تكنولوجيا الجيل الرابع من التعليم EDUTECH4.0

مقال بعنوان : تكنولوجيا الجيل الرابع من التعليم Edutech 4.0
إعداد : د. مصطفى جودت صالح
نشر ببوابة تكنولوجيا التعليم

إعداد : د. مصطفى جودت صالح

قد يتفاجأ القارئ حين يعرف أن ما نشهده اليوم من ثورات تعليمية تنبأ بها جيروم برونر في الستينات من القرن الماضي وذلك في مقال بعنوان ” المفاجأة الإبداعية The creative surprise” نشر ضمن كتاب “مناهج معاصرة في التفكير الإبداعي Contemporary approaches to creative thinking” والذي تنبأ فيه بظهور آلات ذكية وتكنولوجيا متقدمة تستخدم في التعليم توفر الإجراءات التقليدية التي تمارس في عصره. كما توقع زيادة التركيز على التعلم الإبداعي على حساب التلقين ونقل المعلومات. وبحلول سبعينيات القرن الماضي، وضع هارينغتون Harrington تصورا للتطورات الصناعية التي سيتحقق من خلالها العصر الذي تنبأ به برونر في التعليم، عصر الرقمنة والروبوتات.

توالت بعد ذلك التطورات والدراسات التنبؤية التي استشرفت مستقبل التعليم، حتى أصبحنا نعيش الجيل الرابع من التعليم. وقد تناول مقال سابق ببوابة تكنولوجيا التعليم أجيال التعليم وارتباطها بالثورات الصناعية، حتى أن الجيل الرابع للتعليم يطلق عليه عدة مسميات منها التعليم الموجه بالصناعة Industry-oriented education أو Industry-Driven Education وكلا التسميتين صحيح، كما أعتبر السمة الرئيسية في التعليم في جيله الرابع هو ثورة تكنولوجيا المعلومات وتطبيقها خصوصا الذكاء الاصطناعي و تكنولوجيا الاتصالات والحوسبة السحابية وغيرها من تطبيقات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات حتى أن بعض الدراسات نحتت مصطلح التعليم القائم على التكنولوجيا Technology-Based Education للدلالة على أن التكنولوجيا أصبحت جزءا لا يتجزأ من التعليم. واستخدم هذا المصطلح سابقا ( في مطلع القرن الحالي ) للدلالة على توظيف التكنولوجيا في التعليم لكنه أصبح الآن أكثر اتساعاً و يشمل أشكال عدة منها التعلم المعزز بالتكنولوجيا Technology Enhanced Learning

يقصد بالتعلم المعزز بالتكنولوجيا (TEL) كل تكنولوجيا تستخدم بشكل مخطط له في التعليم لتحسين تجربة التعلم داخل الصفوف الدراسية وخارجها، ويشمل ذلك جميع أشكال التكنولوجيا التناظرية منها والرقمية لكن المصطلح في الجيل الحالي من التعليم يقصد به التكنولوجيا المتقدمة.

Cullen, E. (2023, May 30). What is Technology Enhanced Learning? . Retrieved from https://www.mentimeter.com/blog/interactive-classrooms/what-is-technology-enhanced-learning-and-why-is-it-important

الغرض من أي تكنولوجيا هو؛ التيسير، والتحسين، وزياة الفاعلية، ورفع كفاءة النظام. ولقد كانت تكنولوجيا التعليم ( كمجال بيني ) دائم التأثير والتاثر بعديد من العلوم والمجالات الأخرى ، مثل على النفس التعليمي ، وطرق التدريس ، وعلم الحاسبات والمعلومات وغيرها من العلوم ، كذلك تأثرت تكنولوجيا التعليم بالتطور الحاصل على أجهزة العرض والوسائل التعليمية، وأثرت كذلك في صناعات عدة حتى أنه ظهر عندنا مسمى الصناعات الموجهة للتعليم . على جانب آخر أثرت تكنولوجيا التعليم في التعليم من حيث تيسير الوصول للمعلومات وتحسين بيئات التعلم ومخرجاته، ورفع كفاءة وفاعلية طرق التدريس من خلال التوظيف الجيد للتكنولوجيا.

وفقًا لجمعية تكنولوجيا التعليم الدولية (International Society for Technology in Education – ISTE)، يمكن تعريف تكنولوجيا التعليم على أنها “استخدام التقنيات الرقمية والأدوات والموارد لتعزيز التعلم والتدريس وتحسين النتائج التعليمية للطلاب”

International Society for Technology in Education. (2020). ISTE Standards for Students. Retrieved from https://www.iste.org/standards/for-students

تأثر تكنولوجيا التعليم بالثورات الصناعية وأجيال التعليم

تكنولوجيا التعليم هو مجال بيني تربطه علاقة تأثير وتأثر بعديد من المجالات الأخرى مثل العلوم التربوية ، وعلوم الاتصال والإعلام ، وعلم الحاسبات وتكنولوجيا المعلومات، وكذلك يتأثر بالأدوات والوسائل والتكنولوجيا السائدة في أي عصر، فهو علم يهدف فيما يهدف إليه إلى توظيف التكنولويجا لتحقيق أهداف التعلم، هذا التوظيف قد يتخذ صورة الدمج ، دمج التكنولوجيا في التعليم ، وقد يتخذ فكرة التفكير التكنولوجي والتصميم التعليمي المبني على التكنولوجيا. ومع تطور تكنولوجيا التعليم وتأثرها بما حولها من العلوم بدأت علوم فرعية تظهر تنتمي إلى تكنولوجيا التعليم ولكنها في نفس الوقت أصبحت تخصصات شبه مستقلة بذاتها حيث وجدت برامج أكاديمية مختصة بها ومنها مجال التصميم التعليمي والتكنولوجيا (Instructional Design and Technology – IDT) وهو علم يربط بين نظريات التعلم وأساليب ونماذج التصميم التعليمي وتكنولوجيا التعليم. وهذا المفهوم بدأ في بداية القرن الحالي كما أكد (Reiser & Dempsey, 2020) على أنه مجال علمي حديث يتناول دراسة وتطبيق المبادئ والنظريات والتقنيات التعليمية لتطوير حلول تعلم فعالة ومبتكرة. حيث يهدف التصميم التعليمي إلى تحسين جودة التعليم وتعزيز نجاح المتعلمين من خلال تحليل احتياجاتهم وتصميم وتطوير وتنفيذ وتقييم التجارب التعليمية المناسبة وكل هذا خاضع للتطورات التكنولوجية المعاصرة. ويرى أغلب الخبراء أن التصميم التعليمي هو علم فرعي من تكنولوجيا التعليم وهو الرابط الحقيق بين التكنولوجيا والتربية. وبالتالي فإن التطور في أي من التكنولوجيا والتربية سينعكس بالتبعية على التصميم التعليمي ونظرياته.

