الموارد التعليمية المفتوحة OERs ، والتعليم عن بعد

د. مصطفى جودت صالح

بقلم / د. مصطفى جودت صالح

الاستشهاد المرجعي:
صالح، مصطفى (مارس 2022) الموارد التعليمية المفتوحة والتعليم عن بعد، بوابة تكنولوجيا التعليم، استرجع -تاريخ- من https://drgawdat.edutech-portal.net/?p=16478

ينظر إلى التعليم في العصر الحالي على أنه نظام لمشاركة المعرفة وتطويرها، هذه المشاركة أوجدت الحاجة إلى موارد معرفية حديثة ومتجددة تساير التطور المعرفي من جهة وتضمن الاستمرارية وسرعة الانتشار وقابلية التحديث. أنت كمعلم لم يعد من المنطقي أو من المقبول أن تعتمد على مصدر واحد للمعرفة هو الكتاب المقرر، بل أنه حتى في توصيفك للمنهج ستجد جزء خاص بمصادر التعلم الخارجية ومصادر مقترحة. كما أن بعض طرق التدريس كالتعلم التعاوني تجعل من مجموعات الطلاب مصدرا لبناء المحتوى التعليمي ومشاركته هذا البناء المعتمد على ما يصلوا له من مصادر معرفية.
لم يعد المعلم يعتمد على السبورة فقط في الفصل بل هو في حاجة إلى عمل عرض تقديمي جيد يذخر بالوسائل المتعددة ومصادر التعلم المتجددة، بل ويربط بيئة الإنترنت بالبيئة الصفية فبدلا من حمل المعلم لخريطة يمكنه جلبها من موقع خرائط جوجل وبدلا من الاعتماد فقط على صور تصنيف الكائنات الحية من كتاب العلوم يمكن للمعلم أن يعرض لطلابه مقاطع فيديو من قناة National Geographic من الـ YouTube .

لا يمكن عمليا للمعلم أن يعد كل محتوى عروضه التعليمية بنفسه وبالتالي فهو في حاجة لمورد مفتوح يمكنه الحصول على ما يحتاجه من محتوى تعليمي مجاني وبشكل حديث ومستمر يمكن مشاركته بين طلابه دون انتهاك لحقوق الملكية الفكرية ، كما يمكن عرضه وإعادة بثه على أنظمة إدارة التعلم ، أو حتى عبر مدونته الخاصة.

ما المقصود بالموارد التعليمية المفتوحة OERs ؟

في إعلان باريس 2012 لليونسكو ، عرفت الموارد التعليمية المفتوحة على أنها مواد تعليمية يمكن الوصول إليها وتعديلها ومشاركتها في أي مكان في العالم مجانًا. وبالإضافة إلى جهود اليونسكو في نشر مفهوم الموارد التعليمية المفتوحة عمدت عديد من المؤسسات التعليمية الشهيرة مثل معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) وأكاديمية خان إلى دعم انتشار فكرة الموارد التعليمية المفتوحة.

“مصادر معلومات متوافرة ومدعوم بالتكنولوجيا technology-enabled متاحة للاستخدام والتكييف من قبل مجتمع من المستخدمين لأغراض غير تجارية.” وعادة ما يتم إتاحتها مجانًا عبر الويب أو الإنترنت. يتم استخدامها بشكل أساسي من قبل المعلمين والمؤسسات التعليمية لدعم تطوير المحتوى التعليمي، كما يمكن أيضًا استخدامها مباشرة من قبل الطلاب.

Wiley, D. (2006) The current state of open educational resources.

ويمكن بشكل عام النظر إلى الموارد التعليمية المفتوحة باعتبارها مصادر إلكترونية للمعلومات قابلة للمشاركة وإعادة الاستخدام يمكن أن تتخذ إشكالا عدة كمقاطع الفيديو والملفات الصوتية ، وملفات الوسائل المتعددة والكتب الإلكترونية وتتعدد أغراضها فقد تكون في شكل خطط دراسية أو مواد شارحة أو مصادر ذات طبيعة مرجعية كالقواميس والأطالس ودوائر المعارف. ويرمز للموارد التعليمية المفتوحة بالمختصر OERs كاختصار للمسمى Open Educational Resources ، وقد يترجمها البعض مصادر تعليمية ويترجمها البعض الآخر بموارد تعليمية ولا مشاحة في التسمية ولا يجب أن تستوقفنا كثيرا الترجمعة حيث أن الفروق بين موارد ومصادر لن تؤثر على المفهوم أو الوظيفة .

