مراجعة كتاب: التصميم التعليمي السريع Rapid Instructional Design

د. مصطفى جودت صالح

عرض وتحليل

د. مصطفى جودت صالح

عنوان العمل الأصلي : Rapid Instructional Design: Learning ID Fast and Right
الطبعة الثالثة
تأليف : George M. Piskurich
الناشر : Wiley

عنوان النسخة المترجمة : التصميم التعليمي السريع – تعلم التصميم التعليمي بسرعة وبدقة
ترجمة : أ.د. عثمان بن تركي التركي و أ.د. أحمد بن عبد الله الدريويش
الناشر: دار جامعة الملك سعود
تاريخ النشر: 2020

قصتي مع العمل :

قبل تحليل وعرض الكتاب أحب أن أروي قصة طريفة حدثت مع هذا الكتاب تحديدا ، وهي أني كنت قد اقتنيت نسخة رقمية من الكتاب في بداية صدور الطبعة الثالثة بعدما قرأت مقدمة طبعة سابقة من الكتاب عثرت عليها مصادفة أثنا بحثي على الإنترنت ولم أكن قد قرأت للكاتب من قبل رغم أهتمامي بمدرسة التصميم السريع Rapid Design في مقابل المدرسة الكلاسيكية في التصميم، ولظروف الإجازات فقد أرجأت قراءة الكتاب إلى حين عودتي من الإجازة فهو بالتأكيد ليس من الكتب التي تصلح للقراءة السريعة التي أجيدها بحمد الله ، فهو كتاب علمي يحتاج لقراءة متأنية وفهم ما يطرح جيدا خاصة مع كم كبير من الأمثلة والأدوات المطروحة في الكتاب، لكن للأسف نسيت النسخة عند عودتي ولم أقرأها إلى أن التقيت بالزميل والصديق العزيز أ.د. أحمد الدريويش بعد أن ترجم نفس الطبعة بالتعاون مع الزميل العزيز أ.د. عثمان التركي فتذكرت العمل وكيف أني لم أقرأ الأصل رغم تواجده عندي فشكرا للمترجمين العزيزين على ترجمتهما لهذا العمل العلمي الرصين والحمد لله أن وجدت فرصة لقراءته بنصه الأصلي ونسخته المترجمة .

Rapid Training Development
Rapid Training Development

المؤلف :

مؤلف العمل هو جورج م. بسكوريش George M. Piskurich هو مستشار تعليمي وأداء مؤسسي شهير متخصص في مجالات التعلم الإلكتروني ، وتحليل الأداء ، والعمل عن بعد. وهو مؤلف العديد من الكتب بما في ذلك التصميم التعليمي السريع ، والتعلم الذاتي، وكتيب الجمعية الأمريكية للتدريب والتنمية ASTD والخاص بتصميم التدريب وتقديمه، ولديه أكثر من خمسة وعشرين عامًا من الخبرة في مجال تسهيل تكنولوجيا التعلم والتصميم لكل من الشركات متعددة الجنسيات والمنظمات الأصغر. يُدرس جورج أيضًا في جامعة جون كارول ، ولاية نورث كارولاينا ، ولاية جورجيا ، وجامعة ميرسر ، ويقيم في إل باسو ، تكساس.
ورغم مؤلفاته المتعددة إلا أن المعلومات حول الكاتب المتاحة على الشبكة قليلة نوعا ما وأعترف أني لم أكن قد قرأت له من قبل، وأن دافعي الأساسي لاقتناء الكتاب هو الموضوع ذاته ثم الحصول على النسخة المترجمة فيما بعد.
من الكتب التي استرعت انتباهي من كتب المؤلف كتاب Rapid Training Development وأعتقد أنه النسخة المقابلة لتصميم التعليمي لكنها تركز على تطوير الموارد التدريبية المفتوحة وأتمنى أن أجد فرصة لاقتناء وقراءة العمل فلم أقرأ إلى ملخص العمل.

المترجمان :

أولهما في ترتيب الغلاف هو أ.د. عثمان التركي ، أستاذ تقنيات التعليم بقسم تقنيات التعليم بجامعة الملك سعود ، وثانيهما في ترتيب الغلاف هو أ.د. أحمد الدريويش أستاذ تقنيات التعليم بنفس القسم العلمي .

