الذكاء الاصطناعي والتعليم : الفرص والتحديات

إعداد : د. مصطفى جودت صالح

في سبعينات القرن الماضي، كان العالم يشهد تغيرات كبيرة في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتكنولوجية. وكانت هذه التغيرات تنعكس على تصورات المؤلفين حول الفصول الدراسية في المستقبل، التي كانت تتسم بالخيال والابتكار والتحدي. ومن بين هؤلاء المؤلفين، نذكر على سبيل المثال:

Alvin Toffler
https://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/e/e1/Alvin_Toffler_02.jpg

  • ألفن توفلر، الذي كتب كتاب “صدمة المستقبل” عام 1970،تنبأ فيه بأن الفصول الدراسية في المستقبل ستكون مرنة ومتنوعة ومتكيفة مع احتياجات كل طالب، وستستخدم التكنولوجيا لتعزيز التعلم الذاتي والتعاوني والمشاركة والابداع. وقال توفلر: “سيكون التعليم في المستقبل مستمرا ومتعدد المستويات ومتعدد الوسائط ومتعدد الأهداف”
  • في عام 1970كذلك، نشر هيربرت سايمون وآلان نيويل كتابهما “العلوم البشرية والذكاء الاصطناعي”، الذي استشرف العلاقة بين العلوم البشرية والذكاء الاصطناعي. أشار المؤلفان إلى أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساهم في تطوير العلوم البشرية من خلال تقديم نماذج وأدوات ومنهجيات جديدة للبحث والتحليل. وذكراأن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يلعب دورًا هامًا في التعليم كذلك، خاصة في تعليم اللغات والرياضيات والعلوم. يتوقعان أن الذكاء الاصطناعي سيكون قادرًا على تقديم تعليم متخصص ومرن ومحفز للطلاب
  • في كتاب “المدرسة بلا جدران” للكاتب البريطاني إيفان إلوت، اقترح فكرة تعليم مفتوح ومرن، يتخطى حدود الفصول الدراسية والمناهج الثابتة، ويستفيد من مصادر التعلم المتنوعة والمتاحة في المجتمع والبيئة. وينتقد المؤلف النظام التعليمي التقليدي الذي يقيد الطلاب بالقواعد والامتحانات والشهادات، ويحرمهم من الاستقلالية والمبادرة والتفكير النقدي. ويعتبر المؤلف أن التكنولوجيا تساعد على تحقيق هذا النوع من التعليم، بشرط أن تكون في خدمة الإنسان وليس على حسابه.
  • يتنبأ آيزاك أسيموف، في كتابه “التعليم العالمي” عام 1974بأن الطلاب سيتعلمون من خلال أجهزة شخصية تتصل بمكتبات إلكترونية ضخمة، ويستطيعون اختيار مواضيعهم المفضلة والتقدم بوتيرتهم الخاصة.
  • في عام 1975، نشر مارفن مينسكي كتابه “الإطارات: هياكل البيانات للمعرفةFrames: Data Structures for Knowledge”، الذي يقدم مفهوم الإطارات كوسيلة لتنظيم وتمثيل المعرفة في الذكاء الاصطناعي. يشرح مينسكي كيف يمكن استخدام الإطارات لتمثيل المواقف والمشاكل والحلول في مجالات مختلفة. يقترح مينسكي أن الإطارات يمكن أن تساعد في تحسين التعليم من خلال توفير طرق جديدة لتعليم وتعلم المفاهيم والمهارات. يتوقع مينسكي أن الإطارات ستكون قادرة على تعليم الطلاب بطريقة تفاعلية ومبتكرة ومنطقية.
مارفن مينسكي

والسؤال الذي يطرح نفسه حاليا هو لأي مدى نجح هؤلاء الكتاب في رسم صور مستقبلية للتكنولوجيا المستخدمة في التعليم بشكل عام وما يحدث الآن من ثورة الذكاء الاصطناعي على وجه الخصوص؟

لنبدأ معا بموقف تخيلي لمعلم في فصل معاصر كالتالي ؛

الأستاذ أحمد يدرس مادة الرياضيات لطلاب الصف الثالث الابتدائي. كان الدرس عن الجمع والطرح والضرب والقسمة وتطبيقاتها في الحياة اليومية. لكن الأستاذ أحمد لم يكن يريد أن يقدم الدرس بالطريقة التقليدية التي تعتمد على الشرح والأمثلة والتمارين فقط. بل أراد أن يجعل الدرس أكثر متعة وتفاعلا وتخصيصا لطلابه.

في بداية الحصة، استخدم الأستاذ أحمد تطبيق Socratic، لإنشاء أسئلة رياضية متنوعة ومناسبة لمستوى الطلاب. فأدخل الأستاذ أحمد موضوع الدرس وعدد الأسئلة والصعوبة التي يريدها، وأنشأ التطبيق له أسئلة جاهزة في ثوان معدودة. ثم عرض الأستاذ أحمد الأسئلة على السبورة الذكية وطلب من الطلاب الإجابة عليها باستخدام هواتفهم الذكية. وبهذه الطريقة، تمكن الأستاذ أحمد من تحفيز الطلاب وتفعيل معرفتهم السابقة وتقييم مستواهم بسهولة وسرعة.

بعد الانتهاء من الأسئلة، استخدم الأستاذ أحمد تطبيق Mathigon، ليساعده على إنشاء محتوى رياضي تفاعلي ومرئي وممتع. فأدخل الأستاذ أحمد موضوع الدرس والمفاهيم الرئيسية والصور والفيديوهات التي يريدها، وأنشأ التطبيق له محتوى رياضي جاهز في دقائق معدودة. ثم عرض الأستاذ أحمد المحتوى الرياضي على السبورة الذكية وشرح للطلاب الجمع والطرح والضرب والقسمة وأمثلتها في الحياة اليومية. وبهذه الطريقة، تمكن الأستاذ أحمد من تبسيط المفاهيم الرياضية وتوضيحها بطريقة مرئية ومسموعة ومن توفير الوقت والجهد في إعداد المحتوى الرياضي.

في نهاية الحصة، استخدم الأستاذ أحمد تطبيق Prodigy، ليساعده على إنشاء ألعاب رياضية ممتعة ومناسبة لمستوى الطلاب. فأدخل موضوع الدرس والمهارات والأهداف التي يريدها، وأنشأ التطبيق له ألعاباً رياضية جاهزة في دقائق معدودة. ثم عرض الأستاذ أحمد الألعاب على السبورة الذكية وطلب من الطلاب أن يتفاعلوا معها وأن يحلوا المسائل الرياضية التي تظهر لهم. وبهذه الطريقة، وبهذا تمكن من تنمية مهارات الطلاب الرياضية والمنطقية والتعاونية ومن جعل الدرس أكثر متعة وتفاعلا وتخصيصا.

