التحول إلى الجيل الرابع من التعليم

مقال : التحول إلى الجيل الرابع من التعليم
إعداد: د. مصطفى جودت صالح
نشر ببوابة تكنولوجيا التعليم

تأثر التعليم بشكل كبير بأجيال الثورة الصناعية. في الثورة الصناعية الأولى، تغيرت الطرق التي يتم بها تصنيع المنتجات من الصناعة اليدوية إلى الصناعة الآلية، مما أدى إلى زيادة الطلب على العمال المدربين في التكنولوجيا الحديثة. لذلك، تم تطوير نظام التعليم الفني والمهني لتزويد العمال بالمهارات اللازمة للعمل في هذه الصناعات الجديدة.

وفي الثورة الصناعية الثانية، زادت الحاجة إلى العمالة المدربة في العلوم والهندسة والتكنولوجيا المتطورة أكثر. لذلك، تم تطوير نظام التعليم العالي لتزويد العمالة بالمهارات اللازمة للعمل في هذه الصناعات المتطورة.

وفي الثورة الصناعية الثالثة، تم تطوير التكنولوجيا الرقمية والحاسوبية، وزادت الحاجة إلى العمالة المدربة في هذه المجالات. لذلك، تم تطوير المناهج التعليمية لتشمل التعليم الرقمي وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وفي الوقت الحاضر بدأت ملامح الثورة الصناعية الرابعة بالتشكل وطرحت متطلبات جديدة على القطاع التعليمي وقطاعات أخرى عديدة، حيث يشير مصطلح الثورة الصناعية الرابعة أو الجيل الرابع من الثورة الصناعية إلى مجموعة واسعة من المفاهيم أو التوجهات التكنولوجية الحديثة كالمصانع الذكية smart factory والأنظمة السيبرانية الفيزيائيةcyber–physical systems والتنظيم الذاتي self-organization والتكيف مع الاحتياجات البشرية، و“الثورة الصناعية الرابعة” هي التسمية التي أطلقها المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، سويسرا، في عام 2016م، على الحلقة الأخيرة من سلسلة الثورات الصناعية، التي ماتزال قيد الانطلاق والتطور حالياً.

في 18 يوليو 2021 نظمت مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية في الرياض، المنتدى الاقتصادي العالمي الأول للثورة الصناعية الرابعة، وكان مما نوقش فيه المتطلبات المستقبلية لسوق العمل وما يفرضه على القطاع التعليمي والتدريبي، حيث وتتطلب هذه الثورة الصناعية عمالة مدربة في عديد من المجالات مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء وتحليل البيانات الضخمة وخبراء التعلم العميق. لذلك، تحتاج المدارس والجامعات إلى تطوير المناهج التعليمية لتلبية هذه المتطلبات المتغيرة في سوق العمل. ونتج عن مؤتمر دافوس تدشين المملكة لمنصة عرفت بالمركز السعودي للثورة الصناعية الرابعة هو تعاون ما بين المنتدى الإقتصادي العالمي ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، وهو مركز فكر تنفيذي يسعى لتعزيز تطوير وتطبيق التقنيات الناشئة لصالح المجتمع السعودي.

وكما هو الحال في الثورات الصناعية كان الحالي في التعليم، حيث يعتبر الجيل الرابع للتعليم ، تطورًا حديثًا في النظام التعليمي يهدف إلى تحسين جودة التعليم وعملية التعلم باستخدام التقنيات الحديثة تطابق إلى حد كبير تلك المستخدمة في الثورة الصناعية الرابعة. ويعتبر هذا النظام التعليمي مبنيًا على النظريات والممارسات الأكثر تقدما في مجال التعليم ومجال تكنولوجيا الحاسبات والمعلومات. ولا شك أن تكنولوجيا التعليم لعبت دورًا حاسمًا في التحول إلى الجيل الرابع من التعليم (Education 4.0). فمن خلال استخدام التكنولوجيا في التعليم، يمكن تمكين الطلاب من تجربة تعليمية شاملة ومتنوعة ومتكيفة مع احتياجاتهم الفردية. ويتضمن ذلك استخدام الأجهزة الذكية والتطبيقات التعليمية والمنصات الإلكترونية، والتعلم المتكيف والتعلم عبر شبكات التواصل الاجتماعي.

طبيعة الثورة الصناعية وملامحها ومتطلباتها :

بدأت الثورة الصناعية الأولى Industry 1.0 في إنجلترا في القرن الثامن عشر. غطت الفترة من حوالي 1780 إلى 1840. بحلول نهايات القرن الثامن عشر، كانت الثورة الصناعية قد امتدت بالفعل إلى الولايات المتحدة. وتميزت بتحولات كبيرة غيرت الاقتصادات القائمة في مختلف القارات. قبل الثورة الصناعية ، كانت معظم الاقتصادات تعتمد على الحرف اليدوية البسيطة والزراعة بالآلات اليدوية البدائية. ومع ذلك ، مع بدء الثورة ، بدأت الاقتصادات تعتمد على أنظمة المصانع الجديدة والصناعات المميكنةالمعتمدة على مصادر الطاقة البخارية والتي كانت معروفة قبل ذلك لكنها لم تكن تستخدم في التصنيع على نطاق واسع، وصاحب هذا الثورة حاجة لتصنيع آلات بخارية أكثر تطورا واستراتجيات جديدة في الإدارة لإدارة المشروعات الصنااعية . ومن أبرز مجالات الميكنة الصناعية كانت في مجال الغزل والنسيج و النقل.

بدأت الثورة الصناعية الثانية Industry 2.0 في القرن التاسع عشر ،تقريبا 1870. حدثت بشكل رئيسي في ألمانيا وأمريكا وبريطانيا. ويشير بعض المؤرخين أيضًا إلى هذه الفترة باسم عصر “الثورة التكنولوجية”. لقد اشتملت بشكل أساسي على العمليات الصناعية التي تستخدم الآلات التي تعمل بالطاقة الكهربائية. لقد كانت الكهرباء معروفة قبل هذا التاريخ لكنها كانت تستخدم بشكل محدود في الإضاءة وبعض الآلات البسيطة لكن مع بداية الثورة الصناعية الثانية حدثت زيادة ملحوظة في الصناعات المعتمدة على الآلات الكهربائية بديلا للآلات البخارية. وبالمقارنة مع الآلات القائمة على الماء والبخار ، كانت الآلات الكهربائية في الثورة الصناعية الثانية أكثر كفاءة وأسهل في التشغيل والصيانة وأكثر كفاءة من حيث التكلفة ، وتتطلب موارد وجهدًا بشريًا أقل من الآلات المستخدمة خلال الثورة الصناعية الأولى. وطبعا أوجدت هذه الثورة وظائف جديدة من حيث التخصص وكذلك من حيث العدد حيث كانت أوسع انتشارا من سابقتها. وفي هذه الفترة كذلك ظهرت علوم مرتبطة بإدارة عمليات الإنتاج وضمان الجودة وتدريب العاملين أثناء العمل، وظهرت استراتيجيات متقدمة في إدارة المنشآت الصناعية وبرزت أسماء مثل فريديك تايلور Frederick Taylor كأحد الرواد في هذا المجال.

IBM 1401 أحد الحاسبات العامة المبكرة

بدأت الثورة الصناعية الثالثة في منتصف القرن العشرين – تقريبا بين عامي 1960-1970، ويُشار إلى الثورة الصناعية الثالثة باسم “الثورة الرقمية” أو “العصر الأول للكمبيوتر First computer era”وذلك رغم أن أول كمبيوتر يؤرخ له فعليا في 1930 لكن الانتاج الفعلي للكمبيوترات وتطبيقاتها تم مع بدايات الثورة الصناعية الثالثة. وتتميز بدايات هذه الثورة بتطوير أجهزة كمبيوتر بسيطة ولكنها كبيرة نسبيًا سميت بالحاسب العام أو Main Frame Computer. سمحت هذه الأجهزة رغم بساطتها بمقياس الحاضر للإنسان بعمل عمليات حسابية أكثر تعقيدا وحفظ كم كبير نسبيا من البيانات وشهدت صناعة النشر والطباعة طفرة حقيقية. كما تم في مرحلة لاحقة إدخال تكنولوجيا المعلومات (IT) والإلكترونيات في العديد من عمليات الإنتاج، مما زاد من الأتمتة في عمليات التصنيع. علاوة على ذلك ، تقدمت عمليات الأتمتة بشكل أكبر بعد تطوير شبكات الاتصالات والوصول إلى الإنترنت.

ويرى بعض الخبراء أن الثورة الصناعية الثالثة مستمرة معنا حتى اليوم بمخترعاتها ووسائلها والتطورات الهائلة التي توصلت إليها خصوصا في الشر سنوات السابقة لبزوغ مفهوم الثورة الصناعية الرابعة، حيث ظهر لدينا أنظمة التحكم والسيطرة واستخدام الروبوتات في التصنيع والتي كانت أساس بلورة الثوة الصناعية الرابعة فيما بعد. وأبرز ما مميز هذه الحقبة التغير السريع في الوسائل والأدوات والتطور السريع في التطبيقات مما خلق متطلبات جديدة في مجال القوى البشرية ليكون العامل أكثر ذكاءا وأقدر على تطوير نفسه ذاتيا، وظهرت وظائف جديدة لم تكن معروفة من قبل وأختفت وظائف أخرى فأصبح لدينا مدخل بينات ومصمم رسومات الحاسب وفني صيانة الحاسبات والمبرمجين والمتخصصين في الشبكات. كما أن فكرة تغيير مجال التخصص أصبحت شائعة في هذه الحقبة ففي الولايات المتحدة الأمريكية متوسط عمليات تغيير التخصص للمواطن الأمريكي تصل إلى ثلاث مرات في فترة حياته.

الثورة الصناعية الرابعة: الواقع أنه لا يوجد اتفاق محدد على بداية الثورة الصناعية الرابعة بين المراجع المختلفة رغم أن أغلبها يرجع الفضل في تسميتها للخبير السويسري كلاوس شواب Klaus Schwab K، لكن لعل الخلاف على تحديد دقيق لبداية الثورة الصناعية الرابعة يرجع إلى أن معطيات الثورة الصناعية السابقة ماتزال مستخدمة إلى يومنا هذا، كما أنه ومع التغير السريع في التكنولوجيا حديث تداخل كبير بين المرحلتين، لكن بشكل عام يمكن إرجاع التسمية الرسمية إلى مؤتمر دافوس 2016، وقدتميزت الثورة الصناعية الرابعة بملامح فريدة جعل أغلب الكتاب يجمعون على أننا نعيش ثورة صناعية تكنولوجيا حقيقية. فقك أنطلقت الثورة الصناعية الرابعة معتمدة على الإنجازات الكبيرة التي حققتها الثورة الثالثة، خاصة شبكة الإنترنت والشبكات، والقدرة على تخزين المعلومات، والإمكانات غير المحدودة للوصول إلى المعرفة. والتي فتحت بدورها الباب أمام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، والروبوتات، وإنترنت الأشياء، والمركبات ذاتية القيادة، والطباعة ثلاثية الأبعاد، وتكنولوجيا النانو، والتكنولوجيا الحيوية، وعلم المواد، والحوسبة الكمومية، وسلسلة الكتل (Blockchain)، وغيرها.

