قراءة في كتاب : Flipped Learning: Gateway to Student Engagement

التعلم المقلوب : بوابة لمشاركة الطلاب

د. مصطفى جودت صالح

سبق وأن نشرت بوابة تكنولوجيا التعليم قراءة لكتاب :

Flip Your Classroom: Reach Every Student in Every Class Every Day

من تأليف جوناثان برجمان و آرون سامز Jonathan Bergmann and Aaron Sams ، والكتاب الحالي هو كذلك من تأليف نفس المؤلفين ولنفس الناشر ، وهي الجمعية الدولية للتكنولوجيا في التعليم ، والتي تعتبر أحد أكبر الناشرين الموثوقين في مجال تكنولوجيا التعليم على مستوى العالم ، والتي جعلت نصب عينيها رفع مستوى التوظيف الفعال للتكنولوجيا في التعليم قبل الجامعي على وجه الخصوص فضلا عن دعم أداء المعلم.

والعمل قد تم ترجمته إلى اللغة العربية بتكليف من مكتب التربية العربي لدول الخليج تحت عنوان : التعلم المقلوب : بوابة لمشاركة الطلاب  ، وقام بالترجمة أ.د. عبدالله زيد الكيلاني

 

ويذكر المؤلفان في مقدمة الكتاب أن هذا العمل تتمة للكتاب السابق ، والذي سبق عرضه في بوابة تكنولوجيا التعليم من قبل ، ويهدف العمل الحالي إلى إعانة المعلمين وإرشادهم إلى كيفية تحويل الصفوف إلى نموذج التعلم المقلوب ، وكيفية إشباعهم لحاجات الطلاب من خلال مجموعة من أنشطة يقدمها المؤلفان وقصص نجاح لمعلمين من كافة أرجاء العالم ،  يبدأ الكتاب بتمهيد قريب جدا في محتواه للفصل الأول من الكتاب السابق والذي استعرض قصة بدء فكرة الصف المقلوب ، الجديد هنا أنهما عرضا لاكتشافهما لبرنامج عام 2007 يسجل شاشات برنامج الباوربوينت فضلا عن الحبر الرقمي ، والتعليق الصوتي على الشرائح ، وهذا البرنامج هو الذي تطور فيما بعد لفئة كبيرة من البرامج تسمى Screen Casting .


النسخة المعربة من الكتاب جيدة بشكل عام لكن يعاب عليها اجتهاد المترجم في ترجمة المصطلحات التكنولوجية دون الرجوع لمتخصصين مما جعله يترجم تطبيقات حاسب وكأنها مصطلحات ، ويجتهد في تعريب أجهزة تكنولوجية بغير التسمية المتعارف عليها ، لكن هذا بشكل عام لا ينقص من قدر الجهد المتميز المبذول في تعريب الكتاب.

ويلاحظ أن الكاتبين في مقدمة الكتاب أعادا كثيرا مما سبق وأن أوضحاه في الكتاب الأول من قصة بدايتهما للتدريس بأسلوب التعلم المقلوب ، ويلخص الكاتبان في نهاية مقدمة الكتاب رؤيتهما للصف المقلوب في أنه وسيلة للتدريس من خلال الفيديو أو أية وسيلة تعليمية أخرى يمكن استخدامها من قبل الطلاب فرديا قبل حضورهم للصف ، وأن هذا التحول في توقيت الدراسة ( يقصدان أن تلقي المعلومات يتم قبل الحصة ) يتيح للمتعلم أن يستعمل وقت الحصة في عمل جماعي أو تعاوني ، أي أن الصف المقلوب عبارة عن تدريس على الخط المباشر يعطي للطالب خارج الصف ، وتوظيف لوقت الحصة بشكل أكبر للعمل في مجموعات وبأسلوب نشط .
يؤكد الكاتبان أنهما منذ إصدارهما لكتابهما الأول عام 2012 وهما يقومان بتنقيح كتابهما وتطوير الفكرة بالتعاون مع عدد من التربويين ( قدموا لهم الشكر في بداية الكتاب مع بيان الأسماء ) ، وأن النموذج الذي يقدمانه مايزال محوره المعلم وهو ليس نموذج محوره الطالب ( كالتعلم الفردي مثلا ) وأن النموذج المقلوب الإتقاني مايزال محورة المعلم كذلك وإن راعى سرعة الطالب وقدراته.

