تكنولوجيا أحضر جهازك معك (BYOD) في المدارس، هل هي نعمة أم عبء إضافي (الجزء الأول : المفهوم والنشأة والعقبات)

كتبها د. مصطفى جودت صالح

 

نشأت هذه الفكرة في مجال الأعمال وانتقلت إلى مجال التعليم ، وبدت حلما جميلا في بدايتها رحب بها المهتمون بدمج التكنولوجيا في التعليم فهي من جهة توفر على المدرسة استهلاك معامل الحاسب وعدد الأجهزة الواجب توفيرها، ومن جهة أخرى تعزز من ربط البيئة الصفية بشبكة المعلومات الصفية ، وتشجع على استخدام استراتيجيات التعليم المدمج . لكن مع دخول هذه التكنولوجيا بيئة الاستخدام الفعلي في المدارس ظهرت عدة تحديات تهدد عملية تطبيقها وانتشارها.

 

ما المقصود بالبايود BYOD :

إن استراتيجية أحضر جهازك معك Bring your own device والاختصار BYOD هي استراتيجية تقوم على حث المعلمين والطلاب على إحضار أجهزتهم الخاصة (الهواتف الذكية والحاسبات اللوحية أو المحمولة) إلى البيئة الصفية ليستخدموها في أداء مهام التعلم الصفي. وقد شكلت البايود نقلة نوعية في طريقة التفاعل داخل حجرة الدراسة وذلك من خلال ما يسمى ببرامج إدارة الصف Classroom Management Software والتي تسمح للمعلم أن يتواصل مع أجهزة طلابه على اختلافها ، بل ويمكن من خلال تقنيات مثل كود الاستجابة السريعة QR Code أخذ حضور الطلاب ، كما يمكن أن يقوم بتقويمهم بطريقة فورية وعرض الرجع عليهم مباشرة ، فضلا عن توزيع المحتوى عليهم بشكل آني وفعال.

فكل ما يطلبه الأمر أن يحضر كل طالب جهازه ويقوم المعلم بتوجيه الطلاب بتنزيل برنامج معين ( برنامج إدارة الصف ) ليرتبط مع جميع أجهزتهم طوال فترة الحصة. ويعطيه البرنامج صلاحيات خاصة في التحكم في أجهزة الطلاب وما يعرض عليها أثناء الموقف التعليمي.

وكانت وراء انتشار هذه التكنولوجيا في المدارس قوتين أساسيتين ، أولاهما شركات تقنية مثل شركة مايكروسوفت التي سوقت لعديد من التطبيقات الخاصة بالإدارة الصفية وقدمت آلاف الساعات التدريبية حول استخدام تلك التكنولوجيا في حجرات الدراس فضلا عن تسويقها لجهاز لوحي خاص بالمدارس محمل عليه البرامج الأساسية، وثانيهما هي المنظمات الدولية التي رأت في هذه التكنولوجيا حلا ارخص من تجهيز معامل دول العالم الثالث بآلاف معامل الحاسب ، فعمدت هذه المنظمات على دعم إنتاج حاسب محمول رخيص يتم توزيعه على الطلاب في دول العالم الثالث ( كالهند وكينيا ) ليتمكنوا من الولوج إلى مصادر المعلومات الإلكترونية عبر شبكة الإنترنت. وكل ما على المدارس هو توفير شبكة لاسلكية مناسبة وبعض المتطلبات البسيطة الخاصة باستخدام تلك الأجهزة في البيئة الصفية كمصادر الكهرباء .

ولا يعني هذا أن انتشار البايود BYOD كان في دول العالم الثالث فقط ، بل كانت هناك تجارب أكثر نجاحا في دول العالم الأول التي كانت الأجهزة الشخصية جزء لا يتجزأ من أدوات الطلاب ، ففي عام 2010 نفذت مديرية مدارس أوك هيلز Oak Hills بولاية أوهايو الأمريكية مبادرة استخدام البايود  BYOD، وتم دعم المبادرة بشبكة إنترنت قوية وتخصصين للدعم الفني ومدرسين وطلاب يعملون معًا لضمان نجاح المبادرة، وقد لوحظ أقبال الطلاب على هذه المبادرة حيث أنهم  يفضلون استخدام الهواتف الذكية وأجهزتهم الشخصية بالمدرسة عن استخدام معامل المدرسة ، وقد وظفوا أجهزتهم في الفصول لاستخدام التطبيقات التعليمية وإجراء الأبحاث علما بأن عدد الطلاب بلغ مع بداية المبادرة نحو 8100 طالب على مستوى المدرسة.

