معايير التعليم الإلكتروني

أعداد : د. جميل إطميزي

مدير مركز التعليم الإلكتروني / جامعة فلسطين الأهلية

قرأت مقال للدكتور جميل إطميزي في مجلة القدس الرقمي نشر على جزئين عن معايير التعليم الإلكتروني ولما لهما من أهمية فقد اخترت إعادة نشر المقال هنا في بوابة تكنولوجيا التعليم مع خالص الشكر للدكتور جميل على هذا العمل المميز.

standard

مقدمة:
معايير دمج ونشر التعليم الإلكتروني (eLearning standards): هي مجموعة قواعد توجيهية لتطوير المحتوى الإلكتروني، والتصميم التعليمي، وكذلك الأنظمة التي تدعم التعليم الإلكتروني حيث تسمح لمطور المقرر الإلكتروني أو معلمه، باستيراد وتصدير ومشاركة للمحتويات والأنشطة التعليمية الإلكترونية، وبالتالي يمكن نقل تلك المحتويات والأنشطة من منصة تعليم إلكترونية إلى أخرى بشرط دعم كليهما لهذه المعايير. وتوجد بعض المعايير الأخرى لتسهيل وصول ذوي الإعاقات إلى المحتوى الإلكتروني.
تطوير المحتويات والمقررات والمكونات التعليمية الإلكترونية تكلف المؤسسات التعليمية والتدريبية أموالا طائلة، وهذا الأمر يدفع المعنيين بالتعليم الإلكتروني إلى التفكير بإمكانية مشاركة تلك المحتويات وتبادلها، بدل تكرار تطوير تلك المكونات آلاف المرات، وهذا الأمر فوق تقليله من كلفة الإنتاج فإنه يسمح بإنتاج مكونات عالية الجودة يستفيد منها قطاع واسع. كما أن خسارة هذه المؤسسات لمنتجاتها التعليمية بسبب تغيير منصة العرض كان دافعا إضافيا للبحث عن حل يمكنها من إعادة استخدام محتواها التعليمي السابق على منصة جديدة.
كل ذلك دفع المعنيين بالتعليم الإلكتروني إلى إصدار مبادئ توجيهية وتطوير معايير مشتركة لتكنولوجيا التعليم، لأجل الالتزام بها من القائمين على تطوير برمجيات التعليم الإلكتروني من أجل تطوير نظم تسمح بدعم منتجات تعليمية يمكنها أن تكون توافقية، وتُسهل الوصول إليها، وتمكن من إعادة استخدامها، ومن إمكانية تطويرها بأدوات متنوعة.
وفي عصرنا الحاضر، فان أغلب الصناعات لها معايير، وصناعة محتويات التعليم الإلكتروني وبرمجياته تحتاج معايير خاصة بها، وهي متوفرة الآن وإن كانت ما زالت لم تصل إلى مستوى معيار عالمي شامل من الأيزو (ISO)، رغم وجود معيار جديد من الأيزو، لكنه لا يشمل كل جوانب التعليم الإلكتروني.
ونلخص دوافع المنظمات العالمية في وضع مواصفات لتلك المكونات في توفير الجهد والوقت والمال في عملية تطوير هذه المكونات، والتي هي ركيزة المقررات الإلكترونية وفي تسهيل البحث عنها، وتبادلها، وتنقلها بين النظم المختلفة.
والواقع إن أغلب المعايير ترتكز على ما يسمى المكونات التعليمية، وهي الوحدات التعليمية الرقمية (Digital Learning Objects) إلي يمكن إعادة استخدامها في التعليم والتعلم، وتتكون من النص، والصوت، والصورة، والرسوم الثابتة والمتحركة، ولقطات الفيديو، ومقاطع الفلاش، والخرائط والأشكال، والمحاكاة التفاعلية، والاختبارات، وعادةٌ هي صغيرة ولكنها كثيرة، وغالبا ما يتم تقسيم المحتوى إلى هذه الأجزاء بناء على تحقيق هدف تربوي واحد لكل منها.
وهي تشكل اللبنات الأساسية لبناء المحتوى الإلكتروني وتصميم المقررات الإلكترونية، ومن خصائصها أنها قائمة بنفسها (أي مستقلة بحد ذاته)، ويمكن تخزينها في قواعد بيانات، وهي قابلة للفهرسة والبحث، ويسهل نقلها وإعادة استخدامها ما بين البرمجيات التعليمية المختلفة.

