الوسائل التعليمية : الملامح العامة

الوسائل التعليمية وتكنولوجيا التعليم

من الملاحظ أنه ليست هناك درجة كبيرة من الاتفاق على معنى محدد للمفهوم الذى نتناوله، فهناك من ينظر إلى الوسائل على أنها أجهزة، وهناك من يراها أدوات، كما أن هناك من يراها أجهزة وأدوات ومواد ومواقف لا يستعيد البعض اللغة اللفظية كوسيلة تعليمية فى حين يرى فريق آخر أن الكتاب المدرس نفسه وسيلة تعليمية، ويعتبر البعض المعلم نفسه وسيلة تعليمية، وهناك من ينظر إلى الوسائل على أنها أوعية للرسائل التعليمية.

وفى ضوء ما تقدم تظهر الحاجة إلى رؤية جديدة لمفهوم الوسائل التعليمية تأخذ فى اعتبارها ما ورد فى التعاريف السابقة من مضامين، وفيما يلى بعض الملامح التى تميز الوسائل التعليمية:

1- الوسائل أوعية للمعرفة وحوامل للوسائل التعليمية:

تعتبر المعرفة بعدا هاما من الأبعاد التى تقوم عليها عملية الاتصال التعليمى، فهى تشكل الرسالة التعليمية بما تشتمل عليه من حقائق ومفاهيم وقواعد وقوانين ونظريات ومهارات واتجاهات وقيم وميول. والمعرفة لابد لها من وعاء يحملها، وتأتى الوسائل كأوعية تحفظ المعرفة وتحملها، وتشكل هذه الأوعية الرسالة فى جانبها الحى الفيزيقى المادى.

ولقد تربع الكتاب المطبوع على عرش أوعية المعرفة فترة طويلة، ولم تعد له هذه المكانة فى السنوات الأخيرة مع التطور العلمى الهائل الذى أسفر عن ظهور أوعية حديثة للمعرفة تتفوق عليه فى جوانب عديدة. وتصنف أوعية المعرفة إلى صنفين الأول يضم أوعية المعرفة الورقية أو المطبوعة ومن أمثلتها الكتب والدوريات والنشرات والمجلات والجرائد، والثانى يضم أوعية المعرفة غير الورقية أو غير المجموعة ومن أمثلتها أشرطة التسجيل الصوتى والمرئى والشرائح الفوتوغرافية والأفلام المتحركة والثابتة واسطوانات الكمبيوتر والمصغرات الفيلمية كالميكروفيلم والميكرفيش.

ويطلق على أوعية المعرفة المستخدمة فى المواقف التعليمية اسم المواد التعليمية لأنها تحمل وتخزن المحتوى الدارس المرتبط بالمناهج الدراسية.

2- الوسائل نواقل للرسالة:

لا يفرق البعض بين حوامل الرسالة ونواقلها، وهؤلاء يعتبرون حوامل الرسالة هى الوسيلة تارة ويعتبرون نواقل الرسالة هى الوسيلة تارة أخرى فهناك من يعتبر مثلا جهاز عرض الشرائح الفوتوغرافية وسيلة تعليمية، وهذا أمر يحتاج إلى مراجعة، فالجهاز لا يحمل الرسالة ولكنه ينقل الرسالة التى تحملها الشرائح الفوتوغرافية والثابت أن بعض حوامل الرسالة لا تحتاج إلى أجهزة لنقل محتواها فى حين يتطلب البعض الآخر أجهزة معينة، وهنا لابد من التمييز بين مصطلح Software ومصطلح Hardware فالأول يشير إلى حوامل الرسالة وهى التعليمية والثانى يشير إلى نواقل الرسالة وهى الأجهزة… ولا يمكن اعتبار الأجهزة فى حد ذاتها وسائل تعليمية، وعند اعتبار المواد التعليمية التى تحتاج أجهزة لعرض ما تحمله من رسائل فإنه لا يمكن الفصل بين هذه النوعية من المواد وبين الأجهزة التى تحتاج إليها، فالأفلام على اختلاف أنواعها ومقاساتها مواد تعليمية إذا كانت موضوعاتها ذات صيغة دراسية، ومن الطبيعة أن يتعذر مشاهدتها ودراستها ما لم يكن هناك أجهزة لعرضها، وهنا يمكن القول أن مجال الوسائل التعليمية يضم المواد التعليمية والأجهزة معا.