ما سر الاهتمام بالموارد التعليمية المفتوحة ؟

This image has an empty alt attribute; its file name is trakice_textbooks-1024x973.jpg

قد يفاجأ البعض أن الاهتمام بالموارد التعليمية المفتوحة بدا في مطلع سبعينيات القرن الماضي، وتطورت تلك الموارد (الوسائل) بفضل أمناء المكتبات وأخصائيو مراكز مصادر التعلم وسميت آن ذاك بمسميات عدة منها الوسائل التعليمية الرقمية Digital Educational Media / Materials، حيث أنصب الاهتمام على توفير مصادر تعلم إضافية تدعم بيئات التعلم الصفي وحقائب التعليم عن بعد. لقد سبق ظهور الموارد التعليمية المفتوحة ظهور الإنترنت على سبيل المثال ، يعود أنتشار الإنترنت منذ ما يقرب من ربع قرن ، في حين أن مشروع جوتنبرج ، أول مستودع على الإنترنت لمحتوى المجال العام – وهو أيضًا شكل من أشكال الموارد التعليمية المفتوحة – تم بناؤه بواسطة متطوعين ، بما في ذلك أمناء المكتبات – بدأ في أوائل السبعينيات. مهدت الجهود التطوعية الأولية لهذا المشروع الطريق لظهور أنواع جديدة أكثر تخصصًا من الموارد التعليمية المفتوحة المستخدمة اليوم وليس فقط الكتب الإلكترونية.

ومع بزوغ عصر الإنترنت والتطورات التي حدثت على الهواتف الجوالة والحواسب اللوحية، والحاجة المتزايدة من المؤسسات التعليمية لتقديم تعليم إلكتروني ذو جودة عالية وبتكلفة مقبولة عاد الضوء ليتسلط على مفهوم الموارد التعليمية المفتوحة.

إن أحد أهم أهداف جدول أعمال الأمم المتحدة لعام 2030 هو “التعليم الجيد الشامل والعادل للجميع” ، ووفقا لما تقدم الموارد التعليمية المفتوحة من إمكانات فإن الاهتمام عاد لينصب عليها نظرا لتكلفتها الزهيدة وسهولة استخدامها، حيث بينت الدراسات أن متوسط ما ينفقه الطالب الجامعي على الكتب الجامعية والمرجعية ومصادر التعلم المختلفة ما يقارب 1200 دولار سنويا وهنا تظهر قيمة الموارد التعليمية المفتوحة فبغض النظر عن الانظمة والمنصات التي تقدمها فإنها في أغلبها مفتوحة المصدر قابلة للتعديل، يمكن الاستفادة منها مجانا، كما أنها متاحة لجميع الطلاب بغض النظر عن انتماءاتهم ومستوياتهم الاجتماعية و مكان تواجدهم فهي تحقق نوع من العدالة في الوصول إلى المعرفة.

اعتمد المؤتمر العام لليونسكو في نوفمبر 2019 توصية بشأن الموارد التعليمية المفتوحة (OER) ، مما يمثل تقدمًا مهمًا نحو هدف التعليم الجيد والوصول إلى المعلومات للجميع. ستساهم التوصية بشأن الموارد التعليمية المفتوحة في بناء مجتمعات معرفة منفتحة وشاملة وفي تحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة ، ولا سيما الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة بشأن التعليم. تمثل التوصية علامة فارقة ، حيث ننقل تركيزنا الجماعي من زيادة الوعي حول الموارد التعليمية المفتوحة إلى التنفيذ والإجراءات الأوسع ، بما في ذلك الممارسات التعليمية المفتوحة (OEP).