بالنظر إلى الشكل السابق، نلاحظ أن تكنولوجيا التعليم مرت من حيث المفهوم بأربع مراحل تطور مرتبطة زمنيا بشكل تقريبي ببزوغ أجيال التعليم من الجيل الأول إلى الرابع الذي ارتبط بدورة بالثورات الصناعية، ولعل أول مرحلتين سبقتا تسمية تكنولوجيا التعليم ذاتها فقد عاصر الجيل الأول من التعليم بزوغ مفاهيم مثل المعينات التدريسية حيث أن فلسفة التعليم كانت تدور حول المعلم وبالتالي فهي مصممة لمعاونة المعلم في أداء مهامه، وكانت الوسائل الأوسع انتشارا في الفصول الدراسية هي السبورات الطباشيرية وألواح الكتابة والخرائط واللوحات، وبسبب عدم شيوع استخدام الكهرباء في تلك الفترة فلم تكن هناك أجهزة تعليمية بمفهومها الحديث حيث وجد جهاز سمي بالفانوس السحري magic lantern projector والذي كان يعمل على عرض شرائح زجاجية ويستخدم الشمع أو مصباح الكيروسين كبديل للمصباح الكهربي وهذا جعله محدود في مساحة العرض التي يمكن استخدامه فيها.

في عام 1880 تقريبا بدأ مفهوم مدارس الفصل الواحد وانتشار التعليم المدرسي في الولايات المتحدة الأمريكية كما اتسع استخدام الكهرباء والمصابيح الكهربية وقدمت الثورة الصناعية الثانية مخترعات مثل كاميرات التصوير الفوتوغرافي وأجهزة العرض الضوئي وأجهزة السينما والراديو وبداية اختراع التلفزيون، وانعكس ذلك على تكنولوجيا التعليم فظهر مصطلح الوسائل السمع بصرية Audio Visual Materials ، كبديل لمفهوم المعينات التدريسية وظهرت قبل نهاية هذه المرحلة البرامج التعليمية التلفزيونية الموجهة لفئات بينها وإنشاء قاعات السينما في المدارس، وتقديم برامج التعليم بالمراسلة والتعليم من خلال الراديو المقدمة من الجامعات. حيث بدأت هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) ببث برامج إذاعية تعليمية للمدارس في عشرينيات القرن الماضي. كان أول بث إذاعي لتعليم الكبار من هيئة الإذاعة البريطانية في عام 1924 عبارة عن حديث عن الحشرات في العلاقة بالإنسان ، وفي نفس العام ، تحدث جي سي ستوبارت ، المدير الجديد للتعليم في هيئة الإذاعة البريطانية ، عن “جامعة إذاعية a broadcasting university” في مجلة راديو تايمز.

أما عن تعريف تكنولوجيا التعليم؛ ففي عام 1900 ظهر تعريف جون ديوي لتكنولوجيا التعليم حيث جاء في كتابه “The School and Society” (المدرسة والمجتمع)، والذي يعد أحد أهم كتبه في مجال التعليم، وفي هذا الكتاب، استخدم ديوي مصطلح “تكنولوجيا التعليم” للإشارة إلى استخدام جميع الوسائل والأدوات المتاحة لجعل العملية التعليمية أكثر فعالية وإنتاجية. تبع ذلك بستين عاما تقريبا تعريف جينوم برونر عام 1960؛ فقد جاء في كتابه “The Process of Education” (عملية التعليم) الذي نشر في عام 1960. في صفحة 10 تحديدا، وصف برونر تكنولوجيا التعليم على أنها استخدام الأدوات والوسائل الحديثة لتحقيق أهداف تعليمية محددة، وذلك بالاعتماد على الأبحاث النفسية والتعليمية. وأخيرا ظهر تعريف إدوارد توبيا عام 1967 لتكنولوجيا التعليم ؛ جاء في كتابه “Educational Technology: A Definition with Commentary” الذي نشر في عام 1967، وصف توبيا تكنولوجيا التعليم على أنها استخدام الأجهزة الإلكترونية والميكانيكية لتحسين العملية التعليمية في ضوء نظريات التعلم.

تعريف جون ديوي (1900) لتكنولوجيا التعليم: تكنولوجيا التعليم فن استخدام كل الوسائل المتاحة لجعل العملية التعليمية أكثر فعالية وإنتاجية.

تعريف جيروم برونر (1960) لتكنولوجيا التعليم : تكنولوجيا التعليم هي استخدام الأدوات والوسائل الحديثة لتحقيق أهداف تعليمية محددة، وذلك بالاعتماد على الأبحاث النفسية والتعليمية.

تعريف إدوارد توبيا (1967) لتكنولوجيا التعليم : تكنولوجيا التعليم تعني استخدام الأجهزة الإلكترونية والميكانيكية لتحسين العملية التعليمية.

Dewey, J. (1900). The School and Society. University of Chicago Press.
Bruner, J. S. (1960). The Process of Education. Harvard University Press.
Tobias, S. (1967). Educational Technology: A Definition with Commentary. AV Communication Review, 15(1), 3-7.

ويلاحظ أن التعريفات الثلاث السابقة تشابهت إلى حد كبير في ولعل الاختلاف كمن في حدود النظرة لتكنولويجا التعليم هل هي الوسائل التعليمية أم الأدوات والوسائل أم أنها الأجهزة الميكانيكية والإلكترونية المستخدمة في التعليم ، كذلك إشارة برونر للدور الأبحاث التربوية والنفسية في توظيف تكنولوجيا التعليم.

بالانتقال إلى الجيل الثالث من التعليم المعاصر للثورة الصناعية الثالثة فإننا نلاحظ تبلور مفهوم تكنولوجيا التعليم بمعناها الحديث والنظر إليها كمجال يجمع بين عدة علوم ويهدف إلى تحقيق أهداف التعلم وزيادة فاعليته. وفي هذه الفترة ظهرت تطبيقات الحاسب في التعليم وزاد الاهتمام بالتصميم التعليمي بأعتباره علم يرتبط بتكنولوجيا التعليم فمفهوم تكنولوجيا التعليم خرج من إطار التوظيف إلى نظرة منظومية أوسع تشمل التخطيط والتصميم والإنتاج والتوظيف والتقويم. وفي نهاية هذه الفترة ظهرت شبكات الحاسب وشبكة الويب بأجيالها وتطبيقاتها المختلفة في التعليم كما ظهر ما سمي التعليم الإلكتروني بجيليه الأول والثاني.