نظرة أولى على العمل :

صدرت الطبعة الثالثة الإنجليزية من العمل في 2015 وصدرت النسخة المترجمة من نفس الطبعة في 2020 ، والعمل من الأعمال الضخمة حيث يقع في أحد عشر فصل في حوالي 474صفحة بالإضافة إلى الملاحق التي ترفع عدد الصفحات إلى حوالي 530 صفحة ولو أمتلكت النسخة الرقمية من العمل فستلاحظ أن عدد الصفحات سيظهر مختلف قليلا حسب حجم الخط الذي تستخدمه على جهاز القراءة ، وبالنسبة للنسخة المترجمة فقد بلغت 549 صفحة بدون الملاحق أو 625 صفحة إجمالا.

والعمل من النظرة الأولى هو عمل إجرائي تطبيقي أكثر من كونه عمل نظري أكاديمي، يصلح كدليل تطبيقي أو كحقيبة تدريبية على التصميم كما أنه يمكن أن يعد كمقدمة في التصميم لكنه ليس من الأعمال الأكاديمية التي تناقش الجوانب النظرية في التصميم وفلسفاته، ويشير الكاتب في مقدمته أن العمل أعد ليكون دليلا عمليا إجرائيا لتصميم الموارد التعليمية السريعة بدلا من اغراق المصمم في تفاصيل لا معنى لها، ورغم ما اشار إليه الكاتب من حرصه على عمل دليل إجرائي فإنه استوقفني الإطالة في بعض النقاط وبدئه التصميم التعليمي (السريع) بشرح النموذج العام ADDIE مثله في ذلك مثل باقي كتب التصميم الكلاسيكي والمدرسة المنظومية في التصميم.

مع بداية تصفحنا للكتاب يجب أن نضع في اعتبارنا أن الطبعة الأولى من العمل كانت عام 2000 أي تفصلها عن الطبعة الثالثة خمس عشرة سنة وسنلاحظ هذا جليا في استعمال بعض المصطلحات التي كانت شائعة في وقتها ولكنها اختفت الأن منها نظم تقديم المحتوى Course Delivery Systems وكان هذا المصطلح مهيمن في تلك الفترة ودال على نظم إدارة التعلم LMS وقد استخدمته شخصيا في رسالتي للدكتوراه ، ولعل ما حث الكاتب على إصدار طبعات لاحقه هو التطور الكبير الذي شهده ميدن التعليم الإلكتروني ونماذج التصميم التعليمي الحديثة، فقد ظهر لدينا بيئات التعلم الاجتماعية أو الشبكية وأستراتيجيات كالفصول المقلوبة أو المعكوسة، وتكنولوجيا الحوسبة السحابية في التعليم ، ونماذج التصميم الحديثة كنموذج SAM ونموذج AGILE كل هذا وغيره كثير جاء بعد الطبعة الأولى من الكتاب. وأرى على المستوى الشخصي أن الكاتب رغم تحديثه لأغلب فصول الكتاب وإضافته عديد من المفاهيم الجديدة إلا أن في كثير من الأجزاء من الكتاب شعرت أنني أقرأ كتاب من عقدين من الزمن ، ومن يقرأ كتاب التصميم التعليمي لباتريشيا سميث وتيلمن راغان ، على سبيل المثال، سيعرف مذا أقصد تحديدا.

سيلاحظ القارئ أن الكاتب سيتجنب الغوص في نظريات التعلم ويعتمد على عرض النماذج وعمل قوائم للأداء تحدد ما يجب عمله في كل مرحلة ، ولم يعجبني هذا على المستوى الشخصي ، لكن لعل هذا يرجع إلى هدف الكاتب من العمل فهو حسب المقدمة هو إكساب القارئ قدرات التصميم التعليمي بسرعة ودقة ، وأعترف أن هذه العبارة تحديدا أشكل علي فهم الغرض منها فالتصميم التعليمي السريع ليس معناه أن نتعلم التصميم التعليمي بسرعة هي منهجية تصميم تختصر بعض خطوات النماذج الكلاسيكية في التصميم ، لكن مع التقدم في قراءة الكتاب فهمت ما قصده الكاتب من هذه العبارة.