كلاوس شواب (Klaus Schwab) خبير اقتصادي سويسري ومؤسس المنتدى الاقتصادي العالمي (WEF) في عام 1971. وهو يعتبر رائداً في مفهوم “العولمة” (Globalization) وقد عمل على تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين الدول. واشتهر كلاوس شواب مؤخراً بترويج فكرة “الثورة الصناعية الرابعة” (Fourth Industrial Revolution)، وهي مفهوم يشير إلى الثورة التقنية التي يشهدها العالم اليوم، والتي تتميز بتطور تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي والإنترنت الأشياء والتكنولوجيا الحيوية وتقنية البلوك تشين والروبوتات والتحليل الضخم للبيانات. ويعتقد شواب أن هذه الثورة ستؤدي إلى تحولات جذرية في الاقتصاد والمجتمع والثقافة، وستفرض تحديات جديدة على القيادة والحوكمة والتعليم والتدريب المهني. ويعتبر كلاوس شواب من أبرز المؤيدين لفكرة “رأس المال البشري” (Human Capital)، وهي فكرة تشير إلى أن الاستثمار في التعليم والتدريب والصحة والمعرفة يمثل أساس النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة في القرن الحادي والعشرين.

وإن كانت الثورة الصناعية الثالثة تسمى بثورة الحاسبات وشبكات المعلومات فإن الثورة الصناعية الرابعة نعتت بعدة صفات لعل أهمها الترابطية “Interconnectivity” فلم يعد هناك نظاما في مجال الصناعة يعمل مستقلا عن باقي الأنظمة ، ويطلق عليها الأكاديميون مسمى ثورة أنظمة الإنتاج السيبراني الفيزيائي “cyber-physical production systems.” وهو نفس مسمى الترابطية تقريبا، كما يطلق عليها البعض ثورة الحلول والتطبيقات الذكيةوهي ثورة تربط بين الآلات مع أنظمة التحكم والذكاء الاصطناعي والإنترنت ومن أشهر أمثلتها أنظمة الطائرات بدون طيار المستخدمة في مجالات الأمن الصناعي كإطفاء الحرائق، وأنظمة الروبوتات الذكية المستخدمة في الصناعة كذلك.

الأنظمة السيبرانية الفيزيائية ( Cyber-physical systems)

الأنظمة السيبرانية الفيزيائية ( Cyber-physical systems) مصطلح يطلق على أي نظام آلي مرتبط بالإنترنت يتألف من مكونات إلكترونية وآلية تتفاعل مع بعضها البعض ومع العالم المادي المحيط بها. وتتضمن هذه المكونات الحساسات والمحركات والمعالجات الحاسوبية والبرمجيات والشبكات ومصادر الطاقة الكهربائية. وتمثل هذه الأنظمة تقدمًا هائلاً في التكنولوجيا الحديثة وتستخدم في العديد من المجالات مثل الصناعة والطب والنقل والزراعة والطاقة والأمن والدفاع. ويتم التحكم في هذه الأنظمة عن طريق البرمجيات التي تتيح للمستخدم التفاعل مع النظام وتحديد الإجراءات التي يجب اتخاذها.

Rawat, D. B., Rodrigues, J. J. P. C., & Stojmenovic, I. (Eds.). (2017). Cyber-Physical Systems: From Theory to Practice. Academic Press.
Informer, E. (2023). What are Cyber Physical Systems? (Design Elements & Factors). ERP Information. Retrieved from https://www.erp-information.com/cyber-physical-systems

ولعل مما استحدثته الثورة الصناعية الرابعة هو مفاهيم مثل العمل عن بعد، والصناعات الذكية ومشاركة المعلومات في الزمن الحقيقي، وأنظمة الإنتاج الرقمية ذاتية التحكم لكن أهم التقنيات التي ميزت الثورة الصناعية الرابعة هي التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء IoT والحوسبة السحابية، طبعا إلى جانب الأنظمة السيبرانية الفيزيائية التي تمت الإشارة لها سابقا.

والواقع أن ملامح الثورة الصناعية الرابعة لم يكتمل تبلورها بعد حيث أننا تقنيا مازلنا في بدايتها، ومن المتوقع تحقيق المزيد والمزيد من التطورات كل يوم. على سبيل المثال ، هناك إمكانية لتطوير آلات ذكية تتمتع بالقدرة على تشغيل نفسها ذاتيًا والتنبؤ بالفشل أو الأعطال وتنفيذ عمليات الصيانة المختلفة بشكل مستقل دون تدخل بشري. وقد تكون هذه الآلات قادرة على التنبؤ بالتغيرات غير المتوقعة أو المفاجئة في الإنتاج ، وبالتالي ضمان النجاح المستمر في عمليات التصنيع باختيار استراتيجيات إنتاج ملائمة للظروف المختلفة. بعبارة أخرى ، يمكننا توقع حدوث تغيير جذري في كيفية تصنيع السلع وخدمتها وصقلها وتوزيعها. جانب آخر مهم للثورة الصناعية الرابعة هو زيادة الاهتمام بقضايا الاستدامة والبيئة. لا يُنظر إلى التنمية المستدامة ، على النحو المحدد في الركائز الثلاث للاستدامة (الاستدامة البيئية والاقتصادية والاجتماعية) على أنها ضرورة لتكون أكثر صداقة للبيئة وتحافظ على الموارد الطبيعية للأجيال القادمة، ولكنها أيضًا فرصة لتحسين الكفاءة لعمليات التصنيع وتحسين ربحية الأعمال.

لكن ما يهمنا كتربويين من الثورة الصناعية الرابعة ليس فقط المنتجات، بل دورنا في إعداد الكفاءات اللازمة لتلبية متطلبات هذه الثورة النصاعية، فقد جاءت هذه الثورة بمصطلح جديد نسبيا هو “البراعة الرقمية digital dexterity” وهو مسمى يرمز إلى قدرة القوى العاملة على التعامل مع الأدوات الرقمية والآلات الذكية المستخدمة في المجالات الصناعية المختلفة.

البراعة الرقمية (Digital Dexterity) هي القدرة على استخدام التكنولوجيا الرقمية بكفاءة وفعالية في المهام اليومية، وتشمل هذه القدرة القدرة على التعلم والتأقلم مع التكنولوجيا الجديدة بسرعة، والقدرة على التفاعل مع الأجهزة والبرمجيات والتطبيقات بشكل فعال ومناسب. فالبراعة الرقمية تتطلب القدرة على الفهم العميق للتكنولوجيا الرقمية والقدرة على التعامل معها في الحياة اليومية. ,تعد البراعة الرقمية مهارة أساسية في العصر الرقمي الحالي، وتستخدم في العديد من المجالات مثل التعليم والأعمال والرعاية الصحية والحكومة الإلكترونية

Martin, C. J. (2015). Digital dexterity: A new approach to education and learning. Routledge

أجيال التعليم من الأول إلى الرابع :

العلاقة بين التعليم والصناعة علاقة تأثير وتأثر، فالتعليم يزود الصناعية بالعمالة الماهرة المدربة التي تحتاجها الصناعة، بينما تقوم الصناعة بتزويد التعليم بالتمويل والدعم وتوجيه صناع القرار بما يخدم أهداف التعليم الموجهة نحو دعم الصناعة، ومن هنا ظهر لدينا مصطلح “التعليم الموجه نحو الصناعة Industry-oriented education” هو التعليم الذي يهدف إلى تأهيل الطلاب لسوق العمل وتلبية احتياجات صناعة معينة، من خلال توفير مهارات وخبرات عملية تتوافق مع متطلبات الصناعة. ويعتبر هذا النوع من التعليم مهمًا جدًا في ظل التغيرات السريعة التي تشهدها الصناعة والتي تتطلب توفير عمالة مؤهلة ومتخصصة.

وقد تأثرت فكرة التعليم الموجه نحو الصناعة IOE بأجيال الثورة الصناعية الأربعة، حيث كانت هذه الثورات تتطلب توفير عمالة متخصصة ومؤهلة لتلبية احتياجات الصناعة وتطويرها. في الثورة الأولى، تم التركيز على توفير التدريب المهني والتعليم المناسب للعمال في الصناعات الناشئة، في حين تم تطوير الجامعات والمدارس الفنية في الثورة الثانية لتلبية احتياجات الصناعة المتزايدة. وفي الثورة الثالثة، تم التركيز على تطوير التعليم العالي والبحث العلمي لتلبية احتياجات الصناعة الحديثة، بينما تم التركيز في الثورة الرابعة على تقنيات الذكاء الاصطناعي والروبوتات والتكنولوجيا الحديثة لتحسين الإنتاجية والتنافسية في الصناعة.

وبالإضافة إلى ذلك، يعتمد التعليم الموجه نحو الصناعة على التعاون بين المؤسسات التعليمية والشركات والمؤسسات الصناعية، حيث تتيح هذه الشراكات فرصًا للطلاب للتدريب والعمل العملي داخل الصناعة وتطبيق المهارات والخبرات التي اكتسبوها في الصفوف الدراسية. ويؤدي ذلك إلى تعزيز فرص التوظيف وتحسين الإنتاجية والتنافسية في الصناعة.

