التصميم الدافعي للتعليم عن بعد

د. مصطفى جودت صالح

بقلم : د. مصطفى جودت صالح

الاستشهاد المرجعي:
صالح، مصطفى (نوفمبر، 2020) التصميم الدافعي للتعليم عن بعد، بوابة تكنولوجيا التعليم ، استرجع – تايخ- منhttps://drgawdat.edutech-portal.net/?p=16108


التصميم الدافعي للتعليم عن بعد

عندما نفكر في كلمة “دافع” يتبادر إلى الذهن على الفور شيئان. أولاً ، عندما نكون صغارًا، تحفزنا العديد من الأشياء الخارجية ، والرغبة في فعل شيء ما ، وواقع العقاب من والدينا ، والتعزيز الإيجابي والسلبي لما نقوم به ، وما إلى ذلك. كل هذه الأشياء تساعد في تحفيز الأطفال ، وفي في بعض الحالات ، يكون له تأثير إيجابي ، وفي حالات أخرى ، لا يكون كذلك. كلما كان الدافع أكثر استباقية ، كلما كانت الاستجابة أكثر إيجابية لهذا الدافع ، وكلما كان الدافع أكثر رجعية ، كانت الاستجابة أكثر سلبية. الصورة الثانية التي تتبادر إلى الذهن هي رد فعل مكتسب لشيء ما. مثل بافلوف وكلابه ، التي كانت تسيل لعابها عندما قرع الجرس ، يمكن أن يكون الدافع في بعض الأحيان غير واعي.

ومع ذلك ، هناك الكثير من الأشياء التي تحرك الدافع لدى البشر ، وفي مجال التعلم ، هناك بعض الأجزاء المهمة في اللغز التي يجب تطويرها حتى يشعر المتعلمون بقيمة ما يتعلمونه وكيف سيكون ينفعهم. يجب النظر إلى مكافآت نجاحهم من مجموعة متنوعة من المصادر وإرضائها على مجموعة متنوعة من المستويات ، وبصفتنا مصممين تعليميين لبرامج التعلم الإلكتروني ، يجب ألا نفهم هذه العوامل فحسب ، بل يجب أن نكون ماهرين في استخدامها في الدورات التي نصممها

يعتبر التصميم الدافعي من أقدم مداخل التصميم التعليمي وأحد نقاط التقاء أغلب مدارس علم النفس التعليمي مع اختلاف تفسير الدافع (داخلي/ خارجي) وكيفية استثارته وطريقة التصميم المبني على الدافعية.

لقد طور الباحثون عددًا من النظريات لشرح الدافع. تميل كل نظرية منفردة إلى تفسير الدافع من زاوية محدودة. ومع ذلك ، من خلال النظر إلى الأفكار الرئيسية وراء كل نظرية ، يمكنك الحصول على فهم أفضل للدوافع ككل.

الدافع هو القوة التي تبدأ وتوجه وتحافظ على السلوكيات الموجهة نحو الهدف. هذا هو ما يدفعنا إلى اتخاذ إجراءات ، سواء لتناول وجبة خفيفة لتقليل الجوع أو التسجيل في الكلية للحصول على درجة علمية. يمكن أن تكون القوى الكامنة وراء الدافع بيولوجية أو اجتماعية أو عاطفية أو معرفية بطبيعتها.

نظريات الدوافع الغريزية Instinct Theory of Motivation

ويليام جيمس، رائد علم النفس في الولايات المتحدة وأول من أعد قائمة بالدوافع الغريزية عند البشر ظلت مرجعا لعدة عقود لعلماء النفس

هناك مجموعة من النظريات التي فسرت الدوافع في صورة المحافظة على بقاء الفرد ، واعتبرتها مشتركة بين الإنسان والحيوان الذي يسلك سلوكا معينا بدافع البقاء كالهجرة أو التزاوج أو اللعب ( بهدف اكتساب مهارات أساسية ) ، هذا التفسير تراجع منذ عشرينات القرن الماضي لصالح نظريات أخرى كانت أكثر تأثيرا وأسهل توظيفا في مواقف التعلم.

Pin on Work, leadership, development
لوحة الرواد
أداة شائعة في استراتيجية التلعيب أو اللوعبة Gamification

ومن النظريات التي اعتبرت من النظريات الغريزية ما سمي بنظرية التعلق أو الارتباط Attachment Theory وهي هنا تركز على غرائز اجتماعية كتعلق الطفل بوالدية والعلاقات الرومانسية بين الأزواج، كان عالم النفس البريطاني جون بولبيBowlby أول منظري التعلق ، واصفًا الارتباط بأنه “ارتباط نفسي دائم بين البشر”. وكان بولبي مهتمًا بفهم قلق الانفصال والضيق الذي يعاني منه الأطفال عند فصلهم عن مقدمي الرعاية الأساسيين.

اقترحت بعض النظريات السلوكية المبكرة أن التعلق كان مجرد سلوك مكتسب. اقترحت هذه النظريات أن التعلق كان مجرد نتيجة لعلاقة التغذية بين الطفل ومقدم الرعاية. لأن مقدم الرعاية يغذي الطفل ويوفر له الغذاء ، يصبح الطفل مرتبطًا به.

ورغم أن النظريات التي تربط الدوافع بالغرائز لم تعد متواجدة لكننا نجد أن البعض حاول تفسير نجاح استراتيجيات مثل الالعاب الجادة في التعليم في ضوء غريزة (اللعب) واستراتيجية التلعيب في ضوء غريزة ( التنافس ) و ( الحاجة للتقدير الذاتي) وسواء صح هذا التفسير أو لم يصح فإن هذه الاستراتيجيات وظفت بعض الدوافع الغريزية في تصميمها بشكل غير مباشر كاستخدام أداة ( لوحة الرواد LeaderBoard) ضمن استراتيجية التلعيب.

