مبادئ التصميم الشامل للتعلم UDL

مبادئ التصميم الشامل للتعلم  UDL

إعداد: د. مصطفى جودت صالح

التصميم الشامل للتعلم (UDL) هو إطار متعدد الأوجه يمكن فهمه من خلال مجموعة متنوعة من التعريفات التي يقدمها خبراء متخصصون في هذا المجال. يقدم كل تعريف منظورًا فريدًا حول الهدف من التصميم الشامل للتعلم (UDL) وتطبيقه وتأثيره في البيئات التعليمية. ويعد التصميم الشامل للتعلم (UDL) تطبيقاً لمبادئ التصميم الشامل UD بشكل عام والذي يشير إلى منهج تصميمي يهدف إلى إنشاء منتجات وخدمات وبيئات يمكن الوصول إليها واستخدامها من قبل أكبر عدد ممكن من الأشخاص، بغض النظر عن أعمارهم أو جنسهم أو عرقهم أو أصلهم العرقي أو قدرتهم.

إن الهدف الأساسي للتصميم الشامل للتعلم هو السماح لجميع المتعلمين بتحقيق أفضل تجربة تعليمية ممكنة، تتناسب مع احتياجاتهم وقدراتهم الفردية من خلال تطبيق استراتيجية التصميم الشامل للتعلم (UDL)، بحيث يمكن للمعلمين إزالة الحواجز البدنية والحسية والإدراكية أمام التعلم، وضمان إمكانية الوصول الشامل لجميع االمتعلمين. وهذا المنهج مهم جدا بشكل خاص في بيئات التعلم المتعددة اليوم، حيث يمتلك الطلاب خلفيات وقدرات وأنماط تعليم مختلفة، ويتفاعلون مع بيئات ذات مواصفات وخصائص مختلفة أثناء تعلمهم. ويناقش المقال الحالي مفهوم التصميم الشامل للتعلم، وأبرز مبادئه، وأهم العوائد من تطبيق التصميم الشامل للتعلم، ودور التكنولوجيا في تطبيق مفهوم التصميم الشامل للتعلم.

يعرّف كوريو وآخرون (2013) UDL بأنه “مجموعة من المبادئ والتقنيات لاستخدامها في الفصل الدراسي جنبًا إلى جنب مع تصميم مواد تعليمية يمكن الوصول إليها”. يسلط هذا التعريف الضوء على التطبيق العملي للتصميم الشامل للتعلم، ويركز على دوره في تشكيل ممارسات الفصل الدراسي وإنشاء مواد يمكن الوصول إليها لمجموعة متنوعة من المتعلمين. ويؤكد على أهمية UDL في تلبية الاحتياجات والتفضيلات الفردية للطلاب، ويضمن حصول الجميع على فرصة للتعلم بشكل فعال.

ويتوسع إيفانز وآخرون (2010) في ذلك، ويصفون التصميم الشامل للتعلم بأنه “إطار يساعد المعلمين على مطابقة أساليب التدريس القائمة على البحث مع نقاط القوة والتحديات المحددة للطلاب” . يركز هذا المنظور على قابلية التصميم الشامل للتعلم للتكيف، ويسلط الضوء على دوره في تمكين المعلمين من تخصيص استراتيجيات التدريس الخاصة بهم لتناسب الملامح التعليمية الفريدة لطلابهم. يصبح التصميم الشامل للتعلم، في هذا السياق، أداة لتخصيص التعليم، ويضمن أن تكون أساليب التدريس ليس فقط مبنية على بحث قوي ولكنها أيضًا تستجيب لاحتياجات الطلاب الفردية.

يقدم جارجيولو وميتكالف (2023) رؤية أوسع للتصميم الشامل للتعلم، ويعرّفونه بأنه “إطار تدريسي، وأداة لتسريع التعليم من أجل تقديم مناهج التعليم العام لكل طالب” . يؤكدون على أن التصميم الشامل للتعلم يتعلق بإزالة حواجز الوصول بدلاً من تقليل التحديات الأكاديمية، ويؤكدون على دوره في تعزيز أساليب التدريس المرنة والمتساوية ويمكن الوصول إليها. يصور هذا المنظور التصميم الشامل للتعلم كوسيلة لإضفاء الطابع الديمقراطي على التعليم، وضمان الوصول العادل للتعلم لجميع الطلاب، بما في ذلك ذوي الإعاقة.