UNESCO. (2020). Recommendation on Open Educational Resources (OER). Ref: CL/4319. Retrieved from: http://portal.unesco.org/en/ev.php-URL_ID=49556&URL_DO=DO_TOPIC&URL_SECTION=201.html

في ربيع عام 2020 ، كان جائحة COVID-19 في ذروة انتشاره العالمي ، وحدثت لحظة محورية في تاريخ التعليم باستخدام الموارد التعليمية المفتوحة. حيث واجهت أنظمة التعليم في جميع أنحاء العالم بتحديات كبرى تتعلق بكيفية وصول المتعلمين من جميع الأعمار إلى مصادر التعلم عن بعد. لذلك من الضروري أكثر من أي وقت مضى أن يجتمع المجتمع العالمي الآن لتعزيز الوصول الشامل إلى المعلومات والمعرفة من خلال الموارد التعليمية المفتوحة (OER)

UNESCO Call for Joint Action regarding OER (2020). COVID-19 Crisis: UNESCO Call to Support Learning and Knowledge Sharing through Open Educational Resources. https://en.unesco.org/news/covid-19-crisis-unesco-call-support-learning-and-knowledge-sharing-through-open-educational

مع إعلان COVID-19 جائحة عالمي في مارس 2020 ، تم إغلاق المدارس في معظم أرجاء العالم. وبالتالي أوصت الحكومات في معظم البلدان النامية والمتقدمة بنقل التدريس والتعلم إلى الإنترنت، وكانت الصدمة الأولى هي عدم قدرة نظم تشغيل الفصول الافتراضية على الصمود تجاه الطلب المتزايد فوجد المجتع التعليمي نفسه أمام مشكلات انهيار أنظمة التعليم التزامنية حتى أن بعض أنظمة الاجتماعات مثل ZOOM بدأت في تقديم خدمات مجانية للمؤسسات التعليمية لكن هذا بالتأكيد لم يكن كاف ، وفي نفس الوقت ووجه المجتمع التعليمي بشح المتاح من مصادر التعلم المجانية الملائمة، لذلك يعتبر البعض أن مارس 2020 هو إعادة اكتشاف لأهمية الموارد التعليمية المفتوحة.

مميزات الموارد التعليمية المفتوحة :

تذخر الادبيات بالحديث عن مميزات الموارد اللتعليمية المفتوحة والمشتقة من مجالات توظيفها بشكل أساسي وبشكل عام تعد الموارد التعليمية المفتوحة (OER) أدوات أساسية للمعلمين تسمح لهم بإعادة استخدام المواد reuse وإعادة دمجها remixومراجعتها revise وإعادة توزيعها redistribute والاحتفاظ بها retain بشكل مجاني ودون السعي للحصول على تصاريح حقوق النشر لاستخدام المواد وتعديلها. ومن خلال التعاون مع المعلمين الذين يساهمون بخبراتهم في الموضوع ، توفر المصادر التعليمية المفتوحة خيارًا مستدامًا وقابل للتخصيص لتقديم منهجية التدريس عبر الإنترنت.

Open Educational Resource Logo

فمن أهم مميزات الموارد التعليمية المفتوحة أنها موارد حرة – سواء في العطاء أو الأخذ، فأنت تطرحها بشكل مجاني يمكن لأي أحد أن يستخدمها ، كذلك يمكنك أن تستخدم أي محتوى تعليمي متاح على شبكة الموارد التعليمية المفتوحة دون مقابل ولك حرية كاملة في مشاركته مع طلابك وزملائك لأغراض التعليم دون قيود.

نحن – على سبيل المثال -ندرب طلاب أقسام تكنولوجيا التعليم في كليات التربية على كيفية إعداد محتوى تعليمي مناسب للتدريس في بيئات التعلم الإلكترونية سواء كان تدريسا مدمجا أو عن بعد، لكن عندما يتخرج الطالب ويبدأ عمله كصانع محتوى فقد يضطر إلى البدء من الصفر عند تصميم محتوى تعليمي مناسب، وإذا كان يقوم بالتدريس وأراد أن يصنع محتواه بنفسه فقد يضطر إلى تحمل تكلفةشراء بعض المواد أو الوسائل الرقمية الجاهزة التي أنشأها معلمين آخرين أو القوالب التي تتيحها بعض المواقع التجارية. العقبة الأكبر من عامل التكلفة هي أن بعض تلك الموارد الرقمية المتاحة عبر الإنترنت غير مناسبة من الناحية الأكاديمية أو ملائمة ثقافياً.