نظرية البواعث/ المثيرات الخارجية Incentive Theory :

تقترح نظرية المثيرات الخارجية ( البواعث) أن الدافع عبارة عن تكوين داخلي ينشأ لدى البشر بفعل مثير خارجي يسمى الباعث، قد يكون لديك الدافع للذهاب إلى العمل كل يوم للحصول على مكافأة مالية هي بمثابة الباعث لك. وتلعب مفاهيم التعلم السلوكي مثل الارتباط والتعزيز دورًا مهمًا في نظرية المثيرات الخارجية.

تشترك هذه النظرية في بعض أوجه التشابه مع المفهوم السلوكي للتكييف الفعالoperant conditioning. ففي التكييف الفعال ، يتم تعلم السلوكيات من خلال تكوين روابط ذات نتائج. والتعزيز يقوي السلوك بينما العقاب يضعفه. ورغم تشابه النظرية مع المفهوم السلوكي للتكيف الفعال، فهي تقترح بدلاً من – السلوك الناشئ عن التكيف – أن يتبع الناس عن قصد مسارات عمل معينة من أجل الحصول على مكافآت. كلما زادت المكافآت المتصورة ، زاد تحفيز الناس على متابعة العلم. وقد أستفاد التصميم التعليمي في الخمسينات والستينات من هذه النظرية في تصميم بعض أنواع التغذية الراجعة Feedback خاصة التي تأخذ شكل التعزيز Reinforcement.

يُنظر إلى سكينر على أنه والد التكييف الفعال ، ولكن عمله استند إلى قانون تأثير ثورندايك (1898). وفقًا لهذا المبدأ ، من المرجح أن يتكرر السلوك الذي يتبعه عواقب سارة ، ومن غير المرجح أن يتكرر السلوك الذي يتبعه عواقب غير سارة.

نظرية توجيه الدوافع drive theory of motivation :
هي من النظريات السلوكية قليلة التأثير على تصميم المواقف التعليمية ، تسمى كذلك بنظرية خفض الدوافع The drive reduction theory of motivation تعود إلى العالم كلارك هل Clark Hull وتقوم على فكرة الاستقرار أو الاتزان homeostasis ، فالدافع الحقيقي وراء سلوك الإنسان هو سعية إلى الحفاظ على حالة التوازن فهو يشرب عند شعوره بالعطش ويأكل عند شعوره بالجوع ويتعلم حياكة ملابسه عند شعوره بالبرد، وتأثرت هذه النظرية بشكل كبير بجهود إيفان بافلوف و إدوارد ثوروندايك و جون واتسون .

كلارك هل

رغم أن البعض اعتبر أن كلارك هل من ممثلي المدرسة السلوكية الحديثة إلى أنه اشترك مع معظم علماء السلوكية في تفسير السلوك في ضوء التكيف والتعزيز. ويزيد التعزيز عند هل من احتمال تكرار السلوك مرة أخرى عند ظهور الحافز ( عدم الاستقرار ) . وقد أثرت هذه النظرية على التصميم التعليمي فيما يتعلق بتكرار علاقة المثير – الاستجابة stimulus-response (S-R) relationship والاعتماد على الاستجابة الآلية عبر تكرار المواقف التي تستدعي نفس الاستجابات ، ونشأ عن هذه النظرية توظيف لاستراتيجيات مثل لعب الأدوار.

وقد حاول كلارك هل تفسير سلوك التعلم بشكل رياضي فيما سماه بالنظرية الرياضية الاستنتاجية للسلوك Mathematical Deductive Theory of Behavior والتي خرج منها بمعادلة حاول فيها تفسير احتمالية التعلم في ضوء تكرار السلوك، ورغم أن النظرية عمليا لم تعد مستخدمة وقد واجهت كثير من الانتقادات لكن جهود هل نشأ عنها ما عرف فيما بعد بهرم الحاجات hierarchy of needs لإبراهام ماسلو Abraham Maslow.

نظرية الدوافع الإنسانيةHumanistic Theory of Motivation
تعالج النظرية مستوى أعلى من الدوافع فهي لا تتكلم عن الغرائز ولا عن الاحتياجات الأساسية بل عن الدوافع ذات المحرك المعرفي، حيث تستند نظريات الدوافع الإنسانية على فكرة أن لدى الناس أسبابًا معرفية قوية لأداء أعمال مختلفة وليس مجرد غرائز. وقد تم توضيح ذلك بشكل مشهور في التسلسل الهرمي للاحتياجات لأبراهام ماسلو ، والذي يقدم دوافع مختلفة على مستويات مختلفة.
حيث يتم أولاً تحفيز الناس لتلبية الاحتياجات البيولوجية الأساسية للطعام والمأوى ، فضلاً عن احتياجات الأمان والحب والاحترام. بمجرد تلبية احتياجات المستوى الأدنى ، يصبح الدافع الأساسي ( المحرك )هو الحاجة إلى تحقيق الذات ، أو الرغبة في تحقيق الإمكانات الفردية للفرد.

