التصميم التعليمي الرشيق Agile Instructional Design

التصميم التعليمي الرشيق Agile Instructional Design
إعداد : د. مصطفى جودت صالح
نشر ببوابة تكنولوجيا التعليم

إعداد : د. مصطفى جودت صالح

عمل التصميم التعليمي كمجال على تحسين تجربة التعلم ودعم المعلمين في تصميم محتوى تعليمي يتميز بالكفاءة والفاعلية، والتصميم التعليمي يهتم بجانبين هما؛ تصميم المحتوى التعليمي وتصميم إجراءات تطوير الحتوى، حيث يعتمد تصميم المحتوى على معايير ومواصفات مرتبطة بدراسة كيف يكتسب المتعلم المعرفة ويدرك ما حوله ويبني خبراته وتشتق أسس هذا الجانب من نظريات التعلم، بينما يرتبط تصميم إجراءات التطوير بنماذج وخطوات منهجية تستخدم في مشروعات التطوير بهدف تحسين النتائج وتقليل الوقت المستغرق والتكلفة والتي تسمى بفاعلية البرنامج وكفاءته، وتشتق هذه النماذد من مجال إدارة المشروعات في أغلب الأحيان.

وقد عمد خبراء التصميم التعليمي لتحقيق أهداف التصميم التعليمي إلى اساليب تحليلية وهيكلية ذات طبيعة منظومية ونماذج ذات سمات شبه ثابتة خاصة في مشروعات الإنتاج، وقد استندت تلك الأساليب والخطوات المتبعة في التصميم على مبادئ إدارية مثل منهج النظم . ويمكن تقسيم مداخل التصميم التعليمي إلى نوعين رئيسيين: المنظومي وغير المنظومي. ويختلف المدخلان في الطريقة التي يتم بها تنظيم وتطبيق إجراءات تطوير المحتوى التعليمي.

  • المدخل المنظومي: يستخدم هذا المدخل نظرية النظام العام (General Systems Theory) في تصميم التجارب التعليمية، حيث يعتبر النظام التعليمي بأكمله كجزء من نظام أكبر. ويهدف هذا المدخل إلى تصميم تجارب تعليمية تتماشى مع متطلبات النظام التعليمي بأكمله، ويتم التركيز على العلاقات بين المكونات المختلفة للنظام التعليمي. ويتطلب هذا المدخل التفكير في العلاقات الفرعية بين جميع المكونات، وتصميم الإجراءات التعليمية بشكل متكامل ومترابط لتحقيق الهدف العام من العملية.
  • المدخل غير المنظومي: يبنى هذا المدخل على مسلمة أنه يمكن توفير والوقت والجهد والمال في تطوير المحتوى التعليمي وتصميم إجراءات التعلم إذا ما اختصرنا بعض الإجراءات وقسمنا مراحل العمل وحققنا التكامل بين فرق العمل. وهو تصميم يدور حول المتعلم وطبيعة المحتوى، أكثر من ارتباطه بالأنظمة الأكبر بالمؤسسة ويستغل هذا المدخل التصميمي الإمكانات المتاحة الاستغلال الأمثل وغالبا ما تستهدف نماذج التصميم غير المنظومية تطوير شكل محدد من أشكال المحتوى التعليمي.

ويمكننا القول أنه نتيجة تطور التكنولوجيا وظهور أدوات حديثة لتطوير المحتوى الرقمي، والحاجة المتنامية لتطوير محتوى بطرق سريعة وكثيفة الإنتاج ، أصبح المدخل المنظومي في تطوير المحتوى التعليمي غير ملائم لتلبية احتياجات مشروعات تطوير المحتوى التعليمي . وفي هذا السياق، ظهر مفاهيم كالتصميم التعليمي السريع، والتصميم التعليمي المرن، والتصميم التعليمي الرشيق (Agile Instructional Design) كحلول جديدة وفعالة لتصميم المناهج والمواد التعليمية بطرق أكثر مرونة وتكيفية مع احتياجات المستخدمين.

