيديو )، فقد تبين أن الطلاب ينمذجون طريقة اللقطات المقربة ويستخدمها كمهارة إدراكية في الانتباه إلى التلميحات.

وفي إعادة جزئية لهذه الدراسة، وجد بوفي ( Bovy, 1983 )، أن التجربة التي استخدمت فتحة مشابهة لفتحة العدسة لتوفير تمرين للطلاب في الانتباه إلى التلميحات كانت بمستوى فاعلية طريقة سولومون في اللقطات المقربة لدعم المهارة أثناء التمرين. وقد تضمنت هذه الطريقة تقديم التلميحات ببطء بطريقة دائرية تتسع تدريجياً بطريقة مشابهة لما تحدثه فتحة العدسة بالنسبة لتنظيم كمية الضوء الذي ينفذ من خلال عدسة آلة التصوير. والأكثر أهمية، كان ما توصل إليه بوفي ( Bovy ) من أن التجربة التي يتم بها التصوير عن طريق عزل التلميحات فقط من خلال التقريب المتتالي للتفاصيل بوساطة أساليب التقريب وفتحة العدسة، كانت أكثر فاعلية في دعم مهارة الانتباه إلى التلميح من خلال التقريب لوحده أو فتحة العدسة لوحدها. وربما كان المهم هو أن العزل الفعَال للتلميحات ذات العلاقة بموضوع الدرس ضرورياً لهذه المهمة.

وفي دراسة مشابهة، قام بلاك ( Black ) ( Cf. Clark, 1983 ) بتدريس حركات لعبة الشطرنج لطلاب الجامعة الذين يتسمون بقدرة بصرية عالية أو منخفضة من خلال صور ثابتة مصحوبة بتعليق صوتي وأسهم متحركة مع الصور، أو فيلم متحرك أخذت منه الصور الثابتة. وبينما كانت هذه الشروط الثلاثة مناسبة للطلاب من ذوي القدرة البصرية الأعلى، إلا أن الطلاب ذوي القدرات البصرية الأقل تعلموا حركات الشطرنج بصورة متساوية من خلال الأسهم والصور المتحركة التي كانت أفضل بدلالة إحصائية لهؤلاء الطلاب من الصور الثابتة. هنا، وكما في دراسة سولومون، نفترض أن نمذجة حركات الشطرنج عوضت الطلاب من ذوي القدرات البصرية المنخفضة فقدانهم قدرة التخيل المكاني. وعلى النقيض من الطلاب في تجربة سولومون، استفاد الطلاب في دراسة بلاك من تعريفين إجرائيين مختلفين للنموذج الضروري، وهما الأسهم المتحركة وقطع الشطرنج المتحركة. أي أن تنظيمات مختلفة للمثير نتج في أداء متشابه، ولكن كما يمكن أن نتوقع، أدى إلى نمذجة عمليات إدراكية مختلفة. إن العملية الضرورية لتعلم حركات الشطرنج التي تتطلب رؤية الحركة الكاملة لكل قطعة، يمكن إذاً، عرضها إجرائياً في ظل الظروف الممكنة من أجل أداء ناجح.

إن إمكانية تنشيط المهارة وتدعيمها بوساطة خصائص محددة في الوسائل، يطرح أسئلة مفاهيمية وتجريبية جديدة فإذا كان نمط الوسائل الرمزي بالنسبة لتقديم المعلومات ينشط ويدعم العمليات والمهارات الذهنية، فهل هذه المهارات متميزة ؟ وما منفعة هذه المهارات ؟ وإلى أي مدي يمكن نقل هذه المهارات إلى مواقف جديدة، إن أمكن ذلك أصلاً ؟ هذه الأسئلة ذات اهتمام خاص بالنسبة لاستخدام الحواسيب في التعليم لأن العديد من النشاطات التي يقوم بها الحاسوب تبرر في ضوء تأثيراتها الفريدة على نقل المهارات. وينبغي التمييز بين تحصيل القدرة على التخيل أو تحصيل عملية معينة من جهة، وبين تشجيع القدرة التخيلية أو المهارة العامة من جهة أخرى. إن تعلم الأطفال من التلفاز فقط ليصبحوا مشاهدين أفضل، أو من البرمجة بلغة لوجو ليصبحوا مبرمجين أفضل بهذه اللغة لا يكفي، وإنما المطلوب تمكنهم من تنمية المهارات التي يمكن استخدامها خارج نطاق تلك الوسيلة أو النشاط.

وتعد دراسة سكرايبنر وكول ( Scribner & Cole, 1981 ) حول تأثير حيازة مهارات محو الأمية في المواقف غير المدرسية تحذيراً بوجه التفاؤل غير المبرر. فعلى النقيض من الادعاءات المبكرة، لم يجد الباحثان دليلاً على أن حيازة المهارات الأساسية في التعليم غير الرسمي يمكن أن يؤثر بالتفكير التجريدي أو بأي مقدرة عامة أخرى. ففي الدراسة المذكورة، حرم المتعلمون من فرصة الحصول على مهارات القراءة والكتابة والتدريب عليهما في السياقات المتنوعة التي يمكن أن تضخم أثر المهارات الأساسية لمحو الأمية وتجعلها مهارات قابلة للاستخدام في مواقف أخرى، بغض النظر عن الوسيلة أو نظام الرمز المستخدم في التعليم، فالتمرين المتنوع والمطول يمكن أن يساعد الأميين على تطبيق العمليات المحددة في مهام ومواقف متنوعة ومعقدة مما يؤدي إلى إمكانية تعميم المهارات.