المصدر

 

وفي عام 2011 نفذت مديرية مدارس فورسيثForsyth  مبادرة BYOD في جميع مدارس المديرية، وحتى هذا اليوم تشارك 100% من المدارس في المبادرة بمعدل اشتراك 35% من الفصول بكل مدرسة في استخدام BYOD بانتظام.

وكما تعاونت شركة إنتل Intel في نشر هذا التوجه تعاونت شركات أخرى مع المدارس والهيئات الحومية لإمداهم بأجهزة لوحية وحاسبات محمولة رخيصة نسبيا وقوية التحمل ، ولعل من أشهرها شركة جوجل بحاسبها Chrome Book شركة هواوي وشركة سامسونج ، ولعل الأهداف التسويقية كان لها حظ في نشر تلك المبادرات.

وفي دول العالم النامي وعلى وجه التحديد أثيوبيا عام 2012 تم توزيع مئات أجهزة الكمبيوتر المحمول رخيصة التكلفة على أطفال المدارس للمساهمة في تعليمهم القراءة والكتابة وبرمجة الكمبيوتر فيما عرف بمبادرة كمبيوتر محمول لطل طفل (OLPC).

 

مبادرة كمبيوتر محمول لكل طفل :

الصورة من قطاع غزة – مدارس الأونوروا

مبادرة كمبيوتر محمول لكل طفلOne Laptop per Child  (OLPC)  هي مبادرة غير ربحية أنشئت بهدف إتاحة مصادر التعلم للأطفال في جميع أنحاء العالم، ولتحقيق هذا الهدف تم إنشاء وتوزيع مئات آلاف الأجهزة التعليمية على الأطفال في دول للعالم النامي ، وإنشاء برامج ومحتوى مخصص للعمل على هذه الأجهزة.

ولا يزال هدفها الأساسي هو إتاحة التعليم عن طريق تمكين الأطفال في البلدان ذات الدخل المنخفض من الوصول إلى المحتوى التعليمي بإشكاله المتعددة فضلا عن فرص ملائمة لتعلم برمجة الكمبيوتر.

 في الوقت الذي تم فيه إطلاق المبادرة ، كان متوسط سعر التجزئة لجهاز كمبيوتر محمول أكبر بكثير من 1000 دولار أمريكي (الولايات المتحدة) ، لذلك كان من غير المجدي تحقيق هذا الهدف دون الحاجة إلى إنتاج آلة منخفضة التكلفة ، مما ساهم على تطوير جهاز سمي OX وهو كمبيوتر محمول منخفض التكلفة ومنخفض استهلاك الطاقة. تم تمويل المبادرة في الأصل من قبل المنظمات الأعضاء مثل AMD و eBay و Google و Marvell Technology Group و News Corporation و Nortel. قدمت شركة Chi Mei و Red Hat و Quanta دعمًا عينيًا.

كان مشروع OLPC موضوع إشادة وانتقادات واسعة النطاق، فقد تمت الإشادة به باعتباره قاد الريادة لإيجاد جيل جديد من أجهزة الكمبيوتر المحمول منخفضة التكلفة ومنخفض الاستهلاك للطاقة ، كما أنه ألهم صناع الحاسب لتطوير حاسبات جديدة Chromebook  ، فضلا عن مساهمته في محو الأمية الحاسوبية في أجزاء عديدة من العالم ؛ كما طور المشروع واجهات تفاعل خاصة لا تستلزم معرفة القراءة والكتابة باللغة الإنجليزية.