من المؤكد أن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد اتجاه عابر، بل تكنولوجيا تتطور باستمرار، وهي موجودة لتنمو وتبقى. حيث تتوقع “Markets & Markets” أن تصل قيمة الذكاء الاصطناعي في سوق التعليم إلى 3.6 مليار دولار بنهاية عام 2023، مقارنة بـ 373.1 مليون دولار في عام 2017. وستجلب روبوتات المحادثة والمنصات الذكية عبر الإنترنت وحلول الذكاء الاصطناعي الأخرى تطورات ضخمة إلى مختلف المجالات.

يقول كيم سابريا، وهو مدرس سابق في برشلونة بإسبانيا ومؤسس مشارك لشركة Edpuzzle، إن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يحسن إنتاجية المعلم في مجالات مثل تخطيط الدروس والتمايز، والتصنيف وتقديم تعليقات جيدة، والتواصل بين المعلم وأولياء الأمور، والتطوير المهني. لكن الذكاء الاصطناعي كما نعرفه الآن هو محصلة بحوث ودراسات في مجالات عدة وتطورات تكنولوجية ومستحدثات لم يكن يمكن للذكاء الاصطناعي كتطبيق مادي أن يوجد لولاها، مثل زيادة تصنيع المعالجات فائقة السرعة وشرائح الذاكرة الضخمة واكتشاف خوارزميات متقدمة، فضلا عن بحوث الشكات العصبية وأنظمة التحكم والروبوتات وأنظمة الخبرة ودعم اتخاذ القرار كل هذا وأكثر شكل ما يعرف الآن بالذكاء الاصطناعي.

رغم أن بحوث ودراسات الذكاء الاصطناعي بدأت فعليا منذ خمسينات القرن الماضي حيث يؤرخ لها من أعمال آلان تورينج والتي بدأت في 1943 وتبلورت في ورقة بحثية نشرها عام 1950 أثناء عمله بقسم الحاسبات بجامعة مانشستر، عبّر تورنج عن تساؤلاته حول قدرة أي آلة أو برنامج حاسوبي على القيام بأفعال وتصرفات تدل على وجود ذكاء حقيقي ووعي خاص بها. ويعد تورينج أول ما ناقش بكرة وجود الآلة الواعية. لكن الذكاء الاصطناعي كعلم نظري نشأ من الرياضيات قبل ذلك بعدة عقود رغم أنه لم يظهر إلى النور حينها وكان مجرد تصور رياضي على الورق، حين قدم لنا العالم جورج بول في النصف الأول من القرن التاسع عشر نظريته الخاصة في المنطق الجبري والّتي سميت لاحقًا بالجبر البولياني وهي نظرية تعتمد في أساسها على تمثيل أي متغيرات في أي عملية رياضية على قيمتين فقط وهما 1 و0، وتشكل مجموعة متغيرات عبارات منطقية. ويمكن كتابة هذه العبارات وإثبات صحتها بطريقة مماثلة تمامًا للطرق المستخدمة في الجبر العادي. وكانت هذه النظرية الأساس الّذي نشأت عليها علوم الحاسب.

لكن ظل الحديث عن الذكاء الاصطناعي حبيس الأوراق العلمية بعيدا عن اهتمامات العامة، إذ كان هذا المجال جديدًا وغير واضح المعالم إلى حد ما، وقد كانت السينما هي أحد أهم العوامل في تسليط الضوء على الذكاء الاصطناعي ولفت نظر الناس له، وذلك بعد أن زار المخرج السينمائي ستانلي كوبريك العالم مارفن مينسكي في مختبر الذكاء الاصطناعي التابع لمعهد (MIT) وذلك للسؤال عما إذا كان الحاسب الذكي الّذي كان يتخيله سيكون موجودًا فعلًا بحلول عام 2001. أكد له مينسكي بتفاؤل أنه سيكون موجودًا. مما ساعد على بلورة فكرة فيلم جديد أطلق عليه اسم A Space Odyssey عام 1968، ناقش هذا الفيلم الذكاء ااصطناعي بطريقة مختلفة ممّا جعل من مجال الذكاء الاصطناعي موضوعًا عالميًا وحديث الساعة.

تطور استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم

تعتبر التكنولوجيا جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، حيث أصبحت تمثل دورًا مهمًا في عديد من المجالات المختلفة، بما في ذلك التعليم. بدأ استخدام الذكاء الاصطناعي (AI) في التعليم منذ عقود طويلة، وشهد تطورًا ملحوظًا على مر السنين. في هذا الجزء ، سنستعرض موجزًا لتطورات استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم وكيف ساعد في تحسين جودة التعليم وزيادة الفرص التعليمية للجميع.

البدايات

ثمة سؤال حير علماء الرياضيات هو كيف يمكن خلق وعي للآلات عبر خوارزميات رياضية معينة، وبدأت الإشكالية من تعريف مفهوم الوعي ومفهوم التفكير في حد ذاته، وهل يتكون العقل من خلايا عصبية تنقل إشارات كهربائية فقط أم أن هناك جانب آخر لم يكتشف بعد؟ وقد قام آلان تورنج بدمج هذه الأسئلة في سؤال واحد يعبر عن سلوك ظاهر يمكن للعلماء العمل على تطويره وهو ؛ هل يمكن للحاسبات أن تتحدث مثل البشر؟ فالحوار أو الحديث يحتوي على جميع الأسئلة السابقة وبالتالي لو وجدت الآلة التي تتفاعل وتتحدث مثل البشر فإن هذا بلا شك يدل على وجود الذكاء.

مخطط يوضح فكرة اختبار تورينج

لمعرفة ذلك اقترح تورنج لعبة تجمع فردين أحدهما حاسوب ذكي، والآخر محقق أو حكم، وكلّ منهم في غرفة منفصلة ويتواصلون سويًا عبر شاشة حاسوب ولوحة مفاتيح بدون معرفتهم بالشخص المقابل الّذي يحدثونه. وتهدف اللعبة لأن يميز الحكم بين الإنسان والحاسوب وعرفت لاحقًا باختبار الذكاء، طوّر هذا الاختبار لاحقًا وقُصر على حكمٍ واحدٍ وحاسوبٍ واحد، ومن خلال توجيه أسئلة مباشرة لكلّ منهما وتحليل الإجابة سيُحاول الحكم استنتاج إن كان شخصًا حقيقيًا أم مجرد حاسب. أي بعبارة أخرى، سيُعدُّ الحاسوب ذكيًا إن كان يصعب تمييز محادثته عن محادثة الإنسان. وقد ظهرت عديد من الاختبارات الأخرى لاحقًا، ومن الجدير بالذكر أنه لم يستطع أي حاسب اجتياز اختبار تورنج حتى عام 2014 عن طريق برنامج حادثة Chat bot يُدعى يوجين جوستمان (Eugene Goostman) إذ استطاع اقناع 33% من الحكام بأنه طفل روسي عمره 13 سنة.