إن الطريق بين النقل الممكن والنقل الفعلي للمهارات إلى مواقف جديدة محفوف بالصعوبات. وبالتأكيد لا يمكن تحقيق ذلك عن طريق محاولة واحدة فقط أو خبرات موجزة، فيما عدا الحالات غير المحتملة التي يوظف المتعلم فيها جهوداً ذهنية مضنية في محاولته تحقيق عملية النقل هذه، وصياغة قواعد، وتوليد مهارات إدراكية عليا. في كل الحالات، يبدو أن أنماط الرمز في الوسائل والنشاطات التي يقدمها الحاسوب قد تميز دعم المهارة وتنميتها، ولكنها ليست فريدة بالضرورة، ولا ممكنة النقل إلى مواقف أخري بسهولة. لذا، سوف يكون من الأفضل للأبحاث المستقبلية، خصوصاً تلك التي تهتم بدراسة نشاطات التعلم التي يقدمها الحاسوب، أن تسأل ليس فيما إذا تم تحصيل مهارات معينة، ولكن أيضاً حول الكيفية التي يمكن بها تنمية تلك المهارات بأسلوب أخر، وتحت أي ظروف تعليمية وسياقية ونفسية يمكن جعلها قابلة للنقل إلى مواقف جديدة, تكمن المشكلة ليس في حقيقة أن نظم الرمز يمكن جعلها تدعم تنمية المهارة، ولكن فيما إذا كانت عناصر أو خصائص الرمز هذه فريدة وشاملة لأي وسيلة أو ضرورية للتعلم. إذا كانت الخصائص التي أمكن تحديدها حتى هذا التاريخ مفيدة للتعليم، فإن هذه الخصائص قيمة. وعلى أية حال، يعتمد نمو النظرية على اكتشاف العمليات الأساسية أو الضرورية للتعليم والتعلم. حول هذه النقطة – التوقعات حول نظريات خصائص الوسائل – نوجَه المناقشة التالية.

الخصائص الفريدة للوسائل ونظريات التعليم :

حتى هذا الجزء من المناقشة السابقة، يبدو من المعقول الافتراض بأن الوسائل هي عربات لنقل التعليم، وليس متغيرات تؤثر مباشرة بالتعلم. وعلى الرغم من أن عوامل محددة في وسائل مختلفة مثل الصورة المتحركة أو تقنية اللقطات المقربة في التصوير قد توفر شروطاً كافية لتيسير تعلم الطلاب الذين يفتقدون المهارة التي يتم نمذجتها، إلا أن العناصر الرمزية مثل تقنية اللقطات المقربة ليست وسائل ولكنها تسمح فقط بخلق ظروف معينة كافية لتدريس مهارات إدراكية معينة. إن كل الخصائص التي درست حتى الآن ما هي إلا ارتباطات مع الوسائل ( كل خاصية متوافرة في العديد من الوسائل )، حيث لم يتم التوصل إلى أي خصائص ينتج عنها تأثيرات إدراكية فريدة. ففي العلوم، الشروط الكافية هي تلك الأحداث التي كانت كافية للحصول على نوع من المخرجات في حالات ماضية. أي أنه ليس هناك ضمان، على أية حال، بأن ظروفاً كافية سوف ينتج عنها المخرجات مرة ثانية، لأن المتغير الذي أثر بتلك المخرجات كان فقط مرتبطاً بتلك الظروف. فعلى سبيل المثال، يمكن أن يكون الحاسوب كافياً لإنتاج المستوى المرغوب من التحصيل في حالة واحدة، ولكن يمكن أن يفشل في حالة أخرى. إن تقرير الظروف الضرورية هو أسلوب مستمر عندما نحلل جميع المشكلات التعليمية وأسس جميع النظريات التعليمية. وعندما توصف هذه المشكلات والنظريات، فإن العملية الإدراكية الضرورية ستكون عبارة عن مواصفات أو وصفة لطريقة تعليمية معينة. نستطيع أن نوظف أنواعاً متعددة من الوسائل، ومن المحتمل أيضاً توظيف أنواع متعددة من النظم الرمزية لتحقيق نوع التعلم نفسه. على أية حال، لا نستطيع تنويع المتطلبات بحيث يمكن للطريقة أن تنمذج على نحو ما العملية الإدراكية المهمة المطلوبة لأداء مهمة ما بشكل ناجح.