على الجانب الآخر فقد وجهت عدة انتقادات للمشروع لعل أهمها أن المشروع بنى تقديراته على أسعار الأجهزة والدخل في الولايات المتحدة الأمريكية ، لكن الجهاز ما يزال مرتفع التكلفة بالنسبة لدول العالم النامي ، كذلك محدودية خدمات الصيانة والدعم الفني التي يقدمها المشروع أدت لعدم أستمراريته في كثير من المدارس ، بالإضافة إلى ظهور أجهزة لوحية سعرها أقل من 100 دولار وذات أداء يفوق ما يقدمه هذا الجهاز، واحتياجات صيانة أقل.

وقد اقتضى التطور في الحاسبات اللوحية إلى تحويل المشروع إلى إنتاج ما سمي بحاسب لوحي XO ، وهو جهاز لوحي أخضر اللون مضاد للصدمات ، وفي حين أن الحاسب المحمول XO قد صمم للبلدان النامية فإن هذا الحاسب اللوحي صمم للبلدان متوسطة الدخل في الدول الغربية ، والجهاز مختلف قليلا عن الحاسبات اللوحية التقليدية ففي حين أنك حين تشاهده تظن أنه مليء بالتطبيقات لكنه في الحقيقة مليء بأيقونات ترمز لوظائف مستقبلية يرغب الطالب في أن يكون أحدها وبمجرد اختياره للوظيفة تظهر أمامه ألعاب وتطبيقات مناسبة لها، ويلاحظ أن جميع الوظائف والتطبيقات وضعت في اعتبارها الأطفال في الغرب وليس أطفال الدول النامية وهذا ما عزز الرأي القائل أن هذا الجهاز لم يصمم للدول النامية.

حاسب XO

هذا الحاسب اللوحي اشتمل كذلك على حوالي 200 كتاب إلكتروني باللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية ، رغم أن  Giulia D’Amico مديرة المشروع الخاص بالحاسب اللوحي قد أكدت أنه ستكون هناك إصدارات محلية من هذا الحاسب خاصة بكل بلد أو إقليم، وسعر الحاسب اللوحي حوالي 150 دولار وهو سعر مرتفع بالنسبة للدول النامية.

ويواجه المشروع عدة تحديات لعل أبرزها أن حاسبات الأدندرويد انخفضت تكلفتها إلى ما دون السعر السابق في كثير من الأحيان ، فضلا عن أن بعضها رفيع على درجة إمكانية وضعه في جيبك الخلفي وانت ذاهب على المدرسة ، كما أنها تقدم لك إمكانية الدخول لأعداد غير محدودة من مصادر التعلم المفتوحة، ومن جهة أخرى قام صناع بعض الأجهزة العالمية مثل جوجل ، وأبل ، وجالاكسي بدعم مشروعات خاصة في دول العالم لتعزيز انتشار أجهزتهم في مدارس تلك الدول.

في سبتمر 2009 نشر  Joshua Keating في مجلة foreign policy  مقال يسأل فيه عن أسباب فشل مشروع حاسب لكل طفل ، وأشار إلى أسباب فشل المشروع في مدارس أمركا رغم حب الأطفال للجهاز واقبالهم عليه في البداية ولعل أبرز تلك الأسباب عدم القدرة على تلبية الطلب المتزايد للسوق الأمريكي وتأخر وصول الأجهزة مما أفقد المشروع كثير من زبائنه ، وفي الناحية الأخرى من العالم ( يقصد الدول النامية ) فإن تأثير هذه الأجهزة في مدارس دول العالم النامي بدى ضئيل جدا ، فقد ابدى تعجبه لعدم اهتمام الباحثين بهذه الأجهزة وعدم إعداد بحوث عنها وعن كيفية توظيفها ، كما أن أغلب من تناولوها انحصرت مناقشاتهم في الجوانب النظرية ، فضلا عن نقص شديد في الدعم الفني والصيانة لهذه الأجهزة وعدم وجود تطبيقات محلية مناسبة والأهم هو عدم فهم المعلم لكيفية توظيف هذا الجهاز في التدريس ولم يعي أهميته وبالتالي لم يليه الاهتمام اللازم ، وهذا ما جعل المشروع مجرد شكل دون مضمون حقيقي.