تكنولوجيا التعليم هي تصميم واستخدام وتقييم الأجهزة والموارد والتقنيات التي تساعد في تحسين فعالية عمليات التعليم وتعزيز تحقيق الأهداف التعليمية. وتشمل تلك التقنيات والموارد الوسائط البصرية والسمعية والمرئية والمناهج المنظمة والبرامج الحاسوبية والأنظمة الإلكترونية والأجهزة الأخرى ذات الصلة

Commission of Instructional Technology. (1970). Instructional Technology: A Systematic Approach to Education. Educational Technology Publications.

ووفقاً للجنة تكنولوجيا التعليم Commission of Instruction Technology، فإن تكنولوجيا التعليم تتجاوز أي وسيلة أو جهاز معين، وبهذا المعنى فإن تكنولوجيا التعليم أكبر من مجموعة من المستحدثات التكنولوجية، فهي طريقة منظمة للتصميم والتنفيذ والتقييم الكامل لعملية التعلم والتدريس من حيث الأهداف المحددة بناءً على الدراسات والأبحاث في التعلم والاتصالات واستخدام تشكيلة من الموارد البشرية وغير البشرية من أجل تقديم تدريساً أكثر موضوعية (Commission of Instruction Technology, 1970, p.21). ويلاحظ أن التعريف الصادر عام 1970 قد تجاوز حصر تكنولوجيا التعليم في وسيلة أو جهاز محدد واقترح منهجية منظمة لإدارة عملية التعليم والتعلم.

إن الانتقال بمفهوم تكنولوجيا التعليم من فكرة المنتجات أو الوسائل السمع بصرية في الستينات إلى كون تكنولوجيا التعليم طريقة منظمة للتصميم والتنفيذ والتقييم لكامل الموقف التدريسي عبر الاستغلال الأمثل للموارد البشرية وغير البشرية أثر في بحوث تكنولوجيا التعليم من بحث فاعلية الأدوات إلى بحث التوظيف الأمثل لتلك الأدوات من خلال تفاعلها مع باقي عناصر المنظومة التعليمية.

بعد التعريف السابق بعامين ظهر تعريف آخر عام 1972 تحديدا من قبل جمعية الاتصالات التربوية والتكنولوجيا ، والتي أشارت لأول مرة لمصطلح مصادر التعلم باعتباره ما يميز هذا المجال، ويشير التعريف إلى أن التكنولوجيا التعليمية Educational Technology هي مجال يشارك في تسهيل التعلم البشري من خلال تعريف منهجي systematic identification وتطوير وتنظيم واستخدام مجموعة كاملة من مصادر التعلم وإدارتها. (Association for Educational Communications and Technology, 1972, p.37)إن هذا التعريف ربط بين مجال تكنولوجيا التعليم ومجال مصادر التعلم مما أنشأ اهتماما خاصا بمراكز مصادر التعلم والعمليات الفنية بها ، ومدى تحقيقها للأدوار التربوية ، لكن الجمعية مالبثت أن طورت تعريفها عام 1977 باعتبار التكنولوجيا التعليمية عملية معقدة ومتكاملة تشمل الأشخاص والإجراءات والأفكار والأجهزة والتنظيم من أجل تحليل المشكلات ووضع وتنفيذ وتقييم وإدارة الحلول لتلك المشاكل التي ينطوي عليها جميع جوانب التعلم البشري.

“تكنولوجيا التعليم هي مجال معرفي يتعامل بدراسة وتصميم واستخدام وتقييم العمليات والموارد التعليمية والتي تتضمن الإنسان والمواد والأجهزة والإجراءات والتقنيات. وتستخدم تلك العمليات والموارد لتحسين فعالية التعليم وتحقيق الأهداف التعليمية

Association for Educational Communications and Technology. (1977). The definition of educational technology. Washington, D.C.: Association for Educational Communications and Technology.

في عام 1994 ظهر أحد أشهر تعريفات تكنولوجيا التعليم قاطبة وهو تعريف باربارا سيلز وريتا ريتشي والتان استبدلتا مصطلح Education Technology بمصطلح Instructional Technology ،وتعريف ريتا ريتشي وباربارا سيلز يرى أن التكنولوجيا التعليمية هي النظرية والممارسة لتصميم وتطوير واستخدام وإدارة وتقييم العمليات ومصادر التعلم.

تكنولوجيا التعليم هي تصميم وتطوير وتطبيق وتقييم العمليات والموارد التعليمية والتي تشمل الوسائط البشرية واللامادية والمنظمة والتقنية لتحقيق الأهداف التعليمية

Seels, B. B., & Richey, R. C. (1994). Instructional Technology: The Definition and Domains of the Field. Association for Educational Communications and Technology.

في عام 2008 قامت جمعية الاتصالات والتكنولوجيا التعليمية (Association for Educational Communications and Technology) بنشر كتاب يتناول التعريف الرسمي الحديث لمجال تكنولوجيا التعليم الذي تتبناه الجمعية . وقد تم إصدار الكتاب بعد دراسة وتقييم لأكثر من 800 تعريف مختلف لتكنولوجيا التعليم منشور في مصادر عدة ، والكتاب متاح للجمهور على موقع الجمعية.

تكنولوجيا التعليم هي مجال معرفي وتطبيقي يشمل تصميم وتطوير واستخدام وتقييم العمليات والموارد التعليمية والتي تشمل الوسائط البشرية واللامادية والمنظمة والتقنية، وذلك بغرض تسهيل وتعزيز التعلم

Association for Educational Communications and Technology. (2008). The Definition. https://www.aect.org/edtech/definition.html

وفي نفس العام أصدرت ريتا ريتشي كتابا بعنوان ” تعريف المجال Definitions of the field ” نشرته جمعية الاتصالات التربوية والتكنولوجيا شرح فيه التعريف السابق، ويمكن الوصول إلى التعريف وشرحه في مجلة TechTrends, 52(1), 24-25 من نفس العام.