تناول الكاتب في مقال سابق التصميم التعليمي السريع وتطرق إلى بعض نماذجه ، وينتمي التصميم التعليمي الرشيق لنفس مدرسة التصميم التعليمي السريع حيث أنه تصميم تعليمي غير منظومي يهدف إلى تسريع عملية الإنتاج وزيادرة فاعليتها. وقد برز مفهوم التصميم التعليمي الرشيق مشتقا من مجال إدارة المشاريع في الأساس، فمنهجية أجايل أو” الإدارة الرشيقة للمشاريع التقنية” منهجية استخدمت في عديد من المجالات ومنها مشروعات التعليم الإلكتروني وهي تعنى ليس بتصميم المحتوى بل بتصميم الإجراءات والعمليات، ويأتي مصطلح الرشاقة في هذا المنهج أو الأسلوب من المرونة الفائقة في هذا الأسلوب وسمات أخرى يتمتع بها أدت لسرعة في التطبيق وتوفير كبير في تكلفة التنفيذ حتى أن عديد من المصادر اعتبرته نموذج من نماذج التصميم التعليمي السريع، بينما رأت بعض المراجع أن منهجية أجايل هي منهجية تصميم مرن أو تكيفي وهي منهجية تتغير بتغير متغيرات عملية الإنتاج ومستجدات المشروع فهي منهجية ليس لها مسارا ثابتا بل دورات تطوير جزئية.

تمت صياغة مصطلح “تطوير البرمجيات الرشيقةAgile software development” في اجتماع عقد في عام 2001. سبق ذلك جهود حثيثة في التسعينيات بذلت من قبل مهندسو تطوير البرمجيات الذين رأوا أن الطريقة التي يديرون بيها مشاريعهم في تطوير البرامج يمكن تحسينها من خلال العمل الجماعي والعصف الذهني، حينها توصل مطورو البرمجيات إلى منهجية منهجية Agile. و تعرف المنهجية الرشيقة (أجايل) Agile بأنها منهجية إدارة المشاريع البرمجية تستخدم لتطوير المنتج من خلال تنفيذ دورات زمنية قصيرة متكررة، كل دورة تنتج مُخرجًا يختلف عن المُخرج في الدورة السابقة وتشمل هذه الدورات على التخطيط والتنفيذ ويهدف ذلك إلى تقريب المُخرج للعميل والتأكد من رضاه إلى أن تكتمل جميع العمليات وتتضح الصورة النهائية للمنتج.

من الممكن تطبيق المنهجية الرشيقة Agile في مشاريع التعليم الإلكتروني لزيادة الفاعلية وتقليل النفقات، حيث تساعد هذه المنهجية على تحسين جودة المنتج النهائي وتحقيق المرونة والتكيف مع التغييرات التي يمكن أن تحدث خلال عملية التطوير. وتساعد Agile أيضا على زيادة مشاركة المستخدمين في التطوير ومن ثم تحسين تجربة المستخدم. أي أنه باستخدام Agile في مشاريع التعليم الإلكتروني، يمكن للمطورين تحسين جودة المنتج النهائي وتقديم مخرجات تعليمية تلبي احتياجات المتعلمين بشكل أفضل، وتحقيق رضا عناصر العملية التعليمية. وتساعد Agile أيضا على تحسين الإنتاجية ( كما وكيفا ) وتقليل التكاليف والوقت المستغرق في عملية التطوير.

تقوم فكرة المنهجية الرشيقة Agile على تحديد الأهداف والمتطلبات الأساسية للمشروع، ثم تقسيم العمل إلى مجموعات صغيرة من المهام المتداولة والمستقلة. وتتم متابعة عملية التطوير بشكل دوري عن طريق اجتماعات دورية ومراجعات مستمرة وتعديل الخطط والاستجابة للتغييرات والتحسينات المستمرة.

يمكن تطبيق Agile في مشاريع التعليم الإلكتروني بعدة طرق، مثل استخدام أساليب التطوير الحديثة مثل تطوير الموارد التعليمية المفتوحة واستخدام استارتيجيات مثل التصميم التفاعلي والتعاوني. كما يمكن استخدام Agile في تأسيس وحدات تطوير المحتوى بالكليات والمؤسسات الجامعية بحيث تعتمد عملية الإنتاج على جهد تعاوني جماعي مشترك.

مفهوم التصميم التعليمي الرشيق

التصميم التعليمي الرشيق هو عبارة عن منهج تصميم تعليمي يستند إلى مبادئ التطوير الرشيق (Agile Development) المستخدمة في مجال تطوير البرمجيات. يعتمد هذا المنهج على التكامل والتعاون بين فرق التصميم التعليمي والمعلمين والطلاب، مع التركيز على تطوير مواد تعليمية قابلة للتكيف والتحسين المستمر، بدلاً من تصميم مناهج ثابتة وجامدة. فقد جرت العادة على سبيل المثال لمن يستخدمون نموذج ADDIE في تطوير المقررات أن نتهوا من مرحلة التصميم وينتقلوا إلى مرحلة التطوير ثم التوظيف الذي قد يؤدي بشكل محدود إلى تعديلات في التصميم أو التطوير ثم التقويم وله عدة أشكال، لكن بشكل عام وحتى مع النمط الدائري من النموذج فإن كل مرحلة تكون منتهية بشكل أو بآخر ، لكن مع نموذج التصميم الرشيق فمراحل التصميم غير منتهية وقابلة للتعديل والزيادة والتطوير حتى بعد الاطلاق طبعا وفقا لاشتراطات خاصة .