ويكفي أن نشير أنه في تايلاند في عام 2012، وزعت الحكومة 107 الف جهاز لوحي لطلاب الصف الأول. وفي يوليو 2014 تم إيقاف مشروع جهاز لكل طالب، وإعادة توجيه الميزانية لتجهيز الفصول ذات الإمكانات التقنية العالية فيما يعرف بالفصول الذكية.

 

تجارب بعض المدارس المصرية في استخدام الحاسبات المحمولة مع الطلاب :

أسمحوا لي أن أسرد هنا تجربتين أطلعت عليهما بنفسي في هذا الصدد ، التجربة الأولى حدثت في إحدى المدارس الابتدائية الخاصة في مصر الجديدة عام 2009 حيث قام مدير المدرسة بالاتفاق مع شركة كمبيوتر بتزويد الطلاب بحاسب محمول ( لكل طالب) يعمل بنظام ويندوز منزلي محمل عليه كتب الوزارة بصيغة PDF فضلا عن عدد من الأسطوانات الخاصة بالكتب الخارجية ، ويقوم ولي أمر كل طفل بتسديد مبلغ 2000 ج مع المصروفات مقابل الجهاز ( ولا يسمح للطالب بالخروج من المدرسة بالجهاز ) يحث يقوم بتركه في دولابه بالمدرسة. وقد خصصت المدرسة غرفة للصيانة تشرف عليها الشركة الموردة للأجهزة ، ويلاحظ أن معظم البرامج التي استخدمها الطلاب هي برامج منسوخة.

وقد لاحظت شخصيا أثناء ترأسي لفريق مراجعة الجودة بهذه المدرسة أن من يملكون أجهزة تقريبا 20% من الطلاب ولا يستخدمونها في البحث عن المعلومات بل هي بديل لحمل الكتب المدرسية فقط ، ونظرا لعدم السماح للطلاب بالخروج بالأجهزة أو اصطحابها للمنزل فإن الطلاب فعليا لا يستخدمونها للمذاكرة .

على الجانب الآخر لاحظت أن بعض المدرسين ينسخون فيديوهات من اليوتيوب ويحملونها على أجهزة الطلاب كمجهود شخصي منهم. ورغم أن هذه المبادة تعد متطورة جدا في وقتها لكن على الجانب الآخر لم توجد رؤية تربوية محددة توجهها.

التجربة الثانية تمت في إحدى المدارس الخاصة بالهرم (محافظة الجيزة) عام 2011، حيث قام صاحب إحدى المدارس بالاتفاق مع شركة كمبيوتر لتسويق حاسب لوحي من شركة إنتل ( يعمل بنظام أندرويد وليس ويندوز ) ، وحث الطلاب على شرائه وتجهيز عددا من الفصول بسبورات تفاعلية بحيث يقوم المدرس بالشرح عن طريق عروض باوربوينت وفي نهاية الحصة يقوم بنسخها عبر تطبيق معين إلى أجهزة الطلاب ليستخدموها في الدراسة ، لكن الجهاز لم يكن به أية تطبيقات تعليمية خاصة غير تطبيق مشاركة الملفات وإدارة الصف والذي يسمح للمعلم بالتحكم في استخدام الطلاب للحاسب اللوحي، ورغم وجود مركز ( غرفة) للدعم الفني والصيانة فإن كثير من أولياء الأمور اشتكوا من التعطل المتكرر للأجهزة ذويهم فضلا عن حوادث السقوط والانكسار ونقص نقاط الشحن ، وعدم كفاية سعة نطاق الإنترنت المتاح عبر شبكة Wifi مما جعل الشبكة بطيئة جدا نظرا للعدد الكبير للتلاميذ ، ومن السلبيات التي واجهها هذا المشروع غير مشكلة الدعم الفني ، هو أن هذا الحاسب اللوحي استخدمه المعلمون لتوزيع الواجبات والعروض التقديمية فقط ، وتوزيع المذكرات والملخصات بصيغة PDF ولم يزود بأية تطبيقات تفاعلية ولم يستخدمه الطلاب فعليا في التعليم ، واستمر المشروع حوالي 3 سنوات ثم باء بالفشل نتيجة تعطل السبورات التفاعلية في الفصول وعدم صيانتها، وتلف أغلب أجهزة الطلاب ، فضلا عن قيام الطلاب باستخدام الشبكة الخاصة بالمدرسة عبر هواتفهم الذكية مما شكل ضغطا متزايدا على الشبكة، ولعل من أبرز الانتقادات كذلك أن الحاسب اللوحي لم يغن الطلاب عن الذهاب لمعامل الحاسب نظرا لأن معظم التطبيقات التي يدرسونها لا تعمل على الحاسبات اللوحية الخاصة بأندرويد .