معايير أم مواصفات وتوجيهات:
يرى بعض الباحثين أن ما هو متعارف عليه بمعايير التعليم الإلكتروني لا ترقى إلى درجة معيار مصادق عليه من قبل منظمة المعايير العالمية الأيزو، وهي لا تزال بمثابة مواصفات، أو إرشادات، أو مقاييس، وذلك يعود إلى أن مجال التعليم الإلكتروني وما يشتمل عليه من نظام إدارة تعلم، والمحتوى التعليمي لا يزال في مرحلة نمو متسارعة أدت إلى إحداث تغييرات متلاحقة ومتسارعة في المجال، بينما المعايير ترتكز على الاستقرار، وهي درجة لم يصل إليها التعليم الإلكتروني إلى الآن. وذلك بالرغم من الجهود الحثيثة من قبل المنظمات واللجان والمؤسسات وأجهزة التطوير للمعايير في هذا الصدد، وبدءاً من مراحل مبكرة منذ 1988م على سبيل المثال جمعية أي. آي. سي. سي (AICC) وصولا إلى مبادرة التعليم الموزع المتطور ومعيارها سكورم (ADL SCORM)، والتي بدأت أعمالها في عام 1997م، والمتتبع لأعمال الرواد العالميين في معايير التعليم الإلكتروني جميعهم يؤكدون على عدم وصول ما يطلق عليه معايير في التعليم الإلكتروني مصادق عليها من قبل منظمة المعايير العالمية الأيزو، بل لا يزال المجال في طور النمو ولكن وجود المعايير في صيغتها الحالية والصادرة عن منظمات مهنية في مجال التعليم الإلكتروني يفضل التقيد بها من قبل مطوري خدمات التعليم الإلكتروني ومزوديه.
ورغم ذلك فقد نشرت منظمة المعايير العالمية الأيزو معياراً مصادقاً عليه تحت رقم (ISO/IEC 24751:2008) في مجال تكنولوجيا المعلومات بشأن التكيف الفردي، وسهولة الوصول في مجال التعليم الإلكتروني، والتعليم، والتدريب، وهو يتكون من ثلاثة أجزاء، وهو يقدم إطارا ونموذجاً مرجعياً، بالإضافة إلى مقياس “الوصول للجميع” بناءً على الاحتياجات والتفضيلات الشخصية، ووصف الموارد الرقمية.
إن هذا المعيار يهدف إلى تلبية احتياجات المتعلمين في سياق “العجز” نتيجة لعدم تطابق حاجات المتعلم أو تفضيلاته مع التعليم أو التعلم المعطى.
على سبيل المثال، فان الفرد الضرير لا يكون معوقاً عندما يقدم الدرس مع الصوت، في حين أن الفرد الذي ليس لديه المعرفة الأساسية اللازمة لفهم الدرس، أو الذين يستمعون إلى الدرس في بيئة صاخبة، يعتبرون معوقين وإن كانوا أصحاء.
وهذا المعيار يتكون من الأجزاء الآتية:
الأوليوفر إطارا مشتركا لوصف حاجات المتعلم وأفضلياته وتحديدها، مقابل وصف موارد التعلم الرقمية، حيث يمكن مطابقة تفضيلات المتعلم الفردية واحتياجاته مع أدوات ملائمة لواجهة الاستخدام، وكذلك مع الموارد التعليمية الرقمية.
الثاني: يقدم نموذجاً مشتركاً للمعلومات لوصف كيف يمكن للمستخدم الوصول إلى محتوى التعلم الإلكتروني المباشر – عبر الإنترنت – وإلى التطبيقات ذات الصلة، يشمل كيف يمكن أن تكون الاحتياجات والأفضليات ذات أولوية.
الثالث: ويوفر لغة مشتركة لوصف جوانب نظام الكمبيوتر (بما في ذلك نظم الشبكات) التي تكون ملائمة لاحتياجات المتعلمين وتفضيلاتهم في سهولة التصفح، كما يصف هذا الجزء أيضا سيناريوهات تطبيق المعلومات.
عموماً، لا نرى ضيراً في استخدام مصطلح معايير التعليم الإلكتروني لشهرتها.
أهداف تلك المعايير:
الغرض من تطوير معايير التعليم الإلكتروني لا يمكن فهمها دون فهم المشاكل التي يعاني منها المشتركون من الناس في التعليم الإلكتروني؛ إيجادا، وعرضاً، ووصولاً: فالدارسون لا يمكنهم بسهولة العثور على المقررات التي يحتاجونها، ومؤلفو المقررات يجدون صعوبة في الجمع بين المحتوى والأدوات من موردين مختلفين، ومديرو المقررات لا يمكنهم نقل المقررات وكل منها يحتوي مئات الملفات، من نظام إدارة تعليم إلى نظام آخر، والدارسون ذوو الإعاقة لا يمكنهم أخذ المقررات فهم يحتاجون لمقررات مصممة خصيصا لهم.
منظمات المعايير عالجت هذه المشاكل بطرق عديدة، فقد وضعت المعايير التي تعزز بناء التعليم الإلكتروني من الأجزاء التي يعاد استخدامها، والتي تساعد على الحد من الاعتماد على بائعين خاصين وعلى منتجات معينة.
ولكن، يجب أن يكون معلوما أن الامتثال للمعيار لا يضمن تحقيق الهدف المنشود من المعايير، فشهادة الأيزو لمصنع لا تضمن أنه لن ينتج باستمرار منتجات غير مفيدة مثلما أن درجات الطالب العالية في امتحان التوجيهي لن تضمن عدم إخفاقه في الجامعة.
ومن أهم أهداف تلك المعايير:
التوافقية: عدم الحاجة لتعديل المكونات التعليمية مع كل تغيير في برمجيات إدارة التعليم أو تغيير في نظام التشغيل.
إمكانية إعادة الاستخدام: حيث يمكن إعادة استخدام المكونات التعليمية المعدة مسبقاٌ، ضمن مجموعة كبيرة من أجهزة الحاسوب، والبرمجيات، ومنصات التعليم الإلكتروني، ونظم التشغيل المتنوعة.
إمكانية الوصول: حيث يمكن القيام بعمليات البحث، والفهرسة، والتعقب للمكونات التعليمية حسب الطلب.