ويشير إيفانز (2010) إلى مزيد من التفصيل حول المرونة والفرص التي يوفرها UDL، ويلاحظ أنه يوفر “مرونة وفرصة للمعلمين والطلاب من خلال دمج الشراكات التعاونية وأدوات التكنولوجيا والتعليم المتباين”. يسلط هذا التعريف الضوء على الطبيعة الديناميكية لـ UDL، ويظهر كيف أنه يعزز بيئة تعليمية تعاونية غنية بالتكنولوجيا وطرق تدريس متنوعة. إنه نهج يفيد كلًا من المعلمين والطلاب، ويلبي أنماط التعلم المختلفة ويعزز التجربة التعليمية الشاملة.

وأخيرًا، فإن مصطلح “عالمي” في التصميم الشامل للتعلم لا يعني “مقاس واحد يناسب الجميع”، كما يقول هجبي وجوف Higbee و Goff (2008، )؛ بل إنه يدل على التزام الإطار بالوصول الشامل. هذا المفهوم مهم لأنه يحدد تركيز التصميم الشامل للتعلم على الشمولية وإمكانية الوصول إليها، ويضمن أن يتم تخصيص التعليم لتلبية الاحتياجات المتنوعة لجميع المتعلمين، بدلاً من اتباع نهج “مقاس واحد يناسب الجميع”.

كما يؤكد إيفانز وآخرون (2010)، أن إطار التصميم الشامل للتعلم مرتبط ارتباطًا عميقًا بفهمنا لوظائفية الدماغ، حيث يدرك أهمية ثلاث شبكات رئيسية: الإدراك والتاثير والاستراتيجية. هذه الشبكات ضرورية لمعالجة المعلومات ودمجها وتطبيقها، وكل منها يتماشى مع عنصر أساسي من عناصر التصميم الشامل للتعلم مثل طرق العرض المتنوعة، والطرق المتنوعة لإشراك الطلاب والتفاعل معهم ، وطرق متعددة للتعبير. مما يعمل على إنشاء بيئات تعليمية مرنة وشاملة.

أبرز مبادئ التصميم الشامل للتعلم

طور مركز التصميم الشامل بجامعة ولاية كارولينا الشمالية سبعة مبادئ للتصميم الشامل لتوجيه تصميم أي منتج أو خدمة أو بيئة وهذه المبادئ تغطي هي مبادئ عامة تشترك بين أغلب المجالات وليس فقط التعليم. ويمكن تلخيصها فيما يلي:

1. الاستخدام العادل Equitable use: يجب أن يكون التصميم مفيدًا وسهل الاستخدام للأشخاص ذوي القدرات المختلفة. على سبيل المثال، موقع الويب الذي يمكن الوصول إليه للجميع، بما في ذلك الأشخاص المكفوفين، يتبع هذا المبدأ.

2. المرونة في الاستخدام Flexibility in use: يستوعب التصميم مجموعة واسعة من البدائل التي تراعي الفروق الفردية. على سبيل المثال، المتحف الذي يسمح للزائر باختيار قراءة أو الاستماع إلى وصف المحتويات المتحفية وربما مشاهدة فيلم تسجيلي أو استخدام قاعة الواقع الافتراضي للتفاعل البديل مع المعروضة المتحفية يستخدم هذا المبدأ.

3. البساطة والسهولة Simple and intuitive: يجب أن يكون استخدام التصميم سهلاً بغض النظر عن خبرة المستخدم أو معرفته أو مهاراته اللغوية أو مستوى تركيزه الحالي. على سبيل المثال، معدات مختبر العلوم التي تحتوي على أزرار تحكم واضحة وبديهية تتبع هذا المبدأ.