من جانب آخر بدأت مصر تجربة مدعومة حكوميا هو ما سمي جهاز ( إينار ) والذي أنتج في 2013 بأعداد تجريبية تم توزيعها في مدارس عدد من المحافظات بشكل محدود لكن هذه التجربة لم تستمر ، ومؤخرا صرح وزير التعليم الحالي عن بدء مبادرة جديدة لتزويد طلاب المدارس المصرية بحاسبات لوحية محمل عليها الكتب الدراسية وعدد من التطبيقات التعليمية ذات الصلة.

 

تجربة الحاسب اللوحي في الدول العربية :

ظهرت عدة مبادرات عربية تدعو لاستخدام الـ IPAD في التعليم وهو حاسب لوحي من شركة Apple ورغم أنه الحاسب اللوحي التعليمي الأول في الولايات المتحدة لكنه يعد من أكثر الحاسبات اللوحية من حيث ارتفاع الأسعار. وقد قامت عدد من المدارس الخاصة بعمل مبادرات شخصية لتوفير الحاسبات اللوحية في المدارس لكنها لم تتعد كونها جهود فردية ومبادرات شخصية حسب علم الكاتب.

على جهة أخرى وفي دبي عام 2014 صرحت  وزارة التربية والتعليم عن قيامها بتزويد المدارس في إمارة دبي بالحواسيب اللوحية والكتب الإلكترونية لضمان التحول الرقمي في مجال التعليم، بينما ستقوم المدارس الخاصة بشراء الحواسيب اللوحية على نفقتها الخاصة. وزودت وزارة التعليم مدارس دبي بالحواسيب اللوحية (Intel)، والتي تتراوح أسعارها ما بين (1800-2000 درهم إماراتي)، في حين أن أهالي الطلاب كانوا يفضلون (iPads) بدلًا من (Intel)، إلا أن الحكومة أصرت على استخدام أجهزة (Intel).

وقد صرح الدكتور (عاشوق كامور) المدير العام لمدرسة الهند الدولية في دبي:” تعد هذه الحواسيب اللوحية مناسبة للأغراض التعليمية، ولاستراتيجيات التعليم ومنهجياته، فيستطيع كل فصل دراسي الانتقال إلى مختبر اللغات أو مختبر العلوم عبرها. وسيتم تحميل المحتوى الرقمي للكتب المدرسية عليها؛ الأمر الذي سيؤدي إلى حقائب مدرسية أخف”.

وستزود الحواسيب اللوحية ببرمجيات خاصة؛ الأمر الذي سيساعد الطلاب في تشغيل البرامج والتطبيقات التي يستخدمونها في الدراسة بكل سهولة، وقد عبر الأهالي عن قلقهم حول سلامة الأجهزة. ويبقى هناك جدل حول تبني استخدام الحواسيب اللوحية كجزء من المنهج التعليمي، إلا أن الطلاب يشعرون بسعادة بالغة في استخدام هذه الحواسيب اللوحية.

ورغم هذا المجهود المدعوم حكوميا إلا أن تأثر هذه التجربة ظل محدودا ولم تظهر دلائل على استمراريتها.