هرم ماسلو للحاجات Maslow’s Hierarchy of Needs

قدم ماسلو لأول مرة مفهومه عن التسلسل الهرمي للاحتياجات في ورقته البحثية عام 1943 بعنوان “نظرية التحفيز البشري” ثم بعد ذلك في كتابه “الدافع والشخصية“. يشير هذا التسلسل الهرمي إلى أن الناس لديهم الدافع لتلبية الاحتياجات الأساسية قبل الانتقال إلى احتياجات أخرى أكثر تقدمًا.
وعلى عكس بعض المدارس الفكرية الموجودة في ذلك الوقت (مثل التحليل النفسي والسلوكية) التي كانت تميل إلى التركيز على الإشكالات السلوكية ( المشكلة أو عدم الاتزان هو المحرك للسلوك) ، كان ماسلو أكثر اهتمامًا بمعرفة ما يجعل الناس سعداء والأشياء التي يفعلونها لتحقيق هذا الهدف.
وضع ماسلو في قاعدة هرمه الاحتياجات الأساسية التي تمثل الغرائز أو الحاجات الفطرية التي يجب إشباعها أولا لينقل الإنسان إلى محاولة اشباع الحاجات الإنسانية التي تحقق له التميز والأفضلية.
وجهت عدة انتقادات لهرم ماسلو أهمها أن الحاجات لا تأتي دائما بهذا الترتيب ، وأن الإنسان قد يضحي ببعض الاحتياجات الأساسية أو الفسيلوجية رغبة في تحقيق مستوى أعلى، فقد افتراض النظريّة للترتيب في تحقيق الحاجات والتدرّج فيها، على عكس ما يحدث في كثيرٍ من الأحيان، حيث نرى الكثير من الأشخاص يعملون أولاً على تحقيق الذات والمكانة الاجتماعيّة المرموقة والمستوى الرفيع، ثم يعملون على تحقيق الحاجات الأخرى من إنشاء أسرة وبناء العلاقات الاجتماعيّة المختلفة كالحاجة للنجاح وتحقيق الذات، كمن يترك الطعام من أجل المذاكرة في الامتحان ومن تؤجل الزواج حتى تكمل دراستها العليا، فضلا على أن الهرم أهمل الجوانب الروحية والعقدية وركز فقط على الحاجات المحسوسة رغم أهمية هذه الجوانب بل قد تكون أكثر تأثيرا على الإنسان من غيرها.
كذلك عجزت النظرية عن فتسير إصرار البعض على الحصول على مزيد من الإشباع لحاجاتٍ معيّنة على عكس ما تفرضه هذه النظريّة من انتقال الشخص لإشباع حاجاتٍ أخرى عند تحقيقه للحاجات الأدنى.

وبشكل عام أثر هذا الهرم على تصميم التعليم حيث أبرز أهمية ربط التعلم بالحاجات والارتقاء في سلم الحاجات كلما زاد مستوى النضح والوعي ، وأهمية بيان دور موضوع التعلم في تحقيق حاجات المتعلم ( إبراز ما سيحققه من خلال تعلمه ) وربط ذلك بحاجاته المختلفة واعتبار الحاجات الاجتماعية والنفسية والحاجة لتقدير الذات من الحاجات الواجب مراعاتها وإبرازها في أي عمل تعليمي. فوفقا لنظرية ماسلو فإنه يجب أن تخبر الطالب بما سيجنيه من وراء تعلمه لمهارة ما بشكل يرتبط بحاجاته المختلفة لأن عدم قدرة المتعلم على ربط ما يتعلمه باحتياجاته غالبا ما يؤدي إلى عدم تحقيق السلوك المتوقع. كما أن التعلم أو المعرفة في حد ذاتها حاجة متدرجة قد تستخدم لتحقيق الحاجات الفسيلوجية أو الاجتماعية وتمتد إلى أعلى مستويات هرم الحاجات.

كيف توظف هرم ماسلو في التصميم التعليمي للتعليم الإلكتروني ؟

يرى البعض أن هرم موسلو قدم لمصممي التعليم الإلكتروني القاعدة النظرية التي بنوا عليها تصنيف جاهزية الطلاب للتعلم الإلكتروني بناءا على مدى إشباعهم لحاجاتهم الأساسية وانتقالهم لحاجات تتناسب مع فكرة التعليم الإلكتروني. على جانب آخر يهتم المصمم التعليمي عند بناء أنشطة التعلم أن يتيح للطالب المرونة في الوقت والمكان بما لا يتعارض مع إشباعه لحاجاته الأساسية كالحاجة للنوم والطعام مثلا.
ويحرص المصمم الجيد على تأكيد شعور المتعلم بالأمان أثناء استخدامه لبيئة التعلم وموارده والمتمثل بتفعيل الدعم والتوجيه واستخدام الرموز والأصوات البيئية قدر الإمكان ، وضمان حفظ وسلامة معلوماته الشخصية بحيث لا يشعر بالخطر أثناء التفعل مما يجعله يحجم عن أداء بعض المهام.
كما يجب أن تتضمن الأنشطة المصممة أنشطة اجتماعية/ جماعية يستطيع المتعلم إشباع حاجته الاجتماعية للاتصال والتفاعل الاجتماعي، فيجب على المصمم إتاحة مشاريع تعاونية جماعية حيث يجب على المتعلمين العمل معًا لإكمال مهمة عبر الإنترنت ، مثل تطوير مدونة أو عرض تقديمي، وتشجيعهم على مناقشة الموضوعات الرئيسية مع أقرانهم على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي والمنتديات عبر الإنترنت. كما يجب منح المتعلم الفرص والوسائل المناسبة للتواصل ( متزامن / غير متزامن) سواء بشكل ثنائي أو جماعي لتجنب الشعور بالعزلة الذي قد يؤثر سلبا على سير الطلاب في المقررات الإلكترونية خاصة ذات المدى الزمني الطويل نسبيا.
وفي إطار الحاجة إلى التقدير ، يجب أن يشعر المتعلمون بالثقة والقدرة من أجل تلبية احتياجاتهم التقديرية. واحدة من أكثر الطرق فعالية لتحقيق ذلك هي تطوير ذكائهم العاطفي. هذا يزيد من الوعي الذاتي ويسمح لهم بصقل مهاراتهم من خلال التوافق مع مشاعرهم والشعور كما لو أنهم يتحكمون في تجربة التعلم الإلكتروني. التمكين هو المفتاح هنا. اسمح لهم باختيار التمرين عبر الإنترنت الذي يكملونه ومتى ، وامنحهم الثناء عندما يكملون مهمة بنجاح، فلو كنت تستخدم استراتيجية مثل التلعيب مثلا فيمكنك استخدام الملصقات أو البادجات المتميزة لتمييز الطلاب ذوي الأداء المتفوق واحذر أن تفعل العكس.
ورغم أن الحاجة إلى تحقيق الذات ليست من الحاجات التي يسهل تضمينها في المقرر الإلكتروني لكن بشكل عام لمساعدة المتعلمين على تحقيق الذات، يجب أن نشجعهم على تحديد أهداف واقعية لأنفسهم ومساعدتهم على تقييمها. ويمكنك أن تقدم لهم أنشطة عبر الإنترنت تحفزهم على التفكير العلمي وتنمي قدرتهم على تقييم أفكارهم ومعتقداتهم، فضلا عن اقتراح الأدوات والمصادر التي من شأنها تنمية شعور المتعلم بتحقيق الذات.
ضع في اعتبارك أن تحقيق الذات هو حالة مائعةfluid state. عندما يحقق المتعلمون أهدافهم ، فسوف يسعون حتمًا إلى إنشاء ومتابعة مساعي جديدة. ومع ذلك ، من المهم التأكيد على حقيقة أنه يجب عليهم الاستمتاع بنجاحاتهم قبل الشروع في المغامرة التعليمية التالية.

