مراجعة كتاب: 100 Things Every Designer Needs to Know about People

مراجعة: د. مصطفى جودت صالح.

إذا سألت مصمم تعليمي حول ما يجب أن تعرفه حتى تتمكن من الوصول إلى خبرة مناسبة تجعل منك مصمما تعليميا ناجحا؟ فإنه في الغالب سيشير إلى نقاط عدة لعل منها معايير التصميم الجيد ، ونماذج التصميم التعليمي ونظريات التعلم وما تفرضه على المصمم من جوانب يجب مراعاتها مثل الرجع والمثيرات السمعبصرية والتفاعل وغير ذلك من جوانب تميز التصميم التعليمي ، ولو كان المصمم من المطلعين على الاتجاهات الحديثة في تصميم المحتوى التعليمي ربما تطرق إلى التصميم المعتمد على المستخدم UCD وتصميم خبرات المستخدم UX و أسس تصميم واجهات التفاعل مع المستخدم UID لكن كيف يتم هذا ؟ وكيف يتغير ما سبق وفقا لطبيعة المستخدم ؟

من ناحية أخرى لو سألت المصمم التعليمي عن الخطوات التي سيتبعها عند تصميم مقرر إلكتروني على سبيل المثال لو كان يعتمد على النموذج العام في التصميم ADDIE Model فإنه سيبدأ بمرحلة التحليل وسيشير بالتبعية لتحليل المحتوى وتحليل احتياجات المستخدم وخصائصه لكن في الواقع قل منا من يعرف ما يجب أن يعرفه عن المستخدم الذي يصمم من أجله المحتوى التعليمي.

طبعا أنا لا أعني أننا نصمم محتوى مخصص لمستخدم بعينه Tailored Content  لكنا بلا شك سنحتاج أن نعرف بضعه أمور عن المستخدم قبل أن نصمم له حتى نضمن نجاح هذا التصميم وقبوله من قبل المستخدم وهو بالضبط ما يهدف له هذا الكتاب.

الكتاب لا يمكن أن يعتبر دليل لتصميم التعليمي ، ولا هو دليل لتصميم منتج بعينه أو جمع لمقاييس وأدوات دراسة المستخدمين. فالكتاب باختصار يسلط الضوء على ما يجب معرفته حول المستخدم ضمانا لنجاح التصميم، فهو يفسر كيف يدرك المستخدم ما حوله وكيف يتذكه ويستدعيه والعوامل المؤثرة على استجاباته وتفاعله وكيفية تحفيز المستخدم نحو العمل الجماعي.

إن الفرق الرئيس بين كاتب المحتوى والمصمم التعليمي أن الأول يستهدف تحقيق أهداف المنهج بينما الثاني يركز على تحقيق ذلك لدى المستخدم عبر تحقيق قابلية المستخدم ورضاه الذي يضمن تجاوبه وتفاعله. نحن باختصار نصمم من أجل الناس ونريدهم التجاوب نحو هذا الشيء فنريد منهم شراء شيء ما أو قراءة المزيد أو مشاهدة فيلم أو اتخاذ إجراء من نوع ما.

إن تصميم منتج جديد بدون فهم لطريقة تفكير المستخدم وفهم لاستجاباته نحوه ومعرفه مستبقة باحتياجاته أشبه باستكشاف مدينة جديدة بدون خريطة: النتائج ستكون عشوائية ومربكة وغير فعالة. يجمع هذا الكتاب بين المعارف الأكاديمية والأمثلة العملية بهدف تقديم دليل لكل احتياجات المصمم. فمع هذا الكتاب يتوقع منك كمصمم أن تتمكن من تصميم أعمال أكثر جاذبية للمستخدم وسهولة في الاستخدام سواء كانت أعمال مطبوعة، أو مواقع الويب ، أو تطبيقات حاسب ، أو أي محتوى رقمي آخر يحتاج لتوافق تصميمه مع طريقة تفكير الناس وعملهم ولعبهم. فالعمل يهدف إلى دعم المصمم لزيادة الفعالية ومعدلات الاستجابة وسهولة الاستخدام Usability للتصميم المتمركز حول المستخدم، من خلال العثور على إجابات لأسئلة مثل: ما الذي يلفت الانتباه في تصميم صفحة أو شاشة؟ ما الذي يجعل يعزز التذكر واسترجاع المحتوى؟ ما هو الأهم ، الرؤية المحيطية أو المركزية؟ كيف يمكنك التنبؤ بأنواع الأخطاء التي سيحدثها الناس؟ كيف تحفز الناس على الاستمرار في التفاعل مع المحتوى.
كما يتناول الكتاب أسس لتصميم واجهات التفاعل الرسومية تم تناولها في أعمال أخرى مثل ما طول السطر النصي المناسب للقراءة القصيرة أو المطولة ؟ وهل بعض الخطوط أفضل من غيرها؟ وما التأثيرات النصية المعينة على التذكر والاستدعاء؟