الهدف وطريقة المعالجة :

هناك مثال يقول “الكاب يظهر من عنوانه ” لكن هذا ليس صحيح دائما ، كما أنه ليس حكم على هذا الكتاب. الهدف كما يوضحه الكاتب هو جعل كل من التعلم والتصميم التعليمي أسرع، فهو يرى أن التصميم التعليمي بوضعه الحالي يستغرق وقتا طويلا لغاية وهو جزء من تطوير أي محتوى تدريبي أو تعليمي ، لذلك فالبحث عن تقنيات للقيام بالتصميم التعليمي بشكل صحيح وسريع هو ما يسعى إليه الكاتب إيمانا منه بأهميته.

لمن هذا الكتاب ؟ ( الجمهور المستهدف) :

يشير الكاتب أنه استهدف من حيث البداية المصممين “العرضيين occasional ” ولا أدري لماذا ذكرتني هذه التسمية بكتاب كامي بين بعنوان مصمم تعليمي بالصدفة The Accidental Instructional Designer والذي تناولته بالتحليل منذ عدة سنوات لعل أتفاقهما في تقديم مهارات التصميم التعليمي لغير المتخصصين، فالكاتب هنا يقول أن أول فئة من الجمهور التي استهدفها بكتابة هم المتخصصين الموضوعيين الذي تقتضي الحاجة بحكم تخصصهم الموضوعي أشتراكهم في مشروعات تصميم تعليمي دون تدريبهم على ذلك. ولعل هذا ما حفز الكاتب على عدم الخوض في الجوانب النظرية في مقابل عمل قوائم المهام والخطوات الإجرائية التي يمكن لغير المتخصص اتباعها.

الفئة الثانية من الجمهور المتخصص هم مدربي التصميم التعليمي ولعل الكاتب هنا استفاد من سابق خبرته في التدريب فهو مدرب تنمية بشرية وتصميم ، فهو أعدة ليكون بمثابة أدوات تكون بمثابة حقيبة تدريبية. وقد أرى شخصيا أننا من الممكن أن نأخذ من الكتاب جزء يصلح كحقيبة تدريبية على التصميم التعليمي.

أما الفئة الثالثة من الجمهور المتوقع فهو من يرغبون في القراءة عن التصميم التعليمي من غير المتخصصين، مثل مديري المؤسسات التربوية، والإداريين الذين لا يقومون بالتصميم بأنفسهم لكنهم يتخذون قرارات متعلقة بعملية التصميم.

ماسبق يظهر على جانب آخر أن الكتاب لم يعد للمتخصصين في التصميم التعليمي والأكاديميين المتخصصين أو الباحثين المتعمقين في المجال.

الكتاب على غير المعهود في الكتب المناظرة استخدم رمز خاص للتخطي بحيث يمكن لغير المتخصص في التصميم كالخبراء الموضوعيين إذا رأوا هذا الرمز أن يتخطوه إلى الأجزاء التالية لعدم أهميته بالنسبة لهم
أما إذا ظهر الرمز السابق بدون الشرطة المائلة فهذا يعني هذا الجزء مخصص للمصمم العرضي غير المتخصص
يستخدم الكاتب رمز المقص داخل مربع للدلالة على أن هذا الجزء هو مختصر لإجراءات التصميم السريع وموجه للممارسين الموسميين حتى لا يضيعوا وقتهم في قراءة ما يعرفونه بالفعل

وأعترف أني قد واجهتني بعض الصعوبات في التعامل مع هذه الرموز وقد كان الأفضل أن يخصص جزء من الكتاب كبرنامج إجرائي وجزء كمقدمة لغير المتخصصن وهكذا .

محتوى الكتاب واسلوب المعالجة:

ما يستوقفني حقيقة في الكتاب هو التزام الكاتب في عرضه بالنموذج العام ADDIE وهو مدرسة لا يسير وفقا التصميم التعليمي السريع Rapid ID، يبدأ الكتاب بمقدمة تعريفية في الفصل الأول ، ثم يتطرق لأنشطة ما قبل التصميم ( مرحلة التجهيز ) وذلك في الفصل الثاني. أما الفصول من الثالث إلى السابع فتتناول بالترتيب مراحل النموذج العام ADDIE بدءا من التحليل ، ثم التصميم، ثم التطوير، ثم التقييم في الفصل السابع. بصراحة لأ أرى الكتاب مميزا في هذا الجزء باستثناء الفصل الرابع الذي أسهب فيه الكاتب وتميز في الأنشطة والإجراءات الموضحة به ، كذلك استخدام الكاتب لقوائم التدقيق والتي يمكن استخدامها من قبل القارئ ليتعرف على احتياجه لمهارة معينة ، كذلك احتواء الكتاب على قوالب يمكن استخدامها أو عمل ما يناظرها وهي من جوانب القوة في هذا الكتاب.