الجيل الأول من التعليم (Education 1.0)

ربما يظن القارئ أن حديثنا عن الجيل الأول للتعليم سيتطرق لما درسناه في تاريخ التربية في العصور القديمة، لكن الواقع أن من يطلقون مسمى Education 1.0 يقصدون ذلك التعليم المعاصر للثورة الصناعية الأولى، أما ما قبل ذلك لا يدخل ضمن اجيال التعليم في العصر الحديث. وينسب الجيل الأول من التعليم إلى الفترة الزمنية ما بين أوائل القرن التاسع عشر وحتى نهاية الحرب العالمية الأولى ولو نظرنا لتاريخ الثورة الصناعية الأولى لوجدنا أن التعليم في جيله الأول جاء متأخرا عن بداية الثورة الصناعية الأولى بنحو عشر نوات تقريبا وانتهى بعدها بعشر سنوات كذلك ليبدأ الجيل الثاني من التعليم، ولعل هذا يثبت تبعية التعليم لمتطلبات الصناعية والاقتصاد بشكل عام. وكان هذا الجيل يتلقى التعليم في المدارس الصناعية والتدريب المهني، وذلك كجزء من الثورة الصناعية الأولى. والتعليم في هذا الجيل يتميز أنه يدور حول المعلم وليس المتعلم، فالمتعلم مستقبل للمعرفة لذلك أدواته هي الملاحظة والاستماع في الأساس، والممارسة في هذا النوع من التعليم ممارسة مهنية تتم في المصانع وأماكن العمل، والوسائل التعليمية المستخدمة هي وسائل مكتوبة أو مرسومة في غالبها، ونظرا لعدم شيوع الكهرباء في تلك الفترة (أخترعت ولم تنتشر) وأعتماد اضاء المباني على الغاز والشمع فقد كانت الدراسة صباحية والأجهزة التعليمية المستخدمها بسيطة ومحدودة.

وتميز الجيل الأول من التعليم يتميز بالتدريس النظامي في الفصول الدراسية والاعتماد على المعلم بشكل كامل في نقل المعرفة والمعلومات إلى الطلاب. وكانت المدارس تركز بشكل أساسي على تعليم القراءة والكتابة والحساب، وكانت الطريقة التقليدية لتقييم الطلاب هي الامتحانات الورقية.

تأثر التعليم في هذا العصر بالثورة الصناعية الأولى بشكل كبير كما سبقت الإشارة، حيث أن هذه الثورة أدت إلى التحول من الزراعة إلى الصناعة وزاد الطلب على العمالة ذات المهارات الفنية والتقنية. وبناءا على ذلك، فقد تحول التعليم بشكل تدريجي من الاهتمام بتعليم المهارات الأساسية مثل القراءة والكتابة والحساب إلى تعليم المهارات الفنية والتقنية اللازمة للعمل في المصانع والورش والمصانع الصناعية الأخرى. وفي هذا السياق، بدأت المدارس بتقديم مواد جديدة مثل الهندسة والعلوم الطبيعية والتقنية، وتم تطوير وسائل التعليم والتدريس لتشمل العروض التقديمية والوسائط المرئية والمساعدة التكنولوجية الأخرى.

وعلى الرغم من أن الجيل الأول م التعليم كان يتميز بالتمحور حول المعلم والتركيز على الحفظ والتلقين، إلا أنه كان هناك توجه نحو تمكين الطلاب وتطوير مهاراتهم العملية والتفكير النقدي، وذلك من خلال إدماج مهارات الحياة والمهارات العملية في المناهج التعليمية.

عاصر الجيل الأول للتربية جهود من علماء النفس والتربويين مهدت للتطور الذي نقل التعليم فيما بعد إلى الجيل الثاني، وقد وجه تلك الجهود الحاجة لفهم طبيعة التعلم والذاكرة والعوامل المؤثرة على اكتساب المعرفة فظهرت لدينا الجهود المبكرة في المدرسة السلوكية والمعرفية ونظريات تدرس الذاكرة البشرية وظاهرة النسيان، كذلك تأثرت بعض النظريات بالنظرة الفلسفية السائدة في المجتمع الأمريكي تحديدا في تلك الفترة والمستقاة من التحول إلى الثورة الصناعية، ومن أبرز الجهود التي عاصرت تلك الفترة :

  1. نظرية الاشتراط الكلاسيكي (Classical Conditioning Theory): تم تطوير هذه النظرية من قبل العالم الروسي إيفان بافلوف (Ivan Pavlov) في القرن التاسع عشر. وتتمحور هذه النظرية حول فكرة أن الحيوانات والبشر يتعلمون من خلال ربط المؤثرات المحفزة بمؤثرات أخرى تحدث معها بانتظام. وقاس بافلوف تجربته على الحيوانات ولعل أشهر تجاربة التي أجراها على الكلاب.
  2. منحنى النسيان لإيبنجهاوس (Ebbinghaus’ forgetting curve): يتعلق منحنى النسيان بدراسة كيفية تذكر المعلومات على المدى الطويل. وقد قام إيبينغهاوس بإجراء تجارب على نفسه لمعرفة كيفية نسيانه للمواد المعلوماتية. وقد وجد إيبينغهاوس أن المعلومات التي تم تعلمها بسرعة تنسى بسرعة أيضًا، وأن عملية النسيان تتباطأ بمرور الوقت. ويمثل منحنى النسيان منحنىً يبين كمية المعلومات التي يتم تذكرها بعد مرور فترة زمنية محددة. ويشير المنحنى إلى أنه في البداية تنخفض نسبة التذكر بشدة، ولكن مع مرور الوقت، يتباطأ وتصبح أقل حدة، وأنه لا يمكن نسيان المعلومات بشكل كامل.
  3. التربية الشاملة لهوراس مان (Horace Mann): كان مان مدرسًا وسياسيًا أمريكيًا، وتأثر بفلسفة التربية الشاملة، وعمل على تحسين التعليم في الولايات المتحدة عن طريق إلزامية التعليم وتحسين البيئات التعليمية.
    ركزت فلسفة التربية الشاملة على توفير تعليم شامل يشمل العلوم والرياضيات واللغة الإنجليزية والتاريخ والفنون والموسيقى، وتهدف إلى تطوير الإنسان الكامل والمستقل.
  4. الكتابات المبكرة لفريدريش هيربارت(Friedrich Herbart): كان هربارت فيلسوفا وعالم نفس وتربويا ألمانيا، ويعتبر واحدا من أوائل العلماء الذين اهتموا بتطبيق المنهج العلمي في التعليم. وكان لهربارت العديد من الإسهامات في مجال التعليم، حيث اهتم بتطوير المناهج والطرق التعليمية المبنية على العلوم النفسية والفلسفية. وأسس هربارت نظرية التعليم الحسابي (Mathematical Education)، والتي تهدف إلى تدريس الرياضيات بطريقة تجعلها جزءاً من الحياة اليومية للطلاب. وقد أثرت كتابات هيربارت في البحوث التجريبية التي أجراها ثوروندايك بعد عدة عقود.

الجيل الثاني من التعليم (Education 2.0)

صاحب الثورة الصناعي الثانية ظهور الكهرباء، والذي انعكس على الأجهزة والآلات في الصناعة وفي التعليم كذلك وقد توسعت الثورة الصناعية الثانية لتشمل المانيا وأمريكا إلى جانب بريطانا ، كانت السمة الأكبر لهذا الجيل من التعليم الاهتمام بالتفاعل بين الطالب والمعلم وبين الطالب وزملائه وحتى بين الطالب والمحتوى فظهر لدينا التدريس التعاوني والتعلم المبني على المشاريع وآلات التعلم والتعليم المبرمج الخطي المبني على المدرسة السلوكية، كما ظهرت عديد من نظريات التعلم التي شكلت ملامح الجيل الثاني من التعليم ، ومنها :