4. المعلومات المدركة Perceptible information: يجب أن يقدم التصميم المعلومات الضرورية للمستخدم بشكل فعال بغض النظر عن الظروف المحيطة أو قدرات الحواس الخاصة به. على سبيل المثال، استخدام النصوص البديلة للصور في تصميم المحتوى التعليمي، وقابلية النصوص المستخدمة في التعليم الإلكتروني للتكبير والتغيير وحويل الصوت في الفصول الافتراضية إلى نصوص مولدة آليا كلها تعتمد على هذا المبدأ.

5. التسامح مع الأخطاء Tolerance for error: يجب أن يضع المصمم في حسبانة الأخطاء التي قد يقع فيها المستخدم والأفعال غير المقصودة أو العرضية. على سبيل المثال، برنامج تعليمي يوفر إرشادات للمستخدم عند اتخاذ قرار غير مناسب يتبع هذا المبدأ. كذلك إعطاء المستخدم فرصة للتراجع عن فعله أو إعادة المحاولة يعد تجسيدا لهذا المبدأ.

6. تقليل الجهد البدني المبذول Low physical effort: يجب أن يضع المصمم في ذهنه تقليل الجهد البذني المبذول من قبل المستخدم مثل الأبواب ذاتية الفتح والإغلاق ، وثل استخدام أدوات تحكم في المحتوى الإلكتروني بسيطة وسهلة الاستخدام والتفاعل الصوتي كبديل عن التفاعل بأدوات التحكم التقليدية.

7. الحجم والمساحة للوصول والاستخدام Size and space for approach and use: يراعى في تصميم بيئات التعلم إمكانية التحكم وتعديل الحجم والمواصفات التي تجعلها مناسبة للأفراد ذوي القدرات الجسدية المختلفة، ومن ذلك استخدام أدوات بديلة مخصصة للتفاعل مع الحاسبات للطلاب ذوي الإعاقة الحركية، وكذلك التحكم في حجم وأرتفاع الأثاث في الصف الدراسي لملائمة الطلاب ذوي المواصفات الجسدية المختلفة.

وإن كانت المبادئ السابقة هي مبادئ التصميم الشامل بشكل عام UDP ، فإن مركز التقنيات المساعدة التطبيقية (CAST) قد قام بإنشاء مجموعة من ثلاثة مبادئ لها جذور في علم الأعصاب الإدراكي لدعم الممارسات والمناهج الخاصة بالتعليم والتعلم. حيث يشير علم الأعصاب الإدراكي (Cognitive Neuroscience) إلى أن عقل الإنسان يحتوي على ثلاث شبكات من الأعصاب تكون إحتياجات الفرد بالنسبة لعملية التعليم:

https://www.cast.org/impact/universal-design-for-learning-udl

ويعتمد إطار التصميم الشامل للتعلم (UDL)، كما طورته مركز التكنولوجيا المساعدة التطبيقية (CAST؛ روز ماير، 2000)، على ثلاثة مبادئ أساسية: التقديم، والإشراك، والفعل أوالتعبير. ويلاحظ إيفانز وآخرون (2010) أن كلًا من هذه المبادئ يتوافق مع وظيفة أو شبكة معينة في الدماغ.

استنادًا إلى رؤى أبحاث CAST وإيفانز وآخرون، يمكن تلخيص مبادئ التصميم الشامل للتعلم (UDL) في الشكل الآتي:

CAST (2018).Universal Design for Learning Guidelines version 2.2.
Retrieved from http://udlguidelines.cast.org

• تنوع وسائل التقديم Representation (شبكة الإدراك)

يرتبط هذا المبدأ بشبكة الإدراك في الدماغ ويركز على “ماذا” نتعلم؟ إنه يؤكد على أهمية تقديم المعلومات في تنسيقات مختلفة لاستيعاب أنماط التعلم والتفضيلات المختلفة. يستفيد المعلمون من هذا المبدأ من خلال دمج الحقائق الرئيسية والأفكار والمفاهيم في تدريسهم ومواءمتها مع الخبرات والمعارف السابقة للطلاب. الهدف هو تقديم المحتوى بطرق تتوافق مع نقاط قوة كل طالب، وبالتالي تعزيز ارتباطه بالمعلومات الجديدة. ويرتبط مبدأ التقديم بعدة معايير لعل أبرزها:

