التعلم التكيّفي Adaptive Learning

 

د. طارق عبد المنعم حجازي

د. طارق عبد المنعم حجازي

أتاحت الثورة التكنولوجية لمتخصصي التعليم الفرصة لإنشاء بيئة تعليمية شبه متكاملة تواكب احتياجات كل طالب على حدة، من خلال نظام وطريقة تعليمية تُعرف بالتعليم التكيفي، فهو إحدى الطرق التعليمية الحديثة التي نشأت بهدف إيجاد بيئة تعليمية متميزة تواكب احتياجات كل طالب على حدة، بحيث يتم تحديدها بعد الخضوع والإجابة على مجموعة من الأسئلة والمهام يُحدد من خلالها مستواه في كل قسم من أقسام المعرفة وتُحدد جوانب الضعف والقوة لديه، ومن ثَمَّ يتم بناء بيئة تعليمية تواكب احتياجاته، وفى هذه البيئة لابد أن يكون النظام نفسه قادراً على تمثيل الدور الهام والمأمول من أجل  تكييف بيئة التعلم وفقاً لاختلاف أنماط التعلم عند المتعلمين .

التعلم التكيفي

ويمكن توضيح مفهوم التكيف من اتجاهين :

  • تكيف الطالب ويسمى (التكيف النوعي) .. وفيه يصبح الطالب قادراً على اختيار خطته التعليمية الفردية بالتشاور مع معلمه، أو أن يصبح قادراً على الاختيار بين البدائل داخل الصف، وهنا يكون الطالب المصدر الفعال والنشط في العملية التعليمية الخاصة به.
  • تكيف المعلم ويسمى (التكيف الكمي) .. وفيه يكون المعلم المصدر الأساس لجميع القرارات والمسئول الوحيد عن التكيّف الخاص بالمستويات والمحتويات والاستراتيجيات، الخ.

والتعلم التكيفي هو ابتكار يهدف إلى تغيير القواعد في التعليم، حيث إنه استخدم تاريخيًّا في التعليم العلاجي وبشكل أساسي في تخصصات مثل الرياضيات والهندسة وعلوم الحياة والعلوم الاجتماعية، من خلال استخدام متطور للغاية وأدوات تقنية متكاملة.

كما أنه وسيلة لاستخدام التقنية للمساعدة في حل المشاكل التي تواجهها المؤسسة التعليمية عند تقديم صيغ شخصية وعلاجية للتعليم، ويُعدُّ العلاج مهمًّا على نطاق واسع وخاصة بالنسبة للأعداد المتنوعة من الطلاب ذوي الاحتياجات التعليمية المختلفة، كما يُعدُّ حلاً مقنعاً للاختلافات المتعلقة بارتفاع التكاليف التعليمية، وللحاجة الملحة إلى إنتاج خبرات تعليمية أكثر إقناعاً وتأثيراً في الأجيال الجديدة “، حيث يقدم التعلم التكيفي وسائل غير متزامنة مع التعليم، بحيث تلغي الحاجة إلى الدورات العلاجية المقررة أو الدورات التدريبية الليلية.

حقيقة التعلم التكيفي

حقيقة التعلم التكيفي

الهدف من التعلم التكيّفي:

يكمن الهدف الأساسي للتعلم التكيّفي في التقليل من المقارنة الاجتماعية لطالب معين مع غيره من الطلاب، حيث يجب أن ينظر الطالب إلى الإيجابيات الخاصة به فقط وأن يقارن نفسه بتطوره الذاتي وأهدافه الفردية، وهذا ما يجعله يحافظ ويطور من ثقته بنفسه بالإضافة إلى خلق هوية تعليمية إيجابية خاصة به.

كما أنه الأكثر تطوراً في مجالات التدريب خاصة الدورات الى تتطلب تحسين الذاكرة، مثل دورات اللغة، حيث يزود التعلم التكيّفي المدربين بأفضل الطرق لرصد التقدم الذي يحرزه طلابهم وتحديد المهام التي تعالج احتياجات كل منهم.

خصائص التعلم التكيّفي:

يقوم التعلم التكيفي على ثلاث خصائص أساسية:

فلسفة التخصيص: حيث يدخل التعلم التكيفي الطلاب إلى بيئة التعلم والمهارات المختلفة من قدرات التعلم وعاداته، بالإضافة إلى مجموعة من المتغيرات السياقية التي تؤثر في تعلم الإتقان، إذ إن التخصيص كفلسفة للتعليم يهدف إلى تعزيز الخبرات التحويلية لكل طالب، وتتطلب الصعوبة في تحقيق هذا على نطاق واسع إلى التوسع في استخدام التكنولوجيا؛ لتمكين عملية التكيف السريع مع الاحتياجات التعليمية المختلفة، وهو ما تهدف فلسفة التعلم التكيفي لتحقيقه.

