الدورات الدراسية المفتوحة Open Courseware

الدورات الدراسية المفتوحة

الدورات الدراسية المفتوحة

الدورات الدراسية المفتوحة (OpenCourseWares) مصطلح شاع بكثرة في السنوات الخمس الماضية، حيث يرمز هذا المصطلح لأي عمل تعليمي أو وحدة دراسية يتم طرحها على شبكة الإنترنت مجانا وتحت رخصة مفتوحة.
لذا يعتبر مشروع الدورات الدراسية المفتوحة عملاً رائد في تاريخ الثقافة البشرية، فالمشروع أو من الأفضل تسميته مبادرة بدأتها معهد ماسيتوشتس عام 2001م على مستوى محلي ثم تبنته مؤسسة هيلويت الخيرية (Hewlett Foundation) عام 2002م تحت مسمى المصادر التعليمية المفتوحة (Open Educational Resources) على مستوى عالمي، مما شكل فتحاً ثقافياً كبيراً شهده مستخدمي شبكة الإنترنت على مختلف تخصصاتهم.
هذه الدورات الدراسية المفتوحة وضعت بين أيدي الناس خبرات الجامعات والمعاهد والمؤسسات التعليمية الرائدة في بناء وتصميم المناهج التعليمية مجانا، وهذا أدعى للاستفادة منها ومحاولة مجارات المستوى التعليمي في هذه المؤسسات.
ويبين موقع ائتلاف الدورات الدراسية المفتوحة (OCW Consortium) أن هناك أكثر من 120 مؤسسة تعليمية مشاركة بمحتوى دراسي مفتوح على شبكة الإنترنت. مما يعني أن فلسفة المحتوى المفتوح بدأت تلاقي رواجاً بين المؤسسات التعليمية المهتمة بنشر العلم وجعله متاحاً للجميع بدون فوارق.
في هذا التقرير سأعمل على استعراض عدداً من المبادرات الفاعلة ودورها في نشر ثقافة المحتوى التعليمي المفتوح، مع التأكيد على أهمية مثل هذه الحركة في تقدم المعرفة البشرية.
مشروع معهد ماسيتوشتس MIT