وفكر ة التصميم التعليمي الرشيق، كما اسلفت، مستمدة من مجال الإدارة من مصطلح إدارة المشاريع الرشيقة Agile Project Management والمعروفة اختصارا بـ APM، وعرفت مع نشأت مشاريع تطوير برامج الحاسب ومشاريع تكنولوجيا المعلومات بشكل عام. وتكمن فكرة هذا النوع من إدارة المشاريع في تقسم مهام العمل في المشروع إلى أقسام صغيرة حیث يتم تنفيذها وإكمالها في جلسات العمل، من مرحلة التصميم إلى الاختبار وضمان الجودة. تسمى هذه الأقسام الصغيرة أو التكرارات، “بالسلسلة الزمنية المحددة – Sprint” وتستخدم في تقنية إدارة مشروعات التطوير الرشيقة ضمن إطار عمل أو سلسلة إنجاز محددة تسمى “سكرم Scrum” وليس SCORM المستخدم عندنا في التعليم الإلكتروني.

تكون السلسلة الزمنية المحددة – Sprint قصيرة بشكل عام، وتستمر من 2 إلى 4 أسابيع. ويتم مراقبتها وتقويمها دوريا للتنبؤ بأي مشكلات قد تواجه هذه السلسلة وتذليلها. وبهذا فإن كل حلقة من السلسلة تتكون من خطة وتصميم وتطوير واختبار وتطبيق ثم مراجعة قبل الانتقال للحلقة التالية. ويُعتقد أن هذا المنهج يساعد بشكل كبير في تقليل احتمالية الفشل في الأجزاء الكبيرة والعامة، حيث تتم مراجعة الأجزاء الصغيرة وتحسينها باستمرار طوال دورة حياة المشروع.

لماذا التصميم التعليمي الرشيق؟

تناول مقال سابق في بوابة تكنولوجيا التعليم موضوع التصميم التعليمي السريع ، واتفقنا على أنه يشير إلى أي نهج لتطوير المحتوى يركز على السرعة والمرونة والتعاون. تطور المصطلح من تقدم صناعة تطوير البرمجيات والمحتوى الإلكتروني بشكل عام، حيث يكون لتطوير المحتوى الإلكتروني -كالتعلم الإلكتروني-خصائص مماثلة لتطوير برامج الحاسب. والناظر إلى مجال صناعة التعليم والتدريب الإلكتروني يرى الحاجة المتزايدة من قبل المنظمات لمحتوى تعليمي سريع التطور. فقد أصبحت مفاهيم مثل “الوقت اللازم للإتقانtime-to-proficiency” من الأولويات العالية المنظمات والمؤسسات في كل مكان.

وفي مجال تطوير المحتوى التعليمي الرقمي، يشار إلى ذلك باسم “الحاجة إلى السرعةthe need for speed”. ويؤثر هذا الاتجاه بشكل كبير على مجال تصميم الأنظمة التعليمية (ISD) ، وعملية تقييم احتياجات التدريب أو التعلم، وتطوير الموارد التعليمية الجاهزة. عزز من هذه الحاجة حركة التطور المتسارع في تكنولوجيا التعلم الإلكتروني ، وقد أدى هذا الاتجاه إلى السعي وراء نماذج تصميم التعلم السريع، وهو نهج يستخدمه المصممون التعليميون ومطورو المحتوى الذي يعطي الأولوية للسرعة والمرونة والتعاون.

يعد تصميم التعلم السريع الاتجاه المقابل للتصميم العام المعروف اختصارا بـ ADDIE ، والذي يعتبر النهج الخطي التقليدي لتطوير المحتوى. والذي يتميز بسهولة التطبيق والدقة، وهو أحد الأسباب التي تجعله شائعًا في الأوساط الأكاديمية وتدريب القوى العاملة التقليدية. على النقيض من النموذج العام للتصميم التعليمي فقد ظهرت حاجة لنماذج تصميم تعليمي تعالج عيوب النموذج العام منها العمل الجماعي والمرونة والسرعة وخفض التكلفة وقابلية التطوير والتعديل في جميع المراحل ومن المنهجيات التي استفاد منها المصممون التعليميون منهجية التصميم الرشيق والتي استمدوها كما ذكر سابقا من إدارة مشروعات تطوير برامج الحاسب.