الدافع الداخلي و برامج التعليم الإلكتروني Intrinsic Motivation and e-Learning :
عرف كل من كوون و ميتيرر Coon and Mitterer (2010) الدافع الداخلي باعتباره يحدث عندما نتصرف بدون أي مكافآت خارجية واضحة. نحن ببساطة نستمتع بنشاط ما أو نراه على أنه فرصة لاستكشاف إمكاناتنا وتعلمها وتحقيقها. قد يكون الدافع وراء الالتحاق ببرامج تدريبي إلكتروني هو الحاجة إلى تحقيق الذات أو لتعزيز احترام الذاتهم أو مجرد فضول نحو تعلم الجديد.

إذا الدافع الداخلي هو الذي يدور حول مكافآت داخلية وليست خارجية ، فبدلاً من المشاركة في دورة تدريبية أو مقرر إلكتروني مفتوح عبر الإنترنت لكسب مكافأة مالية أو ترقية، يسعى الذين لديهم دوافع داخلية إلى المشاركة النشطة في تجربة التعليم عبر الإنترنت لدوافع داخلية مرتبطة برغبتهم في تعلم الجديد أو تحسين قدراتهم.

يجب على مصمم المحتوى التعليمي أن يجعل من هذا المحتوى “تجربة ممتعة” حتى يضمن عدم انصراف المتعلمين عنه، وهذا بالضبط ما يحاول تحقيقه مقدموا خدمات التدريب الإلكتروني والمقررات المفتوحة واسعة الالتحاق MOOCs والتي تعاني من نسب تسرب يزيد عن 70% أي أن 30 % تقريبا هم من يكملون تلك المقررات بسبب دوافع داخلية في الغالب.
إذا كيف تحفز هذا النوع من الدوافع ؟
الواقع أنه يمكنك زيادة جاذبية محتواك التعليمي / التدريبي المتاح عبر الإنترنت بعدة صور أولها استخدام أجزاء تشويقية من المحتوى كمقدمة تعمل كمنظم تمهيدي له بحيث يتعرف المتقدم على ما سيتعلمه ويأخذ فكرة عن طبيعة عرض المحتوى والانشطة التي سيمر بها وطبعا الأهداف والمخرجات الواجب عليه تحقيقها.
بالإضافة إلى ذلك تميل عديد من منصات التعليم أن تتيح جلسة وربما أكثر من الدورة أو المقرر الإلكتروني مفتوح دون تسجيل حيث يجربها المتقدم قبل أن يسجل أو يقدم طلب التحاق بها فمن يجد في نفسه الرغبة فعليه التسجيل واستكمال الدراسة.
يمكن أيضا أن تتضمن المقدمة على قصص نجاح لدارسين أتموا دراسة المقرر واستفادوا منه في حياتهم العملية أو الاجتماعية. بالإضافة إلى ذلك هناك ما نسمية بالتصميم الدافعي وهو تصميم قائم على توظيف الدوافع الداخلية والخارجية في تحقيق أهداف التعلم وهو ما يجب أن يحرض عليه المصمم التعليمي الناجح .

نموذج ARCS للتصميم الدافعي للتعليم :

في عام 1984 ، نشر جون كيلر John Keller نموذجه لتصميم التعلم المسمى نموذج ARCS للتصميم الدافعي. افترض جون كيلر أن هناك أربعة عوامل حاسمة تُترجم على أنها دوافع للتعلم هي؛ الانتباه Attention، والصلة Relevance، والثقة Confidence، والرضا Satisfaction.