يرى الكاتبان أن التحدي الحقيقي الذي يواجه المعلم هو محاولة الإجابة على السؤال ؛ ما أفضل استخدام لوقت الحصة التي يكون فيها المعلم وجها لوجه مع طلابه ؟ إنها من وجهة نظرهما دقائق ثمينة يجب استغلالها في أمور لا يمكن للطالب أداءها منفردا .

ويتفرع من السؤال السابق عن أفضل استخدام لوقت مواجهة المعلم لطلابه في الصف ، هل هو استخدام استراتيجية حل المشكلات ؟ أم الاستكشاف ؟ هل هو التدريس وجها لوجه ؟ أم الممارسة العملية تحت توجيه المعلم ؟
ويبدو أنه لا توجد إجابة واحدة تصلح لجميع الحالات ، بل توجد عدة إجابات محتملة تتوافق مع حالات متعددة.

الفصل الأول من الكتاب يتناول شرحا لنموذج التعلم المقلوب ، ويؤكد الكاتبان فيها أن ما سمي بالصف المقلوب كان مرحلة أولية لنظرتهما الأشمل نحو التعلم المقلوب Flipped Learning ، ويعرفه الكاتبان بأنه منحنى تعليمي يتم فيه الانتقال بالتدريس من مكان تعلم المجموعة إلى مكان تعلم الفرد ، ويتحول مكان المجموعة الناتج إلى بيئة تعلم ديناميكية / تفاعلية يوجه فيها المربي طلابه وهم يطبقون المفاهيم ويشتغلون بطريقة إبداعية نشطة .

ويتناول الفصل نقاط عدة منها مكونات بيئة التعلم المقلوب الناجحة ، وكيف يتحول التعلم المقلوب إلى تعلم محوره الطالب ، وعوامل النجاح المختلفة.

الفصل الثاني من الكتاب يتناول مفاهيم خاطئة أو مغلوطة عن الصف المقلوب ، ويناقش الفصل بعض انتقادات التربويين لنموذج الصف المقلوب ويؤكد الكاتبان أن الهدف هو الانتقال إلى فكرة أوسع هو التعلم المقلوب وليس الوقوف عند حدود الصف.

ويناقش الفصل بعض المفاهيم الخاطئة منها اعتبار الصف المقلوب نوع من أنواع التعلم القائم على الفيديو وأن هذا خطأ فهناك مواقع كأكاديمية خان تحقق ذلك لكن الميزة الأساسية في الصف المقلوب أنه نموذج يستغل وقت الحصة الاستغلال الأمثل ، ويحيل الطالب إلى الفيديوهات التي تشرح موضوعات يمكن أن يدرسها مباشرة دون استهلاك لوقت الحصة ، كما أنه يعطي الطالب الفرصة ليتعلم في الوقت الذي يناسبه ، وأن يستفيد من التعلم التعاوني والتعلم الجماعي داخل حجرة الصف.

من المفاهيم السلبية الأخرى  التي يناقشها الفصل هو كون هذا النموذج لا يحقق الفرص المتساوية بالنسبة للطلاب فليس كل الطلاب لديهم أجهزة في منزلهم ولا يتاح لهم الولوج للإنترنت ( في وقت بداية الفكرة ) ، لكن أشار الكاتبان أنهما زودا الطلاب بالفيديوهات بوسائل عديدة ليس فقط عن طريق الإنترنت.

ومن الاتهامات الموجهة للصف المقلوب كذلك أنه يشيع تكنولوجيا تعليمية رديئة ، فمجرد تحويل المحاضرة إلى مقطع فيديو يشاهده الطالب هي تكنولوجيا قاصرة إلى حد بعيد ، ويؤكد المؤلفان أنهما انتقلا من مجرد الصف المقلوب على مفهوم التعلم المقلوب بما يشمله من استخدام مصادر تعلم عدة وليس فقط مقطع فيديو مسجل.

ومن المفاهيم السلبية التي يناقشها الفصل كذلك ، إضاعة وقت الطالب في مهام منزلية لا ضرورة لها ولكن التقارير العملية تفيد أن الطلاب يستغرقون وقتا في مشاهدة الفيديوهات أقل مما يستغرقونه في حل الواجبات المنزلية وبالتالي فقد تم توفير وقت الطلاب .

ويشمل هذا الفصل قدرا لا بأس به من الأمثلة والتجارب الإيجابية لمعلمين حول العالم.

الفصل الثالث من الكتاب بعنوان ؛ محتوى ، وحب استطلاع ، وعلاقة .