أسلوب التصميم التعليمي الرشيق يعتبر أحد أنماط التصميم السريع وله مؤيديه وله معارضيه كذلك ، لكن بشكل عام فإن طريقة إنتاج البرامج التعليمية باستخدام طريقة أجايل أو ما يمكن أن نسميه بالتصميم التعليمي الرشيق تتمتع بالآتي:

  1. التكامل والتعاون: يشجع التصميم التعليمي الرشيق على التعاون المستمر بين فرق التصميم والمعلمين والطلاب، مما يساعد في تحديد احتياجات المستخدمين بشكل أفضل وإيجاد حلول مبتكرة لمشكلات التعلم .
  2. التكيف والتحسين المستمر: يسمح هذا المنهج بتعديل المواد التعليمية والمناهج التي تم تطويرهخا بشكل سريع وفعال، استناداً إلى ملاحظات المستخدمين والتغيرات في البيئة التعليمية .
  3. التركيز على القيمة: يركز التصميم التعليمي الرشيق على توفير قيمة تعليمية ملموسة للمستخدمين، بدلاً من الالتزام بأهداف تعليمية محددة مسبقًا .
  4. التجربة والتعلم: يعتبر هذا المنهج أن التجربة والتعلم المستند إلى الممارسة هما أساس التطور المهني والتحسين المستمر في المجال التعليمي، ويشجع على تبني استراتيجيات تعلم نشطة ومشاركة الطلاب في تطوير المحتوى التعليمي .
  5. إعادة التصميم والاستخدام: من مميزات نماذج التصميم التعليمي الرشيق هو عدم الحاجة للبدء من نقطة الصفر فيمكن تطبيقه على الموارد والمحتوى التعليمي السابق والذي كان يستخدم بطرق وسياقات أخرى فيمكن إعادة التصميم أو حتى إعادة استخدام المحتوى المتاح في مستودعات ومنصات الموارد المفتوحة بشكل يلائم طبيعة المقررات الإلكترونية والدورات التدريبية الإلكترونية.

التصميم التعليمي الرشيق Agile ID
ومدخل التعلم الرشيق Agile Learning Approach

قد يخلط البعض بين المصطلحين، فالمصطلح الأول يقصد به التصميم التعليمي للمقررات الإلكترونية والبرامج التعليمية بمنهجية جايل، هذا التصميم يعتمد على أجايل في الإجراءات والعمليات لتسريع عملية إنتاج المقررات والبرامج وإكساب عملية الإنتاج المرورنة والتعاون لكنه عمل إنتاجي في الأساس وتوجد عدة نماذج لتحقيق ذلك مثل SAM و LLAMA ونماذج أخرى سيتم التطرق لها لاحقا.

أما مدخل التعلم وفق أجايل، فيشير إلى أحد مداخل التعلم الإلكتروني ويعتمد على ممارسة مهام التعلم وفقا لمبادئ أجايل الأساسية كالمرونة والتعاون والتحديث المستمر … إلى آخر ذلك. وعادة ما نلجأ إلى مدخل التعلم الرشيق في حالة وجود مهام تكرارية ذات طبيعة تعاونية فيتم أدارة فرق العمل/ التعلم وفقا لهذا المدخل لضمان تحقيق المتعلمين مهام التعلم في الوقت المحدد وبطريقة مناسبة. ويستخدم هذا المدخل ذكلك في تدريب الموظفين أثناء العمل لإكسابهم المرونة والسرعة والقدرة على تصحيح الأخطاء والتعاون في أداء المهام الروتينية، والتكيف مع المتغيرات والمستجدات إثناء أداء المهام، كما وجد أن هذا المدخل في التدريب يزيد من المهارات اللينة للمتدربين.

يعتمد مدخل التعلم / التدريب وفقا لمنهجية أجايل على توظيف عدة أساليب مثل :

  • جلسات التعلم الفردي / التعلم المضغر (لحظات قصيرة من التعلم خلال يوم العمل)
  • التعلم من الأقران مع الزملاء فيما يعرف بدوائر التعلم.
  • جلسات تبادل المعرفة وعرض الإنجازات.
  • جلسات التدريب داخل المؤسسة
  • التدريب عبر الإنترنت المتزامن وغير المتزامن
  • مقررات التعلم واسعة الالتحاق عبر الإنترنت.