  1. نظرية التعلم الانتقائي (Selective Learning Theory) التي طورها جيمس ماكيتشن (James McKeen Cattell) عام 1886، وتركز هذه النظرية على أهمية العوامل النفسية والسيكولوجية التي تؤثر على عملية التعلم. وتتمحور نظرية التعلم الانتقائي حول فكرة أن المتعلمين يميلون إلى اختيار ما يريدون تعلمه وما لا يريدون، ويتأثرون بالعوامل النفسية والمعرفية التي تؤثر على اختيارهم. ويقوم المتعلمون بتحديد الأهداف الخاصة بهم، ويتعلمون بشكل أكثر فعالية عندما يكونوا مهتمين بالموضوع ويعتقدون أنه يمكن الاستفادة منه في حياتهم اليومية. وتشير كذلك إلى أن هناك عوامل عدة تؤثر على عملية التعلم الانتقائي، منها: الاهتمام والميول الشخصية، والمعرفة والمهارات السابقة، والتعلم السابق، والمعرفة بمتطلبات العمل أو الحياة اليومية. وتعد نظرية التعلم الانتقائي من النظريات الأولى التي تناولت علاقة العوامل النفسية والمعرفية بعملية التعلم، وما زالت تستخدم حتى يومنا هذا في مجالات التعليم والتدريب.
  2. المدرسة السلوكية (Behaviorism) التي طورها جون بي. واتسون (John B. Watson) عام 1913، والتي تركز على السلوك الملموس والقابل للملاحظة، وتعتبر التعلم عملية تشكيل السلوك من خلال التعرض للمحفزات الخارجية والمكافآت والعقوبات، تركز هذه المدرسة على دراسة السلوك الظاهري والتفاعلات الخارجية، وتعتبر العوامل البيئية والتجريبية كما يتم التعبير عنها بالإنجليزية “Environmental and Experimental Factors” هي المسؤولة عن تشكيل السلوك الإنساني والحيواني.
  3. نظرية التطور المعرفي لبياجية (cognitive development) تعكس نظرية بياجيه للتطور المعرفي الأفكار الأساسية للبناء. ركزت نظريته على الأطفال ، وليس جميع المتعلمين. تشير نظرية التطور المعرفي لبياجيه إلى أن الذكاء يتغير مع نمو الأطفال. لا يقتصر التطور المعرفي للطفل على اكتساب المعرفة فحسب ، بل يجب على الطفل تطوير أو بناء نموذج عقلي للعالم. يحدث التطور المعرفي من خلال تفاعل القدرات الفطرية (الطبيعة) والأحداث البيئية (التنشئة) ، ويمر الأطفال بسلسلة من المراحل.
  4. نظرية سكنر ، الاشتراط الإجرائي (Operant Conditioning ) من أبرز نظريات المدرسة السلوكية تأثيرا في الجيل الثاني من التعليم، وتسمى أحيانا بالاشتراط الوسيلي/ الأداتي (Instrumental Conditioning). فقد كان عالم النفس والعالم الأمريكي ب.ف. سكينر أحد أكثر علماء النفس تأثيراً في القرن العشرين. وقام سكنر بتطوير طريقة جديدة لتدريب الحيوانات باستخدام ما يسمى بصندوق سكنر (Skinner Box)، أعتقد سكنر أن تغيير السلوك يأتي من المعززات الخارجية بغض النظر عن الدوافع الداخلية حيث يتم إعطاء الحيوان مكافأة عندما يقوم بفعل شيء محدد، ويتم تجريبه أكثر من مرة للتأكد من أنه أدى إلى تعلم السلوك الجديد. وفي عام 1953، قدم سكنر أحد أهم مؤلفاته وهو كتابه “العلم والتكنولوجيا في التعليم”، والذي انتقد فيه الأساليب التقليدية في التعليم واقترح النهج النشط، الذي يركز على تحفيز الطالب على المشاركة الفعالة في عملية التعلم. وتتميز نظرية سكنر في علم النفس التعليمي بالتركيز على السلوك الظاهري وتحديد العوامل التي تؤثر على السلوك، والتي يمكن تعديلها لتحسين الأداء التعليمي. وبالإضافة إلى ذلك، تشمل هذه النظرية فكرة التعلم بالتعزيز (Reinforcement Learning)، حيث يتم تحفيز الطلاب عن طريق إعطائهم مكافأة عندما يقومون بأداء سلوك معين، وكذلك فكرة التعلم بالتجريب (Trial and Error Learning)، حيث يتم تجريب مجموعة من الأفعال حتى يتم الوصول إلى السلوك الصحيح. وظلت هذه النظرية مهيمنة على ثلاثينات وحتى خمسينات القرن العشرين.
  5. النظرية الترابطية لإدوار ثوروندايك Edward Thorndike: اعتبر ثوروندايك أحد رواد المدرسة السلوكية في التعليم، اقترح ثوروندايك ماسماه بقانون الأثر Law of Effect وتمكّن من تطوير المنهج التجريبي في التعليم وإنشاء نظرية للتعلّم بعد إجراء التجارب التي توصّل من خلالها إلى أن التعلّم يحدث بواسطة الملاحظة والتجربة والخطأ، ليستخرج من ذلك النظرية الترابطية التي ترتكز على التعلّم الفعّال، كان ثورندايك من أوائل علماء النفس الذين حاولوا تفسير التعلم بحدوث ارتباطات  بين المثيرات والاستجابات، ويرى أن أكثر التعلم عند الإنسان والحيوان يحدث بالمحاولة والخطأ. وظلت هذه النظرية مسيطرة لعدة عقود من القرن الماضي على الممارسات التربوية في الولايات المتحدة الأمريكية. وبالإضافة إلى قانون الأثر طور ثوروندايك قانون الاستعداد، وقانون التدريب والتمرين.
  6. نظرية التعلم النقدي (Critical Learning Theory) التي طورها باولو فريري (Paulo Freire) عام 1968، وينظر إلى التفكير النقدي critical thinking كتحليل موضوعيّ للحقائق لصياغة حُكم. وتؤكد كتابات باولو فريري وزملائه على أن التعلم يجب أن يكون عملية حرة ومناهضة للإستبداد والتلقين، حيث يتعلم الفرد من خلال تحليل الواقع والتفكير النقدي والتحرر من القيود الاجتماعية والثقافية والاقتصادية،وتسمى المدرسة التي ينتمي لها فيري بالتربية النقدية critical pedagogy وهي أقرب إلى الفلسفة التربوية من نظريات علم النفس التعليمي، وتأثرت بكتابات فريري حركات محو الأمية بين العمال في الولايات المتحدة الأمريكية. كما أثرت فلسفة التربية النقدية بشكل كبير على التعليم في الولايات المتحدة الأمريكية، وعملت على تحسين الوعي النقدي لدى الطلاب وتمكينهم من المشاركة الفعالة في إحداث التغيير الاجتماعي.

قبل أن أنهي حديثي عن الجيل الثاني للتعليم ، أحب أن أنوه أن بعض المراجع قارنت بين الجيل الأول للتعليم والجيل الأول من الويب بأعتباره أحادي الاتجاه ، وقارنت بين الجيل الثاني من التعليم والجيل الثاني من الويب باعتباره جمعي تعاوني وتشاركي ، لكن فهم من البعض بشكل خاطئ أن الجيل الثاني من التعليم هو ما يستخدم الجيل الثاني من الويب وهو ليس صحيح رغم ما قد يقابله القارئ العادي من مصادر غير أكاديمية تؤكد ذلك والرد على ماسبق بسيط وهو السؤال هل الجيل الثالث والرابع من التعليم يرتبطان بالجيل الثالث والرابع من الويب الذي لم يظهرا بعد؟

إن الكتابات التي قارنت بين الجيلين الأول والثاني قصد منهما مقارنة الاتصال التعليمي بالاتصال عبر الويب فقط وليس ربط الجيلين بأجيال شبكة الويب.

الجيل الثالث من التعليم (Education 3.0)
قد لا يعلم البعض أن تسمية الجيل الثالث من التعليم ظهرت قبل مسمى الجيل الأول والثاني فعليا حيث وضعت هذه التسمية لتمييز سمات التعليم في عصر هيمنة وسائل الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات التي تركت بصمتها على الثورة الصناعية الثالثة وانعكست بالتبعية على جميع المجالات ومنها التعليم. يكفي أن نعرف أن من صاغ تسية الجيل الثالث من التعليم هي شركة سيسكو لانظمة الاتصالات Cisco Systems Inc وكان ذلك ضمن وثيقة أصدرتها بعنوان “Equipping Every Learner for the 21st Century – the Center for Strategic Education, Cisco Systems, Inc., and McKinsey & Company” تحدد مهارات التعلم مدى الحياة عند طلاب القرن الحادي والعشرين.

https://www.cisco.com/c/dam/en_us/about/citizenship/socio-economic/docs/Global_Ed_Exec_Summary.pdf

يؤرخ لتلك الفترة بين 1965 إلى 2010 تقريبا وشهد فيها التعليم ثورة كبرى حيث أنتشرت الحاسبات الشخصية وظهرت شبكة الإنترنت وظهرت عدة نظريات حديثة في التعليم كما سيطر على التعليم في تلك الفتر التركيز على التعلم الذاتي Heutagogy والتعلم وفقا للبنائية الاجتماعية. ويتميز النظام التعليمي في الجيل الثالث بتوفير مساحة للتفاعل بين الطلاب والمعلمين والمجتمعات المحلية، وبتوفير التعليم الشامل والمتكيف مع متطلبات الطلاب الفردية. من ناحية أخرى شهد الجيل الثالث من التعليم الميلاد الحقيقي لتكنولوجيا التعليم Educational Technology والانتقال من مفهوم الوسائل التعليمية والمواد السمع بصرية إلى تكنولوجيا التعليم بمعناها المعاصر ، كما شهد ميلاد التعليم باستخدام الوسائل المتعددة وظهور نظريات عدة تعالج ذلك وهيمنة علم النفس الإدراكي/ المعرفي ، وأخيرا ظهر التعليم الإلكتروني بأدواته وتطبيقاته والذي مهد لظهور الجيل الرابع من التعليم في مرحلة لاحقة.

ويمكن تقسيم النظريات التي أثرت على بلورة شكل التعليم في تلك المرحلة إلى قسيم ، نظريات ظهرت في الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين مثل أعمال برونر و أوزبيل و باندورا ونظريات وباستثناء أوزبيل فباقي النظريات جاءت لتفسر التعلم والعوامل المؤثرة على حدوثه، لكن مع ثمانينيات القرن العشرين ظهر جيل ثاني من النظريات استهدف التصميم التعليمي للمواد التعليمية وساعدت بشكل كبير على شيوع التعلم بالوسائل المتعددة والتعلم الإلكتروني وكان السبب الرئيسي لظهور تلك النظريات التكنولوجيا المعاصرة في تلك الفترة كالتطور في صناعة الحاسبات الشخصية وشيوع استخدام الإنترنت والأجهزة الجوالة، وفي الأسطر التالي يتعرض المقال لأشهر تلك النظريات وأثرها على التعليم في جيله الثالث:

  1. النظرية البنائية للتعلم والتنمية المعرفية (Constructivist Theory of Learning And Cognitive Development) لجيروم برونر (Jerome Bruner) وتركز على أنّ الأفراد يتعلمون بشكل أفضل عندما يشاركون في عمليات تطبيق الأفكار والمفاهيم في مواقف واقعية، وعندما يتم تقديم المعلومات بطريقة ملائمة لمستواهم العقلي ومرحلة تطورهم. تشير النظرية إلى أنّ التعلم يتم عن طريق بناء البنية المعرفية للفرد، وأن الفرد يستخدم معرفته السابقة لفهم المعلومات وتطبيقها في مواقف جديدة. وتشمل النظرية ثلاثة مراحل مهمة في التعلم:
    المرحلة التعليمية الخاصة: حيث يتم تقديم المعلومات بطريقة ملائمة لمستوى العقلية الطبيعية للطالب، وتساعد المعلم في تحفيز خيال الطالب وتشجيعه على التفكير بأسلوب إبداعي.
    مرحلة التطبيق: حيث يتم إتاحة الفرصة للطلاب لتطبيق ما تعلموه في أنشطة ومشاريع عملية، وذلك لتعزيز الفهم والتطبيق العملي.
    المرحلة التعليمية الرمزية: حيث يتم استخدام الرموز والرموز الرياضية لتعزيز التفكير الناقد والإبداعي.
    وتؤكد نظرية برونر إلى أنّ التعلم يمكن أن يتم بشكل أفضل عندما يتم تقديم المواد التعليمية بطريقة تحفز الفضول والإبداع، وتتيح للطلاب فرصة المشاركة في العمليات التعليمية والتفاعل مع المادة بشكل نشط. وتعتبر هذه النظرية أساسًا مهمًا في تطوير البرامج التعليمية الحديثة التي تركز على تفعيل دور الطالب في عملية التعلم. وتعد هذه النظرية والمدرسة البنائية عموما هي الأكثر تأثيرا على التعليم في النصف الأول من الجيل الثالث من التعليم.
  2. النظرية المعرفية الاجتماعية (Social Cognitive Theory) ، بدأت تجارب برونر وزملائه Bandura, Ross and Ross عام 1961 والتي أثبتت أن الأطفال يكتسبون سلوكا عنيفا بملاحظتهم لسلوك الكبار في تعاملهم مع الألعاب، وأن الأطفال يعدلون من سلوكهم إذا ما رأوا غيرهم يتعرض للثواب أو العقاب فليس شرطا أن يكون التعزيز موجها نحو المتعلم نفسه. وفي عام 1977 نشر باندورا نظريته في التعلم الاجتماعي والتي أكّدت على أهمية النمذجة Modelling ومراقبة السلوكيات وردود الفعل العاطفية والتقليد والمواقف العفوية للآخرين، ليس هذا فقط، حيث تدرس نظرية التعلم الاجتماعي كيفية تأثير العوامل المعرفية والبيئية على سلوك الإنسان وتعلّمه. و النمذجة Modelling هي عمليةٌ تعليميةٌ تتم من خلال نسخ سلوكيات الآخرين وملاحظتها، وغالبًا ما يمارس الأشخاص النمذجة بشكل فطري، فالطفل مثلًا يستخدم النمذجة لتعلّم المهارات الحياتية الأساسية. وفي المؤسسات التعليمية يستخدم المعلمون النمذجة كأسلوب تعليمي يحسّن مهارات التدريس ويوفّر الوقت لإيصال المعلومة، حيث يقوم المعلم بعرض “النماذج” للطالب من أجل إيصال الفكرة بأفضل صورة.
  3. نظريتي ديفيد أوزبيل David Ausubel وتسمى بنظرية (Subsumption Learning Theory) والثانية نظرية التعلم ذو المعنى (Meaningful Learning Theory) وهي الأشهر والأكثر استخداما في التصميم التعليمي، رغم أن أوزبل بدء الكتابة عن نظريته الأولى في 1963 في نهايات الجيل الثاني من التعليم لكن أغلب الكتابات تنسب تلك النظرية لمرحلة الجيل الثالث من التعليم نظرا لكونها أول نظرية توضع خصيصا للتصميم التعليمي وهو مفهوم تبلور في الجيل الثالث من التعليم، فقبل ذلك كانت النظريات تنشأ في ميدان علم النفس لتفسير آلية حدوث التعلم ويتم الاستفادة منها في تصميم المواد التعليمية، لكن تعد كتابات أوزبل هي الأولى التي وضعت خصيصا من أجل تصميم التعليم.
    يقترح أوزبيل في نظريته طريقة لإنشاء المواد التعليمية التي تساعد المتعلمين على تنظيم المحتوى الخاص بهم لجعله أكثر فهما وأسهل في تكوين المعنى. واقترح استخدام المنظمين المتقدمين كأدوات تساعد المتعلمين ذهنياً على تعلم المعرفة والاحتفاظ بها ، وتمكينهم من الربط بين المعلومات الجديدة والخبرة السابقة.
    ويعتبر الاحتفاظ بالمفاهيم بشكل دائم في الذاكرة الطويلة أحد أهم مرتكزات نظرية أوسوبل. وتقوم النظرية على فرضية أن المتعلمين يتعلمون بشكل أفضل عندما يتم تقديم المعلومات بشكل منطقي ومنظم ويتم توفير علاقات معنوية بين هذه المعلومات والمفاهيم السابقة التي يملكها المتعلمون. وتعتمد النظرية على مفهوم “المعرفة المسبقة” (Prior Knowledge) وتقول إن المتعلمين يتعلمون بشكل أفضل عندما يرتبط المحتوى الجديد بمعارفهم وخبراتهم السابقة. وتشمل مرتكزات نظرية أوزوبل العوامل النفسية والاجتماعية والتربوية التي تؤثر على عملية التعلم، بما في ذلك الدافعية والانتباه والتركيز والذاكرة والتعلم الاجتماعي والثقافي. وتعتبر النظرية أحد النماذج الأساسية المستخدمة في التعليم وتصميم المناهج وتطوير استراتيجيات التدريس.

4. نظرية روبرت جانية، شروط التعلم (Conditions of Learning Theory) هي نظرية تعلم تم تطويرها في الأصل من قبل العالم النفسي الأمريكي روبرت جانية (Robert Gagné) في عام 1965. وتعتمد هذه النظرية على مفهوم أن الأداء الفعال في التعلم يتطلب تلبية سلسلة من الشروط أو العوامل المحددة. وتشمل أنماط التعلم وفق نظرية جانييه ثمان أنواع، وضعها العالم روبرت جانييه في شكل هرمي، ورتبها من النمط البسيط إلى النمط المعقد، إذ يعتمد فهم النمط على ما يسبقه، بمعنى أن المتعلم إن لم يتقن النمط السابق فبديهي جداً أن لا يفهم النمط الجديد.
ويبدأ نمط التعلم لدى جانييه بالتعلم الإشاري في قاعدة الهرم، ثم يصل إلى حل المشكلات في قمة الهرم وإذ تعتبر حل المشكلات في نموذج جانييه، هي أرقى درجات التعلم، إذ تشترط تعلم القواعد وإدراك المفاهيم، كما تحتاج تلك المرحلة المعقدة والمهمة في النموذج قدراك عقلية وخبرات سابقة وخلفية معرفية مميزة[3] ومن أشهر انواع التعلم عند جانييه .

5. نموذج الذاكرة المتعددة لأتكنسون وشيفرين (Atkinson and Shiffrin’s Multi-Store Memory Model) هو نموذج تفسيري يوضح كيفية عمل الذاكرة في الإنسان. يمكن وصف هذا النموذج بأنه يعتبر الذاكرة البشرية على أنها تتألف من ثلاثة مستودعات للمعلومات، وهي الذاكرة الحسية، والذاكرة القصيرة المدى، والذاكرة الطويلة المدى. ويشير النموذج إلى أن المعلومات تمر عبر هذه المستودعات بشكل تدريجي، وأن التعلم والتذكر يتطلبان مراحل معينة من المعالجة.

يمكن استخدام نموذج الذاكرة المتعددة في التعليم الإلكتروني بعدة طرق، منها:

  • تصميم مواد تعليمية تستهدف الذاكرة الحسية: يمكن استخدام الرسوم البيانية والصور والفيديوهات والأصوات وغيرها من الوسائط المتعددة لتحفيز الذاكرة الحسية وتحسين استيعاب المعلومات الجديدة.
  • تصميم مواد تعليمية تستهدف الذاكرة القصيرة المدى: يمكن تصميم المواد التعليمية بطريقة تساعد على تجميع وترتيب المعلومات بشكل منطقي ومنظم، وتكرار المعلومات بشكل متكرر لتعزيز تخزينها في الذاكرة القصيرة المدى.
  • تصميم مواد تعليمية تستهدف الذاكرة الطويلة المدى: يمكن استخدام تقنيات التدريب المتكرر والتطبيق العملي والمراجعة الدورية لمساعدة المتعلمين على تثبيت المعلومات في الذاكرة الطويلة المدى والحفاظ عليها.
  • تحليل الأداء الذاكري للمتعلمين: يمكن استخدام النموذج لتحليل أداء المتعلمين وتحديد الجوانب التي يحتاجون إلى تحسينها في مراحل معينة من المعالجة الذاكرية، وذلك لتحسين عملية التعلم والتذكر.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام نموذج الذاكرة المتعددة في تصميم اختبارات التقييم والتحقق من فهم المتعلمين للمفاهيم المختلفة، حيث يمكن تصميم الاختبارات بشكل يتيح للمتعلمين استخدام المستودعات المختلفة للذاكرة لاسترجاع المعلومات.

ويمكن أيضًا استخدام نموذج الذاكرة المتعددة في تصميم أنشطة التعلم النشط والتفاعلية، مثل ألعاب التعلم والتمارين العملية والمشاريع البحثية، وذلك لتحفيز المتعلمين على استخدام جميع مستودعات الذاكرة المختلفة في عملية التعلم والتذكر. وقد قام العالمان بادلي وهيتش عام 1974 بتطوير النموذج السابق إلى ما سمي بنموذج الذاكرة العاملة Working Memory Model والذي أثر إيجابيا في التصميم التعليمي للمواد التعليمية بشكل عام خصوصا ما يتعلق باستخدام المثيرات السمعية والبصرية والوسائل المتعددة فيما بعد.

نظريات التصميم التعليمي في الجيل الثالث من التعليم.

هناك عدة نظريات استخدمت في التصميم التعليمي للمواد التعليمية والتعليم الإلكتروني والتعلم بالوسائل المتعددة، الواقع أنه لا يمكن حصر جميع النظريات التي بلورت شكل التعليم في هذه المرحلة، لكن لعل أبرز التطورات الحاصلة في هذا الجيل هي التعليم باستخدام الوسائل المتعددة والفائقة والتعليم الإلكتروني، وقد استند التصميم التعليمي لهذه التقنيات على عديد من النظريات والنماذج التي نشأت خصيصا لتستهدفها وسأحاول في الأسطر التالية ذكرها بإيجاز.