يعتبر مشروع معهد ماسيتوشتس أول مبادرة ناجحة في طريق توفير المصادر والدورات الدراسية المفتوحة على شبكة الانترنت. فمنذ أكتوبر من عام 2003م تلقى موقع الدورات الدراسية المفتوحة لمعهد ماسيتوشتس أكثر من 16 مليون زيارة من مختلف أنحاء العالم.
يقدم الموقع دوراته الدراسية في معظم التخصصات المتاحة في المعهد مثل الهندسة الكهربائية وعلوم الحاسب وهندسة البرمجيات والهندسة الكيمائية وغيرها. كما أن نوعية المصادر التي يوفرها الموقع تتراوح بين الخطط الدراسية والمذكرات والامتحانات والواجبات وحلولها ومقاطع صوت مسجلة وفيديو للمحاضرات.
معظم الدورات والمصادر التعليمية في الموقع مصرحة تحت رخصة العموميات المفتوحة (Creative commons) غير التجارية، مما يعني أنه بإمكان الجميع من مهتمين وطلاب ومدرسين الاستفادة من هذه الدورات مجانا وتطويرها والبناء عليها بشرط عدم استغلالها تجاريا.
مشروع كونيكشن
في عام 1999 قرر فريق من الأكاديميين في جامعة رايس الأمريكية إطلاق مبادرة لعمل قاعدة بيانات عالمية لنشر المواد الدراسية فيها. و في عام 2006 نجح المشروع في بناء قاعدة بيانات تعليمية تحتوي على أكثر من 197 دورة دراسية و3755 وحدة تعليمية. وعن طريق موقع المشروع يمكن تصفح محتوى الدورات الدراسية مجانا والاستفادة منها أو الاشتراك في تحرير مواد جديدة.
اعتمد الفريق في عمل هذا المشروع على فلسفتي البرامج الحرة والمحتوى الحر. حيث اعتمدوا على لغة XML في تقسيم الوحدات التعليمية لأجزاء صغيرة قابلة للبحث و إعادة الاستخدام وعلى برامج حرة لاستضافة الموقع وتأليف المواد الدراسية.
وبالنسبة للمحتوى الحر فقد رخصت جميع الدورات الدراسية تحت رخصة Creative Commons بحيث يمكن لأي أستاذ حول العالم أن يقوم بإعادة استخدام المحتوى والتعديل عليه مع ذكر المصدر.
وقد حقق المشروع خلال السنوات الست نجاحات متتالية سواء كان على المستوى المحلي (أمريكا) أو على المستوى العالمي. فعلى المستوى المحلي تمكن العديد من أساتذة الجامعات نشر المذكرات الدراسية التي يقومون بإعدادها لموادهم لأكبر عدد من المستفيدين وأيضا تمكن أساتذة آخرون من تصميم مناهجهم الدراسية من المواد الموجودة في قاعدة بيانات المشروع بحيث تتلاءم مع المخرجات التعليمية لموادهم. والأهم من ذلك يمكن لأي أستاذ أن يقوم بتحضير الكتاب الدراسي للمنهج المراد تدريسه وطباعته بواسطة شركة متعاقدة مع المشروع بحيث يصل سعر الكتاب الدراسي إلى ربع أو عشر سعر الكتاب في المكتبات التجارية. وبذلك يضمن أن جميع الطلبة لديهم الكتاب وبسعر في متناول الأيدي. كما أوضح بعض الأساتذة أن تصميم الكتاب الدراسي وطباعته فورا تتفوق على الطرق التقليدية المعروفة في النشر من ناحية أن المعلومات فيها حديثة.
أما على المستوى العالمي فقد استفاد من المشروع أساتذة من مختلف دول العالم في الصين وأوروبا والهند وغيرها. كما قام بعض المتطوعين لترجمة المواد الدراسية للغتهم الأم. ويفكر القائمون على المشروع القيام بعمل نسخ من قاعدة البيانات في كل من ألمانيا و الصين وذلك لزيادة رقعة استخدام المشروع ودعمه.
مشروع جامعة أوتاه
ما أن يأتي ذكر اسم جامعة أوتاه الأمريكية إلا ويذكر إسهاماتها الفاعلة في مبادرة المحتوى التعليمي المفتوح عن طريق مركزها للتعلم المفتوح والمستمر (Center for Open and Sustainable Learning (COSL)). فقد أنشأت جامعة أوتاه موقع eduCommons لإدارة ونشر المحتوى التعليمي المفتوح باستخدام نظام متطور لإدارة المحتويات. كما أن الموقع يقدم الدعم والاستشارات اللازمة لتبني فلسفة المحتوى التعليمي المفتوح والمساعدة في بناء مواقع شبيهه بموقع معهد ماسيتوشتس.
كما أن الموقع يساهم في نشر محتويات خالية من أية ارتباطات للملكية الفكرية أو براءات الاختراع، وهذا يسهم في عملية تبني المحتوى الموجود في الموقع والتعديل والبناء عليه.