إن بناء الطرق التعليمية الناجحة، وتطوير النظرية التعليمية يعتمدان على تحديد الملامح الحاسمة للعمليات الإدراكية الضرورية ( Clark, 1983 ). وينبغي أن تترجم ملامح العملية الإدراكية إلى نظم رمزية مفهومة للمتعلم، ثم تنقل من خلال الوسيلة المناسبة. لقد كانت الخاصية الإدراكية في دراسة الشطرنج هي محاكاة بداية ونهايات حركات متنوعة من قطع الشطرنج. وفي دراسة سولومون وبوفي الخاصتين بتوجيه انتباه المتعلم إلى التلميحات، كانت الملامح الإدراكية هي عزل التلميحات ذات العلاقة. إن الذي يؤدي إلى تحقيق الأداء المطلوب هو النمذجة الخارجية لهذه الملامح في نظام الرمز المفهوم من قبل المتعلم. وعندما يتم تشكيل النظام الرمزي الذي تم اختياره لعرض الملامح الحاسمة في مهمة ما مع المساواة في الأشياء الأخرى، سوف يحدث التعلم. وعندما تنقل وسيلة ما نظاماً رمزياً يحتوي على هذا التنظيم الضروري للملامح، فسوف يحدث التعلم، ولكن سوف لن يكون بسبب الوسيلة أو النظام الرمزي. هذه المشكلة مرتبطة بالصدق الخارجي.

وعلى الرغم من انه كثيراً ما يكون مفيداً من الناحية العلمية معرفة الشروط الكافية المطلوبة للحصول على المستويات المرغوبة من التحصيل، إلا أن نظرياتنا تبحث عن الشروط الضرورية. وبدون الشروط الضرورية، فإننا نجازف بفشل تكرار تحقيق التحصيل عندما يتغير السياق والأوقات أو الطلاب. إن النظرية التعليمية ( Shuell, 1980 ) تبحث عن التعميمات حول الطرق التعليمية الضرورية المطلوبة لدعم العمليات الإدراكية. وحتى هذا التاريخ، لم تؤد أبحاث خصائص الوسائل التعليمية إلى مثل هذه التعميمات، ولا تعد بتحقيق ذلك في المستقبل. وعلى أية حال، الموضوع الذي ينطوي على وعود كبيرة بالنسبة لتطبيق نتائج الأبحاث الماضية، وتحديد الاتجاهات الجديدة، هي الأبحاث حول الاتجاهات نحو الوسائل.

الأبحاث حول الاتجاهات نحو الوسائل :

شهدت السنوات الحديثة قدراً كبيراً من الاهتمام بأثر قيم المتعلم واتجاهاته واعتقاداته نحو الوسائل. وقبل تقديم نموذج لفهم هذه الدراسات، نحذر القارئ بضرورة ملاحظة أن المتغير المستقل في دراسات الاتجاهات ليس الوسائل ولكنه اعتقاداتنا أو قيمنا المتعلقة بالوسائل. لذلك، إذا كانت هناك فوائد تعلم أو حافز لم تكشف عنها هذه الدراسات بعد، فإن هذه الفوائد ربما لا تعزى للوسائل. إن متغيرات الاتجاه هي متغيرات المتعلم، ولذا ينبغي أن يعزى تحصيل التعلم إلى الفروق الفردية أو الخصائص الفردية.

أبحاث الاتجاه لها تاريخ طويل. لقد لاحظ نقاد هذا الموضوع عدداً من الأخطاء الخطيرة في تصميم الدراسات، واختلفوا حول منفعة نتائج هذه الدراسات لتطوير التوصيفات العلمية. وعلى أية حال، توجد سلسلة من التطورات الواعدة التي جاءت بفعل نمو نظريات التعلم الإدراكية. وعلى الرغم من أن المجال هنا لا يسمح بشرح مفصل لهذه التطورات، إلا أننا سنعطي شرحاً موجزاً عنها.

يعتقد الباحثون على وجه العموم أن اتجاهاتنا واعتقاداتنا وقيمنا تؤثر بدوافعنا للتعلم. ويقاس الحافز للتعلم إما من خلال انهماكنا في مهمة ( مثل : اختيار مهمة معينة من بين عدد من الأشياء تتنافس في جذب انتباهنا )، و ( أو ) من خلال توظيف الجهد في مهمة اخترنا القيام بها. ويمكن أن يمتد توظيف الجهد من مستوى ضحل جداً ( مثل : عندما نؤدي مهمة ما أتوماتيكيا وبدون تفكير أو تركيز كبير ) إلى مستوى عميق جداً ( مثل : عندما نوجَه كل انتباهنا وذكاءنا لمهمة معينة ). إن الدافع هو أحد المكونات الضرورية للتعلم. فقد تكون لدينا القدرة على التعلم بدون الدافع لتوظيف الجهد. وبالمثل، يمكن أن يتوافر لنا الدافع ونفتقد القدرة. الاختلاف بين الدافع والذكاء مناظر ( مشابه ) للاختلاف بين الوقود وماكينة السيارة. وعلى الرغم من أن التناظر يفشل في عدد من الموضوعات، فإن أفضل ماكينة لن تعمل بخزان خالي من الوقود، كما أن أفضل نوعية وقود لن تجعل ماكينة تعمل عندما تعاني مشكلة ميكانيكية. إذا أمكن تحسين التعلم عندما تتغير القيم والاعتقادات والاتجاهات، فإن ذلك يعود إلى أن المتعلم يحصل على الدافع للانهماك في مهمة أو توظيف المستوى المطلوب من الجهد – حصول الماكينة على الوقود. إذا لم يؤدي ازدياد الدافع إلى ازدياد التعلم، فإن المشكلة ربما تكون فقدان القدرة – عيوب ميكانيكية في الماكينة.