عاصر بدايات الاهتمام بالذكاء الاصطناعي وتطوير الآلات الذكية، اهتمام آخر باستخدامات هذا الذكاء في ميدان التعليم خصوصا مع بدايات استخدام الحاسبات في التعليم ، فيعود تاريخ استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم إلى الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي. في تلك الفترة، بدأ العلماء والباحثون في مجال الذكاء الاصطناعي في تطوير برامج وأنظمة تعليمية ذات أساس معرفي، واستخدامها في تعليم المواد العلمية والرياضية. أحد أبرز هذه البرامج هو “برنامج التعلم الجبري الأولي” (1970) من تطوير جيمس كاربونيل، الذي يعتبر أول برنامج تعليمي مبني على الذكاء الاصطناعي، والذي أسس لفئة جديدة من تطبيقات الذكاء الاصطناعي في التعليم هي نظم التدريس الذكية Intelligent Tutoring Systems (Carbonell, 1970).

تطور الذكاء الاصطناعي في التعليم

في السبعينيات والثمانينيات، شهدت أنظمة الذكاء الاصطناعي في التعليم تطورًا هائلًا، حيث بدأت بناء قواعد المعرفة الأكثر تعقيدًا والقدرة على التعامل مع مجموعة واسعة من المواضيع. أحد الأمثلة المشهورة هو برنامج “BUGGY” (1978)، الذي تم تطويره من قبل Jn Seely Brown وآخرين لتعليم الرياضيات وتشخيص الأخطاء وتصحيحها (Brown & VanLehn, 1980). وفي التسعينيات، أدت التطورات الهائلة في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات إلى تعزيز استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم حيث ظهرت أنظمة مبتكرة مثل “توتر” (1996)، وهي منصة تعليمية تستخدم الذكاء الاصطناعي لتوجيه الطلاب ومساعدتهم على التعلم المستقل (Shute & Zapata-Rivera, 2007). لكن هذه الجهود لم تأت من فراغ بل كانت محصلة عمل تراكمي بدأ من خمسينات القرن الماضي، ولعلي أضع بين أيديكم استعراضا للجهود التي رسمت ملامح استخدام الذكاء الاصطناعي وتطوراته في التعليم.

PLATO” (Programmed Logic for Automatic Teaching Operations
  • في عام 1950 نشر آلان تورينج كتابه “آلات الحوسبة والذكاء Computing Machinery and Intelligence”، حيث قدم اختبار تورينج وفتح الأبواب أمام ما يمكن أن يعرف بالذكاء الاصطناعي.
  • في عام 1952 قام آرثر صموئيل بتطوير برنامج صموئيل للعب الشطرنج Samuel Checkers-Playing Program ، وهو أول برنامج في العالم لممارسة الألعاب التي تعتمد على التعلم الذاتي.
  • في عام 1960، ظهر أول تطبيق للذكاء الاصطناعي في التعليم، وهو نظام “PLATO” (Programmed Logic for Automatic Teaching Operations)، وهو نظام مبتكر للتعلم المبرمج المبني على الحاسب CBL، والذي يسمح بإنشاء دروس تفاعلية وتقديمها للطلاب عبر شبكة محلية. وهو نظام تعليمي معتمد على الحاسب تم تطويره في جامعة إلينوي بالولايات المتحدة الأمريكية في أوائل الستينيات من القرن العشرين. تميز PLATO بمجموعة من الميزات والأدوات المبتكرة للتعليم، فقد كان يتضمن تطبيقات للتعلم المباشر والتدريب على مهارات محددة، ومع مرور الزمن، تطور نظام PLATO وتوسع ليشمل مجموعة واسعة من المواضيع والتطبيقات. استخدم النظام في مجالات التعليم المختلفة، بدءًا من المدارس الابتدائية وحتى التعليم الجامعي. كانت له تأثيرات بعيدة المدى على مجالات التعليم والتكنولوجيا، حيث أسهم في تطوير أنظمة التعليم الإلكتروني وتعلم الآلة. وعلى الرغم من أن نظام PLATO لم يعد قيد التطوير والاستخدام النشط بشكله الأصلي، إلا أن تأثيره ما زال ملحوظًا في مجالات التعليم الإلكتروني والتكنولوجيا التعليمية إلى اليوم.
  • 1964 قام دانييل بوبرو بتطوير برنامج الطالب STUDENT، وهو برنامج مبكر لمعالجة اللغة الطبيعية (NLP) مصمم لحل مشاكل الكلمات في الجبر، عندما كان مرشحًا للدكتوراه في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.
  • في عام 1966 أنشأ جوزيف وايزنباوم برنامج Eliza، وهو أحد برامج الكمبيوتر الأكثر شهرة على الإطلاق، وهو قادر على الدخول في محادثات مع البشر وجعلهم يعتقدون أن البرنامج يحتوي على مشاعر تشبه المشاعر البشرية، ويمكن أن نعتبر إيلزا هي أول Chat Bot والجد الفعلي لـ ChatGPT بعد هذا التاريخ بنحو خمسين سنة.
  • في عام 1970، ظهر نظام “SCHOLAR”، وهو نظام قائم على المنطق البولياني، والذي يسمح بإجراء حوارات بسيطة مع الطلاب حول موضوعات جغرافية.
  • في عام 1970 كذلك، ظهر أول نظام تدريس ذكي Intelligent Tutoring Systems في تدريس الرياضيات من إعداد جيمس كاربونيل.
  • في عام 1976، ظهر نظام “GUIDON”، وهو نظام قائم على قواعد الخبرة، والذي يسمح بتدريس مفاهيم التشخيص الطبي للطلاب.
  • في 1978 ظهرت أحد الأمثلة المشهورة لتطبيق الذكاء الاصطناعي في التعليم وهو برنامج “BUGGY” (1978)، الذي تم تطويره من قبل John Seely Brown وآخرين لتعليم الرياضيات وتشخيص الأخطاء وتصحيحها (Brown & VanLehn, 1980
  • في عام 1982، ظهر نظام “WEST” (Why2 Explanation Scaffolding Tool)، وهو نظام قائم على تحليل النصوص الطبيعية، والذي يسمح بتقديم تغذية راجعة للطلاب حول كتابة تفسيرات علمية.
  • في عام 1990، ظهر نظام “ITSPOKE” (Intelligent Tutoring SPOKEn dialogue system)، وهو نظام قائم على التعرف على الكلام، والذي يسمح بإجراء حوارات صوتية مع الطلاب حول مفاهيم فيزيائية.
  • في عام 2000، ظهر نظام “AutoTutor”، وهو نظام قائم على التعلم العميق، والذي يسمح بإجراء حوارات طبيعية مع الطلاب حول مفاهيم مختلفة في الرياضيات والعلوم.
  • في عام 2010، ظهر نظام “ALEKS” (Assessment and LEarning in Knowledge Spaces)، وهو نظام قائم على نظرية المجالات المعرفية، والذي يسمح بتقديم دروس مخصصة لكل طالب بناءً على مستواه ومعرفته.
  • في عام 2020، ظهر نظام “Squirrel AI”، وهو نظام قائم على البيانات الضخمة والتعلم الآلي، والذي يسمح بتقديم تعليم شخصي ومرن للطلاب في جميع المراحل الدراسية.