  • توفير خيارات متعددة للوصول إلى المعلومات: استخدم نصوصًا ومقاطع فيديو ورسومات بيانية وتسجيلات صوتية لتقديم المحتوى. هذا يلبي أنماط تعلم مختلفة (بصرية، سمعية، حركية).
  • تفعيل المعرفة السابقة: اربط المفاهيم الجديدة بالمعرفة السابقة للطلاب لتعزيز الفهم.
  • استخدام لغة واضحة ومباشرة: تجنب المصطلحات المعقدة وقدم الشرح بطريقة سهلة الفهم.
  • تقديم المعلومات بطرق متسلسلة ومنظمة: قسم المحتوى إلى أجزاء أصغر ورتبها بشكل منطقي.
  • استخدام أدوات مساعدة: استخدم التكنولوجيا المساعدة للطلاب الذين يحتاجونها، مثل برامج قراءة الشاشة أو برامج النص التنبؤي.

تنوع وسائل التفاعل / الإشراك Engagement(شبكة التأثير)

المبدأ الثاني، الذي يتعلق بـ “لماذا” نتعلم . يسمى كذلك بمبدأ إشراك الطلاب، حيث يتناول استثارة دوافع الطلاب واهتماماتهم ، ويهدف إلى جعل تجارب التعلم أكثر صلة وتفاعلية. بحيث يشترك المعلمون والطلاب من خلال ربط الدروس بمواقف حياتية واقعية، وإثارة اهتماماتهم، وتشجيع التفاعل الاجتماعي والتعاون. يركز هذا المبدأ أيضًا على التفضيلات الاجتماعية الفردية والارتباطات العاطفية بمادة التعلم، مع الاعتراف بأهمية الاندماج العاطفي في عملية التعلم. ويمكن ربط مبدأ التقديم بعدد من المعايير لعل أبرزها:

  • خلق بيئة تعلم إيجابية ومحفزة: شجع الطلاب على المشاركة والتفاعل والتعاون.
  • تنوع أساليب التدريس: استخدم استراتيجيات تدريس متنوعة مثل المناقشات والمشاريع المجموعة والألعاب التعليمية.
  • توفير خيارات للتعلم المستقل: اسمح للطلاب بالعمل بشكل مستقل واختيار أنشطة تلبي اهتماماتهم وقدراتهم.
  • تقييم متنوع للتعلم: استخدم طرق تقييم مختلفة لا تقتصر على الامتحانات التقليدية، مثل العروض التقديمية والمشاريع والأعمال الفنية.
  • ربط الدروس بالحياة الواقعية: اجعل المفاهيم ذات صلة بحياة الطلاب واهتماماتهم.

تنوع وسائل التعبير Expression (شبكة الاستراتيجيات)

يركز المكون الثالث على “كيف” نتعلم، حيث يشتمل على الشبكة الاستراتيجية في الدماغ. يعترف هذا المبدأ بتنوع الطرق التي يعالج بها الطلاب المعلومات ويعبروا عما تعلموه. إنه يدعو إلى تقديم طرق مختلفة للطلاب لإظهار فهمهم وإتقانهم لموضوع ما. يسمح هذا النهج بمجموعة من أساليب التعبير، تلبي قدرات وتفضيلات مختلفة، وتوفر للطلاب خيارات في كيفية توصيل تعليمهم، مما يعزز بيئة تعليمية أكثر شمولًا.

  • تنوع طرق إظهار الفهم: اسمح للطلاب بإظهار فهمهم بطرق مختلفة، مثل الكتابة أو التحدث أو المشاريع الإبداعية أو العروض التقديمية.
  • توفير أدوات مساعدة للتعبير: استخدم التكنولوجيا المساعدة مثل برامج تحويل النص إلى صوت أو برامج تتيح إملاء الإجابات شفهيًا.
  • تقديم تغذبة راجعة بناءة: امدح الطلاب على جهودهم وقدم لهم تعليقات مفيدة تساعدهم على التحسن.
  • تشجيع التقييم الذاتي: علم الطلاب كيفية تقييم تعلمهم بأنفسهم وتحديد نقاط قوتهم وضعفهم.
  • احترام التنوع في أساليب التعبير: تقبل وتقدر طرق التعبير المختلفة للطلاب.