لقد أنتجت أبحاث الاتجاه بعض النتائج المشوشة جداً. فعلى الرغم من أن توقعاتنا للعلاقة الإيجابية بين الاتجاه والتعلم ولدت على العموم في أدبيات الأبحاث، إلا أننا نجد عدداً من الدراسات المصممة تصميماً جيداً بينت نتائجها أن الاتجاهات الإيجابية نحو الوسيلة أنتجت تعلماً أقل، بينما بينت دراسات أخرى أن الاتجاهات السلبية أنتجت تعلماً أكثر. وقد راجع كلارك وسولومون ( Clark & Solomon, 1986 ) عدداً من الدراسات محددة كانت نتائجها متناقضة ومضادة للبديهة. فقد أشادت محصلة تحليل هذه الدراسات إلى أن العلاقة بين الاتجاه ( وما ينتج عنه من دافع للتعلم ) من جهة وبين التعلم من جهة أخرى ليست علاقة مباشرة أو رتيبة.

نظرية إدراكية جديدة للحافز من أجل التعلم من الوسائل :

تشير النظرية الإدراكية الجديدة للفاعلية الذاتية للحافز ( Bandura, 1978, Solomon, 1981 ) وهي النظرية الأكثر إثارة، إلى أن العلاقة بين الاتجاه نحو الوسائل والتعلم يمكن تصورها على نحو حسن من خلال الوضع المقلوب للحرف اللاتيني ( U ). ترى هذه النظرية أن الطلاب يوظفون الجهد بناء على اعتقاداتهم حول ( أو ) اتجاهاتهم نحو عاملين هما : ( 1 ) متطلبات المهمة و ( 2 ) تقدير الطلاب لمهاراتهم الخاصة بمتطلبات المهمة. يسمى سولومون هذين العاملين : إدراك الخصائص المطلوبة وإدراك الفاعلية الذاتية. وبناءً على نظرية بندورا، يضع سولومون فرضية مفادها أنه حيث يزداد إدراك الطالب لمهاراته الخاصة من منخفض إلى معتدل يزداد الجهد الذي يوظفه في التعلم منها من منخفض جداً إلى مستواه الأفقي. وتحدث النتيجة نفسها عندما يزداد إدراك الطالب لمهاراته الخاصة من منخفض إلى معتدل. وعلى أية حال، عندما يصل إدراك الطالب لصعوبة الوسيلة إلى مستوى حكم عال جداً، وعندما تكون مهارته الخاصة في التعلم من وسيلة ما عالية جداً، ينحدر الجهد الذي يوظفه إلى مستويات منخفضة جداً. إن المستويات المعتدلة من إدراك الخصائص المطلوبة و ( أو ) إدراك الفاعلية الذاتية التي تؤدي غلى المستوى الأعظم من الدافع. إضافة غلى ذلك، ربما توجد اختلافات قومية وثقافية كبيرة في الحكم على هذين العاملين. فعلى سبيل المثال، لاحـــــظ سولومــــــــــون ( Solomon, 1984 ) أن طلاب أمريكا الشمالية يعتقدون عموماً أن التلفاز وسيلة سهلة بينما الكتب وسيلة صعبة. وعلى الرغم من أن لا شئ أكثر صعوبة حول الكتب، يوظف الطلاب جهداً في التعلم منها يفوق الجهد الذي يوظفونه في التعلم من المحاضرات التلفازية. ويلاحظ سولومون أن أطفال إسرائيل الذين لديهم إدراك مختلف حول متطلبات التعلم من التلفاز، لا يعطون هذا التمييز نفسه.

ربما تتطور نظرية الحافز هذه على نحو يمكننا من شرح نتائج الأبحاث المتناقضة في الدراسات السابقة بالنسبة للاتجاهات والقيم والاعتقادات حول الوسائل مثل نتائج الأبحاث التي وصفها سولومون ( 1981, 1984 ) وكلارك ( 1983 ). وعلى سبيل المثال بوجود نظرية الفاعلية الذاتية للحافز، تصبح الدراسات التي بينت نتائجها ازدياداً في الحافز ( أو التعلم ) مصحوباً بتناقص في الاتجاه نحو الوسيلة ممكنة التنبؤ.

الأبحاث حول الميل نحو ( أو ) إعطاء قيمة لوسائل مختلفة :