وجه الشبه بين تصميم التعلم الرشيق Agile ID و تصميم التعلم وفقا للنموذج العام ADDIE

بلا شك أن نموذج التصميم التعليمي العام ADDIE حظى بشعبية كبرى بين المصممين التعليميين وحتى طلاب الدراسات العليا في أقسام تكنولوجيا التعليم نظرا لسهولة تطبيقه وعدم إلزامه المطور بإجراءات محددة، فهو نموذج عام كأسمه أكثر من كونه نموذج إجرائي تنفيذي، لكن لعل شعبيته الرئيسية تكمن في أنه أثر في عديد من النماذج الأخرى حتى غير المنظومية منها مثل منهجية أجايل في التصميم كما يظهر من الشكر السابق، فلو حاولنا عمل مقاربة بين إجراءات النموذج العام وإجراءات سلاسل الإنجاز في النموذج نموذج التصميم التعليمي الرشيق سنلاحظ أن الإجراءات تقريبا وحدة لكن المنهجية الرشيقة في التصميمي التعليمي قائمة على تقسيم المهام إلى مراحل صغيرة تقوم كل منها على حدى، كما أنه قائم على العمل الجماعي والتعاوني كما سبق الحديث عنه.

على عكس النموذج العام ADDIE فإن منهجية أجايل ليست نموذجا محددا ولا إجراءات ثابتة بل منهج في إدارة المشروعات ومن أشهر النماذج التطبيقية المبنية على منهجية أجايل ما يعرف اختصارا بـ LLAMA (lot like agile method approach) وهو نموذج مطور وموجه تحديدا للمصممين التعليميين. النموذج العام رغم سهولة تطبيقه وشكله الحلقي إلى أنه نموذج خطي غير متكرر، وبالتالي لا يعطي فرصة للتعديل في مرحلة أنتهى منها المصمم. اي أنه لو حدث أي تغيير في المشروع فإن المصمم بحاجة لإعادة مرحلة كاملة على الأقل. مثلا لو حدثنا جزءا من المحتوى فنحن بحاجة لإعادة التطوير والتطبيق كاملا وبالتأكيد التقويم للبرنامج ككل، بينما في منهجية أجايل نحن نطور ونطبيق وتقوم الجزئية التي جرى عليها التعديل فقط، ومن خلال روتين فرعي لا يؤثر على سير مشروع التطوير ككل.

كذلك يتيح التصميم التعليمي الرشيق تطبيق كل جزئية واختبارها مستقلة عن البرنامج دون الحاجة لانتظار الانتهاء من البرنامج كاملا، وهو ليس كمنهجية الاختبار المرحلية في النموذج العام والخاص باختبار مخرجات المرحلة ، بل يعتبر كل جزء من المقرر وكأنه منتج كامل قائم بذاته ، وداخله اختبارات مرحلية وفي نهاية تطوير هذا المنتج يتم تطبيقه واختباره منفردا ويمكن إعادة التطبيق في البرنامج ككل.

https://www.celotehpendidikan.com/2021/06/model-desain-instruksional-sam.htm

من النماذج التطبيقية الناجحة التي تستخدم منهجية أجايل إلى جانب LLAMA نموذج SAM أو ما يعرف بنموذج التقريب المتتالي . ,هو نموذج تصميم تعليمي تم تطويره بواسطة خبير التعلم الإلكتروني ميشيل آلان Michael Allen في عام 2012 في أمريكا ، يقوم نموذج SAM على ثماني خطوات صغيرة ومتكررة والتي توزع على ثلاث مراحل، وهي مرحلة الإعداد، ومرحلة التصميم التكراري ، ومرحلة التطوير التكراري.

المراحل الأساسية لمنهجية التصميم االتعليمي الرشيق

نهج التصميم التعليمي AGILE هو نهج موجه نحو المشروع project-oriented approach (POA) من أشهر نماذجه ما قدمه كونراد جوتفريدسون ، والمسمى بنموذج ممارسة دعم الأداء . ويشمل خمس مراحل أساسية عند تطوير مشروعات التعليم الإلكتروني هي؛ المحاذاة ، والاستعداد ، والتكرار والتنفيذ ، والرفع والتقييم.