المفهوم المعاصر لتكنولوجيا الجيل الرابع للتعليم :

أغلب التعريفات المعاصرة والمستخدمة في المصادر حاليا لتكنولوجيا التعليم قد تأثرت بالتعريفات التي سبقت الثورة الصناعية الرابعة لكنها حاولت التأكيد على مفهوم التكنولوجيا الحديثة وبيئات التعلم ومصادره ولعل أهل هذه التعريفات من وجهة نظر الكاتب الآتي :

تعريف مايكل سبيكتور Michael Spector 2015 : تكنولوجيا التعليم هي التطبيق المنضبط للمعرفة بغرض تحسين التعلم والتعليم والأداء.

Spector, J. M. (2015). Foundations of educational technology: Integrative approaches and interdisciplinary perspectives. Routledge

جمعية التعليم والاتصالات الدولية (AECT, 2020): “تكنولوجيا التعليم هي استخدام الأدوات الرقمية والوسائط المتعددة والتقنيات الحديثة لتحسين عملية التعلم والتدريس وتمكين المتعلمين من الوصول إلى المحتوى التعليمي بسهولة وفعالية

Association for Educational Communications and Technology. (2020). Definition and terminology committee report. https://aect.org/docs/AECT_Definition_and_Terminology_Committee_Report_2020.pdf

جمعية المكتبات الأمريكية (ALA, 2021): “تكنولوجيا التعليم هي استخدام التكنولوجيا الرقمية والإلكترونية لتحسين العملية التعليمية والتدريسية، وتمكين المتعلمين من الوصول إلى المحتوى التعليمي والتفاعل مع المدرسين والزملاء على مستوى عالمي.

American Library Association. (2021). Educational technology. http://www.ala.org/tools/glossary/term/educational-technology

الاتحاد الأوروبي لتكنولوجيا التعليم (EUN, 2022): “تكنولوجيا التعليم هي استخدام الأدوات الرقمية والوسائط المتعددة لتحسين جودة التعليم وتمكين المتعلمين من الوصول إلى المحتوى التعليمي بسهولة وفاعلية، وتحسين تجربة التعليم والتدريس

European Schoolnet. (2022). What is educational technology? https://www.europeanschoolnet.org/what-is-educational-technology/

ويظهر من التعريفات السابقة أننا بحاجة لإيجاد تعريف جديد لا يأخذ في الاعتبار فقط التكنولوجيا الجديدة ، بل التحولات الحادثة في طبيعة تكنولوجيا التعليم .

تكنولوجيا الجليل الرابع للتعليم : تحول أم تطور ؟

من الأستعراض السابق لمفهوم تكنولوجيا التعليم نلاحظ أن العلاقة بين التعريفات المختلفة كانت علاقة تطور فمن تعريف جون ديوي 1900 لى تعريف مايكل اسبكتور عام 2015 لم تخرج تكنولوجيا التعليم عن استخدام وسائل ما أو تكنولوجيا ما لتحقيق أهداف التعلم باستثناء تعريف جمعية الاتصالات وتكنولوجيا التعليم في 2008 والذي يعتبر تحول في المفهوم وليس مجرد تطور في الوسائل المستخدمة في التعليم. أي أنه يمكن القول أن تكنولوجيا التعليم شهدت تحولا بين الجيلين الثاني والثالث من التعليم وذلك بالانتقال من مفهوم الوسائل والأدوات التعليمية إلى مفهوم تكنولوجيا التعليم كعلم ومجال بيني يؤثر ويتأثر بعديد من العلوم الأخرى.

ومع بداية الجيل الرابع من التعليم حدث تحول كبير في طبيعة الممارسة التعليمية وأهدافها ومهام العاملين بها هذا التحول استتبع تحول في النظرة إلى تكنولوجيا التعليم حتى وإن لم تساير التعريفات المعاصرة هذا التحول، حيث يرى الكاتب أن تعريف مايكل سبكتور 2015 كان أنضج من التعريفات اللاحقة له والتي آثرت السلامة بوضع تعريف يدور في فلك مفهوم توظيف التكنولوجيا الحديثة لتحسين التعليم.

يرى الخبراء أن العصر الحالي هو عصر الرقمنة والذكاء الاصطناعي بامتياز ، كما كان العصر السابق هو عصر الحاسبات والشبكات وبلا شكل أن التطورات التقنية بين العصريين تستتبع تطورات أكثر وضوحا في الأساليب والممارسات ترقى لمستوى التحول في الوظائف وليس مجرد التطور في التكنولجيا. ففي عصر الرقمنة الحالي، تمر التكنولوجيا بتطورات كبيرة وسريعة حتى أنه لا يمكن وضع تصور واضح لما ستكون عليه مما يؤثر على مختلف جوانب حياتنا اليومية ، بما في ذلك التعليم .

لقد ارتبط التعليم منذ نشأته بالمعرفة كأرتباطه بالصناعة ، وكما نشهد الآن الثورة الصناعية الرابعة والجيل الرابع من التعليم فإننا نمر بما يسمى بالجيل الرابع من المعرفة، وهو مفهوم يشير إلى التحول الحديث في مثلث التكنولوجيا والمعرفة والاقتصاد، والذي يعتمد على استخدام التقنيات الحديثة وتحليل البيانات بطريقة ذكية لتحقيق تحولات كبرى في مجالات مثل الصحة والزراعة والإنتاجية والتعليم والتجارة والصناعة وغيرها.

يتميز الجيل الرابع من المعرفة بالاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية والإنترنت الأشياء والواقع الافتراضي والواقع المعزز وغيرها من التقنيات الحديثة، والتي تساعد في جمع البيانات وتحليلها وتفسيرها واستخدامها لتحسين العمليات وزيادة الإنتاجية وتحقيق الاستدامة وتحسين الحياة البشرية بشكل عام. وقد استتبع التحول في المعرفة تحول في طبيعة التعليم وأهدافه وطرقه وكذلك تحول في تكنولوجيا التعليم كمفهوم وممارسة، ولعل أبرز التحولات التي شهدها العصر الحالي ما يلي:

التحول في دور المعلم

في عصر التعليم 4.0، يتحول دور المعلم من مصدر رئيسي للمعرفة إلى موجه وميسر لعملية التعلم ويتعين على المعلمين توظيف التكنولوجيا والأدوات الرقمية بفعالية لتعزيز تجربة التعلم وتحفيز الطلاب على المشاركة النشطة والتفاعل مع المواد التعليمية.