تعد بنية القيمة أحد الموضوعات التي لم تعالجها نظرية الاتجاه بكفاية. فالمرء قد يعطي قيمة لوسيلة معينة ويفضل التعلم منها لأنه ببساطة يميل إليها، وليس لأنها تقدم طريقة سهلة للتعلم، ولا لأن المتعلم يرى نفسه أكثر أو أقل قدرة معها. ولا يوجد حالياً سوى أبحاث قليلة جداً حول القيم التي يعطيها المتعلم للتعلم من وسيلة أو أخري، ولكن يوجد اهتمام متزايد بموضوع القيم في نظريات التعلم الإدراكية الحالية. ويمكن للباحثين المهتمين بهذا الموضوع مراجعة دراسات ديويك وبيرنشات ( Dweck & Bernechat, 1983 ) من اجل الحصول على التوجيهات والنصح. وعلى العموم، نشك بأن قيم الطالب ستؤثر بقراره للانهماك في التعلم من وسيلة محددة ( أو مهمة تعلم معينة )، ولكن ليس في الجهد الذي يوظفه ( تذكر التمييز المذكور سابقاً بين الانهماك والجهد في نظرية الحافز ). فنحن قد تتوافر لدينا القدرة والاتجاه اللذان يسمحان لنا بتوظيف الجهد في التعلم من وسيلة معينة، ولكننا ببساطة نعطي قيمة أكبر لوسيلة أخرى، إلى حد أننا نرفض التعلم من الوسيلة المستخدمة في التعليم. وربما كانت هذه هي الحالة في دراسات الاتجاه التي أشار إليها ساراكو ( Saracho, 1982 ) وماتشولا ( Machula, 1978, 1979 ). فهذه الدراسات وغيرها ( Clark, 1983 ) تشير إلى أن القيمة التي يعطيها الطالب لصالح أو ضد وسائل معينة، ربما تتغير بشكل كامل في فترة زمنية قصيرة خلال الوحدة الدراسية ذاتها. أحد المؤشرات حول هذه التغيرات هو مدى تنقل انتباه الطلاب أثناء التعلم بالقرب من أو بالابتعاد عن مهام التعلم عندما ينشغلون بالتفكير حول أشياء أخرى غير المهمة التعليمية. إن المؤشرات التي تعطي قيمة للتغير في فترة زمنية قصيرة من الوقت، تشير إلى أن تصميم الدراسات في هذا الموضوع تحتوي على أساليب قياس حساسة لتلك التغيرات.

استنتاجات حول أبحاث الاتجاهات نحو الوسائل :

هيأت النظريات الإدراكية للاتجاهات مقياساً للوضوح بالنسبة لأبحاث الاتجاهات والقيم والاعتقادات حول الوسائل. فنتائج الأبحاث السابقة التي بدت متناقضة ومضادة للبديهة، أصبحت الآن ممكنة الفهم بدرجة أكبر. وعلى العموم، من الأفضل النظر إلى أبحاث الاتجاهات كجزء من نظرية الحافز، وعلى باحثي الوسائل المهتمين في الاتجاهات أو القيم متابعة الأدبيات المتزايدة والنشطة حول النظريات الإدراكية للحافز – خصوصاً نظرية الكفاية الذاتية لبندورا، وتوسيع تلك النظرية بوساطة سولومون (1981, 1984). وتقترح النظريات الإدراكية أساساً أن كل الدافع ينتج من إجابة المتعلمين عن ثلاثة أسئلة ضمنية كبيرة يوجهونها لأنفسهم هي: (1) هل أرغب بهذه الوسيلة (أو مهمة التعلم)؟، (2) ما المهارات المطلوبة للتعلم من هذه الوسيلة (أو مهمة التعلم)؟، (3) هل لدي المهارات للتعلم من هذه الوسيلة (أو مهمة التعلم)؟. إن إجابة السؤال الأول تقود المتعلمين إلى الاختيار بين وسيلة أو أخرى. أما إجابة السؤالين الثاني والثالث فإنها تؤثر بحجم الجهد الذي يوظفه المتعلم في التعلم من أي وسيلة.

ويتحتم على الباحثين في هذا الموضوع، توظيف مقاييس دقيقة لقياس درجة انهماك المتعلم في نشاط التعلم ومستوى الجهد الذي يوظفه، والقيم والبنى المرتبطة بها مثل إدراك الخصائص المطلوبة وإدراك الكفاية الذاتية. ويمكن إنجاز هذا من خلال ضمان أن دراسات الحافز لا تتعرض لتداخل الاختلاف في القدرة والمعرفة السابقة بالنسبة للموضوعات الدراسية بهذه الطريقة يمكن فصل تأثير الحافز على التحصيل عن تأثير القدرات العامة والمحددة.

اقتراح أخير ينبغي الإشارة إليه. أننا نشك أن هذه النظريات الإدراكية الجديدة للحافز تشير ضمناً إلى بعض التغيرات في فهمنا حول أبحاث التغذية الراجعة أثناء التدريس. إن هذا مهم خصوصاً لتصميم الأبحاث حول محاسن التفاعل في التعليم المعتمد على الحاسوب. إن العديد من أبحاث التعليم المعتمد على الحاسوب مصممة من أجل دراسة صيغ مختلفة من التفاعل بين المتعلم وبرمجيات الحاسوب. ويمكن تصور التغذية الراجعة التي يوفرها الحاسوب بطرق عديدة، ولكن إذا نظر الباحثون إليها على أنها تجيب عن واحد أو أكثر من أسئلة الحافز الثلاثة المذكورة سابقاً (بالإضافة إلى أسئلة أخرى)، فإن أدبيات هذا الموضوع ستكون أكثر فائدة. وبعبارة أخرى، يمكن أن تكون التغذية الراجعة حول القيم وضغوط الوسائل على المتعلم، وقدرات المتعلم على التعلم من وسيلة أو أكثر – اعتماداً على ما إذا أراد الباحث التحكم بنشاط المتعلم مع الوسيلة أو حجم الجهد الذي يوظّف في التعلم من وسيلة معينة.