عملية الاستفادة من تعلم الطلاب: يُوجه التعلم التكيفي من قبل مدرب في لحظة التعليم، فضلاً عن النظم الإيكولوجية المعقدة من البيانات، التي تم جميعها طوال تجربة التعلم، وتساعد هذه العملية أيضاً المدربين في مراقبة أفكار المتعلمين وتصرفاتهم وكيفية تعاملهم مع المناهج الدراسية، وتمكن التكنولوجيا المستخدمة من تسهيل هذه الفلسفة ومعرفتها لكل طالب، والهدف من ذلك هو تسريع فلسفة التعليم واختصار الوقت وتحرير المدرب بحيث يكون بمثابة دليل للتعلم.

أداة التقنية لتطبيق الفلسفة وتنفيذ العملية: تقدم منصات التكنولوجيا التكيفية المحتوى المخصص في الوقت الحقيقي من خلال واجهة تفاعلية للمستخدم، وتُعدُّ التكنولوجيا المستخدمة لدعم هذه التجربة متكاملة بشكل جيد وقوية وذكية، وعادة ما تقدم لوحات تدريب تفاعلية تعقب تعلم الطلاب وتوفر خارطة طريق لتوجيه إتقان المحتوى، ويستفيد العديد من الأدوات التكيفية من أدوات تكنولوجيا اتصال أخرى، مثل الكتب المدرسية على شبكة المعلومات والمحاكاة ونماذج الألعاب والنشر الرقمي، ويتم دمج هذه الأدوات في منصة التعلم التكيفي بهدف توفير تجربة تعليمية رقمية سلسة.

لذا يعمل التعلم التكيفي على :

  • تخفيض معدلات التسرب الدراسي.
  • أكثر فاعلية من غيره في تحقيق النتائج.
  • أكثر كفاءة في مساعدة الطلاب على تحقيق نتائج أسرع.
  • تحرير أعضاء هيئة التدريس من تقديم المساعدة والإشراف المباشر والتوجيه، حيث يتيح لهم المساعدة وفق احتياجات الطلاب.

أبعاد التعلم التكيّفي:

  1. التعلم التكيّفي حق فردي للطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة.
  2. التعلم التكيّفي حق للطالب كفرد للاستفادة من عمليات تعليمية إيجابية.
  3. التعلم التكيّفي حقاً فردياً وفرصة تؤمن خلق مناخاً تعليمياً غنياً في المدارس بما يعطي فرصاً متساوية لجميع الطلاب.

معايير التعلم التكيّفي:

كي نبني مدرسة شاملة وقائمة على مبدأ التعلم التكيّفي، علينا النظر إلى ثلاث معايير:

  1. الأطر: الاقتصاد، المباني المدرسية، قدرات المعلمين، السلوكيات والقيم، المواد التعليمية والمنهاج.
  2. العمليات: الممارسات المشتركة في المدارس والصفوف، طرق تنظيم المحتوى، الاستقلالية، واجبات الطلاب، نشاطات الطلاب، مشاعر الطلاب وأهميتها.
  3. المشاعر: ما هي مشاعر الطلاب تجاه البيئة التعليمية والاجتماعية داخل مدرستهم ، توقعات الرفاق، التحفيز، الأمان، الثقة بالنفس والاحترام الذاتي.

عناصر أساسية لنظم التعلم التكيّفي :

نموذج المحتوى: يشير إلى الطريقة التي يتم فيها تنظيم موضوع محدد، أو مجال المحتوى مع مخرجات التعلم المفصلة بدقة مع تعريف المهام التي تحتاج إلى تعلمها، قد يتم تحديد مستوى التسلسل الأولي للمحتوى مسبقاً، على الرغم من أن فكرة التعلم التكييفي تكمن في التسلسل الذي يمكن أن يتغير بناء على أداء الطالب، أما النظام يجب أن يكون قادراً على تحديد المحتوى المناسب على أساس ما يعرفه الطالب والمستوى الذي وصل إليه.