Open Educational Resources (OER) - by Jonathas Mello, UNESCO | Facebook

القيمة الحقيقية في الموارد التعليمي المفتوحة تتخطى الإتاحة والمجانية إلى الترابطية فيما بينها في شكل شبكات الموارد التعليمية المفتوحة، حيث يمكن لأي معلم البحث عن آلاف المصادر التعليمية عالية الجودة عبر الإنترنت في مجموعة واسعة من مجالات المحتوى والوصول إليها مجانًا في أي وقت، وكلما وصل لمادة مناسبة تظهر له مزيد من الروابط بموارد أخرى بديلة أو مرتبطة بالمادة الحالية.
ملمح آخر للموارد التعليمية المفتوحة أنها نتاج عمل جماعي وعمل تشاركي في كثير من الأحيان، فعندما يلتزم المعلمون بجزء من وقتهم في إنشاء ومشاركة موارد تعليمية مفتوحة ومجانية مع مجتمعات التعلم الشبكية ، فإنهم سيستفيدون من هذا الجهد الجماعي في توفير الوقت والمال الذي كان من الممكن صرفه في العمل بشكل منفرد، فقد أكون مطور جيد لعناصر التعلم لكني أحتاج لمصمم جرافيك لدعمي، أو مؤدي صوتي لتسجيل التعليق الصوتي على ما أقوم بإعداده.
على سبيل المثال، بدلاً من دفع عشرة دولارات لتنزيل ورقة عمل متوسطة الجودة من موقع ABC.com لأنشطة في مادة الرياضيات للصف الرابع الابتدائي، سيقوم مدرس الرياضيات بالبحث في مواقع الموارد التعليمية المفتوحة المختلفة وتنزيل ثلاث أوراق عمل مختلفة بمراجعات عالية من عدد من المدرسين الآخرين الخبراء في التخصص وبشكل مجاني . لا يؤدي استخدام الموارد التعليمية المفتوحة إلى توفير أموال المعلمين فحسب ، بل يوفر أيضًا وقتهم للتحضير لتدريسهم بشكل أكثر كفاءة.
مثال آخر ، يمكن لمعلم حديث التخرج ، البحث عن خطط تحضير الدروس الحالية التي أنشأها مدرسون أكثر خبرة منه والمتوافقة مع نفس المنهج الذي يدرسه، بدلاً من العمل من الصفر. مثلا محمد مدرس علوم ولديه فكرة عن الأنشطة التي يمكن دمجها في درس الطاقة لمعالجة أهداف تعليمية محددة ، فمن خلال البحث عن الموارد التعليمية المفتوحة التي أنشأها مدرسون آخرون ، يمكن لمحمد بسهولة جمع الأفكار والأنشطة المختلفة التي وجدها ضمن الموارد التعليمية المفتوحة المتوافقة مع منهجه وإنشاء محتوى تعليمي مخصص لطلابه يحقق فيه أفكاره ويستفيد من خبرات زملائه.

بالإضافة إلى توفير الوقت والجهد والمال للمعلمين ، أحد أوجه التميز في الموارد التعليمية المفتوحة هو قابليتها للتخصيص، حيث يمكن تخصيص المحتوى بناءً على احتياجات تدريس المقررأو تخصيصه وفقا لاحتياجات الطلاب ( مثل الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة). على سبيل المثال ، قامت المعلمة نهلة بتنزيل سلسلة من مواد القراءة الرقمية للقراء في مستويات مختلفة من موقع الموارد التعليمية المفتوحة، بما في ذلك الأخبار والقصص التي ترغب في السماح لطلابها بممارسة القراءة. ومع ذلك ، لكن وبسبب اختلاف قدرات الطلاب القرائية واحتياجات عدد منهم لمعالجات خاصة كطلاب عسر القراءة “دسلكسيا” على سبيل المثال. يمكن حل هذه المشكلة بسرعة باستخدام موارد الموارد التعليمية المفتوحة حيث يمكن للمعلمة تعديل مستوى صعوبة القراءة وشكل الأحرف والمسافة بين الأسطر ، ومستوى الأنشطة القرائية المقدمة لتلائم طلابها.