وفي المملكة العربية السعودية عام 2012 نشرت جريدة الرياض السعودية تصريح  “د. حمد آل الشيخ” – نائب وزير التربية والتعليم لشؤون البنين – المتضمن نية الوزارة بالسماح لاستخدام “الآي باد” و”الآي بود” بين الطلاب في الفترة المقبلة، مشيراً إلى أنّها ستطلق حزمةَ برامج وخدمات إلكترونية ضمن منظومة متكاملة، وذلك بعد أن تستكمل الوزارة توصيل شبكة الإنترنت لمدارسها بمختلف مناطق المملكة.

وقد أشارت موقع قناة العربية في 1 مارس 2014 إلى أن قررت 75 مدرسة في السعودية أخيراً توزيع آيباد على طلبتها بدلاً من توزيع الكتب الورقية كما هو معتاد سابقاً، والهدف من ذلك، وفقاً لما قالته مصادر تعليمية، هو تخفيف العبء على الطلاب من وزن الكتب التي يحملونها في حقائبهم المدرسية، إضافة إلى مواكبة التطور التعليمي في أغلب دول العالم المتقدم.

وقال المختص في تقنية المعلومات والموارد البشرية الرئيس التنفيذي، طارق الشلفان، إن تلك المدارس هي مدارس أهلية وعالمية، ويزيد عدد طلابها على 15 ألف طالب وطالبة.

وفي ظل ذلك، يعتزم مختصون سعوديون إطلاق أول مشروع تعليمي على مستوى المملكة والخليج لتحويل مناهج التعليم والتدريب إلى بيئة تفاعلية “ثلاثية الأبعاد” باستخدام باقة متكاملة من الحلول التقنية، ويستهدف هذا المشروع العديد من الجهات الحكومية والخاصة بهدف بناء جيل من المواهب القادرة على المنافسة والتميز في جميع مجالات الحياة، حيث سيتم ذلك في مؤتمر الخليج لمستلزمات وحلول التعليم في دبي الثلاثاء المقبل.

وأوضح الشلفان أن هذا المشروع يعتمد على تقنية معلوماتية حديثة تعمل على تحويل الصورة الحقيقية إلى صورة افتراضية على شاشة الحاسوب والأجهزة الذكية، بحيث تساعد الطلاب والمتدربين على تكوين صورة ذهنية تخيلية قريبة من المشاهد الحية الواقعية، مبيناً أن الهدف يتمثل في تسخير الجوانب الإيجابية للتقنية لابتكار طرق تعليمية وتدريبية حديثة تختصر الكثير من الجهد والوقت، وتحقق التطلعات المنهجية للمرسل والمتلقي، فيما تم التعاون مع خبراء إسبان وتوقيع اتفاقية تعاون مع “مايكروسوفت” لتحقيق نتائج أكثر إيجابية.

وأشار إلى أن هذا المشروع يعد إضافة نوعية للتعليم الإلكتروني من خلال الانتقال به إلى مرحلة أخرى تتمثل في إدخال تقنية الأبعاد الثلاثية إلى مفهوم المحتوى الواقعي التفاعلي لتسهيل التجربة التعليمية وتحسين القدرة على التصور الذهني المكاني، مضيفاً أن تطبيقات البرنامج قابلة للعرض على السبورة التفاعلية بالمدارس والحاسبات الآلية والأجهزة الذكية، وكذلك طاولات الفصول والمنازل من خلال الشرائح المخصصة، حيث سيتم الإعلان عنه في مؤتمر ومعرض مستلزمات وحلول التعليم الذي سيقام لمدة 3 أيام بمركز دبي التجاري العالمي في دولة الإمارات، في مارس 2014، مرحباً بالتعاون مع الجهات الحكومية والخاصة لتفعيل هذا المشروع التعليمي والتدريبي وتحقيق النمو والتطور المجتمعي.