ولكي تتمكن كمعلم من تطبيق مبادئ التصميم الشامل للتعلم السابق ذكرها فإنك تحتاج إلى بناء استراتيجية خاصة تعكس المبادئ الاساسية الثلاثة للتصميم الشامل للتعلم :

1. التقديم المتعدد:

  • استخدام مواد تدريس متنوعة: أدخل مزيجًا من النصوص ومقاطع الفيديو والمخططات والتسجيلات الصوتية لتقديم المعلومات. يلبِّي هذا التنوع أنماط تعلم مختلفة، مثل المتعلمين بصريًا أو سمعيًا أو حركيًا.
  • أدوات التعلم التفاعلية: استخدم الأدوات التفاعلية المتاحة في البيئة الصفية مثل السبورة التفاعلية أو حتى في البيئات البديلة مثل المحاكاة عبر الإنترنت أو التطبيقات التعليمية عبر الهاتف المتنقل لجعل المفاهيم المجردة أكثر واقعية وجذابة.
  • تخصيص المحتوى: قدِّم موارد تعليمية بمستويات متفاوتة من الصعوبة أو التعقيد لتناسب قدرات الطلاب المختلفة المختلفة. ويمكنك كمعلم توفير خيارات مثل الكتب الصوتية أو الكتب الإلكترونية بحجم نص قابل للتعديل ولون خلفية لضمان إمكانية الوصول، وبحيث يتمكن الطالب من تخصيص محتواه وفقا لتفضيلاته الذاتية وخصائصه.

2. الإشراك المتعدد:

  • الارتباط بالخبرات الحياتية والمواقف الواقعية: اربط الدروس بمواقف واقعية أو أحداث جارية لجعل التعلم أكثر صلة وجذابة. على سبيل المثال، استخدم قضية بيئية محلية لتدريس النظم البيئية في فصل العلوم. ويفضل عند شرح موضوع جديد البدء بمقدمة قصصية مرتبطة بموضوع الدرس تجسد موقفا معاصرا قدر الإمكان تشكل في حد ذاتها منظما تمهيديا Advanced Organizer للدرس.
  • واجبات قائمة على الاختيار: اسمح للطلاب بالاختيار من بين مجموعة من مواضيع أو صيغ الواجبات، مما يسمح لهم بالتعامل مع المحتوى الذي يثير اهتمامهم أو بالطريقة التي يجدونها الأكثر إقناعًا. وهذا يقتضي منك كمعلم تصميم بدائل للواجبات يختار منها الطالب وليس صيغة موحدة للجميع. ومن المناسب في حالة التعليم الإلكتروني تصميم تلك الواجبات لتكون ذاتية التصحيح قدر الإمكان تسهيلا على المعلم.
  • التعلم التعاوني: نظِّم أنشطة جماعية أو مشاريع تعزِّز التفاعل بين الأقران والعمل الجماعي. يمكن لهذا النهج أن يخدم المتعلمين الاجتماعيين ويعزز الشعور بالانتماء في الفصل الدراسي.

3. التعبير المتعدد ( تعدد استجاهات الطلاب):

