الجيل الثاني من المكتبات Library 2.0

الجيل الثاني من المكتبات

إعداد : فهد بن عبدالله الضويحي

 

تمهيد :

    كان أول ظهور لمصطلح (مكتبات 2.0 Library 2.0) أو الجيل الثاني للمكتبات عبر مدونة (Library Crunch)، وذلك عندما اقترحه Michael Casey ، وكان ذلك نتيجة مباشرة لبزوغ وتطور الجيل الثاني من الويب (Web 2.0)، والأعمال (Business 2.0)، حيث أشار صاحب المدونة  Michael Casey أن مجتمع المكتبات وخاصة المكتبات العامة في ملتقى طرق مع العديد من مكونات الويب 2.0 والتي لها قيمة مهمة قابلة للتطبيق داخل مجتمع المكتبات. وقد وصف على وجه الخصوص حاجة المكتبات إلى اعتماد إستراتيجية للتغيير المستمر مع تعزيز دور مشاركة مستخدمي المكتبة. وقد تم الإعلان لأول مرة عن مصطلح (Library 2.0) عام 2005م خلال المؤتمر السنوي العالمي لمكتبيي الانترنت، والذي تم عقده في أكتوبر 2005م عندما قام Michael Stephens بتناول الفكرة خلال عرضه لفكرة الموقع الإلكتروني النموذجي للمكتبة([1]).

مفهوم مكتبات 2.0 ( Library 2.0)

   إن الحديث عن مفهوم الجيل الثاني من المكتبات حديث ذو شجون، فحتى الآن لا يوجد تعريف جامع مانع لذلك المصطلح الجديد، ويعود السبب في ذلك إلى كونه فلسفة أكثر من أنه شيء آخر، شأنه في ذلك شأن الويب 2.0 والذي كان خروجه سابقا للمكتبات 2.0. ويعتمد الجيل الثاني للمكتبات إلى حد ما على فلسفة وتطبيقات الويب 2.0 تلك التي تسعى إلى جعل الإنترنت منصة اجتماعية تعتمد على تعزيز الاتصال بين مستخدمي الإنترنت، والرفع من دور المستخدم في إثراء المحتوى على الإنترنت، والتعاون بين مستخدمي الإنترنت في بناء مجتمعات إلكترونية من خلال عدد من التطبيقات التي تحمل سمات وخصائص الويب 2.0 ومن أبرزها تلك التطبيقات المدونات Blogs، التأليف الحرWiki، وصف المحتوى Content Tagging، التراسل الفوري Instant Messaging، الشبكات الاجتماعية Social Networks، الملخص الوافي للموقع RSS.

    وتجدر الإشارة هنا إلى أن فلسفة الجيل الثاني للمكتبات تتقاطع كذلك مع الأهداف التي من أجلها ظهر الجيل الجديد للإنترنت (web 3.0) أو ما يسمى بالويب الدلالي (Semantic Web)، والذي يصب في نهاية المطاف في جعل ما تحويه الشبكة العنكبوتية أكثر دلالة وأدق وصولاً. ويتمثل ذلك في تطوير متصفحات الإنترنت وواجهات قواعد المعلومات للتعامل مع المحتوى المعلوماتي والوصول إليه واسترجاعه بشكل أكثر كفاءة من خلال استخدام مجموعة من التقنيات والتطبيقات الحديثة التي تقوم بتلك المهمة في ظل استخدام بعض لغات البرمجة الخاصة لتحقيق ذلك.

    أي أننا هنا نتحدث عن مجموعة من العناصر التي يجب أن تتكامل وتتفاعل للوصول إلى ما يسمى بـ مكتبات 2,0، وتتمثل تلك العناصر في مبادئ وأسس وخدمات ومعلومات وتقنيات وسياسات وموارد بشرية، ولكن الأكثر وضوحا أن جميع ذلك يهدف إلى الوصول إلى أقصى أفضل خدمة معلوماتية يمكن أن نقدمها للمستفيدين من المكتبة.