مشاريع أخرى
كما أسلفت سابقاً هناك أكثر من 120 مبادرة مطروحة على شبكة الإنترنت للدورات الدراسية المفتوحة، وبالطبع لا يمكن حصر هذه المبادرات في تقرير واحد غير أنه يمكن ذكر بعض من أبرزها في سطور قليلة. فمشروع جامعة كارنجي ميلون (Carnegie Mellon Open Learning Initiative (OLI)) والذي بدأ مطلع عام 2006م قدم حتى الآن أربع دورات دراسية متكاملة في الاقتصاد والمنطق والإحصاء والاستدلال. وكل دورة دراسية مزودة بآلية لتقييمها من قبل الطلبة، مما يساعد في تكوين مجتمع تعليمي مهتم في تحسين المادة التعليمية لكل دورة دراسية.
كما يعتبر رخصة العموميات المفتوحة للتعليم هي مبادرة مكملة للهدف الأساسي للعمومية. فهذه الرخصة تمنح أي عمل إبداعي من صور فوتوغرافية ومقاطع صوتية وفيديوية ومواقع وكتابات وغيرها رخصة عامة تمكن من الاستفادة منها بدون مقابل مادي. ومؤخراً بدأ استخدام هذه الرخصة في مواقع الدورات الدراسية المفتوحة. فموقع مثل موقع معهد ماسيتوشتس للدورات الدراسية المفتوحة قد تبنى هذه الرخصة لجميع دوراتها الدراسية، نظراً لمرونة هذه الرخصة وانتشار استخدامها.
وأخيراً دخل موقع أرشيف الإنترنت والمصمم في الأصل للاحتفاظ بنسخ من مواقع الإنترنت عبر الزمن ضمن المواقع التي تحتوي في قاعدة بياناتها على محتوى دراسي مفتوح. فالمساحة التخزينية غير المحدودة الذي يقدمه الموقع أغرت بعض الجامعات إلى استضافة محتواها التعليمي في هذا الأرشيف.
في سبيل دورات دراسية عربية مفتوحة
الدورات الدراسية المفتوحة ما هي إلا خطوة في الاتجاه الصحيح لنشر العلم والمعرفة للجميع بدون حدود. فالآن لم يعد لطالب العلم أية عقبات أو أعذار تمنعه من الاستفادة من المناهج التعليمية المتوفرة على شبكة الإنترنت ومن أعرق الجامعات حول العالم.
هذه المناهج والتي تناولت تقريباً كل فروع العلوم التطبيقية والعلوم الإنسانية والاجتماعية من رياضيات وعلوم حاسب وكيمياء وفيزياء وهندسة وطب وعلم نفس واجتماع وغيرها، تقدم العلم لطالبها على طبق من ذهب وباستخدام مختلف الأنماط التعليمية.
وحالياً، نحن على أعتاب تغيرات جذرية في كيفية تلقي طلابنا للمعلومات، فبينما كان الطالب في السابق يثق بالمدرس كمصدر وحيد للمعلومة، أضحينا نرى اليوم ظهور جيل جديد من طلبة العلم ممن يعتبرون المدرس مكمل ومساند للعملية التعليمية لأن مصدر المعلومة موجود على شبكة الإنترنت ومن مراجع مختلفة.
بقي أن أختم هذا التقرير بتوصية للمهتمين في قطاع التعليم، إن قلة تواجد محتوى تعليمي مفتوح باللغة العربية لدليل على تأخر الأمة العربية من الاستفادة من هذه المبادرات الفاعلة. ولتجنب هذا التأخر يمكن المساهمة بمحتوى تعليمي مفتوح إما عن طريق ترجمة الدورات الدراسية المفتوحة المتوفرة على شبكة الإنترنت إلى اللغة العربية (كحال مبادرة التعليم المفتوح في الصين والتي قامت بترجمة مناهج معهد ماسيتوشتس إلى الصينية) أو طرح الدورات الدراسية العربية تحت رخصة العموميات على الشبكة أو عن طريق تبني مجتمع عربي مهتم في عمل الدورات الدراسية المفتوحة.
المراجع
الدورات الدراسية المفتوحة في موسوعة ويكيبيديا
http://en.wikipedia.org/wiki/OpenCourseWare
موقع ائتلاف الدورات الدراسية المفتوحة
http://ocwconsortium.org/
مشروع كونيكشن
http://cnx.org/
مشروع معهد ماسيتوشتس
http://ocw.mit.edu/index.html
مشروع جامعة أوتاه
http://cosl.usu.edu/projects
مشروع جامعة كارنجي ميلون
http://www.cmu.edu/oli/index.html
أرشيف الإنترنت
http://www.archive.org/index.php
نقلا عن : http://www.tech2click.net/archives/category/elearning/page/2/

 

عن د مصطفى جودت

أستاذ تكنولوجيا التعليم المشارك بجامعة الملك سعود ، وجامعة حلوان مدير تطوير المحتوى الرقمي بجامعة الملك سعود
error: Content is protected !!
التخطي إلى شريط الأدوات