 

القضايا الاقتصادية في أبحاث الوسائل

أحد أقل أوجَه أبحاث الوسائل التي أجريت خلال العقد الماضي وضوحاً وأكثر إلحاحاً هو العدد الكبير من الأسئلة الاقتصادية وندرة الدراسات الاقتصادية. وهناك اتفاق متزايد بأن دراسات الوسائل المقارنة الماضية ودراسات خصائص الوسائل ودراسات الحافز، كلها تشير إلى أن الوسائل لا تؤثر في تعلم الفرد. لهذا، يبدو أن التعلم يرجع إلى عوامل الاختلاف بين مهام التعلم وطرق التدريس وخصائص المتعلم (بما في ذلك الاتجاهات)، وليس اختيار وسيلة التدريس. ويمكن صياغة هذه الخلاصة بطريقة أخرى، هي أن الوسائل لا تؤثر في العوامل النفسية للتعلم، وليس لها مكان كمتغيرات مستقلة في محاولة للتنبؤ بمخرجات التعلم. ومع ذلك، يبدو أن هناك دليلاً كبيراً على أن الوسائل تؤثر فعلاً في العوامل الاقتصادية للتعلم. أي أنه في ظل ظروف معينة، يمكن أن تؤثر الوسائل بشكل بالغ على تكلفة التعلم. ويمكن تعريف التكلفة بطرق عديدة – مثل الفترة الزمنية التي يستغرقها المتعلم لتحقيق مستوى معين من التحصيل، أو الفترة الزمنية التي يستغرقها فريق عمل يطّور وينقّح و (أو) يعرض برنامجاً تعليمياً، أو التكلفة في المصادر (مثل الدولارات والتسهيلات أو العبء على المنظمة)، و (أو) تكلفة إنتاجية التعليم لأنواع مختلفة من المتعلمين (بالدولار والجهد والوقت). فعلى سبيل المثال، تشير دراسات مقارنات الحاسوب والتعليم التقليدي إلى اختصار (30% – 50% من الوقت المطلوب لإنهاء الدروس المعتمدة على الحاسوب (Clark & Solomon, 1986). وعلى الرغم من أن هذه الميزة الاقتصادية الجوهرية للحواسيب، ربما تعود في جزء منها إلى أثر الحداثة الذي يختفي بمرور الوقت، إلا أن توفير الوقت في دراسات الحاسوب لا تعزى كثيراً إلى أخطاء في تصميم البحث. إن أحد أسباب استكشاف قضايا تكلفة الوسائل هو أنها تسمح بتحليل إضافي في دراسات الفاعلية المعتمدة على العوامل النفسية أو ما يسميه الاقتصاديون أبحاث الفاعلية- التكلفة.

 

دراسات الفاعلية – التكلفة للحواسيب في المدارس الابتدائية والثانوية

في مراجعة حديثة لدراسات الفاعلية- التكلفة حول استخدام الوسائل (خصصت أساساً للتعليم المعتمد على الحاسوب)، أعاد هنري ليفين (Henry Leven) من جامعة ستانفورد تحليل عدد من دراسات الفاعلية-التكلفة الحديثة والشاملة التي طبقت في المدارس الابتدائية والثانوية (1986, Levin & Meister, 1985). وأشارت خلاصات هذه الدراسات إلى أن أغلب نتائج الدراسات التي أجريت حول الفاعلية-التكلفة للتعليم المعتمد على الحاسوب تعد نسبياً ضعيفة. على أية حال، عندما وظّفت الجهود في بعض المواقع لدعم التوظيف الكلي للحاسوب وبرمجياته في التعليم، ازدادت نسبة الفاعلية-التكلفة بنسبة معامل مقداره (50%). كذلك وجد ليفين دليلاً على أن هناك اختلافات كبيرة في التكلفة-الفاعلية لنفس برنامج التعليم المعتمد على الحاسوب في مواقع استخدام مختلفة. وبعبارة أخرى، عندما يستخدم البرنامج نفسه في مواقع أو مدارس مختلفة، تتغير نسبة التكلفة-الفاعلية تغيراً كبيراً يصل إلــــى (400%). وهذا يوحي بقوة أن استراتيجيات مختلفة لإدارة نظم الوسائل والتعليم المعتمد على الحاسوب يمكن أن تؤثر إلى حد كبير في تكلفة التحصيل من خلال الحواسيب (وربما بالتحصيل من خلال وسائل أخرى أيضاً). ولأننا نتوقع بأن برمجيات الحاسوب سوف تنتج مستوى التحصيل نفسه في مواقع مختلفة، فإن العوامل الإدارية والمنظماتية ستؤثر على الأغلب، وفي بعض الحالات ستمنع التحصيل.

 

اقتراحات لتصميم أبحاث اقتصاديات الوسائل

يحذر ليفين (Levin) الباحثين في هذا الموضوع، من أن عدداً كبيراً من الدراسات الضعيفة قد أجريت حول الفاعلية-التكلفة. ففي الوقت الذي حدد فيه ليفين حوالي (80) دراسة، إلا أنه لم يستخدم سوى ثمانية منها فقط في تحليله. من وجهة نظره، كانت (72) دراسة منها ضعيفة بشكل كبير مما يجعلها غير قابلة للاستخدام. كذلك قدم ليفين مناقشة مفيدة حول القضايا المحيطة بتنفيذ التعليم المعتمد على الحاسوب، وهي مناقشة ينبغي على المهتمين في إجراء الدراسات في هذا الموضوع قراءتها. يلاحظ ليفين على سبيل المثال، أن نظم الحاسوب في المدرسة الابتدائية تميل إلى استخدام أكثر تكاملاً منه في المدارس الثانوية أو الكليات. وهذا ما يمكن أن يعزى له حجم الأثر الأعلى بالنسبة للتحصيل التي وجدها كلك وزملاؤه ( Kulik ) في دراسات التحليل البعدي في المدرسة الابتدائية (Clark, 1985).