وفقا لجوتفريدسون فإن نموذج أجايل المقدم من خلاله لا يستهدف فقط المرونة وقابلية التكيف لكنه يعتمد على الاستفادة من العمل المشترك والتعاون والتغذية الراجعة من المستفيدين وسرعة الإنتاج وضمان سلامة المنتج عند التسليم النهائي لمشروع تطوير المحتوى التعليمي. ولتطبيق نموذج أجايل وفقا لجوتفريدسون فإن مشروع الإنتاج يبدأ بلقاء مصممي التعليم مع أصحاب المصلحة وخبراء التعليم الإلكتروني وفرق تطوير محتوى التعليم الإلكتروني والمستفيدين وباقي فرق العمل لتبادل الأفكار في شكل جلسة عصف ذهني مبدئي لصياغة خطة للمضي قدمًا في تطوير مقرر التعلم الإلكتروني. يوضح الشكل التالث الإجراءات الفرعية في المرحلة الأولى للنموذج والتي تستهدف تحديد الاحتياجات وبناء خطة المشروع

المرحلة التالية يتفق فيها جميع أعضاء المجموعة على المحتوى الأساسي للمقرر، والشكل الذي سيقدم من خلاله. عادةً ما يتضمن العمل تقسيم لفرق عمل متخصصة تناقش بشكل أكثر تفصيلا عناصر محددة من المحتوى وكيفية معالجتها وتقديمها . ثم يتم تطوير عناصر محتوى التعليم الإلكتروني التي تم الاتفاق عليها في المجموعات الفرعية وتقييمها داخليا.

عادة ما يتم طلب اجتماع آخر لمعالجة أي تعديلات أو إضافات يجب إجراؤها قبل المضي قدمًا. بمجرد معالجة جميع المشكلات ومناقشة المخاوف ، يكرر فريق التعليم الإلكتروني العملية مرة أخرى لكل قسم من دورة التعليم الإلكتروني. وبالتالي ، يتم تطوير كل عنصر تعلم من محتوى التعليم الإلكتروني بالكامل قبل الانتقال إلى الوحدة التالية.

ويمكن تلخيص خطوات النموذج السابقة في الآتي:

  1. المحاذاة Align: يتم في هذه الخطوة تحديد الأهداف التعليمية وتحديد معايير الأداء المرجوة، ويكون ذلك في الاجتماع العام الأول ويمكن للجان الفرعية مناقشة وتعديل بعض النقاط فيما بعد وإعادة طرحها في الاجتماع التالي.
  2. الاستعداد Get Set: يتم في هذه الخطوة جمع وتحليل المعلومات المتعلقة بالمادة التعليمية، وتحديد الموارد المطلوبة وتحديد الجدول الزمني المناسب. ويتم العمل على مستويين مستوى اللجان الفرعية حسب كل عنصر محتوى، ثم مجموعة أكبر تجمع الجداول الزمنية وتضع خطة أكبر تعكس مراحل التطوير، تقاب لهذه المرحلة مرحلة التصميم التكراري في نموذج SAM.
  3. التنفيذ والتكرار Iterate and Implement: يتم في هذه الخطوة تصميم وتطوير وإنتاج المادة التعليمية وتجريبها وتحديد المناطق التي يمكن تطويرها وتحسينها. وتكون عملية الإنتاج عملية ذات طبيعة تكرارية تخضع للتقييم والتعديل والتطوير المستمر.
  4. رفع المحتوى Leverage: تهتم هذه الخطوة برفع عناصر التعلم وربطها ببعضها البعض وبناء سلوك استجابة المحتوى للمتعلم ( مسارات التعلم وسيناريوهاته). ويتم في هذه المرحلة جمع ماقامت به فرق التطوير الفرعية.
  5. Evaluate: يتم في هذه الخطوة تقييم المادة التعليمية وتحديد مدى تحقيق الأهداف التعليمية وتحديد المناطق التي يمكن تحسينها وضمان جودة المنتج النهائي. هذا التقييم يتم على المستوى الجزئي لكل فرق تطوير وعلى مستوى جميع الفرق في مرحلة رفع المحتوى ونشره، فضلا عن التقييم على مستوى المستفيدين.