الاستمرارية: إمكانية تطوير المكونات التعليمية، والتعديل عليها، واستخدامها بواسطة عدة أدوات تطوير مختلفة، دون الاضطرار إلى استخدام نفس النظم التي تم التطوير بواسطتها.
وفي القسم الآتي سنلقي الضوء على أول ثلاثة باعتبارها الأهم.
التوافقية: تقليل الاعتماد على منتجات فردية وبائعين بأعينهم:
عندما يتم شراء مقررات الإلكترونية أو أدوات، يجب النظر في استراتيجية “الخروج” أي كيف العمل في حال إغلاق البائع، أو في حال وجود منتجات أفضل في المستقبل؟ إن المعايير تَعِد بتسهيل الهجرة إلى أية أداة، أو مقرر، أو بائع أفضل، حيث أن مهمة المعايير المقدسة هي قابلية التشغيل أو التوافقية، أي التشغيل المتبادل بين أدوات التأليف، والمحتوى، ونظم الإدارة.
إن نظام إدارة التعلم يمكنه تجميع مقرر عن طريق دمج مجموعة عناصر منفصلة، والتي طورت من قبل منتجين مختلفين، باستخدام أدوات مختلفة. وعلاوة على ذلك، يمكن تغيير نظام إدارة التعلم بآخر ذي قدرات متشابهة، دون الحاجة إلى إعادة تطوير أو إعادة تجميع المقرر.
إن ميزه قابلية التشغيل هي سماحها باختيار أفضل المنتجين، والأدوات، والمحتوى، ونظم الإدارة وتبديل أي منهم دون الحاجة إلى إعادة عمل أي شيء أخر.
إمكانية إعادة الاستخدام:
أحد أهداف المعايير الواضحة هو التمكن من إعادة استخدام المحتوى، أي البناء من أجزاء يعاد استخدامها على جميع المستويات وليس فقط على كامل المقررات والكتب الإلكترونية، ولكن أيضا على الوحدات الأصغر.
إن مفهوم البناء من أجزاء يعاد استخدامها في التعليم الإلكتروني، تعمل ضمن هرمية؛ حيث يُجمع المنهج التعليمي من مقررات يمكن إعادة استخدامها، والتي يتم تجميعها من الدروس يمكن إعادة استخدامها، والمكونة من الصفحات يمكن إعادة استخدامها، والمتجمعة من المكونات التعليمية الممكن إعادة استخدامها (Reusable Learning Objects)، والتي سبق الإشارة إليها.
إن مؤلفي المقررات الإلكترونية يمكنهم إعادة استخدام هذه العناصر لأغراض مختلفة في مشاريع مختلفة، وهذا يعني أنهم لا يحتاجون لتطوير كل المحتوى لمشروع معين. ذلك أن العناصر يمكن إعادة استخدامها في عدة مشاريع حين الانتهاء منها وبالتالي فحتى وإن كانوا يطورون محتوىً أصلياً فإن التكاليف تكون أقل لأن هذا المحتوى يمكن إعادة استخدامه في مشاريع لاحقة.
إمكانية الوصول من قبل الجميع بغض النظر عن الإعاقة:
يقول مدير اتحاد شبكة الويب العالمية (W3C)، ومخترع شبكة الويب “إن قوة الإنترنت هو في عالميتها وفي إمكانية الوصول إليها من قبل الجميع بغض النظر عن الإعاقة”. لقد غيرت الويب كيفية عمل كثير من الناس، وتعلمهم، وسرعان ما أصبح الويب جزءا لا يتجزأ من مجتمعنا، وبالتالي لا بد من إمكانية الجميع الوصول للتعليم الإلكتروني بغض النظر عن أية إعاقة.
وعوائق الوصول، ليست مقتصرة على الأشخاص المعوقين، بل إن هناك “حالات إعاقة” حتى للأصحاء، ويمكننا تصور الإعاقات الآتية والتي تحد من قدرة الأفراد على الوصول لمحتوى التعليم الإلكتروني:
إعاقات جسدية دائمة مثل العمى، والصمم، والشلل… إلخ.
إعاقات جسدية مؤقتة مثل الحالات التي تعقب العمليات الجراحية.
إعاقات بيئية مثل الاستماع إلى محتوى تعليمي صوتي في بيئة صاخبة، أو محاولة قراءة محتوى أثناء القيادة.
إعاقات بسبب توقف الأدوات، فإذا توقفت الفارة عن الأداء، فيجب الاعتماد على لوحة المفاتيح في وضع يشبه حالة شخص أعمى أو مشلول.
إعاقات بسبب حالة الأدوات، ففي المساعدات الرقمية الشخصية (PDAs) والهواتف المحمولة فإن هناك صعوبة في الكتابة على لوحة مفاتيح صغيرة، أو قراءة النص من شاشات صغيرة.
إعاقات معرفية، ففي حالة من يعاني صعوبة في القراءة (الأمية مثلا)، أو الذين لا يعرفون لغة المحتوى مثل الأشخاص الذين لا يعرفون اللغة الإنجليزية.
إعاقات اقتصادية، فقد يستخدم الأشخاص حواسيب غير حديثة، أو برمجيات قديمة، أو يتصلون عبر إنترنت بطيئة، في حين أن موقع التعليم الإلكتروني يتطلب حواسيب حديثة، أو يحتاج تصفحه إلى برمجيات جديدة، أو يحتاج إلى إنترنت سريعة. فمثلا مع وجود أجهزة مودم بطيئة فقد يختار المستخدم عدم عرض الصور إذا كان هناك نص بديل عنها في المحتوى الإلكتروني.
إن نتائج غياب هذه الميزات البسيطة والفعالة هو انتهاك لحق الفرد في التعليم، ومن غير المقبول أخلاقيا حرمان الحالات السابقة، لمجرد أن مصممي التعليم الإلكتروني لا يرغبون بالالتزام بمعايير سهولة الوصول. وهذه لا يعني أن محتويات التعليم الإلكتروني ستتكون من نص فقط، بل أن كل ما يمكن تناوله على الويب يمكن أن يكون في متناول الجميع مع المحافظة على حيوية المحتوى وغناه بصرياً، إذا ما راعى المصممون الحالات السابقة والتزموا بمعايير تسهيل الوصول.
كما أن إمكانية الوصول وسهولته تتضمن إمكانية القيام بعمليات البحث، والفهرسة، والتعقب للمكونات التعليمية حسب الطلب.