قسمت فصول الكتاب إلى أسئلة محورية وكل سؤال يتضمن أسئلة فرعية مرتبطة به مثلا؛ الفصل الأول جاء تحت سؤال ” كيف يرى الناس ؟” واشتمل على اثني عشر سؤال فرعي تناولت التفرقة بين ما تراه وما تدركه ، والعوامل المؤثرة على الإدراك البصري ، وتأثير الخبرات على قراءة الصور والمثيرات البصرية ، بينما جاء الفصل الثاني للإجابة عن السؤال “كيف يقرأ الناس ؟” وتناول العوامل المؤثرة على قراءة النصوص القصيرة والقراءة الطويلة خاصة النصوص الرقمية، واشتمل الفصل على إجابة ست أسئلة. وتناول الفصل الثالث كيف يتذكر الناس ويستدعون المحتوى الذي سبق قراءته أو رؤيته، وتضمن ثماني أسئلة.

الفصول من الأول إلى الثالث ركزت على الإدراك والتذكر ، لكن في الفصل الرابع تناولت الكاتبة الإجابة عن كيف يفكر الناس ؟ واعتمدت في تحليلها على نظريات مثل معالجة المعلومات وجاء الفصل الخامس ليشرح كيف يركز الناس انتباههم نحو مثير ما، وناقشت فيها نقاط منها العوامل التي من شأنها مساعدة المستخدم على تركيز انتباهه ، وكيف نتجنب العوامل المشتتة للانتباه وتمت الإشارة إلى نظريات في سياق المناقشة منها نظرية الحمل المعرفي .

الفصل السادس تناول محفزات المستخدم نحو التفاعل مع المحتوى. كما ركز الفصل السابع على الدور الاجتماعي للمستخدم وكيفية استغلال ذلك في إيصال المحتوى له، حيث يتناول حجم مجموعات العمل وأساليب التعاون في المهام المرتبطة بالمحتوى وتوزيع الأدوار.

الفصل الثامن يجيب على سؤال ” كيف يشعر الناس؟ ” وهو يناقش كيفية تعامل المحتوى مع الجانب الوجداني للمستخدم. وفي الفصل التاسع تمت مناقشة أخطاء المستخدمين وعلاقتها بالضغوط المرتبطة بالمهام والتكليفات المختلفة.

في الفصل العاشر تتم مناقشة كيف يتخذ المستخدم القرارات المختلفة والتي يمكن توقعها من قبل المصمم فيضع له فرص ملائمة للاستجابات المتوقعة ، وقد تفيد معرفة ذلك في تصميم سيناريوهات التعلم وتصميم التفاعل بين المستخدم والمحتوى بشكل عام.

العمل بشكل عام ينتمي إلى الأدلة التطبيقية رغم احتوائه على خلفية علمية أكاديمية جيدة، لكنه لا يرهق القارئ في الخوض في النظريات بل يستخدمها في التفسير ووضع الإرشادات.

العمل من إنتاج 2011 لكن أغلب المعلومات الواردة فيه ماتزال معاصرة ويمكن للمصممين الاستفادة منه حاليا.

عن د مصطفى جودت

أستاذ تكنولوجيا التعليم المشارك بجامعة الملك سعود ، وجامعة حلوان مدير تطوير المحتوى الرقمي بجامعة الملك سعود
error: Content is protected !!
التخطي إلى شريط الأدوات