  • اتباع طرق تقييم متنوعة: بدلاً من الاعتماد فقط على الاختبارات التقليدية، قدِّم طرق تقييم بديلة مثل الواجبات والتكليف بإعداد العروض التقديمية وسجلات الإنجاز أو المشاريع الإبداعية، ويفضل أن توضع بدائل أمام الطالب للاختيار من بينها ، مثل تحديد ثلاث بدائل للمشاريع يقيم على أساسها يختار أحدها، أو جعل الطالب يختار أسلوب التقييم الذاتي في نهاية المحاضرة الذي يفضله. يسمح هذا للطلاب بإظهار فهمهم بطرق تتوافق مع نقاط قوتهم وتفضيلاتهم.
  • دمج التكنولوجيا: استخدم أدوات التكنولوجيا مثل التدوين والقصص الرقمية أو إنشاء الفيديو لكي يعبر الطلاب عن تعلّمهم. يمكن أن تكون هذه الأدوات جذابة بشكل خاص للطلاب الذين يتمتعون بالمهارة في استخدام التكنولوجيا، ويجب أن يراعى في دمج التكنولوجيا توظيف أجهزة الطلاب الشخصية في الاطلاع على المحتوى والتفاعل معه قدر الإمكان فيما يسمى بتكنولوجيا أحضر جهازك معك BYOD.
  • صيغ الاستجابة المرنة: اسمح للطلاب بالرد على الأسئلة أو الواجبات بصيغ مختلفة، مثل شفهيًا أو كتابيًا أو من خلال انشطة فنية. توفر هذه المرونة تنمية القدرات التعبيرية المختلفة وتقلل من الحواجز أمام إظهار الفهم.
  • تأكد من أن مصادر التعلم مرنة ويمكن الوصول إليها لجميع الطلاب. مثال اختيار مصادر تعلم متنوعة كالفيديوهات والكتب الإلكترونية وإعداد المحتوى الدراسي وإتاحته مبكرًا، للسماح للطلاب ببدء الاطلاع عليه والعمل على الواجبات قبل بدء التكليف الفعلي والسماح بمصادر بديلة لا تتطلب من المتعلم الجلوس إلى الحاسب لفترات طويلة، مثل الكتب الصوتية.

دور تكنولوجيا التعليم في دعم التصميم الشامل للتعلم (UDL)

تلعب التكنولوجيا التعليمية دورًا أساسيا في تعزيز بيئة التعلم الشامل والديناميكي المتوافق مع مبادئ التصميم الشامل للتعلم (UDL). فمن خلال توظيف التكنولوجيا، يمكن للمعلمين إنشاء مسارات تعليمية مخصصة، وإشراك الطلاب في نشطة ومسارات تراعي الفروق الفردية فيما بينهم ، مما يعزز فرص النجاح الأكاديمي. كما يجب أن نضع على رأس أولوياتنا عند توظيف التكنولوجيا في التعليم توفير فرص متساوية للجميع وإمكانية الوصول والتطبيق المدروس لضمان استفادة كل طالب من هذه التكنولوجيا.

إنشاء محتوى قابل للوصول:

تمكن التكنولوجيا التعليمية المعلمين من إنشاء مواد تعليمية متاحة للجميع على اختلاف قدراتهم. على سبيل المثال:

  • الترجمة النصية للغة الإشارة: يمكن ترجمة مقاطع الفيديو إلى نصوص، مما يجعلها متاحة للطلاب الذين يعانون من إعاقات سمعية.
  • النص البديل: يمكن إضافة أوصاف نصية للصور، مما يفيد المتعلمين الذين يعانون من ضعف البصر.
  • مسارات التعلم المخصصة: تستخدم منصات التعلم التكيفي خوارزميات لتخصيص المحتوى بناءً على التقدم والاحتياجات الفردية. ويمكن من خلال خوارزميات التعلم التكيفي أن يتلقى الطلاب موارد محددة وتمارين تدريبية وملاحظات تتوافق مع وتيرة تعلمهم.

التعاون والتواصل:

تسهل البيئات التكنولوجية الحديثة فرص التعاون الذي يتجاوز حدود الزمان والمكان. يمكن للطلاب المشاركة في مشاريع افتراضية جماعية ومناقشات ومراجعات بين الأقران. تعزز أدوات مثل Google Docs و Slack ومؤتمرات الفيديو من التواصل والعمل الجماعي.

التكنولوجيا المساعدة:

التكنولوجيا المساعدة (AT) هي أدوات وتقنيات مصممة لمساعدة الأشخاص ذوي الإعاقة على المشاركة بشكل كامل في التعليم. تشمل هذه التكنولوجيا مجموعة واسعة من الأجهزة والبرامج والخدمات التي يمكن أن تساعد الطلاب على:

  • التغلب على الحواجز التي تواجههم في بيئة التعلم.
  • تحسين فرصهم في النجاح الأكاديمي.
  • المشاركة بشكل كامل في الأنشطة التعليمية.