الذكاء الاصطناعي في القرن الحادي والعشرين

في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، أصبح استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم أكثر شيوعًا وانتشارًا، حيث ساعد في تطوير عديد من الأدوات والتطبيقات التعليمية. من بين هذه الأدوات نظام “كوبيل” ، الذي يستخدم تقنيات التعلم الآلي لتحليل نصوص الطلاب وتقديم تغذية راجعة فورية (Valenti, Neri, & Cucchiarelli, 2003).

في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، أصبحت تقنيات الذكاء الاصطناعي مثل التعلم العميق والتعلم التعاوني جزءًا أساسيًا من عديد من المنصات التعليمية. يمثل نظام “كيرا”، الذي يستخدم الذكاء الاصطناعي لتعليم الطلاب الرياضيات والعلوم، مثالًا جيدًا على هذا التطور (Woolf et al., 2013).

المفهوم المعاصر للذكاء الاصطناعي:

من أصعب ما واجهني في كتابة المقال الحالي هو الحصول على تعريف موحد يبلور مفهوم الذكاء الاصطناعي في العقد الحالي، أو ما يمكن أن نطلق عليه المفهوم المعاصر للذكاء الاصطناعي. فمصطلح الذكاء الاصطناعي في حد ذاته قد صاغه جون مكارثي John McCarthy في 1955 وعرفه حينها بأنه “علم وهندسة صناعة الآلات الذكية” (McCarthy,2012)، لاحظوا أنه أستخدم مصطلح آلات ذكية وليس برامج، ويشير (Parnas, 2017) إلى أنه بسبب التغير المتسارع في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في السنوات الأخيرة اصبح من الصعوبة بمكان الوصول لتعريف موحد متفق عليه عالميا لهذه التكنولوجيا. وبشكل عام يشير قاموس أوكسفورد إلى أن الذكاء الاصطناعي هو: “نظرية والتطبيق لأنظمة الكمبيوتر القادرة على أداء المهام التي تتطلب عادة الذكاء البشري، مثل الإدراك البصري، والتعرف على الكلام، واتخاذ القرار، والترجمة بين اللغات”. كما يربط قاموس Merriam-Webster بين علوم الحاسب والعلوم السلوكية في تعريف للذكاء الاصطناعي حيث يعرفه على أنه : فرع من علوم الكمبيوتر يتعامل مع محاكاة السلوك الذكي في أجهزة الكمبيوتر، و ويعرفه كذلك بأنه: قدرة الآلة على تقليد السلوك البشري الذكي.

المعلمين والذكاء الاصطناعي

في الآونة الأخيرة، أصبحت الأدوات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي أكثر تركيزًا على المعلم وتساعد المعلمين على تحديد طرق التدريس الفعالة بناءً على بيانات تعلم الطلاب، وأتمتة المهام التشغيلية، وإنشاء التقييمات، وأتمتة عملية التصنيف والتغذية الراجعة، مما يوفر وقت المعلمين بشكل كبير ويعزز كفاياتهم التدريسية. (Chaudhry & Kazim et al., 2022)

يرى (Rouhiainen,2019) أن “أنظمة التعلم القائمة على الذكاء الاصطناعي ستكون قادرة على تزويد المعلمين بمعلومات مفيدة حول أساليب تعلم طلابهم وقدراتهم وتقدمهم، وتقديم اقتراحات حول كيفية تخصيص أساليب التدريس الخاصة بهم بما يتناسب مع احتياجات الطلاب الفردية”. وهذا من شأنه أن يسمح للطلاب الذين يعانون من صعوبات في التعلم، على سبيل المثال، الحصول على دروس مخصصةوبرامج علاجية لسد الفجوة التي يواجهونها.

إن التطورات التي شهدها ميدان الذكاء الاصطناعي في التعليم قدمت عديد من الأدوات والتطبيقات الداعمة لعمل المعلم من جوانبه المختلفة التدريسي والإداري والإنتاجي. فمن خلال الذكاء الاصطناعي أصبح للمعلم قدرة على تحليل بيانات طلابه ليصل لنتاج كان من الصعب عليه الوصل إليها بدون تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي؛ مثل التنبؤ بالصعوبات التي يتوقع أن تواجه فئة منهم، أو تقديم الدعم الفوري للطلاب، وكذلك تقييم أداءهم وعديد من وظائف المعلم لإدارة البيئة الصفية، كذلك يستخدم المعلمون برامج الذكاء الاصطناعي في البحث والوصول للمحتوى، والتخطيط للدروس، وحتى المساعدة في كتابة سيناريوهات التعلم والمسارات المتوقعة بناءا على تحليل سلوك المتعلمين وتحليل الخبرات التعليمية.

يشير (Karsenti,2019) إلى أن التطورات التكنولوجية المتسارعة في مجال الذكاء الاصطناعي تدق ناقوس الخطر لضرورة اعادة النظر في برامج إعداد معلم المستقبل ليساير تلك التكنولوجيا ويستفيد منها ويوظفها التوظيف الملائم. ويمكننا القول أن التوظيف الجيد لأدوات الذكاء الاصطناعي في التعليم لا يقتصر فقط على تطوير التطبيق المناسب، بل على رفع كفايات المعلمين لتوظيف مثل تلك التطبيقات في التدريس. حيث يتمثل جزء كبير من أدوار المعلمين عند استخدام الذكاء الاصطناعي في إنشاء بيئات تعليمية هادفة واختيار أدوات مناسبة لتطوير خبرات التعلم لدى الطلاب وتعزيز قدراتهم. لكن على جانب آخرقد لا يكون المعلمون يمتلكون الجاهزية الرقمية لاستخدام التطبيقات التعليمية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي لأغراض التدريس والتعلم . (Ng., Leung, ., Su. et al., 2023)