  1. الانتباه Attention: يمكن الحصول على الانتباه بإثارة إدراك المتعلمين من خلال عرض رواية رقمية أو أحداث مفاجئة أو غير منطقية، أو غير مؤكدة، وكذلك من خلال استثارة فضول المتعلمين عبر طرح مجموعة من الأسئلة أو المشكلات الصعبة المراد حلها، وحدد (كيلر) ست طرق طرق لاستثارة انتباه المتعلمين وهي:
  • المشاركة النشطة: وتعني ضرورة تصميم محتوى تعليمي تفاعلي يجعل المتعلم إيجابياّ وليس مجرد متلق سلبي.
  • التنوع: يقصد به تنوع عرض المحتوى واستخدام الوسائل المتعددة لكن دون مبالغة.
  • الفكاهة: لا مانع وجود بعض الأشكال الفكاهية في المقرر الإلكتروني مع ضرورة التوظيف السليم لها كاستخدامها في التغذية الراجعة دون السخرية من المتعلم.
  • التنافر والصراع: عرض معلومات تتعارض مع خبرات المتعلم في الماضي لإحداث صراع في عقله يؤدي إلى الانتباه والتركيز في المعلومات المقدمة بالتعليم الإلكتروني، كأن نبدأ مقدمة الجلسة بقولنا ؛ عزيزي الطالب هل تعلم بأن …… ونعطيه معلومة تخالف ما ألفه أو توقعه.
  • الخبرات الواقعية: عرض أمثلة حقيقية هادفة لأجزاء من المحتوى العلمي الذي يحتاج المتعلم لفهمها التعرض لبعض الأمثلة التوضيحية المتعمقة فيه وذلك عبر مجموعة من المثيرات البصرية أو القصص والروايات الرقمية، و كلما شارك وتفاعل المتعلم مع هذه الأمثلة كلما زادت دافعيته نحو التعلم.
  • الاستفسار: طرح أسئلة أو مشكلات للمتعلمين يعملوا على حلها، كطرح تكليفات وأنشطة تفاعلية تحتاج إلى عصف ذهني لحلها.

ويخطئ كثير من مصممي التعليم في اعتمادهم على الإثارة الحسية بإضافة رسوم متحركة أو تأثيرات الوسائط المتعددة لإثناء انتباه المتعلمين كأسلوب وحيد والذي قد تكون له آثاره السلبية الملحوظة.

2. الصلة Relevance : كلما كان موضوع التعلم وثيق الصلة بحياته واحتياجاته كلما زادت دافعية التعلم ، وحدد كيلر مجموعة من الاستراتيجيات التي تربط المتعلم بموضوع التعلم ومنها:

  • الخبرة: ربط موضع التعلم بخبرات المتعلم الحالية؛ يقتضي ذلك أن يكون لدى المصمم التعليمي رؤية واضحة عن خبرات المتعلمين الحالية ويمكنه أن يستخدم مقدمة كل جلسة لربط خبرات الطلاب بما سيقدم خلال الجلسة.
  • القيمة الحالية: ابلاغ المتعلم ماذا سيصبح قادرًا عليه بعد دراسته لموضوع التعلم مباشرة، ولهذا يجب على المصمم التعليمية صياغة أهداف كل درس / جلسة في صورة مخرجات واضحة يمكن قياسها.
  • الفائدة المستقبلية: إبلاغ المتعلم بالفائدة المستقبلية لما يتعلمه حاليا ويكون هذا في أغلب الأحيان في مقدمة المقرر ككل وفي الجلسة الختامية للمقرر كذلك.
  • مطابقة الاحتياجات: ضرورة مطابقة موضوعات التعلم مع احتياجات المتعلم الفعلية، ويتطلب ذلك دراسة المصمم التعليمي لاحتياجات المتعلمين وأن يحاول إبراز الصلة بين أجزاء المقرر واحتياجاتهم.
  • النمذجة: توفير نماذج حية (فيديو) أو رسوم متحركة لكيفية أداء المهارات المطلوب ويستخدم هذا بكثرة في المهارات المركبة والمهارات الحياتية.
  • الاختيار: وهو مرادف لتحكم المتعلم في مسارات تعلمه واختياره للاستراتيجيات الأنسب من بين عدة بدائل مطروحة.

3. الثقة Confidence: المعلم الناجح هو من يستطيع أن يكسب ثقة المتعلم فيما يدرسه، ولعل أفضل طريقة لتحقيق ذلك هو أن يثق المتعلم أن ما يتعلمه سيحقق أهدافه من التعلم ( مثيراته الداخلية أو الخارجية ) ، ولتحقيق ذلك يرى كيلر أنه يمكن مراعاة عوامل عدة منها :