3- الوسائل أدوات ترميز الرسالة:

يرى المؤلف أن الوسيلة هى الرسالة ويشير هذا المعنى إلى أن الوسيلة تشكل الرسالة وأنه يصعب الفصل بينهما، ويمكن أن يشير المعنى السابق إلى أن الوسائل هى أدوات للتعبير عن الرسالة، فمن المعروف أن – محتوى الرسالة يصاغ على هيئة رموز لفظية لغوية وغير لفظية بصرية وحركية وتعبيرية تكون لغات خاصة، وتكون هذه الرموز تراكيب معينة تشكل الرسالة فى جانبها الحى أو الفيزيقى. وينظر إلى هذه الرموز على أنها وسائل فى حد ذاتها، فاللغة اللفظية المكتوبة أو المسموعة وسائل تنقل بواسطتها المعانى والأفكار الموجودة فى نفوسنا، وهى فى نفس الوقت أدواتنا للتعبير عن هذه المعانى، وهى من ناحية أخرى تحتاج إلى وعاء يحملها كالكتاب والنشرات والجرائد والتسجيلات الصوتية – على شرائط كاسيت أو اسطوانات سمعية – والميكروفيش وحتى اسطوانات الكمبيوتر.

وإذا ما اعتبرنا مفردات اللغة غير اللفظية كالصور والرسوم والإشارات وغيرها فإننا يمكن أن ننظر إليها كوسائل وكأدوات لترميز الرسائل والتعبير عنها، وهى فى الوقت ذاته تحتاج إلى أوعية تحملها.

وتعتبر المواد الطبيعية كالنباتات والحيوانات والأملاح والمعادن والصخور فى بيئاتها الحقيقية وإذا انتزعت منها أشياء وعينات ممثلة لنوعها، ويكن استخدامها كمواد تعليمية فى مواقف الاتصال.

ويوضح الشكل التالى مخروط الخبرة الذى أعده (إدجارديل) والذى رتب فيه الوسائل التعليمية على هيئة مخروط… قاعدته تشمل الخبرة الهادفة المباشرة وقمته تمثل الرمز اللفظية.

المكونات:

تشكل الملامح الثلاثة السابق عرضها فى مجموعة مفهوم الوسائل التعليمية وتظهر دلالته ومعناه، وهى فى الوقت ذاته تحدد مكونات مجال الوسائل التعليمية، وعليه يتم تعريف الوسائل التعليمية بأنها أدوات ترميز الرسالة وحواملها ونواقلها التى يمكن استخدامها فى مواقف الاتصال التعليمى من قبل المعلم أو المتعلم أو كليهما داخل حجرات الدراسة وخارجها لتوفير الخبرات المباشرة وبدائلها لأحداث التعلم.

وفى ضوء ما تقدم يمكن تحديد مكونات مجال الوسائل التعليمية على النحو التالى:

1- أدوات ترميز الرسالة:

وتضم اللغتين اللفظية وغير اللفظية بما تشتمل عليه كل لغة من رموز ومثيرات تشكل الرسالة من جانبها الحى الفيزيقى، ومن أمثلتها الكلمات والصور والرسوم والإشارات والحركات التعبيرية وغيرها من رموز الاتصال.

2- حوامل الرسالة:

وتضم جميع الأوعية التى تخزن الرسالة بعد ترميزها، ومن أمثلتها المطبوعات كالكتب والنشرات والدوريات والمجلات والصحف، وغير المطبوعات مثل أشرطة التسجيل الصوتى والمرئى والشفافيات والشرائح والأفلام وغيرها.

3- نواقل الرسالة:

وتضم الأجهزة والأدوات والمواقف التى تعرض الرسالة، ومن أمثلتها أجهزة العروض الضوئية وغير الضوئية ولوحات العرض ومعامل اللغات والتمثيليات والمسرحيات ومواقف المحاكاة ولعب الأدوار والمتاحف والمعارض وأماكن الزيارات الميدانية.

 

عن د مصطفى جودت

أستاذ تكنولوجيا التعليم المشارك بجامعة الملك سعود ، وجامعة حلوان مدير تطوير المحتوى الرقمي بجامعة الملك سعود
error: Content is protected !!
التخطي إلى شريط الأدوات