إننا نوصي بقوة إجراء أبحاث أكثر حول اقتصاديات الوسائل التعليمية في السنوات القليلة القادمة. فعلى الرغم من أن النظم المدرسية في الولايات المتحدة ليست مجبرة على تبرير خططها في ضوء الفاعلية-التكلفة بعد، إلا أننا على ما يبدو سائرين في ذلك الاتجاه. فعلى سبيل المثال، يمكن أن توفر الحواسيب وأقراص الفيديو التفاعل الثابت الذي يتطلبه التعليم الفردي الذي كان متوافراً في السابق من خلال المعلم الحي المكلف. في هذه الحالة، لن يكون من الضروري الادعاء بأن الحواسيب قدمت مساهمة فريدة للتعلم لكي يبرر استخدامها في التعليم، بل سيكون كافياً تقديم دليل بأن وسيلة ما جعلت بعض طرق التدريس الضرورية رخيصة بما يكفي لتوظيفها ضمن مستويات الدعم الحالية.

 

 

 

 

ملخص واستنتاجات

منذ أواسط السبعينيات الميلادية، كان هناك تحرك يبتعد عن الأسئلة البحثية والدراسات المعتمدة على وجهة النظر السلوكية للتعلم. ففي العقد الماضي كان الاتجاه نحو الدراسة المعتمدة على النظريات الإدراكية الجديدة للتعلم. إن نتائج دراسات الوسائل المقارنة، وحديثاً جداً، دراسات خصائص الوسائل، تشير إلى أن أفضل تصور للوسائل هو أنها أدوات نقل للتعليم، وليست متغيرات تؤثر بشكل مباشر في التعلم. وعموماً، حددت معظم الأبحاث السابقة حول الوسائل التعليمية بعض الشروط الكافية للتعلم ودعم مهارات التعلم الإدراكية. ويهدف البحث المستقبلي إلى تقرير الشروط الضرورية للتعلم؛ على سبيل المثال، توظيف الجوانب الفريدة للوسيلة أو التعليم الذي يتم نقله بوساطة وسيلة تنمذج العمليات الإدراكية المطلوبة لتحقيق الأداء الناجح لمهام تعلم معينة. كما يمكننا تبني تعريف أوسع لمخرجات التعلم – تعريف يشمل مستويات نقل المعرفة والمهارات الرغوية إلى مواقف جديدة.

تقترح قراءتنا لأبحاث الوسائل في العقد الماضي بقوة، أن التعلم الذي يحدث من خلال عروض الوسائل المعدة إعداداً جيداً، يعود في الحقيقة إلى ثلاثة عوامل أو أنواع من المتغيرات هي: (1) نوع مهمة التعلم (مثلاً: مهام إجرائية، أو مهام تصريحيه)، (2) خصائص المتعلم الفرد (مثلاُ: الدافع، القدرة العامة، المعرفة السابقة)، (3) طريقة التدريس (مثلاُ: الطريقة التي تعوض بها طريقة التدريس النقص في خصائص المتعلم المطلوبة للتعلم). ويمكن أن تستفيد أبحاث تقنية التعليم في العقد القادم من التركيز على التفاعلات بين هذه المتغيرات. في هذه الأبحاث، ينبغي أن توظف الوسائل كأدوات نقل للتعليم لمساعدة الباحث على التحكم بفترة التجربة والثقة والمساواة.

لقد بقيت الموضوعات المتعلقة بتأثيرات الحافز والموضوعات المتعلقة بالفاعلية-التكلفة للوسائل التعليمية، موضوعات لم يتم استكشافها بعد بصورة موسعة. أما دراسات الاتجاهات، فقد أجريت بأعداد كبيرة، ولكن بنتائج متناقضة ومن غير أن تستفيد النظرية منها. الآن وقد وفرت الأبحاث الإدراكية نظريات حافز مثل نظريتي بندورا وسولومون، فإن أبحاث الحافز المستقبلية ستكون أكثر فائدة. ولهذا، على الباحثين المهتمين بقضايا الحافز، توضيح بعض مشكلات القياس في الأبحاث السابقة الخاصة ببعض المتغيرات المهمة مثل انهماك المتعلم في التعلم من وسيلة معينة، ومستوى الجهد الذي يوظفه المتعلم في التعلم من وسيلة معينة، والقيم التي يعطيها المتعلم للتعلم من وسيلة أو أخرى، وذلك بالنسبة لعلاقة هذه المتغيرات باستخدام الوسائل التعليمية إضافة إلى ذلك، ينبغي أن تتجنب أبحاث الحافز القياس المباشر لمخرجات التعلم. إن النظرية الإدراكية الحالية تفترض أن الحافز يؤثر بانهماك المتعلم بمهمة ما و (أو) يؤثر بكم ونوعية الجهد المبذول في التعلم. لذلك، ينبغي أن يستخدم البحث في هذا الموضوع انهماك المتعلم في التعلم وجهده المبذول في التعلم كمتغيرات مستقلة يفترض أنها تؤثر بالتعلم.