ورغم أهمية تنمية كفايات معينة ومهارت مختلفة لدى المعلمين متصلة بتوظيف الذكاء الاصطناعي، لكن بشكل عام لم يجد الكاتب اتفاقا أو رؤية واضحة لهذه الكفايات والمهارت مما لا يسهل الاتفاق على مكونات برامج تأهيل المعلمين فيما يتصل بالذكاء الاصطناعي واستخدامه في التدريس، فالذكاء الاصطناعي هو مجال علمي وتقني يهدف إلى تطوير الأنظمة والبرامج التي تحاكي القدرات العقلية والسلوكية للإنسان، مثل التعلم والاستنتاج والتخطيط والإبداع والتواصل والتعاون. استخدام الذكاء الاصطناعي في التدريس يعني توظيف هذه الأنظمة والبرامج لدعم وتحسين عملية التعليم والتعلم، سواء في الفصول الدراسية أو عن بعد. ولكي يتمكن المعلمون من استخدام الذكاء الاصطناعي في التدريس بفعالية وأمان، يجب أن يتوفر لديهم مجموعة من الكفايات والمهارات التي تمكنهم من فهم وتقييم وتطبيق وتطوير وتعليم الذكاء الاصطناعي. يمكن أن نلخص بعض هذه الكفايات في الأطر الآتية:

  • الفهم: تعني قدرة المعلم على فهم مفاهيم ومبادئ وتطبيقات الذكاء الاصطناعي وأنواعه ومجالاته وتأثيراته على المجتمع والبيئة.
  • التقييم: تعني قدرة المعلم على تقييم جودة ومصداقية وأخلاقية وقانونية الأدوات والتطبيقات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي واختيار الأنسب لأهدافه التعليمية واحتياجات طلابه.
  • التطبيق: تعني قدرة المعلم على استخدام الأدوات والتطبيقات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي في تصميم وتنفيذ وتقييم وتحسين الخطط والأنشطة والمواد التعليمية.
  • التطوير: تعني قدرة المعلم على تطوير وتخصيص وتعديل الأدوات والتطبيقات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي بما يتناسب مع أهدافه التعليمية واحتياجات طلابه.
  • التعليم: تعني قدرة المعلم على تعليم طلابه مفاهيم ومهارات وقيم الذكاء الاصطناعي وتعزيز الوعي والمسؤولية الاجتماعية والثقافية لدى طلابه بشأن تأثير الذكاء الاصطناعي على المجتمع والبيئة.

هذه الكفايات تتطلب من المعلمين تمتعهم بمهارات متعددة ومتنوعة، مثل مهارات التفكير النقدي والإبداعي ومهارات التواصل والتعاون ومهارات البرمجة والتحليل البياني بالإضافة إلى الجوانب الوجدانية المرتبطةبالأخلاق والقيم، وفيما يلي وصفا مختصرا لها:

  • التفكير النقدي والإبداعي: يجب على المعلمين أن يكونوا قادرين على تحليل وتقييم الأدوات والتطبيقات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي واختيار الأنسب لأهدافهم التعليمية. كما يجب عليهم أن يكونوا قادرين على توليد أفكار جديدة ومبتكرة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في تعزيز بعض أنماط التعلم كالتعلم النشط والتعاوني.
  • التواصل والتعاون: يجب على المعلمين أن يكونوا قادرين على التواصل بفعالية مع الطلاب والزملاء والخبراء في مجال الذكاء الاصطناعي. كما يجب عليهم أن يكونوا قادرين على العمل بشكل جماعي مع الآخرين لتبادل الخبرات والموارد والملاحظات والحلول.
  • البرمجة والتحليل البياني: يجب على المعلمين أن يكونوا قادرين على فهم أساسيات البرمجة والتحليل البياني وكيفية استخدامها في تطوير وتخصيص تطبيقات الذكاء الاصطناعي. كما يجب عليهم أن يكونوا قادرين على استخدام الأدوات والمنصات المناسبة لتعليم وتعلم الذكاء الاصطناعي.
  • الأخلاق والقيم: يجب على المعلمين أن يكونوا قادرين على تطبيق المبادئ والمعايير الأخلاقية والقانونية في استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم. كما يجب عليهم أن يكونوا قادرين على تعزيز الوعي والمسؤولية الاجتماعية والثقافية لدى الطلاب والزملاء بشأن تأثير الذكاء الاصطناعي على المجتمع والبيئة

لنعود إلى المثال الافتراضي الذي بدأ به المقال الحالي حول معلم الرياضيات الذي يستخدم تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تعليم طلابه ولنسأل أنفسنا ما أهم التطبيقات التي يجب أن يتعلمها المعلمون ليتمكنوا من استخدام الذكاء الاصطناعي في التدريس؟
والواقع أن الإجابة على هذا السؤال صعبة نسبيا حيث أنه في كل يوم تظهر تطبيقات جديدة، وتتغير خصائص وإمكانات تطبيقات أخرى لذلك فأول جزء من هذه الإجابة هو أن يكون لدى المعلم ثقافة رقمية تمكنه من متابعة الجديد في المجال وتجربته. وقد طرحت السؤال السابق على أحد برامج المحادثة الذكية فكانت إجابته مكونة من شقين كالآتي:

أولا: خدمات الذكاء الاصطناعي في Microsoft Azure هي مجموعة من الخدمات السحابية التي تساعد المطورين والمؤسسات على إنشاء وتطبيق وتطوير حلول الذكاء الاصطناعي بسرعة وسهولة. تتيح هذه الخدمات الوصول إلى نماذج وأدوات ومنصات عالية الجودة في مجالات مثل الرؤية والكلام واللغة والبحث والقرار. تتبع هذه الخدمات مبادئ الذكاء الاصطناعي المسؤول من Microsoft.

بعض أهم خدمات الذكاء الاصطناعي في Microsoft Azure هي:

  • Azure OpenAI: هذه الخدمة تتيح للمطورين تنفيذ مجموعة متنوعة من مهام اللغة الطبيعية باستخدام نموذج OpenAI GPT-3 القوي والمتعدد الاستخدامات. يمكن للمطورين استخدام هذه الخدمة لإنشاء تطبيقات تستطيع الكتابة والمحادثة والملخص والترجمة والإجابة والتحليل والتوليد والتعلم.
  • Azure Cognitive Services: هذه الخدمة توفر مجموعة من الخدمات الفرعية التي تغطي مجالات مثل الرؤية والكلام واللغة والبحث والقرار. تستخدم هذه الخدمات الفرعية نماذج مدربة مسبقا وقابلة للتخصيص لتحليل ومعالجة وفهم البيانات النصية والصوتية والمرئية. يمكن للمطورين استخدام هذه الخدمات لإنشاء تطبيقات تستطيع التعرف على الوجوه والأصوات والمشاعر والمحتوى والمعلومات والتوصيات والترجمات وغيرها.
  • Azure Machine Learning: هذه الخدمة توفر منصة شاملة ومرنة لبناء وتدريب ونشر وإدارة ومراقبة وتحسين نماذج التعلم الآلي الخاصة. تسمح هذه الخدمة للمطورين بالاستفادة من البنية التحتية القوية والأدوات المألوفة والأطر المفتوحة المصدر لتحويل البيانات إلى رؤى ذكية. يمكن للمطورين استخدام هذه الخدمة لإنشاء تطبيقات تستطيع التنبؤ والتصنيف والتجميع والكشف عن الشذوذ والتحسين وغيرها