مميزات التصميم التعليمي الرشيق وفقا للنموذج السابق

أول ما يمكن ملاحظته في هذا النموذج بخلاف نماذج التصميم التعليمي التقليدية لا يبدأ بتحليل محتوى جاهز وتحليل سمات المتعلمين، بل يجتمع مع خبراء المحتوى وخبراء التدريس والمتعلمين أنفسهم وأصحاب المصلحة ليضعوا جميعا تصورا لما سيكون عليه المقرر الإلكتروني. وقد يتصور البعض أن نقطة البداية هذه مضيعة للوقت أو كما نقول في عالمنا العربي ” مكلمة” لكن الواقع يشير إلى أن اجتماع التنسيق والتصميم الأساسي يكون في شكل عصف ذهني موجه ووفقا لآليات ونماذج محددة يشترك كل فرد في إبداء رأيه عبرها وفقا لدوره وخبراته، وليس جلسة عصف ذهني مفتوح غير محددة الأهداف، ويكون عائدها الأكبر أن ما سيتم تصميمه هو انعكاس لحاجات فعلية وخبرات فرق العمل والخبراء والمستفيدين.

من الجوانب التي تظهر في استقرائنا للمرحلة الأولى من النموذج وإجراءاته أن النموذج قائم على إشراك المتعلم في التصميم ودراسة احتياجاته وأساليب تفاعله ومدى تقبله لطريقة المعالجة المقترحة، فالتصميم التعليمي في طريقة أجايل تصميم يدور حول المتعلم.

في الخطوة التالية لمرحلة التطوير وفق أجايل يتم تجهيز مايلزم لتحقيق الرؤية العريضة التي تم تحديدها في المرحلة الأولى ومن ذلك تقسيم العمل في مراحل وظيفية أصغير والتقسيم هنا كما نؤكد تقسيم وظيفي وليس كمي فلا يتم تقسيم – مثلا – كل درس على فريق عمل، بل هو قائم على فكرة فرق التطوير الموجهة وظيفيا feature-driven development (FDD) .

ومن أبرز جوانب القوة في هذا النموذج قابليته للتعديل أثناء العمل، فوحدة العمل هنا هو عنصر التعلم الفردي، وبالتالي فإن التقييم المرحلي يتم على مستوى كل عنصر وعلى مستوى الوظيفي كذلك ، مثلا لو قام المصمم التعليمي بعمل لوحة اخراج Storyboard لمشهد أو موقف تعليمي سيقدم عبر مقطع رسومات متحركة فإن هذا العمل سيبنى عليه عمل فريق إنتاج الصور وفريق إنتاج الرسومات المتحركة ويستدعي ذلك تقييم لوحة الاخراج قبل البدء بالتطوير ودراسة مقترحات الفرق وآراء عينة من الطلاب في فهم لغة الحوار المستخدمة ثم التسجيل الصوتي من قبل فريق الصوت ومراجعته كذلك في جلسة مع باقي المقاطع التي سجلها الفريق الصوتي ويشترك في الجلسة مصمموا الرسومات المتحركة والمعلمين والطلاب كل يبدي رأيه في حسب جانبه التخصصي، قبل نقل الصوت لدمجه مع الرسم المتحرك وتقيم الرسم المتحرك ككل ، ثم رفع الرسم المحترك ضمن المقرر وإعادة تقييمه مرة أخرى ضمن محتوى الموديول التعليمي.

ويشيع في طريقة التصميم التعليمي الرشيق مفهوم اجتماعات اللحظة الأخيرة last-moment meetings وتكون على مستوى فرق العمل المتخصصة لمناقشة أي تعديل أو تطوير يطرأ أو أي مشكلة في عملية الإنتاج تظهر تقتضي تغيير في طريقة التطوير أو حتى في أسلوب رفع المحتوى ونشره.

على المستوى الشخصي قد استخدمت أسلوب التصميم التعليمي الرشيق (نسبيا) في عدة مشروعات خاصة بتطوير المحتوى لمقررات تفاعلية بالجامعة التي أعمل بها وقد جعلني هذا اتلافى بعضا من المشكلات التي كنت أواجهها احيانا في مشروعات تطوير المحتوى الأخرى لعل من أبرزها التعديل والتصحيح بعد انتهاء المحتوى كاملا ورفعه مما يجعلنا نعيد أجزاءا كاملة، أو طلب بعض أعضاء هيئة التدريس بعد نشر المقرر إضافات أو تحسينات ليست موجود ة في المحتوى الأكايمي المقدم في بداية التطوير، وقد استفدت مثلا في أحد المقررات بالتجارب المسجلة في التمارين العملية للطلاب ( النماذج الصحيحه والخاطئة ) وبنيت منها عناصر تعلم بعد ترشيحها من قبل معلمين الشعب أنفسهم، كذلك تم عقد اجتماعات تطوير متعددة في المرحلة الأولى بدءا من مستوى القيادات وصولا بأغلب أعضاء هيئة التدريس كذلك ربط الفرق بممثلين من أعضاء هيئة التدريس للمراجعة لكل عنصر وتقييمه على حدى وليس المقرر ككل، ثم مراجعة الموديول كاملا واختبارات التقييم الذاتي والأنشطة وأخيرا مراجعة المقرر ككل من حيث الرفع وربط العناصر وليس من حيث التصميم، ورغم ذلك فإن تقسيم المحتوى إلى عناصر تعلم وربطها بلوحات أخراج وخرائط مفاهيم توضح رقم كل عنصر وارتباطاته بباقي العناصر سهل كثيرا من عملية التحديث والترقية للمقرر فيما بعد.