    يشير كلا من Casey و  Savastinuk([2]) إلى عدة نقاط حول ماذا تعني مكتبات 2.0 وكيف يمكن أن تساعدنا في تقديم أفضل خدمة لمستفيدينا :

1-      المكتبات 2.0 تعني المستفيد أولاً :

وهي أن نحول تركيزنا من وجود مكتبات تقرر ما الأفضل للمستفيد إلى أن جعل المستفيدون يقررون ما يريدون، وكيف يريدون الحصول عليه، وكيف يمكننا أن نقدم لهم أفضل خدمة.

2-      المكتبات 2.0 تعني التغيير والتقييم المستمر:

 فحالما نقرر تطبيق خدمة أو برنامج جديد، يجب علينا الاستمرار في إعادة النظر فيه وتقييمه.

3-      المكتبات 2.0 لا تقتصر على التقنية فقط:

بالرغم من أننا ينبغي أن نكون جميعنا ممتنون للتقنية التي فتحت الأبواب أمام المستفيدين، إلا أنه يجب أن نتذكر أنه في حين أن التكنولوجيا يمكن أن تسهم في تقديم خدمة أفضل للمستفيدين، إلا أنها ليست الحل النهائي لجميع مشاكلنا.

4-      المكتبات 2.0 تتعلق بسياسة المكتبة:

 فالسياسات تلعب دور مهم لا يمكن الاستغناء عنه سواء خلال منظماتنا أو مجتمعاتنا من أجل تحقيق أفضل خدمة لمستفيدينا. ليس فقط موظفي المكتبة والإدارة هم من يجب أن يوافقوا على تلك السياسة،  بل يجب أيضا أن نحصل على موافقة لجان المكتبة وقيادات المجتمع والمستفيدين كذلك.  وأفضل طريقة للقيام بذلك هو التحدث معهم، وجعلهم يعلموا أننا جميعا نشترك في هدف عام والمتمثل في توفير سبل الوصول إلى جميع أنواع المعلومات.

    ويعرفها Maness([3]) بأنها مزيج وهجين من المدونات والتأليف الحر وتدفق الوسائط المتعددة وتجميع المحتوى والتراسل الفوري والشبكات الاجتماعية. المكتبة 2.0 تتذكر المستفيد عند تسجيل الدخول، تسمح للمستخدم بأن يحرر بيانات الفهرس المتاح على الانترنت وإضافة وتخزين الواصفات، التحدث عبر التراسل الفوري مع أخصائيي المكتبة، الإضافة الحرة للمعلومات والمقالات ومشاركتها مع المستخدمين الآخرين (مع تكشيف وتنظيم كل ذلك ليستخدم من قبل الآخرين)، المستخدم قادر على جعل بياناته الخاصة أو جزء منها مشاع للعامة، المستخدم يستطيع التعرف على المواد التي استعارها المستفيدين الآخرين، يستطيع إضافة الوصفات لصنع فهرس ضخم من قبل المستخدمين ودمجه مع الفهرس التقليدي للمكتبة. المكتبة 2.0 تركز وتتمحور تماما حول المستفيد. فهي هجين بين خدمات المكتبات التقليدية وخدمات ويب 2.0 المبتكرة. وهي مكتبة القرن الواحد والعشرون، غنية في المحتوى والتفاعل والنشاط الاجتماعي

    أم الموسوعة الحرة لعلم المكتبات والمعلومات([4]) فقد عرفتها بأنها التحول في الطريقة التي يتم من خلالها إيصال خدمات المكتبة إلى مستخدمي المكتبة، وتقدم أدوات جديدة لجعل فضاء المكتبة (الافتراضي والمادي على حد سواء) أكثر تفاعلية وتعاونية ويقودها في ذلك احتياجات المجتمع، بحيث تشجع التفاعلات الاجتماعية التعاونية في كلا الاتجاهين بين الموظفين ومستخدمي المكتبة. فالمكتبة 2.0 تتطلب مشاركة المستخدمين وردودهم وملاحظاتهم في تطوير خدمات المكتبة والاعتناء بها.