قائمة تدقيق بعنوان ( هل أحتاج للتصميم التعليمي)
قالب لتحليل الوظائف

بداية من الفصل الثامن نجد ما يربط هذا الكتاب فعليا بالتصميم السريع بدءا بعرض مفهوم النماذج الأولية rapid prototyping ثم يتطرق للكيانات التعليمية أو ما تسمى بعناصر التعلم learning objects كما أن الفصل يتناول مفهوم التديب القائم على دعم الأداء performance support-based training وتلبيته للاحتياجات التدريبية، وهذا الجزء تحديدا أشعر أنه لاىينتمي للفصل الثامن ، ثم هناك جزء عن تقنيات أخى حديثة مرتبطة بالتصميم التعليمي السريع ، ورغم أهمية الفصل فإنه جاء مختصرا ونظريا إلى حد بعيد دون أمثلة تطبيقية بشكل عام .

في الفصلين التاسع والعاشر يتناول التصميم التعليمي للتعلم الإلكتروني غير المتزامن والتعلم الإلكتروني المتزامن بالترتيب وتقريبا أسلوب التناول واحد في كلا الفصلين وتجدر الإشارة أن الكاتب أعاد الحديث عن بعض النقاط التي سبق تناولها في الفصول المتقدمة من الكتاب منها التخطيط والتحليل والاختبارات الأولية ( بيتا) لكن بشكل عام الفصلين يعدا حقيبة تدريبية لكل نوع من التصميم رغم أني لا أرى الفصل بين تصميم التعليم المتزامن وغير المتزامن لأن المصمم التعليمي يقوم بهما معا، لكن ربما الفصل جاء بهدف تسهيل التدريب عليهما.

الفصل الحادي عشر يتناول تطبيقات جديدة في التصميم التعليمي وفيه مفاهيم جديدة كالتعلم المقلوب والمتنقل وبيئات التلعم الافتراضية والتعلم عبر الشبكات الاجتماعي والمقررات التعليمية المفتوحة واسعة الالتحاق/ الانتشار MOOCS وهو جزء مضاف على الطبعة الثالثة .

ينتهي الكتاب بمجموعة جيدة جدا من الملاحق أستوقفني منها القراءات المقترحة.

ترجمة الكتاب :

كما سبقت الإشارة فقد ترجم الكتاب من قبل أ.د. عثمان التركي و أ.د. أحمد الدريويش بجامعة الملك سعود، وأعتقد أن أختيار هذا الكتاب للترجمة كان قرارا موفقا فهو يصلح لطلاب قسم تكنولوجيا التعليم للتعرف على التصميم التعليمي بشكل عام ودراسة التصميم التعليمي بالاعتماد على كم الأمثلة والأدوات المتاحة في الكتاب وهي كثيرة وجيدة بشكل عام ، فضلا عن تقديمة فرصة لمن لا يستطيع قراءة العمل الأصلي باللغة الإنجليزية أن يستفيد من ما طرح فيه من معلومات وإجراءات وأدوات . والعمل كترجمة عمل ضخم بلغ بالملاحق حوالي 624 صفحة وقد بشكل هذا الحجم عائقا أمام الطلاب والمبتدئين لكن مع بعض التدريب سيمكن التعامل مع هذا الكتاب بسهولة ، والكتاب أعتقد أنه سيكون نواة لعدد من الحقائب التعليمية والدروات التدريبية التي تتناول التصميم التعليمي .

عن د مصطفى جودت

أستاذ تكنولوجيا التعليم المشارك بجامعة الملك سعود ، وجامعة حلوان مدير تطوير المحتوى الرقمي بجامعة الملك سعود

تعليق واحد

  1. د. محمد محمود

    جيد جدا

error: Content is protected !!
التخطي إلى شريط الأدوات