واستتبع الأدوار الجديدة للمعلم الحاجة لتطوير كفايات تكنولوجية جديدة مثل إدارة الموافق التعليمية في بيئات التعلم الإلكتروني ، والقدرة على تطوير المحتوى الرقمي ، والإلمام التكنولوجي، وتطوير مهارات الاتصال والعمل الجماعي عن بعد، وغيرها من الكفايات اللازمة للتدريس في بيئات إلكترونية. توضح الخريطة الذهنية التالية التحولات المتوقعة في دور معلم التربية في الجيل الرابع للتعليم. ويظهر منها ارتباط أغلب أدواره بالتكنولوجيا الحديثة.

Himmetoğlu, B., Ayduğ, D., & Bayrak, C. (2020). EDUCATION 4.0: DEFINING THE TEACHER, THE STUDENT, AND THE SCHOOL MANAGER ASPECTS OF THE REVOLUTION. Turkish Online Journal of Distance Education, 21

بالنظر إلى الخريطة السابقة يلاحظ أن كفايات المعلم في الجيل الرابع من التعليم مرتبطة بمهارات تكنولوجية ومهارات توجيهية ومهارات تعلم مدى الحياة وخصائص شخصية. بالنسبة للمهارات التكنولوجية فتضمنت إدارة مجموعات الطلاب في بيئات التعلم الافتراضية ودمج التكنولوجيا الجيل الرابع في التعليم. كذلك تظهر أهمية مهارات التعلم مدى الحياة، والتطوير الذاتي، ، واتباع مناهج التعلم المبتكرة والحفاظ على التطوير المهني المستمر.ولعل أبرز التحولات التي شهدها دور المعلم في الجيل الرابع من التعليم هو دوره كموجه. فللمعلم دوره الهام في توجيه الطلاب تقنيًا وتربويًا ، ودورة في والتنسيق ، والتحفيز ، والقيادة ، وخلق بيئة تعليمية تشاركية ، ومساعدة الطلاب على الوصول إلى المعلومات الصحيحة ومساعدة الطلاب على تحديد أهدافهم.

التحول في دور المتعلم

شهد دور المتعلم تحولا كبيرا من كونه مستقبل للمعلومات إلى كونه شريك في عملية التعلم. يتم تمكين المتعلمين لتولي المسؤولية عن توجيه عملية التعلم الخاصة بهم، ويتم تشجيعهم على تطوير مهارات التفكير النقدي والإبداعية والتعلم الذاتي. يتعلم المتعلمون أيضًا كيفية التعاون والتفاعل مع زملائهم في الفصل الدراسي والعمل كفريق لحل المشكلات. كما يتوجب على المتعلمين في عصر التعليم 4.0 تنمية مهارات جديدة وتعلم كيفية التكيف مع التغيرات السريعة والتطورات التكنولوجية . يتضمن ذلك تعلم كيفية التعاون بفعالية مع الآخرين، حل المشكلات بشكل إبداعي، وتطوير القدرة على التفكير النقدي . ويوضح الشكل التالي خريطة ذهنية لبعض التحولات المرتبطة بأدوار المتعلم وكفاياته في الجيل الرابع للتعليم.

Himmetoğlu, B., Ayduğ, D., & Bayrak, C. (2020). EDUCATION 4.0: DEFINING THE TEACHER, THE STUDENT, AND THE SCHOOL MANAGER ASPECTS OF THE REVOLUTION. Turkish Online Journal of Distance Education, 21. doi: 10.17718/tojde.770896

توضح الخريطة السابقة أهم ركائز التحولات في سمات وكفايات طالب الجيل الرابع للتعليم، ومنها مهارات الاتصال والتعاون ، ومهارات تكنولوجية أساسية ، ومهارات التعلم ذاتها، والسمات الشخصية. حيث تشمل مهارات الاتصال والتعاون قدرة الطالب على العمل ضمن فريق وأن يتواصل بشكل جيد. أما بالنسبة للمهارات التكنولوجية فيقع أغلبها في نظاق ما يقوم الطالب من استخدامه في تعلمه مثل المعرفة بأسس الأمن السيبراني ، والبحث عن المعلومات، وإنتاج معارف جديدة ، واستخدام التكنولوجيا بشكل فعال ومواكبة التطورات التكنولوجية. وتشمل مهارات التعلم المهارات التي تتطلب من الطالب الدراسة واكتساب المعرفة واستخدام الكفايات المعرفية.مثل التفكير التحليلي وحل المشكلات والتفكير النقدي والتفكير الإبداعي والتمييز بين المعلومات الصحيحة والخاطئة وامتلاك مهارات الدراسة الذاتية وتعلم كيفية التعلم وتوليد معرفة جديدة والتعلم في أي مكان وزمان. وفي نطاق الخصائص الشخصية؛ ينظر إلى الطالب باعتباره باحثًا ورائد أعمال وقادر لى التنمية الذاتية وقوي الملاحظة ومنتجًا للمعرفة وقابلًا للتكيف وقادرا على تحمل المسؤولية وقائدا جيدا ، ومرنا في قراراته.

التحول في طرق وأساليب التعلم .

كما هو الحال في الجيل الرابع من التعلم بشكل عام فقد طال التحول طرق وأساليب التعليم وإن بقي المسمى في بعضها إلا أن الأدوات والوسائل المستخدمة تطورت تطورا كبيرا كما نال تلك الطرق والأساليب عديد من التحديثات، فمثلا زاد الاعتماد على التعلم الهجين المرن (HyFlex) إلى جانب التعليم المدمج، كما أن بيئات التعلم الإلكترونية التقليدية تراجعت مقابل بيئات التعلم الذكية وبيئات التعلم الانغماسية ( المعتمدة على تكنولوجيا الواقع الافتراضي والعزز ) ، كذلك من ثورة تكنولوجيا الاتصالات ظهرت إمكانات أكبر للتعلم النشط والتعلم التعاوني والتشاركي .