  1. النظرية التوسعية (The Elaboration Theory) لتشارلز ريجيلوث Charles Reigeluth ، رغم أن بدايات كتاباته لها ترجع إلى 1979 إلا أن تطبيقها في مجال التعليم بدأ فعليا في 1983 ولذا فإن النظرية التوسعية تعد من النظريات الحديثة أو ما يطلق عليها مجازا نظريات التصميم التعليمي للجيل الثالث من التعليم. وهي إحدى نظريات التنظيم التعليمي وهي نظرية تؤمن بالتعلم القبلي السابق، ويتم من خلالها تنظيم المحتوى في ضوء عدة مراحل تبدأ بالمقدمة الشاملة يليها التنظيم وتحديد المستويات ثم عمليتي التركيب والتجميع ثم عملية التلخيص وتنتهي بالخاتمة الشاملة، وهي تتناول المقررات التي تدرس على مدى زمني طويل نسبيا.
    يتم وفقا لهذه النظرية تنظيم التدريس بترتيب متزايد من الاسهل إلى الأصعب من أجل التعلم الأمثل. ويقترح ريجيلوث سبعة مكونات استراتيجية رئيسية: تسلسل تفصيلي ، تحديد المتطلبات السابقة للتعلم ، الملخص ، التركيب ، المقارنات ، الاستراتيجيات المعرفية ، تحكم المتعلم.
    يعد مفهوم التوسع (Elaboration) أحد مفاهيم المدرسة المعرفية في علم النفس، وهو يعني إضافة تفصيلات ومفاهيم وإجراءات ومبادئ من شأنها ربط المعلومات الموجودة في البنية المعرفية للفرد بالمعلومات الجديدة التي يتعلمها، مما يساعد الفرد على تفهم المعرفة الجديدة وإدراك علاقتها بالمعرفة الموجودة لديه مسبقاً. ويمكن التأكيد على أن الأساس العام الذي تقوم عليه النظرية التوسعية وتنبثق منه هو المدرسة الجشطالتية التي ترى أن التعليم يتم من الكل وليس الجزء، كذلك استفادت النظرية التوسعية من الأفكار التي تناولها أوزبل خاصة في المنظمات المتقدمة Adv-organizers التي تساعد على دمج المعلومات الجديدة للفرد بالخبرات التعليمية أو البيئة المعرفية لديه حتى تصبح جزء لا يتجزأ منه، ويؤدي إلى تعلم ذا معنى Meaningful Learning .
  2. نظرية الحمل المعرفي (Cognitive Load Theory) لجون سويلر John Sweller. وتقوم هذه النظرية على فكرة أن الدماغ يمتلك قدرة محدودة على استيعاب المعلومات ومعالجتها في الذاكرة العاملة، وهي الذاكرة المسؤولة عن تخزين المعلومات المؤقتة والتي تستخدم للتفكير واتخاذ القرارات الفورية.وعندما يتعرض المتعلمون لحمل معرفي كبير، يصبح من الصعب عليهم تخزين المعلومات في الذاكرة العاملة ومعالجتها بشكل فعال، مما يؤدي إلى تقليل فعالية التعلم والاحتفاظ بالمعلومات.
    ويشمل الحمل المعرفي عوامل مثل عدد العناصر التي يجب تذكرها في نفس الوقت، وتعقيدية المعلومات والمهام، والتركيز والانتباه المطلوبان لمعالجة المعلومات، والتعرض للمعلومات بشكل متعدد في نفس الوقت. ويقترح Sweller في نظريته تصميم برامج التعليم والتدريب بطريقة تقلل حمل المعرفي على المتعلمين، وذلك من خلال استخدام تقنيات تصميم تعليمي مثل تقسيم المحتوى إلى وحدات صغيرة ومنظمة، وتوفير معلومات واضحة ومنظمة بشكل جيد، وتقليل العدد الزائد من العناصر التي يجب تذكرها في نفس الوقت، وتوفير الوقت الكافي للتفكير والتحليل والتركيز على المهام الصعبة. كما يقترح Sweller استخدام التعليم التفاعلي والتعليم الذاتي، حيث يمكن للمتعلمين التفاعل مع المحتوى بشكل أفضل وتكييف سرعة التعلم وفهم المفاهيم بشكل أفضل، وكذلك يمكن للمتعلمين تنظيم عملية التعلم على أساس قدراتهم واحتياجاتهم الفردية.
  3. النظرية المعرفية للتعلم بالوسائل المتعددة (Cognitive Theory of Multimedia Learning) هي نظرية تعلم تركز على كيفية تأثير الوسائل المتعددة في تعلم الطلاب. وهي نظرية تم تطويرها بواسطة العالم النفسي الأمريكي ريتشارد ماير (Richard Mayer). وتتضمن هذه النظرية العديد من السمات المهمة والتي أفردت لها مقالا تفصيليا في بوابة تكنولوجيا التعليم بعنوان “مبادئ تصميم المحتوى التعليمي الرقمي” ولا يسع المجال لإعادة عرض النظرية ولا مبادئها لكن يمكن القول أنها من أوسع النظريات تأثيرا على تصميم المحتوى التعليمي من 2001 تقريبا.
  4. النظرية الترابطية (Connectivism) لجورج سيمينز و ستيفن داونز، هي نظرية تعلم حديثة تركز على دور التكنولوجيا والشبكات الاجتماعية في عملية التعلم. وقد اقترحها العالمان الكنديان جورج سيمينز (George Siemens) وستيفن داونز (Stephen Downes) في عام 2005، وتم تطويرها بعد ذلك من قبل سيمينز. وتتضمن هذه النظرية العديد من الجوانب المهمة، ومن أبرزها؛ التعلم هو عملية تبادل المعرفة والتواصل، والشبكات الاجتماعية والتكنولوجيا تسهل التعلم، والمعرفة الرقمية أصبحت جزءا من الثقافة العامة، وكذلك ترى النظرية أن التعلم يحدث عندما يتم توصيل المعرفة والمصادر المختلفة معًا في شبكة تفاعلية، وأن التعلم الفعال يتطلب من الطلاب مهارات التعلم الذاتي والتحليل والتفكير الناقد واختيار المصادر الملائمة، كذلك تؤكد النظرية على دور كل من التكيف والتعاون والتفاعل في علملية التعلم في بيئات التعلم الإلكترونية تحديدا. وقد تطرقت لهذه النظرية من قبل في مقال بعنوان “تصميم مقررات التعليم عن بعد في ضوء نظريات التعلم” .
  5. نظرية التأثير المعرفي- العاطفي للتعلم عبر وسائل الإعلام (Cognitive-Affective Theory of Learning with Media)، لروكسانا مورينو عام 2006. هي أول نظرية تركز على الأثر الوجداني للمعارف المقدمة عبر وسائل الإعلام ودورها في تحفيز المتعلمين نحو التعلم، والنظرية لم تغفل الإعلام الرقمي ولا أثر الشبكات الاجتماعية على التعلم.
  6. نموذج (ARCS Model of Motivational Design) التحفيزي لجون كيلر عام 2010 . يسمى بنموذج ARCS للتصميم الدافعي للتعلم هو نموذج تصميمي تم تطويره من قبل جون كيلر لزيادة الدافعية والحفاظ على اهتمام المتعلمين في عملية التعلم. يركز النموذج على أربعة عناصر رئيسية لتحقيق التحفيز والتشجيع على التعلم، وهي الانتباه Attention، والإدراك Relevance، والثقة Confidence، والرضا Satisfaction . ARCS حول الدافعية والحفاظ على الاهتمام والمشاركة في عملية التعلم. ويساعد هذا النموذج على تصميم تجربة تعليمية مثالية للمتعلمين، من خلال تحديد احتياجاتهم واهتماماتهم وربطها بالمحتوى التعليمي. كما يساعد على توفير الدعم والتوجيه والتعليقات الفعالة والإشادة للمتعلمين، مما يعزز الثقة ويحقق الرضا والإنجاز. وقد تناولت هذا النموذج ضمن مقال سابق بعنوان “التصميم الدافعي للتعلم عن بعد” .

ويمكن الاستخلاص من العرض السابق أن التعلم في جيله الثالث خصوصا الفترة المتأخرة منه ( بعد 1980) هو تعلم يعتمد على فكرة أن المحتوى متاح بحرية وبسهولة. إنه تعلم موجه ذاتيًا وقائمًا على النشاط حيث يؤدي حل المشكلات والابتكار والإبداع إلى التعليم. كما يتميز الجيل الثالث من التعليم بفرص تعليمية ثرية تتخطى حدود الثقافات والمؤسسات،يلعب فيها المتعلمون أنفسهم دورًا رئيسيًا كمبدعين ومؤلفين للمعارف التي يتم مشاركتها ، وتلعب الشبكات والتطبيقات الاجتماعية دورًا قويًا في إيجاد طرق اتصال تعليمي تتخطى حدود الزمان والمكان. وظهر في هذا الجيل من التعليم مفاهيم مثل التعليم الإلكتروني بجيليه الأول والثاني وكان الجيل الثاني من التعليم الإلكتروني الذي اشار إليه داونز عام 2005 في مفهومه للتعلم الإلكتروني 2.0 نقلة نوعية في التعليم مهدت لظهور الجيل الرابع من التعليم.

هناك ثلاثة جوانب مميزة للتعليم في جيله الثالث لها أهمية خاصة. أولاً ، هناك دور للطلاب في اتخاذ القرار التعليمي، فهو تعليم يدور حول الطالب في الأساس والطالب له حق اختيار المسار التعليمي واختيار المؤسسة التي يتعلم فيها وغير ذلك من الخيارات. ثانيًا ، بزوغ مفهوم الطلاب كمنتجين للمحتوى التعليمي القابل لإعادة الاستخدام ومتاح بكثرة بموجب تراخيص تسمح بالمشاركة الحرة وإنشاء أعمال مشتقة، وعزز ذلك ظهور مستودعات عناصر التعلم ، ومنصات الموارد التعليمية المفتوحة وحتى مدونات الفيديو مثل YouTube. ثالثًا ، ضبط جودة الأنظمة التعليمية والاعتماد المؤسسي والبرامجي من قبل مؤسسات دولية سهل الاعتراف الدولي بالدورات التدريبية الإلكترونية المقدمة من عديد من المنصات العالمية والمؤسسات التعليمية في مختلف البلدان مما يزيد فرص التعلم المتاحة.

الجيل الرابع من التعليم (Education 4.0)
يعد هاركينز Harkins من أوائل من أطلق هذا المسمى في 2008 حتى قبل تبلور الثورة الصناعية الرابعة وذلك في دراسة بعنوان “Leap frog principles and practices: Core components of education 3.0 and 4.0” حيث وصف التعليم في جيله الرابع بأنه تعليم ينمي الجانب الإبتكاري أو innovation-producing education ، لكن مع ظهور الثورة الصناعية الرابعة واعتماد التسمية رسميا لأول مرة في عام 2016، في ألمانيا، انتشر هذا المصطلح انتشارا كبيرا حتى الآن وقد تضاعفت الدراسات التي تناولت التعليم في جيله الرابع وربطه بالثورة الصناعية والتكنولوجية العالمية حتى أن دراسة تحليلية أجراها رينتز وآخرون Rienties & et.all.(2023) حللت الأوراق البحثية المنشورة في أربع قواعد بيانات هي Science Direct و Scopus و Web of Science و Wiley InterScience في الفترة من 2016-2020 وفي مجالين فقط هما علوم الكمبيوتر والتربية ومرحلة التعليم العالي فقط وحصرت الدراسة 231 ورقة بحثية فريدة في هذا النظاق الضيق نسبيا.

وقد زاد الاهتمام بما يقدمه الجيل الرابع للتعليم من حلول تقنية وتربوية بسبب جائحة COVID-19 التي أكدت على الحاجة لطرق جديدة في التعليم والتقنيات المرتبطة به، فالتعليم لم يكن أبدا في معزل عن باقي مناحي المجتمع. فقد كان النظام التعليمي يتكيف دائمًا مع احتياجات المجتمع ومتطلبات الصناعات في عصره وكذلك الاقتصاد ومعطيات التكنولوجيا السائدة. ولا يمكن لأحد إنكار أن العالم يشهد اليوم تحولاً هائلاً في مجال التعليم إلى ما يعرف بالجيل الرابع من التعليم، أو Education 4.0. يتميز هذا التحول بالتوجه نحو استخدام التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي والتعلم العميق والتعلم الآلي لتحسين عملية التعلم وتحقيق نتائج أفضل للطلاب.