التقييم الرقمي والملاحظات:

تتيح الاختبارات عبر الإنترنت والتقييمات التكوينية وأدوات التقييم الذاتي توفير ملاحظات مستمرة. يمكن للمعلمين تعديل التعليمات بناءً على البيانات الواردة في الوقت الفعلي.

التحديات والاعتبارات:

  • المساواة وحق الوصول: يختلف توفر التكنولوجيا عبر المناطق والخلفيات الاجتماعية والاقتصادية المختلفة، ويجب ضمان توفير وصول عادل إلى الأجهزة واتصال إنترنت موثوق به أمر بالغ الأهمية.
  • المعرفة الرقمية: يحتاج كل من المعلمين والطلاب إلى تدريب لاستخدام التكنولوجيا التعليمية بشكل فعال.
  • التطوير المهني والدعم المستمر ضروريان.
  • الخصوصية والأمان: تعد حماية بيانات الطلاب وخصوصيتهم أمر بالغ الأهمية. ويتطلب ذلك الالتزام باللوائح (مثل GDPR و COPPA) .

مما سبق نستطيع القول أنه عندما تتماشى التكنولوجيا التعليمية مع مبادئ التصميم الشامل للتعلم، فإنها تعزز بيئة تعلم شاملة وديناميكية. فمن خلال تبني تلك التكنولوجيا، يمكن للمعلمين إنشاء مسارات تعليمية مخصصة، وإشراك المتعلمين المتنوعين، وتعزيز النجاح الأكاديمي.

الفوائد الرئيسية للتصميم الشامل للتعلم

يمكن تلخيص أهم الفوائد الرئيسية للتصميم الشامل للتعلم (UDL) الواردة في عدد من من المصادر الاكاديمية المختلفة التي استند لها المقال الحالي:

1. يعزز التعليم الشامل: يضمن التصميم الشامل للتعلم أن بيئات التعلم تلبي احتياجات جميع الطلاب، بما في ذلك ذوي الإعاقة، وبالتالي تعزز شمولية الخدمات التعليمية.

2. تعدد أنماط التعلم : من خلال توفير وسائل وأدوات متعددة لتقديم المحتوى التعليمي، حيث يعتمد التصميم الشامل للتعلم على تعددية أنماط ووسائل التقديم أو التعليم، مما يساعد الطلاب على فهم المحتوى والتفاعل معه بشكل أفضل.

3. يزيد من مشاركة الطلاب: يركز التصميم الشامل للتعلم على وسائل متنوعة لإشراك الطلاب، مما يبقيهم متحمسين ومهتمين بعملية التعلم.

4. يحسن إمكانية الوصول: من خلال طرق التدريس والمواد المتنوعة، يجعل التصميم الشامل للتعلم مصادر التعلم أكثر قابلية للوصول للطلاب ذوي القدرات والخلفيات المختلفة.

5. يدعم التعلم الشخصي: يتيح التصميم الشامل للتعلم فرصا للتعليم الشخصي الذي يلبي احتياجات الطلاب الفردية، مما يعزز نتائج التعلم. حيث يمكن للمعلم من خلال بيئات تعلم تكنولوجية قائمة على التصميم الشامل من تخصيص أنشطة وموارد ومسارات لطلاب بعينهم وفقا لاحتياجاتهم الفردية.

6. يشجع على أساليب التدريس المرنة: إنه يدفع المعلمين إلى التفكير بشكل مبتكر حول كيفية تدريسهم، ويشجع على استخدام استراتيجيات تدريس مبتكرة وقابلة للتكيف.

7. يعزز القدرات العقلية العليا: من خلال تقديم وسائل متعددة للتعبير، يشجع التصميم الشامل للتعلم الطلاب على إظهار فهمهم بطرق مختلفة، مما يعزز التفكير النقدي والإبداع، ويبرز ما احرزوه من تطور في القدرات العقلية العليا.