ثانياً: برامج الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته، والاواقع أنه يصعب يصعب من الناحية العملية إحاطة المعلمين بجميع الرامج المتاحة أو التي يمكنهم استخدامها في أداء مهامهم التعليمية، لذلك فإن المعلم يجب عليه أن يمتلك القدرة على اختيار البنرامج المناسب له وتقييمه،

وفيما يلي بعض البرامج الهامة للذكاء الاصطناعي التي يمكن للمعلمين التدرب عليها:

  • ClassPoint AI: هذه البرنامج يمكن المعلم من إنشاء أسئلة تفاعلية من أي شريحة PowerPoint بنقرة واحدة. يستخدم الذكاء الاصطناعي لتوليد أسئلة متنوعة ومناسبة لمستوى تصنيف بلوم. يمكن للمعلم تعديل الأسئلة ومشاركتها مع الطلاب عبر الإنترنت أو عبر الهاتف المحمول.
  • Quillbot: هذا البرنامج يمكن المعلم من التحقق من الانتحال وإعادة الكتابة النحوية والاستشهاد بمصادره. يستخدم الذكاء الاصطناعي لتحسين جودة وأصالة النصوص وتجنب السرقة الأدبية.
  • Presenter Coach: هذا البرنامج يمكن المعلم من تحسين عرضه البوربوينت بالحصول على تقرير بروفة يعطي نصائح وملاحظات عن أدائه. يستخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل الصوت واللغة والوقت والتصميم وإبراز النقاط القوية والضعيفة
  • Slides AI: هذا البرنامج يمكن المعلم من إنشاء شرائح بوربوينت من النص بسرعة وسهولة. يستخدم الذكاء الاصطناعي لتحويل النص إلى شريحة تحتوي على عنوان ونقاط رئيسية وصورة وتصميم. يمكن للمعلم اختيار من بين قوالب وتصميمات مسبقة الصنع أو إنشاء شرائح مخصصة.

وقد حظي موضوع كفايات المعلمين لاستخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم اهتماما متزايدا في الأشهر الأخيرة، ففي مؤتمر اليونسكو للتعلم الرقمي في اكتوبر 2023 والذي حظي بمشاركين من جميع أنحاء العالم ولقي اهتمامًا كبيرًا من الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي،حظي موضوع الذكاء الاصطناعي والتعليم بالاهتمام الأكبر، لا سيما فيما يتعلق بنشر اليونسكو لما أعتبر أول إرشادات عالمية على الإطلاق بشأن استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في التعليم والبحث، والمصممة لمعالجة الاضطرابات التي تسببها تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي. وأظهرت دراسة استقصائية عالمية أجرتها اليونسكو مؤخرا لأكثر من 450 مدرسة وجامعة أن أقل من 10% منها لديها سياسات مؤسسية و/أو توجيهات رسمية بشأن استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدية، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى غياب اللوائح الوطنية. تحدد إرشادات اليونسكو “سبع خطوات رئيسية يجب على الحكومات اتخاذها لتنظيم الذكاء الاصطناعي التوليدي ووضع أطر سياسية لاستخدامه الأخلاقي في التعليم والبحث، بما في ذلك من خلال اعتماد معايير عالمية أو إقليمية أو وطنية لحماية البيانات والخصوصية. كما يحدد الحد الأقصى لسن 13 عامًا لاستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في الفصل الدراسي ويدعو إلى تدريب المعلمين حول هذا الموضوع.

الذكاء الاصطناعي التوليدي هو تقنية قوية تستخدم لإنشاء محتوى جديد من خلال التعلم من البيانات الموجودة. يمكن أن يكون هذا المحتوى نصًا، صورًا، أو حتى موسيقى. يعتبر الذكاء الاصطناعي التوليدي مجالًا مثيرًا للابتكار حيث يمكنه تجاوز حدود الإبداع والتكنولوجيا.

في سياق الأمم المتحدة، يمكن أن يكون للذكاء الاصطناعي التوليدي تأثيرًا كبيرًا. يمكن للخوارزميات التوليدية أن تحلل كميات ضخمة من البيانات بكفاءة، مما يمكن المنظمة من التصدي للتحديات العالمية بشكل أسرع. يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي في اتخاذ قرارات مستنيرة وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

مع ذلك، يجب أن نكون حذرين من التحديات الأخلاقية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي التوليدي، مثل الهلوسة والتلاعب بالمعلومات. يجب أن نعمل على توجيه هذه التكنولوجيا نحو تحقيق قيمة مستدامة للأعمال وتحقيق الفوائد المتوقعة.

ما هو الذكاء الاصطناعي التوليدي: التعريف والأمثلة وحالات الاستخدام | شايب. (2023, November 23). Retrieved from https://ar.shaip.com/in-the-media/understanding-generative-ai-definition-examples-and-use-cases
العصر الذهبي للتكنولوجيا بدعم الذكاء الاصطناعي التوليدي: دليل شامل لمدراء أنظمة المعلومات ومدراء التكنولوجيا.(2023) McKinsey & Company. Retrieved from https://www.mckinsey.com/featured-insights/highlights-in-arabic/technologys-generational-moment-with-generative-ai-a-cio-and-cto-guide-arabic/ar

ولعل الأمر الأكثر أهمية نشر اطار عمل اليونسكو لكفايات الذكاء الاصطناعي للمعلمين وطلاب المدارس UNESCO AI Competency Frameworks for Teachers and School Students. في مسودة وثيقة المؤتمر، حيث رأى الأعضاء أن “هذا الإطار يستجيب للفجوة المعلنة في المعرفة والخبرة على مستوى العالم ويقدم إرشادات أولية حول كيفية إعداد المعلمين لنظام تعليمي متنامي يعتمد على الذكاء الاصطناعي”. ويواصلون شرح: يستهدف إطار عمل اليونسكو لكفايات الذكاء الاصطناعي مجتمعًا واسع النطاق من المعلمين، بما في ذلك المعلمين قبل الخدمة وأثناء الخدمة، ومعلمي المعلمين والمدربين في مؤسسات التعليم الرسمي وغير الرسمي، وواضعي السياسات، والمسؤولين، والموظفين المشاركين في النظم البيئية للتعلم المهني للمعلمين منذ الطفولة المبكرة. التنمية والتعليم الأساسي والتعليم العالي والتعليم العالي. الغرض من هذا الإطار هو توفير إطار شامل يمكنه توجيه المعلمين والمجتمعات التعليمية وأنظمة تعليم المعلمين في جميع أنحاء العالم للاستفادة من الإمكانات التعليمية للذكاء الاصطناعي، وتطوير القدرات والمعرفة والمهارات والمواقف والقيم المهمة اللازمة لإدارة التعليم. المخاطر والتهديدات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي. وهو يعزز التصميم المسؤول والأخلاقي والمنصف والشامل واستخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم.