هذا التحول يأتي كجزء من الثورة الصناعية الرابعة كما أسلفنا. ويتطلب التحول إلى الجيل الرابع من التعلم تغييرات جذرية في النظم التعليمية القائمة، وتحديث المناهج وتطوير البرامج التعليمية وتدريب المعلمين على استخدام التقنيات الحديثة وتحليل البيانات التعليمية. فالجيل الرابع من التعليم لا يتعلق فقط بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والروبوتات والحلول الذكية، فرغم أهمية هذه المستحدثات فإن الجيل الرابع من التعليم يتعلق أولا بالبشر وكيفية إعدادهم لهذه التحولات، وتتطلب هذه التحولات التعاون بين الحكومات والمؤسسات التعليمية والشركات التقنية وكافة منظومات المجتمع، وقد اشار تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي الصادر 2018 بعنوان مستقبل الوظائف The Future of Jobs Report 2018 إلى أن كل موظف هعلى مستوى العالم سيصبح مع حلول عام 2022 , وقتها, بحاجة إل نحو 101 يوم من التدريب ليلحق بركب الثورة الصناعية الرابعة وليستعد لمتطلبات الوظائف المستقبلية وهدا تحديدا ما يزيد من المهام الموكلة لهذا الجيل من التعليم. وقد بدأت عديد من الجامعات العالمية بالاستعداد للتحولات القادمة من خلال استحداث دورات تدريبية جديدة والارتباط بجامعات أخرى لتقديم فرص تعليمية أكبر كما عملت أكاديميات عديدة مرتبطة بمؤسسات صناعية وتكنولوجية كبرى بتقديم دورات تدريبية واسعة الالتحاق MOOCs في مجالات الثورة الصناعية الرابعة والتكنولوجيا الحديثة لعل من أبرزها أكاديمية سيسكو للشبكات التي أشار المقال مسبقا Cisco Networking Academy.

ولا ينظر إلى الثورات التعليمية في معزل عن المجتمع والصناعة بل ينظر إليهم ككيان ثلاثي متحكم في نهضة الأمم. فالتعليم يمد الصناعة بالكوادر البشرية والبحوث والدراسات اللأكاديمية اللازمة لتطويره، والصناعة تتطور وتمد المجتمع بالتكنولوجيا والاقتصادر اللازم لنهضته، وينعكس ذلك على سياسات المجتمع وتوجهاته والتي تؤدي في النهاية إلى إحداث تطوير في التعليم وتوجيه لأهدافه الاستراتيجية التي أدت لظهور أجيال التعليم المختلفة، ولعل أبرز ما يميز الجيل الرابع من التعليم أنه تعليم موجه بالتكنولوجيا ، فمنشأ التكنولوجيا التعليم وتطويرها في الصناعة وانتشارها في المجتمع .

يوجد خلط بي مفهومين الأول هو تحسين التعلم بالتكنولوجيا Technology-Enhanced Learning والثاني هو التعليم الموجه بالتكنولوجيا Technology-Driven Instruction ، فالأول يعني توظيف التكنولوجيا لتحسين مخرجات التعلم ومن ذلك تكنولوجيا التعليم ذاتها ، أما المفهوم الثاني هو رسم البرامج التعليمية والسياسات لتتماشى مع التطوير التكنولوجي الحاصل، اي أن التكنولوجيا هي المحرك والموجه لأهداف التعليم، فمثلا نحن نعد طالب ليكون مواطنا في المستقبل، فإن مهارات المواطنة الرقمية هي جزء من التعليم الموجه بالتكنولوجيا.

Mariscal, L. L., Albarracin, M. R., Mobo, F. D., & Cutillas, A. L. (2023). Pedagogical Competence Towards Technology-driven Instruction on Basic Education. International Journal of Multidisciplinary: Applied Business and Education Research, 4(5), 1567-1580.
Bayne, S. (2015). What’s the matter with ‘technology-enhanced learning’?. Learning, media and technology, 40(1), 5-20.
أهم السمات التربوية والتكنولوجية في الجيل الرابع من التعليم

إلى جانب ما تقدم فإن التعليم في جيله الرابع من الناحية التربوية يتميز بعدة سمات تميزه عن الأجيال السابقة ومن ذلك :

1- زيادة التوجه نحو التعلم المبني على المشاريع (Project-Based Learning): وهو نهج يستند إلى إنجاز مشاريع تطبيقية تتطلب التفكير النقدي والابتكار والتعاون بين الطلاب، ويهدف إلى تنمية مهارات الطلاب وتحفيزهم على التعلم الذاتي.

2- الاهتمام بالتعلم بالتجربة (Experiential Learning): وهو نهج يعتمد على الخبرات العملية والتجارب العملية لتحفيز الطلاب على التعلم، ويشجع على التفاعل والتعاون بين الطلاب والمدرسين خصوصا في بيئات تعلم غير تقليدية كالبيئات الإنغماسية المستخدمة في الواقع الافتراضي والواقع المعزز.

3- تعلم موجه ذاتيا (Self-Directed Learning): يعمل على تشجيع الطلاب على تحديد أهدافهم التعليمية وتحقيقها بشكل مستقل، بهدف تنمية القدرة على التعلم المستمر والتحليل الذاتي والتفكير النقدي.

4- توظيف تكنولوجيا التعلم الذكي (Smart Learning Technologies): وتشمل تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي وتقنيات الحوسبة السحابية والتعلم الآلي والروبوتات التعليمية، وتستخدم لدعم عملية التعلم وتحسين نتائجها، وتوفير فرص التعلم الإلكتروني والتعلم عن بعد.

5- تعليم موجه بالبيانات DDI: يعطي الجيل الرابع للتعليم أهمية خاصة لتحليل البيانات وتوظيفها في تكيف بيئة التعلم والمحتوى المقدم للطلاب.

6- تعلم مخصص Personalized Learning : يركز على تلبية احتياجات الطلاب الفردية وتحقيق أهدافهم التعليمية بطريقة فردية ومخصصة لهم. ويعتمد التعلم المخصص على توفير مجموعة متنوعة من الأدوات والتقنيات التعليمية لتحليل البيانات واكتشاف احتياجات الطلاب وتحديد مسارات التعلم المناسبة لكل طالب.

7- زيادة الاهتمام بتصميم سيناريوهات التعلم ، وتحسين تجربة التعلم بشكل عام.

وسيجد المهتم بموضوع الجيل الرابع للتعليم اختلافات عديدة بين البحوث التي رسمت ملامح هذا الجيل من التعليم بجوانبها التربوية والتكنولوجية حيث يرى البعض أن البداية الحقيقية للجيل الرابع من التعليم جاءت مع جائحة كورونا COVID-19 رغم أن التكنولوجيا نفسها والثورة الصناعية كانت سابقة لذلك كما أشرنا سابقا، لكن مع توقف الدراسة في أغلب بلدان العالم وشيوع العمل من المنزل بدأت تتبلور ملامج هذا الجيل من التعليم واستخدامه للتكنولوجيا في تحقيق أهداف التعلم، أما قبل ذلك فقد كان الامر لا يتعدى البحوث الأكاديمية والمؤتمرات العلمية دون الانتباه لهذا العمل على أرض الواقع ، حتى أن دول مثل الهند والتي ينظر لها عالميا بأعتبارها أحد الرواد للثورة الصناعية الرابعة بدأت مبادراتها للجيل الرابع من التعليم بعد كورونا. وترى عديد من الجامعات أن التعليم اثناء جائحة كورونا فرض عليها البحث عن تطبيقات فعالة وحلول مناسبة لتقديم الممارسات التعليمية عن بعد سواء بالنسبة للمتعلم أو المعلم وهو ما أدى لقفزة نوعية وكمية فيما يتعلق بمبادرات التعليم عن بعد والتعليم الإلكتروني التي توظف استراتيجيات وتكنولوجيا الجيل الرابع من التعليم . حيث قامت بعض الجامعات بتطوير مشاريع قائمة بالفعل وجعلها تسير وفقا للتكنولوجيات الحديثة والاستراتيجيات المتماشية مع الجيل الرابع من التعليم، بينما قامت جامعات أخرى بتدشين مبادرات جديدة بعد ما واجهته في فترة جائحة كورونا واعتمد هذه المبادرات على استخدام أساليب وتكنولجيا الجيل الرابع من التعليم . فيما يلي أمثلة لعدد من الجامعات العالمية التي تستخدم حاليا الجيل الرابع من التعليم ضمن منظومة التعليم الرسمي :