معايير التعليم الإلكتروني والمؤسسات المطورة لها:
عمدت مؤسسات كثيرة في العالم لوقت طويل ــ قبل ظهور التعليم الإلكتروني ــ على إيجاد معايير ومواصفات للتعليم التقني، فكانت مؤسسة أريادن (ARIADNE) في أوروبا، ومؤسسات أي تربل ايه (IEEE)، و آي. سي. سي (ALCC)، و أي أم أس (IMS)، في الولايات المتحدة الأمريكية تعمل على تطوير مواصفات ومعايير لنواح متعددة ترتبط بتقنيات التعلم. كما وظهر عدد آخر من منظمات ومشاريع ساهمت في وضع معايير لبرمجيات التعليم الإلكتروني، وعملت أغلب برمجيات إدارة التعليم (LMSs) على دعم بعض هذه المعايير لا سيما المعيار سكورم. ومن أشهر المعايير في العالم الآتي:
مبادرة التعليم الموزع المتطور ومعيارها سكورم (ADL SCORM)، وهو أهم معايير التعليم الإلكتروني، والذي يتيح للمحاضر وضع محتويات تعليمية في حزمة، لتسهيل نقلها، واستيرادها، ومشاركتها، وإعادة استخدامها، وتصديرها إلى أي نظام تعلم آخر يدعم هذه المعايير، وسنفصل عنه لاحقاً.