هو عنوان غريب قليلا لكنه بشكل عام يوضح أن الوضع الحالي في التعليم يهتم بالمحتوى على حساب تنمية حب الاستطلاع والعلاقات بين الطلاب ومعلميهم ، لكن ما يجب أن تكون النسب متساوية بين الأقسام الثلاثة.

ويشير الفصل إلى أن الاهتمام بالمحتوى يقود إلى توجه إلى تعلم أكثر عمقا وأن حب الاستطلاع يقود إلى تعلم أوسع أفقا ، وأن تكوين العلاقات مع الطلاب يقود إلى ترابط أقوى .

الفصل الرابع من الكتاب بعنوان ؛ توجه إلى تعلم أكثر عمقا وأوسع أفقا وأعمل على تكوين علاقات.

هرم بلوم المعكوس

يناقش هذا الفصل كيف تحقيق المفاهيم الواردة في الفصل السابق له ، حيث يبدأ بمناقشة تصنيف بلوم كإطار مرجعي في البحث في التعلم وفهمه ، ويشير الفصل إلى الدلائل التي تثبت أن الصف المقلوب يؤدي إلى تعلم أكثر عمقا خاصة عندما لا يتوقف الطلاب عند مشاهدة الفيديوهات التي تقتصر على مستويي التذكر والفهم ويستخدما روابط ومصادر تقودهم لتعلم أكثر عمقا، كذلك يؤدي التعلم المقلوب إلى تعلم أوسع أفقا عبر استخدام استراتيجيات متعددة كالتعلم المبني على المشروعات ، واستراتيجيات التعلم المبني على استكشاف المحتوى مما أدى لتبني هرم بلوم المقوب ، فالطلاب يقضون معظم أوقاتهم مبدعين ومقومين ، لا متلقين .

 

 

الفصل الخامس بعنوان ؛ تعلم أكثر عمقا : قضة كريستال كيرش . وهي معلمة رياضيات بالمرحلة الثانوية بمدرسة “سجر ستورم” بكاليفورنيا ، وقد عرفت هذه المعلمة عبر ملاحظاتها المنشورة حول التعلم المقلوب وتجاربها التي تقرأ على نطاق واسع خاصة وأنها تعمل في مدرسة ذات إمكانات محدودة ، وقد طرت تلك المعلمة أداة يستعملها الطلاب في تفاعلهم وتعلمهم من الفيديو ، تقوم فكرتها على مسار متكرر قائم على ( شاهد ، لخص ، اسأل ) وقد تبناه الكثيرون حول العالم ، ويتناول هذا الفصل ما قامت به هذه المعلمة .

والفصل السادس يتناول كيفية الانتقال إلى تعلم محوره الطالب من خلال عرض قصة ” بريان بنت” وهو معلم سابق للكيمياء ومهندس محاليل حاليا ، وله مدونة معروفة بإسمه وقد بنى بريان ممارساته في الصف المقلوب على ميول ورغبات طلابه ، وهو حاليا عضو بشبكة التعلم المقلوب FLN .

الفصل السابع يتناول استخدام الصف المقلوب في مجال التربية البدنية ، من خلال قصة جاسون هانستادت .

والفصل الثامن يناقش كيفية الانقتال بالصف المقلوب إلى تعلم أكثر عمقا من خلال تجربة ” كارولين دورلي ” معلمة الاحياء في كولومبيا البريطانية بكندا، ومن نقاط القوة في هذا الفصل احتوائه على جدول بالأنشطة الممكنة أو المقترح ممارستها في الصف المقلوب.

وتستمر الفصول من التاسع إلى الثالث عشر تناقش قصص النجاح للتربويين الذي استخدموا الصف المقلوب ، ويختتم الكتاب بالفصل الرابع عشر بخلاصة .

بشكل عام أن هذا الكتاب أفضل من سابقة من حيث اللغة أو نضج التجربة ، لكن يصعب قراءته لمن لم يقرأ الجزء السابق ، فالجزء السابق جزء مفاهيم ، وهذا الجزء عبارة عن خبرات عملية وتطبيقية.

مقتبسات من الكتاب

 

 

عن د مصطفى جودت

أستاذ تكنولوجيا التعليم المشارك بجامعة الملك سعود ، وجامعة حلوان مدير تطوير المحتوى الرقمي بجامعة الملك سعود
error: Content is protected !!
التخطي إلى شريط الأدوات