والنظر للخريطة الذهنية التالية يظهر أن أهم التحولات المرتبطة بالتكنولوجيا المستخدمة في التعليم في الجيل الرابع ترتبط بعدة محاور ترسم شكل التعليم في جيله الرابع لعل أهمها؛ الوصول المفتوح للمحتوى ، والتعليم الفردي، والتحول العقلي، ودمج التقنيات الرقمية في التعليم، وبيئات التعلم المرنة، والتعلم مدى الحياة، والتعليم الاستكشافي، والتعليم متعدد التخصصات،

Himmetoğlu, B., Ayduğ, D., & Bayrak, C. (2020). EDUCATION 4.0: DEFINING THE TEACHER, THE STUDENT, AND THE SCHOOL MANAGER ASPECTS OF THE REVOLUTION. Turkish Online Journal of Distance Education, 21

ففي نطاق الوصول المفتوح لمحتوى المقررات، تم إنشاء منصات الموارد التعليمية المفتوحة ومشاركة تلك الموارد بين صناع المحتوى. وفي سياق التعليم الفردي ، ذكر أعضاء هيئة التدريس إعداد محتويات التعلم الفردي ، وخلق بيئات تعلم تكيفية واستخدام تحليلات التعلم. في نطاق التحول العقلي ، أكد المشاركون ضرورة التحول الفلسفي للموارد البشرية. في نطاق دمج التقنيات الرقمية في التعليم ، تم تقديم اقتراحات لاستخدام الابتكارات التكنولوجية مثل الجامعات الذكية والواقع المعزز وتقنيات المعلومات السحابية والواقع الافتراضي في التعليم. تم شرح بيئات التعلم السلسة بالتعلم عن الخروج من الفصل والتعلم في أي مكان وزمان. ارتبط التعلم مدى الحياة ، وهو أحد أكثر الموضوعات تركيزًا في سياق التعليم 4.0 ، بتعلم كيفية التعلم والاستدامة والتطوير المستمر. أخيرًا ، تم شرح التعليم الاستكشافي بالتعليم بعيدًا عن التعلم عن ظهر قلب وأنشطة التعلم الموجهة للتطبيق

التحولات العقلية Mental Transformation

يشير هذا المفهوم إلى القدرة على تحويل المعلومات والأفكار بين مختلف الأشكال والأنماط والتعامل معها بشكل فعال وبناء معرفة جديدة من خلال توليد الأفكار والتحليل والتفكير الإبداعي. كما يرابط بتوظيف المهارات النقدية والمنطقية والتحليلية والإبداعية والتفكير النظري والتفكير الناقد لحل المشكلات واتخاذ القرارات المناسبة.

يعتبر هذا المفهوم جزءًا أساسيًا من التعليم الحديث الذي يركز على تنمية المهارات العقلية لدى الطلاب وتطوير القدرات الإبداعية والتفكير النقدي والتحليلي والإبداعي والتفكير النظري. ويساعد هذا التعليم الطلاب على التفكير بشكل أكثر تعقيدًا وتحليليًا وانتقائيًا وتفاعليًا وتعلّم الاستقصاء والبحث والتعاون مع الآخرين. وتقوم فكرة التحوّلات العقلية على العديد من الأبحاث النفسية والتعليمية المتعلقة بتنمية المهارات العقلية، ومن أهم هذه الأبحاث:

  • قام مجموعة من العلماء بجامعة هارفارد بالعمل على تطوير نظرية التحوّلات العقلية والتي تشير إلى القدرة على التعامل مع المعلومات بشكل مختلف وتحويلها إلى معرفة جديدة.
  • أعدت اليونسكو دراسة حول التحوّلات العقلية والتي تشير إلى ضرورة تطوير المهارات المتعلقة بالتحوّلات العقلية لدى الطلاب والتي تتضمن التفكير الإبداعي والنقدي والتحليلي والتفكير النظري.
  • أشار بحث أجرته جامعة هارفارد إلى أن التعليم المبني على تحوّلات عقلية يساعد الطلاب على تطوير المهارات العقلية والتحليلية والإبداعية والنقدية والتفكير النظري، وذلك من خلال تعلّم كيفية ربط المفاهيم والأفكار والمعلومات بشكل فعال وتطوير القدرة على التعلّم الذاتي والاستقصاء والبحث والتعاون مع الآخرين.

التحول في البيئات التعليمية

في عصر التعليم 4.0، تتحول البيئات التعليمية من الفصول الدراسية التقليدية إلى بيئات تعليمية مرنة تتيح للمتعلمين الوصول إلى الموارد التعليمية والتفاعل مع المحتوى وزملائهم والمعلمين بغض النظر عن المكان والزمانو يساهم ذلك في زيادة الفرص التعليمية وتعزيز التعاون بين المتعلمين والمعلمين. ويمكن حصر التوجهات الرئيسية لبيئات التعلم الإلكترنية في جيلها الرابع كما يلي :

نموذج الفصل الهجين المرن
  1. التحول من الفصول التقليدية للفصول الهجينة: حيث شهدت الحقبة الثالثة من التعليم انتشار دمج التكنولوجيا في التعليم الصفي والتي اتخذت شكل توظيف منظومة العرض التفاعلي كالسبورة البيضاء التفاعلية وكاميرا الوثائق ومنصات العرض التفاعلي وغيرها لكن مع الجيل الرابع للتعليم ظهر التوجه لنموذج الفصول المرنة الهجينة فهي مزج بين الحضور والتعلم عن بعد في نفس الوقت كما أن المعلم يكون في الصف ويمكن الاستعانة بمعلم آخر معاون أو مساند يعمل عن بعد، ويمكن استخدام استراتيجيات التعلم النشط إلكترنيا داخل الصف كما يمكن ممارسة الأنشطة الصفية لا تزامنيا عن طريق نظام إدارة التعلم ، ويمكن لطلاب المشاركة عن بعد من الطلاب الحاضرين داخل الصف.
  2. التحول من بيئات التعلم الإلكترونية إلى بيئات التعلم الذكية : شهد الجيل الرابع من التعليم تحولا في بيئات التعلم الإلكتروني التقليدية إلى بيئات تعلم معززة بالذكاء الاصطناعي والتي تقوم بتحليل تفاعلات الطلاب وتتكيف معهم وتقدم تعليما مخصصا لكل طالب.
  3. التحول من البيئات ثنائية وثلاثية الأبعاد إلى بيئات التعلم الإنغماسية : بيئات التعلم المستقبلية بيئات محيطية وانغماسية فالطالب جزء من بيئة التعلم بعكس البيئات السابقة التي كان الطلاب يتفاعل من خارجها، فتكنولوجيا الواقع الافتراضي والمعزز وتطبيقاتها في المتاحف والمعامل الافتراضية والتجارب العملية والمحاكيات ثلاثية الأبعاد أصبحت من أساسيات بيئات التعلم.
  4. شيوع التعلم المصغر والتعلم المبني على السيناريوهات : رغم أن التعلم المصغر والتعلم المبني على السيناريوهات بدءا فعليا في الجيل الثالث من التعليم لكن يتسم التعليم الإلكتروني في الجيل الرابع بكونه تعلم مصغر في مجملة مبني على موارد التعلم المفتوحة وسيناريوهات التعلم .