دبلن كور (Dublin Core )، وضع من قبل مبادرة دبلن البيانات الوصفية الأساسية (Metadata)، والتي تتكون من مواصفات لخمسة عشر عنصرا  لوصف المواد الرقمية عبر الإنترنت، والعناصر منها العنوان، والمطور، والمادة، والتاريخ… إلخ، ويقوم على تنظيم منتدى مفتوح يسهل استرداد الموارد الإلكترونية.

أي. آي. سي. سي (AICC): وضع من قبل جمعية التدريب من خلال الحاسوب في صناعة الطيران، وهي من أقدم مطوري معايير التعليم الإلكتروني، فقد بدأت اللجنة أعمالها في التدريب المعتمد على الحاسب منذ عام 1988م، ثم طورت أعمالها لتشتمل على إرشادات التدريب المعتمد على الويب، وتم توسيعها لتشمل العديد من المجموعات الأخرى التي تنتج وتستخدم محتوى التعليم الإلكتروني. ولجعل المقررات قابلة للتبادل بموجب هذا المعيار، فإنه يتطلب عدداً من الملفات، معتمدا على مستوى التعقيد، وهذا يشمل ملف وصف المقرر، وملفات الوحدات، وملفات الوصف، وملفات هيكلية المقرر، وملفات المتطلبات السابقة، وملفات الاستكمال اللازمة، وملفات العلاقات الموضوعية. وعموما يشكو كثير من المطورين من أن هذا المعيار يصعب تنفيذه، وأنه لا يشجع على إعادة استخدام وحدات المستوى الأقل المحددة والجاهزة.