    وفي الرسالة التي أعدها Habib([5]) بعنوان “نحو مكتبة جامعية 2.0: تطوير وتطبيق منهجية المكتبات 2.0″، والتي حاول خلالها الوصول إلى نموذج للمكتبة الجامعية وفقا لمتطلبات المكتبات 2.0، حيث كانت الرسالة تركز منذ بدايتها على تطبيقات الويب 2.0 واستخدامها في تقديم خدمات المكتبات، كما يشير إلى أنه لا يمكن تعريف المكتبات 2.0 بمعزل عن الويب 2.0، ويقترح هنا تعريفا للجيل الثاني للمكتبات يراه واضحا ويزيل الغموض القابع خلف المصطلح:

    “المكتبة 2.0 تمثل مجموعة فرعية من الخدمات المكتبية المصممة لتلبية احتياجات المستفيدين ناجمة عن التأثر المباشر أو غير المباشر بالويب 2.0.”

    ولتوضيح الأسس التي ينبغي أن يُبنى عليها مبدأ المكتبات 2.0، فقد وضع كل من Chad  و  Miller([6])  أربعة مبادئ حول ذلك وهي:

1-      المكتبة في كل مكان :

وذلك بفضل التكنولوجيا التي تتيح استخدام المعلومات في أي مكان من خلال الحاسبات وأجهزة الجوالات وغيرها من التقنيات.

2-      المكتبة بلا حواجز أو عقبات :

عدم وضع أي عقبات تحول دون وصول المستفيدين لأي معلومة يحتاجونها أينما كانوا وجعل النظام سهل التعامل والولوج. وكذلك عدم وضع العقبات مثل منع دخول الجولات للمكتبة أو منع العمل الجماعي أو فرض الهدوء ومنع التحدث داخل المكتبة.

3-      المكتبة تدعم وتدعو إلى المشاركة :

جعل المستفيدين يشاركون في القرارات الخاصة بالمكتبة، مثل التغييرات في المبنى، أو تركيب نظام جديد، ومن أمثلة المشاركة كذلك مشاركتهم في عمليات توسيم المصادر بالواسمات المناسبة (tagging).

4-      المكتبة تستخدم أفضل الأنظمة الآلية والأكثر مرونة:

ويكون من خلال طلب ذلك من بائعي الأنظمة وإلزامهم بأن تكون الأنظمة تخدم جميع المستفيدين وتتوافق مع احتياجاهم أينما كانوا.

    وقد أورد Maness ([7]) بعض الأمثلة على تحول صيغة بعض الخدمات المعلوماتية من مكتبة 1،0 إلى مكتبة2،0 كما في الجدول التالي:

جدول رقم (1) أمثلة على تحول صيغة بعض الخدمات من مكتبة 1،0 إلى مكتبة2،0

خدمات المكتبة 1.0

خدمات المكتبة 2.0

الخدمة المرجعية عبر البريد الالكتروني/ صفحات   سؤال وجواب (Q&A)

الخدمة المرجعية عبر برامج التحاور الالكتروني.

الدروس التعليمية المعتمدة على النص

الدروس التعليمية التفاعلية المعتمدة على   الوسائط المتعددة

قوائم البريد الالكتروني، مدير الموقع   الالكتروني

المدوناتBlogs ،   مقالات التأليف والكتابة الحرةWikis ، الملخص الوافي للموقع RSS

خطط التصنيف المقيدة

التوسيم أو التوصيف باستخدم الواصفات (Tagging)   مقرونا بالخطط المقيدة.

الفهرس المتاح على الانترنت (OPAC)

تخصيص واجهة الشبكة الإجتماعية.

فهرس يحوي مواد مطبوعة والالكترونية   موثوق بها إلى حد كبير

فهرس يحوي مواد موثوقة وأخرى مشتبه فيها،   صفحات ويب، مدونات، مقالات تأليف حر،.. إلخ.