التحديات والفرص

رغم الفوائد التي يجلبها التعليم 4.0، إلا أن هناك تحديات يجب التعامل معها لضمان تحقيق أقصى استفادة من التطورات التكنولوجية (Brynjolfsson & McAfee, 2014). من أبرز هذه التحديات:

  1. قضايا النفاذ إلى التكنولوجيا والانقسام الرقمي
  2. مقاومة المعلمين لاعتماد التكنولوجيا والتحولات في المناهج التعليمية
  3. التحديات المتعلقة بحماية الخصوصية وأمان المعلومات
  4. تطوير مهارات المعلمين والطلاب في مجال التعلم الرقمي
  5. تحديات مرتبطة بالتكلفة المرتبطة بالتكنولوجيا الحديثة.

على الرغم من التحديات المذكورة، فإن التعليم 4.0 يوفر فرصاً هائلة لتحسين جودة التعليم وتعزيز التكيف مع التغيرات السريعة في العالم الرقمي. ومن خلال استثمار الجهود في معالجة التحديات وتحقيق التحولات المطلوبة، يمكن للمؤسسات التعليمية الاستفادة من الفرص التي يوفرها التعليم 4.0 لتعزيز جودة التعليم وتحقيق مستقبل أفضل للتدريس والتعلم في عصر الرقمنة.

تكنولوجيا الفصول المرنة والهجينة في الجيل الرابع للتعليم

ينظر البعض إلى تكنولوجيا التعليم باعتبارها علم “هندسة التعلم ” أو ” تصميم بيئات التعلم ” ويتضمن ذلك توفير الظروف المادية والتقنية الداعمة للمحسنة لتجربة التعلم الصفي. وقد ظهرت مسميات عديدة ارتبطت بالتعليم الصفي والإلكتروني كالتعليم عن بعد ( بعيدا عن الصف) ومنظومات العرض التفاعلي ( تفاعل داخل الصف) و التعلم المدمج ( دمج بين التعلم الصفي والإلكتروني ) والتعلم المرن ( مرونة في الستخدام الوسائل والأدوات وإعطاء البدائل الملائمة ) والتعلم الهجين وهو أحد التوجهات المعاصرة للتعليم الصفي. ويعتبر البعض أن مفهوم الفصول المرنة الهجينة (HyFlex) هي درة التاج بالنسبة لتكنولوجيا الجيل الرابع من التعليم حيث أنها توظف تقريبا أغلب أشكال التكولوجيا الحديثة كما سيتضح لاحقا.

على الرغم من أن فكرة التعلم المرن والتعلم الهجين كانت معروفة في مطلع القرن الحالي إلا أن المسمى المشار إليه هو من المستحدثات التي ارتبطت بتكنولوجيا الجيل الرابع من التعليم. حيث يقصد من مسمى Hybrid-Flexible (HyFlex) Learning ذلك النوع من التعلم الذي يتم في بيئة هجينة ( وليست مختلطة ) تتيح للمتعلم تخطي الحدود الفيزيائية والزمنية فهي دمج بين التعلم المتزامن وغير المتزامن ودمج بين التعلم الصفي والتعلم عن بعد وتحقق عدة مبادئي أساسية هي :

  • ممارسة التعلم من خلال بيئة رقمية.
  • تعلم قائم على خيارات المتعلم / تحكم المتعلم .
  • تكافؤ الفرص Equivalency.
  • إمكانية الوصول Accessibility.
  • إعادة الاستخدام Re-usability.

فالتعليم في نموذج التعلم المرن الهجين (HyFlex) له الحق في اختيار ما يتعلمه بالوسيلة الملائمة له وفي الوقت والمكان الملائم له فهو متحكم في سياق التعلم والتكنولوجيا المستخدمة و الجوانب الزمنية والمكانية، ويتزم النظام التعليمي بتحقيق فرص تعلم متكافئة ، وإتاحة إمكانية الوصول لمصادر التعلم والمحتوى التعليمي لذوي الاحتياجات الخاصة، كما يراعى في المحتوى التعليمي المرونة وإمكانية إعادة استخدامه في سياقات متعددة مما يحقق مبادئ أخرى في التصميم كالتكيف، والمرونة.

يعتبر عام 2020 عام التطبيق الفعلي لنموذج (HyFlex) حينما قامت الكلية الملكية في لندن بالإعلان عن تطبيق هذا النموذج كاستجابة لإيقاف الدراسة خلال جائحة كورونا (COVID-19)، حيث تمكنت من تقديم التعليم لمجموعات الطلاب سواءا في الحرم الجامعي أو عن بعد وبطرق وأساليب تناسب كل طالب. بيئة التعلم التي وفرتها الجامعة تقدم وسائل هجينة بين التزامني واللاتزامني وبين الممارسات المباشرة والممارسات عن بعد. ولتوضيح النموذج يمكن تصور معلم يعطي تطبيق عملي في معمل الكيمياء على تركيب مركب كيميائي ما، فالطلاب يمكنهم لنفس المقرر أن يحضروا البيان العملي في المعمل أو يتابعوه مباشرة عبر الفصل الافتراضي أو يشاهدوه مسجلا في غير وقت المحاضرة كما يمكنهم التطبيق في المعمل أو عبر محاكي في معمل الحاسب أو عن بعد في منازلهم – مثلا – كما يمكنهم الوصول للمحتوى عبر هواتفهم أو حاسباتهم المحمولة واللوحية. ولعل أبلغ وصف لهذا النمط أو النموذج وصف آن و أوليفر له بأنه عبارة عن تفاعلات معقدة وديناميكية وتغيرات مستمرة بين الأفراد ( معلم ومتعلم ) والتكنولوجيا والممارسات التعليمية.

وقد شهد عام 2020 وما بعده زيادة الاهتمام بتوظيف التعلم الهجين في التعليم، مقابل التعلم المدمج، ويقصد بالتعلم المدمج Blended Learning المزج بين التعلم وجها لوجه والتعلم عن بعد، حيث يتم توفير مواد تعليمية عبر الإنترنت بالإضافة إلى الدروس الوجاهية التقليدية في الفصول الدراسية. أما التعلم الهجين hybrid Learning فرغم أنه يدمج كذلك بين الدروس وجها لوجه والتعلم عن بعد، ولكن يتميز بأنه يركز على تقديم تجربة تعليمية متكاملة وسلسة بين الجوانب الحضورية والافتراضية. ويتم ذلك عن طريق توفير تكنولوجيا التعليم المتقدمة والمنصات الإلكترونية لتوفير تفاعلات ديناميكية وتفاعلية بين الطلاب والمدرسين وتشجيع التعاون والتفاعل بين الطلاب. وبشكل عام، يمكن القول إن التعلم المدمج يركز بشكل أساسي على توفير مزيج من التعلم الحضوري والافتراضي، في حين أن التعلم الهجين يركز على تكامل الحضوري والافتراضي في نفس الموقف التعليمي لتوفير تجربة تعليمية سلسة ومتكاملة.