وفي عام 2017 تم توقيع اتفاقية التحول نحو التعليم الرقمي لدعم الطالب والمعلم الذي كشف فيه وزير التعليم الدكتور أحمد العيسى عن إجراء مفاوضات مع شركة متخصصة لإنشاء مصنع أجهزة لوحية لطلاب المدارس. وأضاف الوزير أنه خلال الأشهر القادمة سيتم الوصول للقرار النهائي حول مصنع الحواسب اللوحية الذي ينتج أجهزة عالية الكفاءة تلبي احتياجات الطلاب وبأسعار منافسة. ولم يحدد بعد إن كانت الأجهزة ستقدم للطلاب مجاناً أم لا.

وسيبدأ تطبيق المشروع في 2017 في 150 مدرسة للتأكد من فرص النجاح والمشاكل التي قد تظهر، وفي منتصف العام الدراسي القادم يطبق في 1500 مدرسة، ليصل في العام الثالث إلى كافة مدارس المملكة والتوقف عن طباعة الكتب الورقية. وتبلغ ميزانية المشروع حتى عام 2020 حوالي 1.6 مليار ريال.

وسيترافق هذا مع تطوير البنية التحتية في المدارس من خلال التجهيزات التقنية وسرعة الإنترنت حيث تجري دراسة مع وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات وشركات الاتصالات لتقديم الإنترنت بتكلفة أقل وتقديم سعة تناسب استخدام المدارس.

الجدير بالذكر أن تركيا كانت قد أطلقت مشروع الفاتح في 2014والذي تم من خلاله توزيع 700 ألف حاسب لوحي على الطلاب في المراحل التعليمية قبل الجامعية ويهدف المشروع خلال 4 سنوات لتوزيع 10.6 مليون حاسب لوحي على الطلاب.

في الكويت أعلنت جريدة القبس في مارس 2018 وقف وزارة التربية الكويتية مشروع ( التابلت) بعد إهدار 26 مليون دينار ، وقد بنيت الوزارة قرارها بناءا على تقرير قامت به بين أن أعداد طلاب وطالبات الثانوية العامة الذين استلموا أجهزة التابلت منذ السنة الأولى وحتى السنة الثالثة، متفاوتة من مدرسة إلى أخرى، حيث لم تتعد نسبة الاستلام لدى بعض المناطق 40 في المئة، بينما بلغت في مناطق أخرى 70 في المئة، لكن المفاجأة أن نسبة الطلاب الفعليين الذين استخدموا الأجهزة لم تتعد 5 في المئة فقط بينما عزف نحو 95 في المئة من طلاب الثانوية عن استخدامه لأسباب عديدة، وذلك بحسب تقارير.
وأكد قطاع التعليم العام، ممثلاً في المناطق التعليمية والتواجيه الفنية، في تقاريره المرفوعة الى العازمي والأثري، أن «التابلت» يشوبه الكثير من العيوب والسلبيات على رأسها التكلفة العالية جداً.
وبيّنت التقارير العراقيل التي حالت دون استخدام المشروع، منها قلة إقبال واهتمام الطلاب وعزوفهم عن استلام الأجهزة، لخوفهم من تحمل ولي الأمر أعباء دفع الشروط الجزائية لسلامته، لا سيما أنها أغلى من القيمة الشرائية الفعلية لسعر «التابلت» في الأسواق، وذلك جعل العديد منهم لا يملكونه ولا يمكن الاعتماد عليه من قبل المعلمين في الشرح، كما أن معظم من استلمه تركه في المنزل خوفاً عليه من السرقة والتخريب.

وأكدت عدم وجود خطة مسبقة لإعداد وسائط مناسبة للاستفادة القصوى من «التابلت»، كما أن شبكة الـWiFi في المدارس لا تعمل بصورة دائمة وضعيفة جداً، ولا تغطي سوى عدد محدود من الأجهزة المتصلة عليها، مما اضطر بعض المعلمين لتوفير أجهزة «راوتر» على حسابهم الخاص في بداية الأمر للاستفادة من امكانات «التابلت».

وذكرت التقارير أيضاً أن استخدام المعلمين والمعلمات اقتصر على توصيل الجهاز بالسبورة التفاعلية لعرض وسائلهم التعليمية من عروض تقديمية وغيرها، والتي يمكن عرضها خلال الحاسوب المتصل بالسبورة والاستغناء عن استخدام «التابلت».