  1. معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT): قامت معهدMIT بتطوير منصة التعليم عبر الإنترنت المفتوحة (MIT OpenCourseWare)، والتي توفر أكثر من 2400 مقرر دراسي مفتوح المصدر للجميع. ولعبت المنصة دورًا مهمًا خلال جائحة COVID-19، حيث استخدمها الكثير من الطلاب والمدرسين في جميع أنحاء العالم للتعلم والتدريس عن بعد. وقد أدرجت MIT OpenCourseWare المزيد من المواد التعليمية والدورات في مجالات مختلفة فترة توقف الدراسة عالميا أثناء الجائحة، مما ساعد الطلاب والمدرسين على الاستمرار في التعلم والتطور في مجالاتهم المختلفة،
  2. جامعة هارفارد: قامت جامعة هارفارد بإطلاق مشروع EdX الذي يوفرمقررات دراسية عبر الإنترنت مجانًا وبشكل مفتوح للجميع، كما قامت بتطوير نظام الدراسة الذاتية (Self-Study) الذي يسمح للطلاب بتحديد مسارات دراسية تتناسب مع اهتماماتهم ومتطلباتهم الشخصية، وهي احدى أهم سمات التعليم في جيله الرابع.
  3. جامعة ستانفورد: قامت جامعة ستانفورد بإطلاق مبادرة Stanford Online التي توفر مقررات دراسية عبر الإنترنت مفتوحة المصدر، وتستخدم تقنيات التعلم الذاتي والتعلم المتعدد الاتجاهات لتحسين عملية التعلم. وتعتبر مبادرة Stanford Online واحدة من أبرز المبادرات التعليمية الرائدة التي اتبعت نموذج التعليم الرقمي والجيل الرابع من التعليم. وقد تأثرت المبادرة بشكل كبير بجائحة COVID-19، حيث شهدت زيادة كبيرة في عدد الطلاب والمدرسين الذين يستخدمون المنصة للتعلم والتدريس عن بعد.
  4. جامعة كارنيجي ميلون: قامت جامعة كارنيجي ميلون بإطلاق مشروع Open Learning Initiative الذي يعتمد على تقنيات الجيل الرابع من التعليم، ويهدف إلى تعزيز مهارات الطلاب وتحسين أدائهم في مجالات مختلفة، وتم تصميم هذا المشروع ليناسب الطلاب بمختلف المستويات الدراسية والخلفيات الأكاديمية.
  5. جامعة واشنطن: قامت جامعة واشنطن بإطلاق مبادرة Teaching and Learning in the Digital Age التي تهدف إلى تحسين عملية التعلم والتدريس باستخدام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، وتوفر المبادرة موارد تعليمية رقمية وأدوات تفاعلية للطلاب والمدرسين.
  6. جامعة نيويورك: قامت جامعة نيويورك بإطلاق مشروع NYU Online Learning الذي يوفر مقررات دراسية عبر الإنترنت، ويستخدم تقنيات التعلم الذاتي والتعلم المتعدد الاتجاهات(Multi-directional Learning)، ويتيح للطلاب الوصول إلى المواد التعليمية في أي وقت ومن أي مكان.
  7. جامعة أكسفورد: قامت جامعة أكسفورد بإطلاق مشروع Oxford Online Programs الذي يوفر مقررات دراسية عبر الإنترنت في مجالات مختلفة، ويستخدم تقنيات التعلم الذاتي والتعلم المتعدد الاتجاهات(Multi-directional Learning)، ويشمل المشروع برامج مثل برنامج التعليم عن بعد للحصول على شهادة الماجستير في إدارة الأعمال (Online MBA) وبرنامج التعليم عن بعد للحصول على شهادة الماجستير في القانون (Online Master of Laws).
  8. جامعة كاليفورنيا: قامت جامعة كاليفورنيا بإطلاق مشروع UC Online الذي يوفر مقررات دراسية عبر الإنترنت، ويستخدم تقنيات التعلم الذاتي والتعلم المتعدد الاتجاهات، ويعتمد على التفاعل بين الطلاب والمدرسين والمحتوى التعليمي عبر الإنترنت، ويهدف المشروع إلى تحسين جودة التعليم وتوفير فرص تعليمية متاحة للجميع.
  9. جامعة هونج كونج للعلوم والتكنولوجيا: قامت جامعة هونج كونج للعلوم والتكنولوجيا بإطلاق مبادرة E-Learning Development Fund لتمويل مشاريع التعلم الإلكتروني وتحسين جودة التعليم، وتوفير فرص تعليمية عالية الجودة للجميع، وتشمل المبادرة تطوير المناهج الدراسية الإلكترونية وتوفير الموارد التعليمية للطلاب والمدرسين، وتطوير تقنيات التعلم الذاتي والتعلم المتعدد الاتجاهات، وتحسين جودة التعليم الإلكتروني في الجامعة.
  10. جامعة جدة : قامت جامعة جدة بإطلاق مبادرة “اﻟﺠﻴـﻞ اﻟﺮاﺑـﻊ ﻣـﻦ اﻟﺘﻌﻠﻴـﻢ” ، و ﺗﺄﺗـﻲ المبادرة ﻣﺮﺗﺒﻄــﺔ ﺑﺒﺮﻧﺎﻣــﺞ ﻛﻔــﺎءة اﻟﻬﻴﺌــﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴــﺔ واﺳــﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴــﻢ وﻫــﻮ أﺣــﺪ ﺑﺮاﻣــﺞ اﻟﺠﺎﻣﻌــات اﻟﺴـﻌﻮدﻳﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜـﺔ، ﺣﻴـﺚ ﻳﺴـﺘﻬﺪف اﻟﺒﺮﻧﺎﻣـﺞ رﻓـﻊ ﻛﻔـﺎءة اﻟﻬﻴﺌـﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴـﺔ ﺑﺠﺎﻣﻌـﺔ ﺟـﺪة وﺗﻌﺰﻳﺰﻫـﺎ ﺑﺎﻟﻜﻔـﺎءات اﻟﻌﺎﻟﻤﻴـﺔ.

إن الاستعداد للجيل الرابع للتعليم لا يتجسد فقط في إتاحة فرص التعليم عن بعد ومصادر التعلم بل قبل ذلك توفير الكفايات التي يحتاجها العاملون مع التكنولوجيات الناشئة ودراسة سبل توظيفها لتحسين تجربة التعلم، ولعل هذا يكون موضوع المقال القادم إن شاء الله تعالى.

المراجع :

·        Abdous, M., Facer, B. R., Yen, C. J., & Kwon, K. H. (2014). Education 3.0 and the Pedagogy of Mobile Learning. International Journal of Interactive Mobile Technologies, 8(1), 38-43.

·        Amed, D. (2023, March 22). Building a Strong Foundation – The Five Pillars of Digital Education 4.0. Retrieved from https://www.digitaled.in/blogs/the-five-pillars-of-digital-education-4-0

·        Bonfield, C. A., Salter, M., Longmuir, A., Benson, M., & Adachi, C. (2020). Transformation or
evolution?: Education 4.0, teaching and learning in the digital age. Higher education pedagogies, 5(1), 223-246.

·        Chaka, C. (2022). Is Education 4.0 a Sufficient Innovative, and Disruptive Educational Trend to Promote Sustainable Open Education for Higher Education Institutions? A Review of Literature Trends. Frontiers in Education, 1–14.

·        Clark, J. M. & Paivio, A. (1991). Dual coding theory and education. Educational Psychology Review, 3(3), 149-170.

·        Cognitive Load Theory – an overview | ScienceDirect Topics. (2023, May 20).
https://www.sciencedirect.com/topics/psychology/cognitive-load-theory

·        EdTech Magazine. (2018, May 1). Education 3.0: Breaking the Mold with Technology. EdTech Magazine. https://www.edtechmagazine.com/k12/article/2018/05/education-30-breaking-mold-technology 

·       Hayles, K. N., & Pressman, J. (2013). The future of learning institutions in a digital age. The
MIT Press.

·        Schools of the Future: Defining New Models of Education for the Fourth Industrial Revolution. (2020, January 14). Retrieved from https://www.weforum.org/reports/schools-of-the-future-defining-new-models-of-education-for-the-fourth-industrial-revolution

·        Industry 1.0 to 4.0 – Brief History of the Industrial Revolution – Sustainability Success. (2023, May 02). Retrieved from https://sustainability-success.com/industry-1-0-to-4-0-2-3-revolution

·        International Society for Technology in Education. (2020). ISTE Standards for Students. Retrieved from https://www.iste.org/standards/for-students

·        Joshi, N. (2022). Understanding Education 4.0: The Machine Learning-Driven Future Of Learning. Forbes. Retrieved from https://www.forbes.com/sites/naveenjoshi/2022/03/31/understanding-education-40-the-machine-learning-driven-future-of-learning/?sh=13a9170c5bc2

·        Keats , D., & Schmidt , J. P. (2007, March). View of The genesis and emergence of Education 3.0 in higher education and its potential for Africa . First Monday. https://firstmonday.org/ojs/index.php/fm/article/view/1625/1540

·        M. Harkins, Leapfrog principles and practices: Core components of education 3.0 and 4.0, Futures Res. Quart. 24 (2008), no. 1, 19– 31

·        Mariscal, L. L., Albarracin, M. R., Mobo, F. D., & Cutillas, A. L. (2023). Pedagogical
Competence Towards Technology-driven Instruction on Basic Education. International
Journal of Multidisciplinary: Applied Business and Education Research
, 4(5), 1567-1580.

·        Martin, C. J. (2015). Digital dexterity: A new approach to education and learning. Routledge

·        Mayer, R. E. (2005). Cognitive Theory of Multimedia Learning. In R. Mayer (Ed.), The Cambridge Handbook of Multimedia Learning (pp. 31-48). Cambridge University Press.

·        Moraes, E. B., Kipper, L. M., Kellermann, A. C. H., Austria, L., Leivas, P., Moraes, J. A. R., & Witczak, M. (2022). Integration of Industry 4.0 technologies with Education 4.0:
advantages for improvements in learning. Interactive Technology and Smart
Education, 20(2), 271–287.

·        Multi-Store Memory Model: Atkinson and Shiffrin. (2023, May 10). Retrieved from https://www.simplypsychology.org/multi-store.html

·        N., Sam M.S., “SELECTIVE LEARNING,” in PsychologyDictionary.org, April 28,
2013, https://psychologydictionary.org/selective-learning/
(accessed May 16, 2023).

·        Pappas, C., & Pappas, C. (2021). Instructional Design Models and Theories: Subsumption Theory. eLearning Industry. Retrieved from https://elearningindustry.com/subsumption-theory

·        Rienties, B., Ferguson, R., Gonda, D., Hajdin, G., Herodotou, C., Iniesto, F., … & Isidori, M. V.
(2023). Education 4.0 in higher education and computer science: A systematic review. Computer Applications in Engineering Education

·        Rosenthal, M., & Fox, J. (2015). The evolution of technology in education. Journal of Technology and Teacher Education, 23(1), 97-105.

·        Sanghvi, S., & Westhoff, M. (2022). Five trends to watch in the edtech industry. McKinsey & Company. Retrieved from https://www.mckinsey.com/industries/education/our-insights/five-trends-to-watch-in-the-edtech-industry#

·        Sweller, J., van Merrienboer, J. J. G., & Paas, F. G. W. C. (1998). Cognitive architecture
and instructional design. Educational Psychology Review, 10(3), 251-296.

·        Teach Thought. (2015, September 10). Education 3.0: The Evolution of Learning. Teach Thought. https://www.teachthought.com/learning/education-3-0-the-evolution-of-learning/

·        Tiwari, R.G., Misra, A., Kukreja, V., Jain, A.K., & Ujjwal, N. (2022). Education 4.0: Classification of Student Adaptability Level in E-Education. 2022 10th International
Conference on Reliability, Infocom Technologies and Optimization (Trends and
Future Directions) (ICRITO)
, 1-6.

·        Vockley, M. (2007). Maximizing the Impact: The Pivotal Role of Technology in a 21st Century Education System. Partnership for 21st Century Skills. Retrieved from https://eric.ed.gov/?id=ED519463

·       Watulak, S. L., & Insel, P. M. (2017). Technology and education: A primer. Journal of Education and Practice, 8(20), 1-10.

·        Working Memory Model (Baddeley and Hitch). (2023, May 18). Retrieved from https://www.simplypsychology.org/working-memory.html

عن د مصطفى جودت

أستاذ تكنولوجيا التعليم المشارك بجامعة الملك سعود ، وجامعة حلوان مدير تطوير المحتوى الرقمي بجامعة الملك سعود
error: Content is protected !!
التخطي إلى شريط الأدوات