مسودة إطار عمل كفايات الذكاء الاصطناعي للمعلمين
مسودة إطار عمل كفايات الذكاء الاصطناعي لطلاب المدارس

التحديات والمستقبل

في مقال لبيل غيتس (Gates, 2023) نشره على مدونته الخاصة بعنوان “لقد بدأ عصر الذكاء الاصطناعي”، حيث أعرب عن مدى تعجّبه من التطوّر الذي وصل إليه الذكاء الاصطناعي في الأعوام القليلة الماضية، واصفًا إياه بالثوري، وبأنه ثاني أكبر مفاجأة تكنولوجيا رآها في حياته بعد واجهة المستخدم الرسومية. وبناءًا على ذلك توقع أن مستقبل الذكاء الصناعي سيحمل عديد من المفاجآت والتأثيرات والتغيرات في السنوات الخمس إلى العشر القادمة. وفقًا لرؤيته، فإن الذكاء الاصطناعي سيقدّم طرقًا جديدة للتعامل مع المشكلات البيئية (مثل تغير المناخ)، وسيغيّر الطريقة التي يعمل ويتعلّم بها الناس، وسيحسّن من الرعاية الصحية ويساعد في الشفاء من عديد من الأمراض، وأن صناعات بأكملها ستتجه إلى إدخال تقنيات الذكاء الصناعي في أعمالها، وسيكون سبيلًا لتحقيق التقدّم والتميّز والمنافسة بين الشركات. لكن كان هناك جانب مظلم أيضًا، ففي مقال آخر، تحدّث بيل غيتس عن إمكانية أن تكون التكنولوجيا حدثًا سيئًا، فربما تُحدث بعض المشاكل مثل البطالة الجماعية نتيجة استحواذه على جميع وظائفنا، أو ربما يقرر أن “البشر يشكلون تهديدًا” وينقلب علينا. لهذا السبب، حث وغيره من روّاد التكنولوجيا على طرق للتحكم في الذكاء الاصطناعي. أفكار بيل غيتس ليست مجرد كلام على الهامش بالتأكيد، فقد أعرب عديد من رواد أعمال بارزين في مجال التكنولوجيا مثل إيلون ماسك وعلماء مثل هوكينج مرارًا وتكرارًا عن قلقهم العميق بشأن الذكاء الاصطناعي.

رغم التطور الهائل للذكاء الاصطناعي في التعليم، لا يزال هناك عديد من التحديات التي يتعين مواجهتها وتجاوزها. من بين هذه التحديات: توفير البنية التحتية المناسبة لاستخدام هذه التكنولوجيا، وضمان أمان البيانات والخصوصية، وتحسين الواجهة بين المستخدمين والأنظمة الذكية (Blikstein, 2016).

لو تصونا أننا نقوم بعمل تحليل الفرص والتحديات SWOT Analysis لاستخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم بأحد الجامعات فإن من أكثر النقاط التي ستكون مشتركة بين هذا التحليل على مستوى الجامعات العربية ما يلي:

  1. القوة (Strengths):
    • تطور التكنولوجيا: الذكاء الاصطناعي يمكن أن يحسن تجربة التعلم والبحث من خلال تطبيقات مبتكرة مثل تحليل البيانات والتعلم الآلي.
    • تحسين الكفاءة: يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين عمليات الإدارة الجامعية والتخطيط الاستراتيجي، مع خفض التكلفة مما ينعكس إيجابيا على كفاءة الأداء للمؤسسة.
    • توفير الوقت والجهد: يمكن أن يقلل الذكاء الاصطناعي من الأعباء الروتينية ويساعد في تحسين الإنتاجية، مما يفرغ المعلم لمهام أكثر إبداعية.
    • تطوير المحتوى: يمكن أن يساهم الذكاء الاصطناعي بشكل ملحوظ في تطوير المحتوى التعليمي بشكل يقلل الوقت والجهد والتكلفة.
    • تخصيص التعليم: يقدم الذكاء الاصطناعي تعليما مخصصا مبنيا على تحليل دقيق لبيانات الطلاب وبيئات التعلم.
    • الدعم الذكي: يتيح الذكاء الاصطناعي تقديم خدمات دعم فني وتعليمي ذكية باستخدام روبوتات المحادثة وانظمة تحليل البيانات، حتى أنه يمكن تقديم الدعم قبل أن يشعر المستفيد بالمشكلة.
  2. الضعف (Weaknesses):
    • التكلفة والتطبيقات المحدودة: تطبيقات الذكاء الاصطناعي قد تكون مكلفة – خصوصا في بداية التطبيق – وتحتاج إلى مهارات تقنية عالية، فضلا عن محدودية التطبيقات المخصصة لمؤسساتنا الجامعية في العالم العربي.
    • البنية الأساسية والتكنولوجيا اللازمة: تحتاج خدمات الذكاء الاصطناعي لبنية اساسية متقدمة قد لا تتوافر في كثير من جامعاتنا ويتطلب توافرها بذلك قدر كبير من الوقت والتكلفة.
    • الاعتماد على البيانات: يعتمد الذكاء الاصطناعي على جودة البيانات المستخدمة في التدريب، وقد يكون هذا تحديًا في حد ذاته فكثير من جامعاتنا تفتقد إلى توافر بينات موثقة تعكس عملياتها المختلفة. فإن لم تكن البينات صحيحة ودقيقة ومتوافرة بشكل كاف كانت النتائج غير صحيحة.
    • الحاجة إلى إعداد تقني وأكاديمي متقدم: ماتزال برامجنا التدريسية تفتقد للتدريب على توظيف الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته في التعليم وهذا يتطلب تغييرا كبيرا في برامج إعداد المعلمين وتدريب الإداريين.
    • الرفض: الذكاء الاصطناعي مثله مثل أي مستحدث تكنولوجي خر قد يواجه استخدامه بالرفض من قبل المعلمين وبعض الطلاب ويحتاج ذلك غلى برامج تأهيل وجهود لنشر ثقافة استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم.
    • الافتقار للتواصل البشري: في حالة الاعتماد الكامل على بيئات تعلم مبنية على الذكاء الاصطناعي فإن التواصل البشري بين عناصر العملية التعليمية قد يتراجع بشكل يؤثر على مخرجات التعلم.
  3. الفرص (Opportunities):
    • تحسين التعليم والبحث: يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين تجربة الطلاب والباحثين من خلال تخصيص الموارد التعليمية وتحليل البيانات الضخمة لعملية التعلم.
    • الشراكات البحثية: يمكن للجامعة التعاون مع شركات تقنية ومؤسسات أخرى لتطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي.
    • الجدوى الاقتصادية: يمكن للجامعات في حال تطوير تطبيقاتها وحلولها الخاصة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي أن تقوم بتسويقها ويمثل هذا في حد ذاته دخلا للجامعة يغطي تكاليف تلك التكنولوجيا.
    • التوسع في تقديم الخدمات التعليمية: يمكن للجامعات من خلال الذكاء الاصطناعي أن تزيد من قدرتها الاستيعابية لأنظمة التعليم عن بعد.
    • الاستغلال الأمثل لمصادر التعلم: استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي في المكتبات الجامعية وربطها بأنظمة بحث واسترجاع ذكية قد يمكن الجامعات من الاستغلال الأمثل لمصادر التعلم وتعظيم العائد من ورائها.
  4. التهديدات (Threats):
    • التحديات الأخلاقية والقانونية: يجب مراعاة قضايا الخصوصية والأمان والتحديات الأخلاقية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي.
    • المنافسة العالمية: تطور الذكاء الاصطناعي في العالم يجعل الجامعات تتنافس على استخدامه بشكل كبير.
    • التغير والتحديث المستمر: قد يجعل التغيير والتحديث المتسارع والمستمر من الاستثمار في مجال الذكاء الاصطناعي استثمارا عالي المخاطر.