وأشارت الى صعوبة الرقابة على الأجهزة، لا سيما أن في إمكان الطالب تحميل وسائط من خلال «وسيط تخزين» مثل الفلاش على الأجهزة من دون رقابة، كما ان سعة التخزين على «التابلت» محدودة.

ولفتت الى أن أعداد الفنيين المتواجدين في المدارس لإصلاح الاعطاب لا تلبي احتياجات المعلمين، لا سيما في تثبيت البرمجيات المسموح بها من قبلهم والتي تخدم المواد الدراسية.

 

التحولات في المدارس الأمريكية :

شهد شهر سبتمبر من عام 2013 الإعلان عن مبادرة «هيئة المدارس الموحدة» في لوس أنجلوس، التي تعد ثانية أكبر المناطق التعليمية في أميركا، لتوفير حاسوب «آي باد» لكل تلميذ. لكن في نهاية العام الدراسي، أعلنت الهيئة عن استعادة 2100 أجهزة «آي باد» من تلاميذها. وقالت في الوقت نفسه إنها ستسمح للمدارس بالاختيار بين ستة أجهزة مختلفة منها حاسوب «كروم بوك» Chrome book، وأجهزة هجينة تجمع بين سمات الحاسوب المحمول واللوحي.

ولا تعد خطوة مدارس لوس أنجلوس الأولى من نوعها، ففي بداية العام الدراسي 2013-2014 أوقفت مدارس مدينة جيلفورد، في ولاية نورث كارولينا، برنامجاً سخياً لتوفير الحواسيب اللوحية، كما ألغيت في تكساس مبادرة مشابهة.

واتبعت مدارس مدينة هيلزبورج في ولاية نيو جيرسي نهجاً مختلفاً بعض الشيء، وألغت في العام الدراسي 2012-2013 مبادرة بتقديم حواسيب «آي باد» اللوحية لـ200 تلميذ، وتقديم حواسيب «كروم بوك» لعدد مماثل. واتبعت طريقاً أكثر حذراً من خلال تجربة تستهدف معرفة ما إذا كان «آي باد» هو الجهاز الأفضل فعلاً للتعليم التفاعلي، واستعانت بالمعلمين للمساعدة في اتخاذ القرار الصائب.

 

وبعد دراسة آراء الطلاب والمعلمين، قررت هيلزبورج وقف بيع حواسيب «آي باد» وتعمل على توزيع 4600 حاسوب «كروم بوك»، الذي يعمل بنظام تشغيل «غوغل كروم»، ويعتمد أساساً على الخدمات السحابية والإنترنت

خلاصة الجزء الأول :

يلاحظ أن مشكلات إدخال الحاسبات المحمولة واللوحية للمدارس في العالم العربي ودول العالم النامي واحدة تقريبا وهي التي تكمن وراء فشل أغلب التجارب منها ارتفاع التكلفة ، وعدم وجود تطبيقات ومصادر مناسبة ، وعدم وجود رؤية وتدريب كافي للمعلمين حول توظيف تلك التقنية في المواقف التعليمية ، وعدم مناسبة البنية الأساسية بالمدارس والمؤسسات التعليمية ، فضلا عن نقص الصيانة والدعم الفني وضعف السيطرة على تلك الأجهزة داخل حجرة الصف.
وعلى الجهة الأخرى شكلت نوعية الأجهزة المقدمة للطلاب حجر الزاوية في نجاح التجربة في المدارس الأمريكية وبشكل عام ثمة تراجع كبير لاستخدام الاي باد والحاسبات اللوحية عموما في المدارس الأمريكية بدءا من 2014 والتحول نحو الحاسبات الهجينة والحاسبات المعتمدة على الحوسبة السحابية مثل
Chrome Book .

 

عن د مصطفى جودت

أستاذ تكنولوجيا التعليم المشارك بجامعة الملك سعود ، وجامعة حلوان مدير تطوير المحتوى الرقمي بجامعة الملك سعود
error: Content is protected !!
التخطي إلى شريط الأدوات