وتشير الأبحاث المحدودة حول الفاعلية-التكلفة للوسائل التعليمية إلى أنه في ظل شروط معينة، يمكن أن تؤثر الوسائل على نحو بالغ على تكلفة التحصيل. لهذا، فهناك حاجة ماسة للأبحاث التي تحدد وتقيس مقدار العوامل الإدارية والتنفيذية والمنظماتية التي تؤثر بالفاعلية-التكلفة لوسائل تعليمية متنوعة، ولموضوعات دراسية وطرق تدريس متنوعة ولطلاب مختلفين. إننا ندعم بقوة ونلح على الزيادة في كم أبحاث اقتصاديات الوسائل، فهذه هي الدراسات التي ربما تثبت على المدى الطويل أنها أكثر فائدة لباحثي الوسائل.

 

 

 

 

 

 

المراجـــع

Anderson, D. R., & Lorch, E. P. (1993). Looking at television: Action or reaction In J. Bryant & D. R. Anderson (Eds.), Watching TV, understanding TV. New York: Academaic Press.

 

Bandura, A. (1978). The self system in reciprocal determinism. American Psychologist, 33, 344-358.

 

Bovy, R. A. (1983). Defining the Psychologically active features of instructional treatments designed to facilitate cue attendance. Paper presented at the annual meeting of the American Educational Research Association Montreal, Quebec ( April 1983).

 

Bruner, J. S. (1964). The course of congnitive growth . American Psychologist, 19, 1-15.

 

Clark, R. E. (1983). Reconsidering research on learning from media. Review of Educational Research. 53(4), 445-460.

 

____ . (1985). Confounding in educational computing research. Journal of Educational Computing Research, 1(2), 28-42.

 

Clark, R. E., & Salomon, G. (1986). Media in teaching. In M. Wittrock (Ed.), Handbook of research on teaching (3rd edition). New York: Macmillan.

 

Clark, R. E., & Snow, R. E. (1975). Alternative design for instructional technology research. AV Communication Review, 23(4), 373-394.

 

Dorr, A., Graves, S. B., & Phelps, E. (1980). Television literacy for young children. Journal of Communication, 30, 71-83.

 

Dweek, C. S., & Bernechat, J. (1983). Childern,s theories of intellifence: Consequences for learning. In S. G. Paris, G. M. Olson, & H. W. Stevenson (Eds.). Learning and motivation in the classroom. Hillsdale, NJ: Lawrence Erlbaum.

 

Greenfield, P. (1984). Mind and media: The effects of television, video games and computers. Cambridge, MA: Harvard University Press.

 

Jamison, D., Suppes, P., & Wells, S. (1974). The effectiveness of alternative instructional media: A survey. Review of Educational Research, 44, 1-68.

 

Kulik, J. A., Kulik, C. L., & Bangert-Downs, R. (1985). The effectiveness of computer-Based education in elementary schools. Computers in Human Behavior, 1, 59-74.

 

Kyllonen, P. C., Lohman, D. F., & Snow, R. E. (1984). Effects of aptitudes, strategy training and task facets on spatial task performance. Journal of Educational Psychology, 76(1), 130-145.

 

Levie, W. H., & Dickie, K. (1973). The analysis and application of media. In R. M. W. Travers (Ed.). second handbook of research on teaching. Chicago: Rand Mcnally.

 

Levin, H. M. (1986). Cost-effectiveness of computer-assisted instruction: Some insights. Report No. 86-Septi-13. Stanford, CA: Stanford Education Policy Institute, School of Education, Stanford University.

 

Levin, H. M., & Meister, G. R. (1985). Educational technology and computers: Promises, Promises, always Promises. Report No. 85-A13. Stanford, CA: Center for Educational Research at Stanford, School of Education, Stanford University.

 

Machula, R. (1978-79). Media and affect: A comparison of video-tape, audiotape and print. Journal of Educational Technology Systems, 7(2), 167-185.

 

Mielke, K. W. (1968). Questioning the question of ETV research. Educational Broadcasting, 2, 6-15.

 

Olson, D., & Bialystok, E. (1983). Spatial cognition. Hillsdale, NJ: Lawrence Erlbaum.

 

Salomon, G. (1974a). Internalization of filmic schematic operations in interaction with learners, aptitudes. Journal of Educational Psychology, 66, 499-511.

 

____ . (1974b). What is learned and how is it taught: The interaction between media, message, task and learner. In D. Olson (Ed.), Media and symbols: The form of expression, communication and education. (The 73rd yearbook of the National Society for the Study of Education. ) Chicago: University of Chicago Press.

 

____ . (1979). Interaction of media. Cognition and learning. San Francisco: Jossey-Bass.

عن د مصطفى جودت

أستاذ تكنولوجيا التعليم المشارك بجامعة الملك سعود ، وجامعة حلوان مدير تطوير المحتوى الرقمي بجامعة الملك سعود
error: Content is protected !!
التخطي إلى شريط الأدوات