ال تي أس سي (LTSC)، من لجنة معايير تكنولوجيا التعليم في جمعية مهندسي الكهرباء والإلكترونيات المحدودة (IEEE)، وهي منظمة دولية تهتم بتطوير معايير وتوصيات فنية في مجالات عدة منها الحاسوب والاتصالات. ولقد وضعت اللجنة معايير تقنية، وأوصت بممارسات تقود إلى تكنولوجيا التعليم، وتحديدا هي تحاول تسهيل تطوير المحتويات وإعادة استخدامها.
أي أم أس (IMS): من الاتحاد العالمي للتعليم وهي جمعية دولية أمريكية والذي يجمع مجموعات البائعين والمنتجين والمنفذين والمستهلكين للتعليم الإلكتروني، وتتلخص مهمته في تطوير المواصفات الموجهة لتسهيل أنشطة التعلم على الويب وتعزيزها. ويمتاز نظام المحتوى في حزم المواصفات حسب هذا المعيار بالبساطة وصرامة القيود، فهو أسهل تنفيذا من الحزم التي تطبقه حزمة Microsoft’s LRN Toolkit
أريادن (ARIADNE): من مؤسسة مهنية غير ربحية تمثل تحالف شبكات تأليف التعلم عن بعد وتوزيعه في أوروبا، وقد أقرته المفوضية الأوروبية، وهو يتعلق بالمشاركة وإعادة استخدام المواد الرقمية التربوية، وهو بهذا يوفر البنية التحتية التكنولوجية التي تدعم فهرسة المكونات التعليمية وإدارتها وتخزينها.

ومن معايير تسهيل الوصول والولوج ما يأتي:
سيندا (SENDA) ، وهو يستهدف خدمة الطلاب ذوي الإعاقة، وقد وضعته “الجامعة المركزية لإنجلترا” في برمنغهام، وهو يمتلك خبرة واسعة في تقديم المشورة للطلاب ذوي الإعاقة، حيث يتم من خلاله دراسة احتياجات الطلاب واقتراح المساعدة والحلول لتلبية الاحتياجات الخاصة.
مبادرة تسهيل الوصول للويب “واي” (WAI)  : تم تصميمها في اتحاد شبكة الويب العالمية (W3C)، وهي معايير لتسهيل الوصول إلى الويب التي يجب على المصممين تطبيقها لتسهيل استخدام صفحات ويب، ليس فقط من المعوقين، بل وأيضا من جميع الأشخاص.
القسم 508  : وهو جزء من قانون حكومة الولايات المتحدة الأمريكية لإعادة التأهيل لعام 1973، ويطلب من الوكالات الاتحادية جعل تكنولوجيا المعلومات في متناول أولئك الذين أصبحوا معوقين، فهي تطلب من الوكالات النظر في الإعاقة والالتزام بمتطلبات القسم 508 لدى شراء التكنولوجيا أو بنائها.

المعيار العالمي سكورم:
وهو أهم معايير التعليم الإلكتروني، والتي أخذت في الانتشار خلال السنوات الماضية، والذي يتيح للمحاضر وضع محتويات تعليمية في حزمة لتسهيل نقلها، واستيرادها، ومشاركتها، وإعادة استخدامها، وتصديرها إلى أي نظام تعلم آخر يدعم هذه المعايير.

ولا تعد سكورم معياراً بحد ذاته، ولكنها تشكيلة من معايير متعددة في حزمة واحدة أُطلق عليها مصطلح “سكورم” (SCORM) ويعني النموذج المرجعي لمكونات المحتوى التشاركي، وهي ترجمة من اللغة الإنجليزية (Sharable Content Object Reference Model).