القدرات العقلية العليا هي مجموعة من المهارات المعرفية التي تميز الإنسان عن غيره من الكائنات الحية. تشمل هذه القدرات:

  • التفكير النقدي: القدرة على تحليل المعلومات وتقييمها بشكل موضوعي.
  • حل المشكلات: القدرة على إيجاد حلول إبداعية للمشكلات الجديدة أو المعقدة.
  • التفكير الإبداعي: القدرة على توليد أفكار جديدة ومبتكرة.
  • التفكير الاستدلالي: القدرة على استنتاج المعلومات من خلال المنطق والتفكير.
  • الذاكرة العاملة: القدرة على الاحتفاظ بالمعلومات في الذاكرة واستخدامها في المهام المختلفة.
  • الانتباه: القدرة على التركيز على مهمة معينة وتجاهل المشتتات.
  • التعلم: القدرة على اكتساب المعلومات الجديدة ودمجها في المعرفة الموجودة.

8. يبني بيئة تعليمية تعاونية: تعزز مبادئ التصميم الشامل للتعلم التعاون والتعلم بين الأقران، مما يعزز الجانب الاجتماعي للتعليم.

9. يقلل من حواجز التعلم: يحدد التصميم الشامل للتعلم العوائق أو الحواجز داخل نظام التعليم وبيئات التعلم ويقللها بشكل استباقي، مما يجعل التعلم أكثر سهولة وفعالية للجميع.

10. يعد الطلاب لتحديات العالم الحقيقي: من خلال ربط التعلم بمواقف حياتية واقعية، يجهز التصميم الشامل للتعلم الطلاب لتحديات عملية في العالم الحقيقي، ويعزز استعدادهم للحياة بعد المدرسة.

11. يعزز فعالية المعلم: يزوّد التصميم الشامل للتعلم المعلمين بمجموعة أدوات لتلبية احتياجات التعلم المتنوعة، مما يجعل تدريسهم أكثر فعالية واستجابة.

12. يدعم العدالة التعليمية: يساهم التصميم الشامل للتعلم في تحقيق العدالة التعليمية من خلال ضمان حصول جميع الطلاب، بغض النظر عن قدراتهم أو خلفياتهم، على فرص متكافئة للتعلم والنجاح.

المراجع

• About Universal Design for Learning, CAST, accessed through https://www.cast.org/impact/universal-design-for-learning-udl

• CAST (2018). Universal Design for Learning Guidelines version 2.2. Retrieved from http://udlguidelines.cast.org  

• Courey, S. J., Tappe, P., Siker, J., & LePage, P. (2013). Improved lesson planning with Universal Design for Learning (UDL). Teacher Education and Special Education, 36(1), 7–27

• Evans, C., Williams, J. B., King, L., & Metcalf, D. (2010). Modeling, Guided Instruction, and Application of UDL in a Rural Special Education Teacher Preparation Program. Rural Special Education Quarterly, 29(4), 41–48.

• Gargiulo, R. M., & Metcalf, D. J. (2023). Teaching in today’s inclusive classrooms : A universal design for learning approach (4th edition.). Cengage.

• Hanuscin, D. (2020). Universal design for learning science: Reframing elementary instruction in physical science. NSTA.

• Higbee, J.L., & Goff, E. (Eds.). (2008). Pedagogy and student services for institutional transformation: Implementing universal design in higher education. Minneapolis. Retrieved from https://files.eric.ed.gov/fulltext/ED503835.pdf  

• Scott, L., Bruno, L., Gokita., T., & Thoma, C. A. (2022). Teacher candidates’ abilities to develop universal design for learning and universal design for transition lesson plans. International Journal of Inclusive Education, 26(4), 333-347

• Universal Design for Learning: Reaching All, Teaching All: https://files.eric.ed.gov/fulltext/ED485470.pdf   

•Van Garderen, D., Thomas, C. N., & Sadler, K. M. (2020). Reframing instruction with universal design for learning. In D. Hanuscin (Ed.), Universal design for learning science: Reframing elementary instruction in physical science (pp. 21-45). NSTA.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

عن د مصطفى جودت

أستاذ تكنولوجيا التعليم المشارك بجامعة الملك سعود ، وجامعة حلوان مدير تطوير المحتوى الرقمي بجامعة الملك سعود
error: Content is protected !!
التخطي إلى شريط الأدوات