    ولعل من نافلة القول أن ننوه بأن هناك العديد من الرؤى ووجهات النظر التي طرحت حول الموضوع، والموضوع لا يزال بين شد وجذب حول المفهوم، فالبعض يرى أن الفكرة ليست بجديدة وأن الأفكار التي تنادي بها المكتبة 2.0 هي أفكار وأسس موجودة قبل ذلك في عالم وفكر المكتبات، والمتتبع لبعض مدونات المتخصصين يجدها تعج بالكثير من الرؤى والنقاشات حول الموضوع.

    وكخطوة للتعرف على مدى تواجد مؤلفات حول المصطلح وموضوعه، تم التوصل إلى مجموعة قليلة من الكتب لا تتعدى في مجملها أصابع اليد الواحدة ولم يتوافر غيرها، وذلك وفقا للبحث في العديد من المكتبات العالمية الكبرى مثل مكتبة الكونجرس والمكتبة البريطانية وارشيف ومكتبات كندا بالإضافة إلى المواقع الإلكترونية الشهيرة التي تهتم ببيع الكتب كأمازون وغيرها، وبالرغم من توافر العديد من الكتب حول استخدام تقنيات الويب 2.0 والشبكات الاجتماعية في المكتبات،  إلا أن تركيزنا كان منصب على الكتب التي كان محورها الأساسي المكتبات 2.0، وكانت الحصيلة أربعة كتب كالتالي :

العنوان :    Library 2.0 and Beyond

المؤلف:     Nancy Courtney

الناشر:      Libraries Unlimited

سنة النشر:  2007

العنوان : Library 2.0: A Guide to Participatory Library Service

المؤلف:  Michael E. Casey and Laura C.   Savastinuk

الناشر:    Information Today

سنة النشر: 2007

العنوان : Information Literacy Meets Library 2.0

المؤلف: Peter Godwin and Jo Parker, editors

الناشر: Facet Publishing

سنة النشر: 2008

العنوان : Library 2.0 Initiatives in Academic Libraries

المؤلف: Laura B. Cohen (Editor)

الناشر: ACRL

سنة النشر: 2008


[1] – Library 2.0. from  WIKIPEDIA. Accessed 1-11-10. Available at:

http://en.wikipedia.org/wiki/Library_2.0

[2]–  Casey, Michael & Savastinuk, Laura. We Know What Library 2.0 Is and Is Not. Accessed 1-11-10. Available at:

http://www.librarycrunch.com/2007/10/we_know_what_library_20_is_and.html

[3]–  Maness, Jack. Library 2.0 theory: Web 2.0 and its implications for libraries. Webology 3, no. 2(2006).  Accessed 1-11-10. Available at:

http://www.webology.ir/2006/v3n2/a25.html

[4]–  Library 2.0. from  Library and Information Science Wiki. Accessed 1-11-10. Available at:

http://liswiki.org/wiki/Library_2.0

[5] – Habib, M.C. Toward Academic Library 2.0: Development and Application of a Library 2.0 Methodology. A Master Paper for the M.S. in L.S degree. University of North Carolina at Chapel Hill, School of Information and Library Science(2006). P 9. Accessed 1-11-10. Available at:

http://etd.ils.unc.edu/dspace/bitstream/1901/356/1/michaelhabib.pdf

[6] – Chad, K., & Miller, P. . Do libraries matter?: The rise of library 2.0 (A Talis White Paper). Talis: 2006 . Accessed 1-11-10. Available at:

http://www.talis.com/downloads/white_papers/DoLibrariesMatter.pdf

[7] – Maness, Op. cit.

عن د مصطفى جودت

أستاذ تكنولوجيا التعليم المشارك بجامعة الملك سعود ، وجامعة حلوان مدير تطوير المحتوى الرقمي بجامعة الملك سعود
error: Content is protected !!
التخطي إلى شريط الأدوات