وقد نشرت مواصفاته من قبل مبادرة التعليم الموزع المتطور (Advanced Distributed Learning-ADL)، عام 1997 التي أنشأتها وزارة الدفاع الأمريكية، بهدف تزويد المتعلمين بتعليم ذي نوعية جيدة، وبمواد تدريبية يمكن توفيرها بسهولة بحيث تلائم حاجات المتعلم الفردية، على أن تكون متوفرة بأي وقت ومكان يريده، وقد أخذت المبادرة دور القيادة في تحويل المعايير المتباينة لبرامج المؤسسات التعليمية ووضعتها في نموذج عام صالح للاستخدام، وحاليا تتعاون كثيراً من المؤسسات المهتمة في مواصفات التعليم الإلكتروني في تطوير سكورم باستمرار، حيث طرح منه أكثر من نسخة.
ومن إصداراته نسخة سكورم رقم 1.2، ونسخة 1.3 التي صدرت عام 2004م. وسكورم يتضمن توصيفاً للتواصل بين المكون التعليمي المفرد، ونظام إدارة التعليم (LMS) مع العلم أن المكون التعليمي هي الوحدة الأساسية للتعليم والتي تحقق هدفا تربويا معينا، وبإمكانها أن تتواصل مع نظام إدارة التعليم بحيث تسهل معرفة نتائج المتدرب والمدة الزمنية التي قضاها، وكذلك تدرجه في استيعاب المادة التدريبية. وهذا المعيار يوصي بمجموعة من القواعد الواجب اتباعها عند تصميم المادة التدريبية وتطويرها حيث تكون من جهة منسجمة مع هذا النظام ومن جهة أخرى قائمة بذاتها.
وتتألف معايير سكورم من مواصفات وضعتها جمعيات أخرى وهي كما يأتي:

مبادرة التعليم الموزع المتطور (ADL).
أي. آي. سي. سي (AICC).
أل تي أس سي (LTSC).
أي أم أس (IMS).
أريادن (ARIADNE)
وقد ساهمت مبادرة التعليم الموزع المتطور (ADL)، في إشهار سكورم عن طريق التزويد بالوثائق، والأمثلة، والتطبيقات، لمساعدة مطوري التعليم والتدريب الإلكتروني من تطبيق وتبني هذه المعايير. ويشتمل سكورم على ثلاث مجموعات من المعايير والمقاييس أو العناصر الرئيسة، وهي:

نموذج تجميع المحتوى.
بيئة التشغيل.
التصفح والتتابع.
ومن الميزات الهامة لمعايير سكورم أنها تعتمد على تجزئة المحتوى الرقمي إلى مكوناته الأصلية وجعلها قابلة للتشارك من خلال التجميع والتكوين وفق متطلبات العملية التعليمية.
الخطوات التنفيذية لتحويل محتوى تعليمي إلى محتوى متوافق مع سكورم  :

1) تجزئة محتوى المادة إلى أهداف تعليمية صغيرة: يقسم المحتوى العلمي للمادة إلى أهداف تعليمية صغيرة تسمى المكونات التعليمية (Learning Object)، ويجب أن يكون المكون التعليمي ذا هدف تعليمي مميز لا يرتبط بمكونات تعليمية أو يتفرع إلى مكونات تعليمية أخرى.
2) تهيئة المحتوى بعد التجزئة: بعد تجزئة المادة العلمية إلى أجزاء صغيرة على شكل ملفات ويرد، يقوم فريق العمل بتحويلها إلى ملفات هتمل مستخدما برنامج تحرير ملفات هتمل مثل برنامج دريم ويفر، ويعطي كل جزء نفس الرقم الذي كان يحمله حينما كان على شكل ملف ويرد، ومن ثم يحفظ في مجلد هتمل الخاص بالمقرر.
3) تحزيم المحتوى: ويتم ذلك عن طريق إحدى برمجيات الحزم ومنها ريلود اديتور (Reload Editor) وهو برنامج يمتاز بالجودة والشهرة، والهدف من تحزيم المحتوى هو وضع جميع المصادر اللازمة لنشر المقرر داخل ملف مضغوط واحد. هذا الملف المضغوط لا يحتوي على ملفات المقرر، فقط بل على ملفات بلغة أكس أم أل (XML) تحتوي على كل ما يتعلق بالمادة كالفهرسة والترتيب لمحتويات المادة وغير ذلك.

4) تركيب حزمة المحتوى الخاصة بالمادة في نظام إدارة التعليم: يمكن تركيبها على أي نظام إدارة للتعليم يدعم سكورم، ومنها برنامج مودل أو سكورم. حيث يتم رفع الحزمة إلى النظام.

عن د مصطفى جودت

أستاذ تكنولوجيا التعليم المشارك بجامعة الملك سعود ، وجامعة حلوان مدير تطوير المحتوى الرقمي بجامعة الملك سعود
error: Content is protected !!
التخطي إلى شريط الأدوات