تحديات الاعتماد على الموارد التعليمية المفتوحة :

مع زيادة الاعتماد على الموارد التعليمية المفتوحة وانتشار استخدامها على نطاق واسع ظهرت عدة تحديات واجهت استخدامها خاصة في الأعوام الثلاث الأخيرة والتي أشارت إليها أدبيات عدة لعل أولها يتعلق بجودة محتوى الموارد التعليمية المفتوحة. نظرًا لأن الأنواع المختلفة من الموارد التعليمية المفتوحة يمكن تعديلها بواسطة أي شخص في أي وقت – غالبا لحظيا على التطبيقات السحابية – فإن المعلومات التي تحملها تلك الموارد (والتي يتم مشاركتها على نطاق واسع) قد لا تكون دائمًا موثوقة أو دقيقة تمامًا. طبعا توجد معايير وأسس لاختيار تلك الموارد منها اعتماد الموثق منها لكن لا توجد ضمانة حقيقية لجودة المحتوى المقدم هذه الجودة لا تقتصر فقط على المحتوى بل تتصل بأخطاء الإنتاج كذلك.

التحدي الثاني الذي يقلق مستخدمي الموارد التعليمية المفتوحة يتعلق بالملكية الفكرية. ففي السابق ، اعتمد أعضاء هيئة التدريس في الغالب على حماية شرط “الاستخدام العادل” لمشاركة مقتطفات من المواد المحمية بحقوق الطبع والنشر لأغراض التدريس والتي تحدد الكم المسموح به للاستخدام المجاني للمصادر المختلفة للأغراض التعليمية. لكن مع انتشار الموارد التعليمية المفتوحة وربط محتوى المورد كاملا بمحتوى المقرر ، لم يعد مفهوم “الاستخدام العادل” يصلح. أشارت بعض الدراسات أن عديد من الأساتذة لا يفهمون القواعد المنظمة لحقوق الملكية الفكرية ولا يستطيعون التمييز بين ما يمكن أو لا يمكن فعله مع المحتوى الفكري للموارد التعليمية المفتوحة.

الملكية الفكرية – التعريف والنشأة
الملكية الفكرية ورخص المشاع الإبداعي - مزن
الملكية الفكرية ورخص المشاع الإبداعي - مزن
The 7 factors that influence user experience | by Claire D. Costa | UX  Collective
حدود تجربة المستخدم

التحدي الثالث يتعلق بقيود التكنولوجيا. خصوصا ما يتعلق بسهولة الوصول Accessibility والاستخدام Usability غالبا ما يجد المستخدمون للموارد التعليمية المفتوحة أنفسهم أمام بعض الأسئلة منها؛ هل توجد أدوات تتيح الوصول السلس للمستخدمين؟ هل تتيح التكنولوجيا تجربة مستخدم UX جيدة ليس فقط للطلاب ولكن أيضًا للباحثين؟ ما نوع التقنية المستخدمة وما هي جودة الملفات المشتركة؟
وقد يمتد هذا التحدي إلى العدالة في الوصول للموارد التعليمية المفتوحة في حالات تفاوت المناطق الجغرافية وقدرات وسائل الاتصال بين الطلاب خاصة في الأنظمة التعليمية المتفوحة والمعتمدة على مقررات تدرس عن بعد.

تركز تجربة المستخدم (UX) على فهم عميق للمستخدمين وما يحتاجون إليه وما يقدرونه وقدراتهم وأيضًا حدودهم. كما أنه يأخذ في الاعتبار أهداف العمل وأهداف المجموعة التي تدير المشروع.

أما أكبر التحديات التكنولوجية التي تواجه مستخدمي الموارد التعليمية المفتوحة هي الإحاطة الجارية بهذه الموارد، والتي تطلق عليها بعض الأدبيات قابلية الاكتشاف. فمع تعدد مصادر تصميم وتطوير تلك الموارد وتعدد منصات طرحها ومشاركتها أصبح من الصعب متابعتها ومعرفة آخر التحديثات لنفس المورد، فضلا عن البحث والوصول إلى أفضلها، ولعل هذا ما دفع بعض الدول إلى تطوير منصات وطنية و المشاركة في منصات إقليمية للموارد التعليمية المفتوحة.