  • إشعار المتعلم بأن ما يتعلمه سيحقق له أهدافه من وراء التعلم ، فلو كان المتعلم يتعلم دورة في اللغة الإنجليزية بهدف التقدم للدراسات العليا فلابد من أن ينصب الهيكل الأساسي للدورة والأمثلة المطروحة على هذا الهدف وعوامل النجاح والوصول إليه بشكل واضح وهذا يقودنا إلى التركيز على الدورات / المقررات المتخصصة.
  • ضمان التعلم / ضمان نجاح المتعلم، ويقصد به أن يزود المتعلم بأدوات التقييم الذاتي ومعايير التقييم التي تسمح للمتعلم بالحكم على تعلمه وبالتالي الحكم على تحقيق هدفه من خلال المقرر.
  • دعم نجاح المتعلم، تعتبر نظم دعم الطلاب من المكونات المتعارف عليها في مقررات التعليم عن بعد، وتأتي فكرة الدعم في تذليل العقبات التي تقف أمام الطالب في تحقيق أهدافه من التعلم، فقد وجدت عدة دراسات أن أغلب أسباب انسحاب الطلاب من برامج التعليم عن بعد تأتي لأسباب غير موضوعية كمشكلات التعامل مع النظام أو عدم مرونته أو عدم قدرة الطالب على التكيف والاستجابة لمتطلبات التعليم عن بعد وهذا ما يجب على المعلم أن يراعيه في دعمه لتعلم طلابه كما يجب أن يزود المقرر بأدوات من شأنها إعطاء مؤشرات مبكرة للمعلم عن وجود مشكلة عن طالب ما ليتدخل بحلها، فلا يجب إهمال التقويم الذاتي ومراجعة استجابات الطلاب، وكقاعدة عامة مهما توافرت أنظمة دعم آلية في بيئات التعلم الإلكترونية فلا غنى عن جلسات الدعم البشري بين المعلم وطلابه مما يوجب إتاحة أدوات التواصل المناسبة تزامنية كانت أم غير تزامنية.
  • تحقيق نمو المتعلم ، المصمم التعليمي الجيد هو من يقسم محتواه إلى عناصر تعلم يحدد دور كل منها في تنمية جانب من جوانب شخصية الطالب وتجنب أي حشو لا يحقق نموا ملموسا للمتعلمين. وبشكل عام لتحقيق النمو قدم بالتعاون مع مؤلف المحتوى عناصر موجزة ومختصرة ورمتبطة بأدوات تقويم ، كما يجب عليك تقويم محتواك وليس مجرد طلابك بحيث تحدد في نهاية البرنامج أي العناصر تحتاج إلى تحديث أو استبدال لأنها لم تحقق النمو المطلوب عند الطلاب.
  • التغذية الراجعة FeedBack موضوع شائك وصعب على عديد من المصممين التعليمين فالفكرةالمترسخة أن التغذية الراجعة تكون كرد فعل لاستجابة المتعلم نحو تقويم أو اختبار ما، لكن التغذية الراجعة بمعناها الشامل وبما يتفق مع مدارس علم النفس المختلفة تتخطى الرؤية السلوكية فهي تعطى تصحيحة أو جاعمة ليس فقط كرد فعل لاستجابات الطلاب ولكن لأدائهم في مهامهم المختلفة ( كالواجبات والأنشطة الفردية والجماعية ) فعلى المعلم أني قدم تغذية بشرية تبنى على تحقليل دقيق لاستجابات المتعلمين ومعرفة جوانب الخطأ فيها وتصحيحها أو توجيه الطالب لتحقيق مزيد من التفوق، وبشكل عام فإن الأنظمة التي تعتمد على التغذية الراجعة الآلية أو لا تقدم تغذية راجعة للطلاب يؤدي في كثير من الاحيان إلى فقد الطالب لشغه بالدراسة.
  • التحكم ، ويقصد به تحكم المتعلم في مساراته وخياراته في البرنامج وهو مرتبط بعامل حرية الاختيار الذي سبق وذكرناه فيما يرتبط بالصلة Relevance ، وهنا يمكن القول أنه لكما زاد تحكم الطالب في تعلمه كلما زاد مستوى ثقته فيما يتعلمه.

4. الرضا Satisfaction: يجب أن يكون ما يتعلمه الطالب مرضيا بالنسبة له ليس فقط على مستوى المحتوى التعليمي بل طرق التقديم وأساليب التدريس وبيئة التعلم بشكل عام ولتحقيق ذلك حدد كيلر عدة نقاط من بينها:

  • شعور المتعلم بالإنجاز ، ويمكن للمصمم التعليمي عندما يتكون محتوى جلسة ما من عدة شرائح أن يتم تمييز ما أنجزة المتعلم منها عن الأجزاء التي لم تنتهي بعد، ويكون ذلك بعلامات لونية أو إشارة صح أمام رقم الشريحة أو على الأقل كتابة الشرائح المنجزة بالنسبة لإجمالي الشرائح ، نفس الشيء ينطبق على الأنشطة والمهام حيث يجب أن يعرف الطالب ما أنجزه وما تبقى له لينجزه. ولتزيد شعور المتعلم بالإنجاز قسم محتواك إلى عناصر غيرة بما يسمى بعناصر التعلم LOs ولا تبني محتواك كمديول واحد بل إجعل لكل عنصر مهمته وتقييمه الخاص بحيث يشعر الطالب بأنه أنجز جزء من المقرر، كما يجب تنظيم العناصر من السهل إلى الصحب ومن المألوف إلى الأقل ألفه بحيث نبدأ بمستوى دافعية مرتفع عند المتعلم ونزيد هذا المستوى مع التحدي وشعور الطالب بأنه حقق إنجازا في المقرر.
  • التعزيز ، وهنا وظيفته ليست كالرجع فالهدف ليس تصحيح استجابات ولكن كلما أنجز أو تقدم المطالب في الدراسة يجب أن يقدم له تعزيز مادي أو معنوي قد يتدرج برسالة بسيطة إلى استخدام بادجات أو نجوم ووصولا إلى لوحة الشرف.
  • توظيف المعارف المكتسبة، المصمم التعليمي الماهر هو من يضع أنشطة ومهام تعلم ينتج منها أكتساب معارف وخبرات جديدة للمتعلم هذه المعارف كي لا يتم إنطفائها فإنه لابد من استخدامها وتوظيفها في أجزاء قادمة من المقرر، ويجب أن يكون للمتعلم حرية اختيار استخدام مزيدا من مصادر التعلم والمهام الإضافية التي من شأنها إكسابه معارف إضافية قد يحتاجها لاحقا.
  • تقييم المخرجات ، هو أحد الوسائل الهامة لزيادة رضا المتعلم وبالتالي دافعيته نحو التعلم، ويقصد بالتقييم هنا أن يزود الطالب بمقدار ما حققه من مخرجات المقرر ككل ومخرجات الفصل أو الجزء الذي يدرسه حاليا وهو هنا ليس مجرد تغذية راجعة لاستجابته ولا تعزيز بل هو بالإضافة إلى ذلك نوع من الدعم يوضح للمتعلم ما ينقصه وكيف يمكنه تحقيقه من خلال اقتراح أنشطة يمكنه من خلالها إكمال مافاته أو تحقيق ما لم يحققه من مخرجات التعلم .