وفي الختام أحب أن أشير إلى أن هذه المنهجية هي جزء من التصميم التعليمي السريع وقد قدمت الكثير لفرق تطوير المقررات الإلكترونية وتطوير المحتوى التعليمي الرقمي بشكل عام لكنها لا تصلح للعمل الفردي وفرق العمل الصغيرةوتحتاج خبرة من مدير المشروع لتقسيم فرق العمل وإدارتها وإعداد خطة زمنية مناسبة وتحديد مخرجات كل مرحلة لضبط العمل. أما بالنسبة لمجموعات العمل الصغيرة فقد يكون نموذج SAM أو LLAMA وبالنسبة للفردي أو مجموعات العمل الصغيرة جدا والتي لا يمكن تقسيمها وظيفيا يمكن استخدام نموذج تطوير المحتوى السريع Rapid Content Development (RCD)، وهو قائم على المشاركة المتوازية لأغلب مهام العمل وليس المشاركة الوظيفية ويعتمد على القوالب القياسية الجاهزة والمعالجة الموحدة لأغلب عناصر المحتوى.

المراجع :

·    admin. (2021). شرح أجايل سكرم بالعربي (Agile Scrum). أجايل أرينا. Retrieved from
https://www.agilearena.net/ar/%D8%B4%D8%B1%D8%AD-%D8%A3%D8%AC%D8%A7%D9%8A%D9%84-%D8%B3%D9%83%D8%B1%D9%85-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A-agile-scrum

·      Agile Instructional Design: SkillSource Learning Partners.  (2020, December 16) ,Retrieved from
https://skillsourcelearning.com/agile-instructional-design

·     Agile Learning Design. (2021, March 18). Retrieved from https://trainingindustry.com/wiki/content-development/agile-learning-design

·      Dick, W., Carey, L., & Carey, J. O. (2015). The Systematic Design of Instruction, 8th Edition, Pearson

·      Lombardo, M. M. (2017). Agile instructional design: A new approach for a new generation of learners. Journal of Educational Technology Development and Exchange (JETDE), 10(1), 1-14.

·      Morrison, G. R., Ross, S. M., & Kemp, J. E. (2013). Designing Effective Instruction, 7th Edition,
Wiley

·      Oesch, T. (2017). Agile Development and Improve: Helping Instructional Designers Become More Creative and Flexible. Retrieved from https://trainingindustry.com/articles/content-development/agile-development-and-improv-helping-instructional-designers-become-more-creative-and-flexible

·      Pappas, C. (2021). AGILE eLearning Course Design: A Step-By-Step Guide For eLearning Professionals. eLearning Industry. Retrieved from https://elearningindustry.com/agile-elearning-course-design-step-by-step-guide-elearning-professionals

·      Parmley, L. (2022). Agile Learning Design in Developing Online Training. Course Method. Retrieved from https://coursemethod.com/agile-learning-design-online-training.html

·     Sweezie, J. (17feb 17). AGILE Instructional Design. Retrieved (2023, June 16) from
https://fka.com/agile-instructional-design

·      The Future of Scorm: Agile Scorm – Cinch. (2023, June 12). Retrieved from http://blog.cinchhub.com/the-future-of-scorm-agile-scorm

·      Torrance, M. ( July 28, 2014 ) Reconciling ADDIE and Agile : Learning Solutions | The Learning Guild. Retrieved from https://www.learningguild.com/articles/1479/reconciling-addie-and-agile

·      Torrance, M. (2019). Agile for Instructional Designers: Iterative Project Management to Achieve Results. Association for Talent Development.

عن د مصطفى جودت

أستاذ تكنولوجيا التعليم المشارك بجامعة الملك سعود ، وجامعة حلوان مدير تطوير المحتوى الرقمي بجامعة الملك سعود
error: Content is protected !!
التخطي إلى شريط الأدوات