الموارد التعليمية المفتوحة و عناصر التعلم :

سبق وأن تناولت في مقال منذ سنوات بعنوان ” مستودعات عناصر التعلم مفاهيم وأرقام ” مفهوم عناصر التعلم LOs وفكرة مستودعات عناصر التعلم LORs ، ومنذ كتاباتي المبكرة عن الموارد التعليمية المفتوحة يأتيني تساؤل مفاده ما الفرق بين الموارد التعليمية المفتوحة وعناصر التعلم ؟ وما الفرق بين مستودعات عناصر التعلم وبين منصات الموارد التعليمية المفتوحة؟

بشكل عام فإن عناصر التعلم LOs هي شكل أو نوع من أنواع الموارد التعليمية لكنها قد تكون مفتوحة أو مقيدة، لكن الفارق الحقيقي أن عناصر التعلم أكثر ضبطا وصعوبة في التصميم فهي قائمة على قابلية المشاركة وإعادة الاستخدام والتحديث بشكل آلي وارتباط شبه دائم بالمستودع المدم لهذا العنصر ، على عكس المورد التعليمي الذي يمكنك تحميله وتعديله وتحديثه وإعادة طرحه بأشكال متعددة وبحرية أكبر بكثير. ويشترك الإثنان في استخدام المصمم التعليمي لهما ووضفهما تربويا بنفس الطريقة تقريبا – من حيث الأهداف والأنشطة والمخرجات – لكن من الناحية التكنولوجية يختلف أسلوب التصميم والتقديم.

على جانب آخر ينظر إلى الموارد التعليمية المفتوحة (OER) كأحد الأدوات الأساسية لتحسين التعليم والتعلم في مجتمع المعرفة. وقد أنشأت عديد من المبادرات لدعم استخدام الموارد التعلميية المفتوحة، ومن الأمثلة على تلك المبادرات مبادرة OpenCourseWare في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا. ومستودع Connexions الذي تديره جامعة رايس ؛ ومبادرة التعليم المفتوح في جامعة كارنيجي ميلون ؛ ومركز التعلم المفتوح والمستدام في جامعة ولاية يوتا. وفي العالم العربي توجد بالمملكة العربية السعودية منصة شمس لتبادل الموارد التعليمية المفتوحة.

ومع التطورات التكنولوجية خاصة الخدمات السحابية بدأ التقارب بين مفهوم منصات الموارد التعليمية المتفوحة ومستوعات عناصر التعلم حيث يتم حاليا مشروع رائد مدعوم من الجامعة الفيدرالية في ساو كارلوس (UFSCar) لإنشاء منصة REMAR للموارد التعليمية المفتوحة المتقدمة، التي توفر أدوات لتأليف ونشر الموارد التعليمية المفتوحة، بما في ذلك إنشاء نماذج للألعاب التعليمية، والمحاكاة العليمية.

في الوقت الحالي تقدم عناصر التعلم من خلال مزودي خدمات المحتوى في الغالب ويمكن ربطها وتشغيلها بينيا مع أنظمة إدارة التعلم دون جهد يذكر من المعلم، كما يمكن التغيير عليها في حدود ما يسمح به التصميم الأصلي ففي عنصر تعلم للمحاكاة يمكن اختيار المواد أو ظروف التجربة لكن لا يمكنك تصميم تجربة أخرى تماما ما لم يكن هذا من الوظائف المتاحة في عنصر التعلم . إلا أن بعض المشاريع عملت على إحداث التقارب بين مفهوم الموارد التعليمية المفتوحة وعناصر التعلم فيما سمي بعناصر التعلم المفتوحة OLOs، ومن ذلك أحد المشروعات الممولة من الاتحاد الأوروبي تحت أسم SLOOP: Sharing Learning Objects in an Open Perspective ، والذي استحدث نموذجا مطورا لعناصر التعلم المفتوحة سمي OpenLO model والذي يسمح بمشاركة عنصر التعلم وربطه بالمستودع مع إمكانية تغييره وتحديثه وتخصيصه وفقا لحاجة كل معلم ، لكن استخدام هذا النوع من عناصر التعلم يقتضي الانتقال من مستودعات عناصر التعلم التقليدية إلى ما يسمى بنظم إدارة عناصر / كيانات التعلم Learning Object Management Systems (LOMS) وهي أحد أشكال أنظمة إدارة المحتوى يمكنها الارتباط بنظم إدارة التعلم لتشارك عناصرها وتعطي المعلم إمكانية التعديل والتحديث والتخصيص والمشاركة.

عن د مصطفى جودت

أستاذ تكنولوجيا التعليم المشارك بجامعة الملك سعود ، وجامعة حلوان مدير تطوير المحتوى الرقمي بجامعة الملك سعود
error: Content is protected !!
التخطي إلى شريط الأدوات