التصميم الدافعي للتعليم عن بعد :
يعتبر التصميم الدافعي مدرسة في التصميم تستفيد من عدد من النظريات والنماذج التي فسرت الدوافع ووضعت مبادئ لاستخدامها في التعليم وعلى رأسها نموذج ARCS ، وهو بشكل عام تصميم يقوم على أثارة دوافع المتعلم وتوظيفها لتحفيز الطلاب نحو تحقيق أهداف التعلم ولهذا النوع من التصميم عدة مبادئ أو سمات يجب أن يراعيها المصمم التعليمي في تصميمه منها :

  1. تحدى طلابك وأثر اهتمامهم : كلما كان مقررك الإلكتروني عبر الإنترنت أكثر إثارة للاهتمام ، زاد الدافع الداخلي لديهم، ببساطة ، يجب أن يخرجنا التصميم من منطقة الراحة الخاصة بنا إلى منطقة التحدي/ الخوف ، وبالتالي تحفزنا على متابعتها بشكل مكثف. هناك خط رفيع بين الأنشطة التي تجعل الطلاب يشعرون بالهزيمة وتلك التي تتحداهم بما يكفي لإثارة دوافعهم الذاتية. إن دمج الأنشطة التي تعد خطوة أعلى من مستوى المهارة الحالي للطلاب يشعرهم بإنجازهم. من ناحية أخرى ، إذا فشلوا في إكمال المهمة بنجاح ، فيمكنهم التعلم من أخطائهم. يوفر هذا أيضًا مصدرًا آخر للتحفيز ، وهو أن يثبتوا لأنفسهم قدرتهم على التغلب على التحدي. ومع ذلك ، من المهم إجراء تحيل مسبق للمستوى المعرفي والمهاري للطلاب أو ما يطلق عليه أحيانا ( السلوك المدخلي) ، بحيث يمكنك إنشاء أنشطة صعبة ، ولكنها ليست صعبة للغاية بحيث لا يتركوا البرنامج فكلما إزداد التحدي عن قدرة الطالب كلما زاد احتمال انسحابه وعدم إكماله للمقرر.

منطقة الراحة comfort zone هي حالة نفسية تشعر فيها الأشياء بأنها مألوفة للشخص ويكون مرتاحًا ويتحكم في بيئته ، ويعاني من مستويات منخفضة من القلق والتوتر. في هذه المنطقة ، يمكن تحقيق مستوى ثابت من الأداء

2. استخدم عناصر الوسائل المتعددة في إثارة فضول طلابك: يعتبر الفضول المعرفي هو أحد أنواع الدوافع الداخلية التي توظف في التعليم كما سبق وأن أشرنا، وقد قسم العلماء الفضول بشكل عام إلى فضول حسي ومعرفي sensory and cognitive. وقد وجد أن استخدام بعض التقنيات من شأنها إثارة الفضول الحسي عند الطلاب كاستخدام العروض التعليمية التفاعلي interactive presentations ، والألغاز والألعاب التعليمية التفاعلية ، كذلك يمكن إثارة الفضول المعرفي عند الطلاب باستخدام القصص التفاعلية و أسلوب السيناريوهات ذات النهايات المفتوحة، وتقنيات مثل العامل الافتراضية والمحاكاة والتي تدفع الطلاب للتجريب لمعرفة النتيجة. وعلى المصمم الناجح وضع الطالب أمام التحدث وإعطاؤه فرصة للتجريب دون إخباره عن النتائج بل تركه يستكشفها بنفسه.
ويعتبر البعض أن استخدام الوسائل الفائقة Hypermedia في التعليم بما تحويه من تفرعات لفيديوهات وصور ومصادر تعلم متعددة من شأنه إثارة فضول الطالب المعرفي، كذلك أستخدام الصور المجزأة وتقنية حجب إجزاء من الصورة والتفاعل معها من شأنه إثارة الفضول الحسي للطالب.

لا تضع المحتوى جاهز أمام الطالب بل إجعله يتفاعل ليحصل عليه

استخدم تنظيمات الوسائل التفعلية والفائقة Hypermedia في ربط مصادر التعلم بشكل يحث الطالب على التفاعل وزيد من فضوله المعرفي. كالبدء بسؤال ثم المرور بعدة مصادر تعلم ثم الدخول في نشاط عصف ذهني لمناقشة الحلول المحتملة ثم الوصول لسيناريوهات محتملة للإجابة على هذا السؤال

كتاب إلكتروني تفاعلي يدمج بين الشرح والأنشطة التفاعلية والتفرع لعناصر الوسائل المتعددة التي تحتوي مصادر تعلم إضافية ومحاكاة وعناصر تفاعلية

3. شجع طلابك على الانخراط في أنشطة تعاونية وأخرى تنافسية : قد يكون انخراط الطلاب في أنشطة تعاونية وشعورهم بمعاونة الزملاء محفزا للدوافع الداخلية ومشجعا لهم لإكمال مهام التعلم، كذلك الشعور بالمنافسة والرغبة في التفوق قد يحفز بعض الطلاب على بذل مزيدا من الجهد في التعلم، يمكن للمعلم المحترف إدارة موقف تنافسي عبر مسابقات صفية في بيئة الفصول الافتراضية ، أو العاب تنافسية إلكترونية عبر الفصول الافتراضية ذلك ، كما يمكنه تقديم مسابقة عبر المنتدى الملحق بنظام إدارة التعلم وترك المشاركات مفتوحة بين الطلاب ، ويمكنه تكوين فرق عمل تعاونية وتنافسية فيما بين تلك المجموعات في نفس الوقت.