قد يخلط البعض بين التعلم الهجين hybrid Learning والتعلم المدمج Blended Learning، لكن لعل أبرز اختلاف بينهما أن في التعلم المدمج تقسم الأنشطة بين الحضوري والأنشطة التي تمارس عن بعد بنسبة محددة سلفا ووفقا لمسار معروف كما يحدث في التعلم المعكوس مثلا حيث تقدم المحاضرة النظرية عبر الإنترنت والممارس العملية في الصف. لكن في التعلم الهجين يتاح للمتعلم مرونة أكثر في اختيار ما يمارسه عبر الإنترنت وبأي طريقة ( متزامن/ غير متزامن ) وما يمارسه في الصف الدراسي حضوريا أو عبر أنشطة تمارس في مرافق الجامعة كالمكتبة والمعمل بشكل غير متزامن.

ورغم الفروق بين النموذج المدمج والنموذج الهجين إلا أن بعض الدراسات قدمت نموذج (HyFlex) بشكل يجمع بين النموذجين مثل ما قامت به مارجوليكس Margulieux وآخرون في دراسة منشورة عام 2014وفقا للنموذج الموضح في الصورة الآتية :

في الختام يشير الكاتب أن تكنولوجيا الجيل الرابع للتعليم ليست مجرد تطور للمفاهيم السابقة لتكنولوجيا التعليم أونما تحول كبير في المفهوم والفلسفة واسلوب التوظيف. هذا التحول يستدعي صياغة تعريف معاصر أقدر على التعبير عن هذا المفهوم الحديث.

المراجع:

·        Association for Educational Communications and Technology. (2008). The Definition. https://www.aect.org/edtech/definition.html

·        Bonfield, C. A., Salter, M., Longmuir, A., Benson, M., & Adachi, C. (2020). Transformation or
evolution?: Education 4.0, teaching and learning in the digital age. Higher Education Pedagogies, 5(1), 223–246.

·        Bruner, J. S. (1962). The creative surprise. In H. E. Gruber, G. Terrell, & M. Wertheimer (Eds.), Contemporary approaches to creative thinking (pp. 1–30). New York, NY: Atherton Press.

·        Cropley, A. (2020). Creativity-focused Technology Education in the Age of Industry 4.0. Creativity Research Journal, 32(2), 184–191.

·        Cullen, E. (2023, May 30). What is Technology Enhanced Learning? . Retrieved from
https://www.mentimeter.com/blog/interactive-classrooms/what-is-technology-enhanced-learning-and-why-is-it-important

·        Detyna, M., Sanchez-Pizani, R., Giampietro, V., Dommett, E. J., & Dyer, K. (2023). Hybrid flexible (HyFlex) teaching and learning: climbing the mountain of implementation
challenges for synchronous online and face-to-face seminars during a pandemic.
Learning Environ Res, 26(1), 145–159.

·        Harrington, J. (1974). Computer integrated manufacturing. New York, NY: Industrial Press.

·        Harvard Graduate School of Education. (n.d.). Making Thinking Visible. Retrieved from https://www.pz.harvard.edu/projects/making-thinking-visible

·        Himmetoglu, B., Aydug, D., & Bayrak, C. (2020). Education 4.0: Defining the teacher, the student, and the school manager aspects of the revolution. Turkish Online Journal of
Distance Education
, IODL , 12-28.

·        Kasemsap, K. (2020). The role of education 4.0 in the digital age: Opportunities and challenges. In C. S. Chai, T. H. H. Huang, & J. S. Pan (Eds.), Innovations in educational
change: Cultivating ecologies for schools
(pp. 3-18). Springer

·        Keiper, M. C., White, A., Carlson, C. D., & Lupinek, J. M. (2021). Student perceptions on the
benefits of Flipgrid in a HyFlex learning environment. Journal of Education for Business, 96(6), 343–351

·        Kidd, T. T., & Song, H. (2008). Handbook of Research on Instructional Systems and Technology (Vol. 2). p12

·        Kohnke, L., & Moorhouse, B. L. (2021). Adopting HyFlex in higher education in response to
COVID-19: Students’ perspectives. Open Learning THe Journal of Open, Distance and e-Learning, 36(3), 231–244

·        Luckin, R., & Cukurova, M. (2019). Designing educational technologies in the age of AI: A learning sciences-driven approach. Br. J. Educ. Technol., 50(6), 2824–2838.

·        Malczyk, B. R. (2019). Introducing Social Work to HyFlex Blended Learning: A Student-centered Approach. Journal of Teaching in Social Work, 39(4-5), 414–428.

·        Margulieux, L. E., Bujak, K. R., McCracken, W. M., & Majerich, D. M. (2014, January). Hybrid,
blended, flipped, and inverted: Defining terms in a two dimensional taxonomy
. Proceedings of the 12th Annual Hawaii International Conference on Education, Honolulu, HI (pp. 5–9).

·        Reiser, R. A., & Dempsey, J. V. (2020). Trends and issues in instructional design and
technology
(4th ed.). Pearson.

·        Richey, R. C., Silber, K. H., & Ely, D. P. (2008). Definitions of the Field. TechTrends, 52(1),
24-25.

·        Richey, R. C., Silber, K. H., & Ely, D. P. (2008). Definitions of the field. Association for
Educational Communications and Technology.

·        Roll, I., & Wylie, R. (2016). Evolution and revolution in artificial intelligence in education. International Journal of Artificial Intelligence in Education, 26(2), 582-599.

·        The Encyclopedia of Educational Technology. What is Educational Technology? Retrieved from: http://www.etc.edu.cn/eet/eet/articles/edtech/index.htm

·        UNESCO. (2016). Education for people and planet: Creating sustainable futures for all. Retrieved from https://unesdoc.unesco.org/ark:/48223/pf0000244552

عن د مصطفى جودت

أستاذ تكنولوجيا التعليم المشارك بجامعة الملك سعود ، وجامعة حلوان مدير تطوير المحتوى الرقمي بجامعة الملك سعود
error: Content is protected !!
التخطي إلى شريط الأدوات