نموذج المتعلم: من أجل التكيف، العديد من نظم التكيف تضع الاستدلالات الإحصائية حول معرفة الطلاب بناء على أدائهم، ويقوم نموذج المتعلم بالتقدير الكمي لمستوى قدرة الطالب في مواضيع مختلفة، أو التتبع بدقة لقاعدة المعارف الحالية لدى الطالب والموضوعات الفرعية التي أتقنها، وقد يضع استنتاجات حول أسلوب التعلم المعرفي للطالب، أو أي وقت في اليوم يمكن أن يكون الأنسب لدراسة الطالب، ولا تزال نماذج المتعلم في تطور مستمر لإضافة الحالة الوجدانية والاستجابة التحفيزية للطالب.

النموذج التَدْرِيسِيّ أو الارشادي: يحدد النموذج الإرشادي كيف يمكن للنظام أن يختار محتوى معين لطالب معين في وقت محدد؟ وبعبارة أخرى، فإنه يضع المعلومات من نموذج المتعلم والمحتوى كنموذج لحالة مثالية تقوم بتوليد ردود الفعل للتعلم أو النشاط الذي سيكون على الأرجح دافعاً لتقدم تعلم الطالب.

 

تطبيقات للتعلم التكيفي :

  • تصميم وتنفيذ لوسائل تعليمية للمعامل الخاصة بالتعليم الإلكتروني يمكن استخدامها في تعليم الرسوميات والصور المتحركة الخاصة بلغة النمذجة الخاصة بالواقع الإفتراضي والمسماة VRML.
  • أنظمة إدارة التعلم المتنقل، وهو نظم من خلاله يمكن للمعلم أن يدير كل عملية التعلم ويقود تقدم المتعلم، كما يتضمن صلاحية وظيفية لتكييف التعلم تبعاً لنمط التعلم . وهذا النظام يمثّل دور مزود أسلوب التعلم التكيفي للمتعلم في مراحل التعلم التالية عبر معالجة  خطوات التعلم وإعطاء التغذية الراجعة.
  • نظام شاطر التفاعلي، من أبرز الأنظمة التعليمية في المملكة العربية السعودية التي تستخدم التعليم التكيفي في عملها http://sha6er.com/ar/ ، تعتبر أنظمة التعلم الرقمية أنظمة تكيفية عندما تُحدث تغييرا حيويا لأفضل بدائل التعلم رداً على المعلومات التي تم جمعها خلال التعلم وليس على أساس المعلومات الموجودة مسبقاً مثل الجنس والعمر ودرجة الاختبار التحصيلي للمتعلم.

المراجع :

 

العبيدي، أزهار عزيز (2009). أدوات التعلم التنظيمي ودورها في تبني مهارات التسويق الابتكاري (دراسة استطلاعية لآراء عينة من مدراء الشركة العامة للإسمنت الجنوبية ) مجلة الغري للعلوم الاقتصادية والإدارية – كلية الإدارة والاقتصاد – جامعة الكوفة – العراق , ع 13.

ديوفينتشرس (2014). توسيع الاستثمار في التعلم التكيفي، الراصد الدولي – السعودية , ع44 .

تصميم وتطوير نظام إدارة التعلم المتنقل التكيفي وفقاً  لنمط  تعلم للطلاب،

https://docs.google.com/document/d/1_SphYf6RoHTwLWfgFZuaogcGj2xTn1n976xxDUA-WrM/edit?pli=1

حايك، هيام . التعليم المؤقلم يعلن نهاية مبدأ “مقاس واحد يناسب الجميع”: دراسة حالة ،

http://blog.naseej.com/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A4%D9%82%D9%84%D9%85

التعلّم التكيّفي… ثورة في المعرفة ، www.aljarida.com/categories/

Abdul Hamid M. Ragab (2011). Adaptive E-Learning:  “Web Based VR Lab Tool”, Symposium on University Education in the Era of Information Technology: Prospects and Challenges, Al-Madinah Al-Monawwrah, Taibah University, May 2011.

Mark S. Reed, Evan D.G. Fraser, Andrew J. Dougill (2006). An adaptive learning process for developing and applying, sustainability indicators with local communities, Ecological Economics 59, 406 – 418.

Martin Riedmiller (1994). Advanced supervised learning in multi-layer perceptrons -From backpropagation to adaptive learning algorithms, Computer Standards & Interfaces 16, 265- 278.

Paul Milgrom, John Roberts (1991). Adaptive and Sophisticated Learning in Normal Form Games*, Games And Economic Behavior 3, 82-100 .

 

 

عن د. طارق حجازي

أستاذ تكنولوجيا التعليم المساعد ، بعمادة التعليم الإلكتروني والتعلم عن بعد ، جامعة الملك سعود ، المملكة العربي السعودية .
error: Content is protected !!
التخطي إلى شريط الأدوات