يمكن للمعلم استخدام منصات عمل تعاونية / تنافسية لأداء أنشطة التعلم وربطها بنظام إدارة التعلم مثل منصة Conceptboard
تعتبر منصة PODIO من المنصات الموجهة للتعلم التعاوني ومجموعات الدراسة وتدعم تبادل ومشاركة مصادر التعلم المختلفة

4. يعتبر تحكم المتعلم في تعلمه عبر الإنترنت أحد أقوى عوامل التحفيز الداخلي. يريد المتعلمون أن يشعروا أن لديهم رأيًا مباشرًا في مسار ات تعلمهم وأن لديهم خيارات بوقت جلسات التعلم وكم المحتوى وبعض موضوعات التعلم . ويزيد الشعور بالمسؤولية من مستويات الدوافع الداخلية للمتعلمين.
يجب أن يراعي تصميم المقرر الإلكتروني إعطاء الطلاب في اختيار مصادر تعلم بديلة ، أو اختيار مشروع التعلم المناسب لميولهم ، كذلك وضع بدائل خاصة بتحديد وقت جلسات الفصول الافتراضية، واختيار زملاء مجموعات العمل، المشاركة في المحتوى الذي سيتم دراسته في المقرر ،وغير ذلك من العوامل التي من شأنها إعطاء المتعلم السئولية عن تعلمه.

5. اربط المتعلم بخبرات العالم الواقعي ومهاراته : إذا كان للخيال جاذبية فللواقع جاذبية أكبر خاصة إذا ارتبط باكتشاف خبرات جديدة ، حاول أن تقدم لطلابك خبرات واقعية قدر الإمكان من خلال المحاكاة التعليمية والسيناريوهات مفتوحة النهايات ومصادر التعلم البيئية، والرحلات الافتراضية، فربط ما يتم تعلمه بالخبرات الواقعية يضفي على التعلم مزيدا من المتعة والدوافع الداخلية، واحرص على أن تكون المهارات المطلوبة من خلال الخبرات التي تقدمها تشبه المهارات التي على المتعلم أداءها في الخبرة الواقعية. وعليك الحرص على توجيه الطلاب دون الإخلال بمبدأ تحكمهم في تعلمهم كأن يتم أخبارهم بالهدف من المحاكاة أو الرحلة الافتراضية ثم قيامهم بتقييم ما تعلموه من خلال هذه الخبرة وإعطاؤهم الفرصة لتكرارها.

لابد من ترتبط الرحلة الافتراضية أو تجربة المحاكاة او الجولة الافتراضية بأنشطة تقييم لما تم تعلمه سواء فردية أو جماعية.
أطلب من طلابك القيام بكتابة تقرير عن الرحلة الافتراضية وعرضه على زملائهم

في النهاية يجب علينا من أجل تعزيز دافع التعلم ، أن نركز على استراتيجيات التعلم الاجتماعي بشكل أكبر. فعلينا الاستفادة من الدور الكبير الذي يمكن أن تلعبه وسائل التواصل الاجتماعي في التعلم الإلكتروني وتشجيع التفاعل بين المتعلمين ليس فقط بأنشطة جماعية تعاونية أو تشاركية بل بخلق مجتمعات تعلم افتراضية فما سيكتسبه الطالب من سلوكيات خبرات من زملائه لا تقل أهمية عما سيتعلمه من المقرر وبالتالي لابد من التخطيط لذلك بدقة. ففي مجتمعات التعلم الافتراضية يكون المتعلمون أكثر تحفيزا ودافعية نحو التعليم واهتماما بتلقي ملاحظات أقرانهم الآخرين، وبالتالي فلابد من عدم اغفال أدوات التواصل الاجماعي كالشبكات الاجتماعية والمدونات والتي يمكن ربطها بنظام التعلم وضبطها بشكل يخدم أهداف التعلم ،الدور الحقيقي للتخطيط لأدوات لتوظيف أدوات التواصل الاجتماعي في التعليم هو تحفيز الطالب وربطه بالمقرر بروابط انسانية ومجتمعية . قم كمعلم بإدارة المناقشات عبر المنتدى بنظام إدارة التعلم أو عبر مجموعة مغلقة على الشبكة الاجتمعية بحيث يكون المتعلمون قادرون على طرح الأسئلة أو مشاركة الخبرات وحتى التعبير عن مخاوفهم وقلقهم . شجع المتعلمين على التواصل والمشاركة ومشاركة المعلومات من أجل تعميق فهمهم لموضوعك. يقدم التعلم الاجتماعي مجموعة واسعة من وجهات النظر المتعددة والمعرفة المتنوعة ، ويعزز العلاقات القوية بين جمهورك ، وفي النهاية ، يقدم لهم تجربة تعليمية إلكترونية مرضية بشكل عام. وهذا سبب مثالي للرغبة في التعلم. من بيئات التواصل الاجتماعي التعليمية الجيدة شبكة EDMODO وهي تجمع بين نظام إدارة التعلم والشبكات الاجتماعية في بيئة واحدة ويمكن ربطها ببعض أنظمة إدارة التعلم ( على المستوى المؤسسي أو على مستوى المقرر )، وقد سبق أن تناولت هذه البيئة في مقال منذ عدة سنوات وقد عرفت هذه الشبكة بشكل متزايد في مصر بعد جائحة كورونا كبيئة تعلم مناسبة للأعداد الضخمة من الطلاب في مصر ودول أخرى.

عن د مصطفى جودت

أستاذ تكنولوجيا التعليم المشارك بجامعة الملك سعود ، وجامعة حلوان مدير تطوير المحتوى الرقمي بجامعة الملك سعود
error: Content is protected !!
التخطي إلى شريط الأدوات