على الرغم من وجود عديد من التحديات التي تواجه تطبيق الذكاء الاصطناعي في التعليم الجامعي والتعليم العام إلا أن الظاهر أن الذكاء الاصطناعي في التعليم سيظل يتطور ويتحسن في المستقبل القريب. يمكن أن يساعد في تحسين جودة التعليم وزيادة الفرص التعليمية للجميع، مما يجعله عنصرًا حيويًا في تطوير وتعزيز بيئات التعلم وفرصه.

المراجع

  • AI in Education Market Size, Share, Trends and Industry Analysis 2018 – 2030. (2023, November 12). Retrieved from https://www.marketsandmarkets.com/Market-Reports/ai-in-education-market-200371366.html?gclid=Cj0KCQiA1NbhBRCBARIsAKOTmUtmKNa8TW-e8AoDlIXq3x9StRz2_MrXK_ACJBQamPxVmxrX5TADopoaAqCiEALw_wcB
  • Bett, J., & Lawton, J. (2023). Microsoft’s Bill Gates said AI could decide ‘humans are a threat’ and turn on us. Mirror. Retrieved from https://www.mirror.co.uk/news/us-news/microsoft-founder-bill-gates-said-29548655
  • Blikstein, P. (2016). Artificial intelligence in education: Challenges and opportunities for a radical change in teaching and learning. Educational Technology & Society, 19(2), 157-166.
  • Brown, J. S., & VanLehn, K. (1980). Repair theory: A generative theory of bugs in procedural skills. Cognitive Science, 4(4), 379-426.
  • Carbonell, J.R. (1970). AI in CAI: An artificial-Intelligence approach to computer-assisted instruction. IEEE Transactions on Man-Machine Systems, 11(4), 190-202. doi: 10.1109/TMMS.1970.299942
  • Chaudhry, M. A., & Kazim, E. (2022). Artificial Intelligence in Education (AIEd): A high-level academic and industry note 2021. AI and Ethics, 2(1), 157–165.
  • Computer chatbot ‘Eugene Goostman’ passes the Turing test. (2023, November 08). Retrieved from https://www.zdnet.com/article/computer-chatbot-eugene-goostman-passes-the-turing-test
  • Gates, B. (2023). The Age of AI has begun. Gatesnotes. Retrieved from https://www.gatesnotes.com/The-Age-of-AI-Has-Begun
  • Holmström, J. (2022). From AI to digital transformation: The AI readiness framework. Bus Horiz, 65(3), 329–339. doi: 10.1016/j.bushor.2021.03.006
  • How AI can accelerate students’ holistic development and make teaching more fulfilling. (2023, may 1). Davos Agenda: Retrieved from https://www.weforum.org/agenda/2023/05/ai-accelerate-students-holistic-development-teaching-fulfilling
  • Karsenti, T. (2019). Artificial Intelligence in education: The urgent need to prepare teachers for tomorrow’s schools. Formation et Profession, 27(1), 105–111.
  • Lee, I., & Perret, B. (2022). Preparing High School Teachers to Integrate AI Methods into STEM Classrooms. AAAI, 36(11), 12783–12791.
  • Luckin, R., Cukurova, M., Kent, C., & du Boulay, B. (2022). Empowering educators to be AI-ready. Computers and Education: Artificial Intelligence, 3, 100076. doi: 10.1016/j.caeai.2022.100076
  • Mattar, J., Santos, C. C., & Cuque, L. M. (2022). Analysis and Comparison of International Digital Competence Frameworks for Education. Education Sciences, 12(12), 932
  • McCarthy, J. (2012). What is AI? / Basic Questions. Retrieved from http://jmc.stanford.edu/artificial-intelligence/what-is-ai/index.html
  • Minsky, Marvin. (1975). Frames: Data Structures for Knowledge. Massachusetts Institute of Technology
  • Ng, D.T.K., Leung, J.K.L., Su, J. et al. (2023). Teachers’ AI digital competencies and twenty-first century skills in the post-pandemic world. Education Tech Research Dev 71, 137–161 .
  • Parnas, D. L. (2017). The real risks of Artificial Intelligence. Communications of the ACM, 10(10), 27–31.
  • Pokrivcakova,S.(2019).Preparing teachers for the application of AI-powered technologies in foreign language education. Journal of Language and Cultural Education,7(3) 135-153.
  • Rangaiah, M. (18 Apr. 2020). 6 Applications of AI in Education Sector | Analytics Steps. Retrieved from https://www.analyticssteps.com/blogs/4-major-applications-artificial-intelligence-education-sector
  • Rouhiainen, L. (2019). How AI and data could personalize higher education. Harvard Business Review.
  • Rouhiainen, L. (2019). How AI and data could personalize higher education. Harvard Business Review.
  • Shute, V. J., & Zapata-Rivera, D. (2007). Adaptive technologies. In J. M. Spector, M. D. Merrill, J. J. G. Van Merrienboer, & M. P. Driscoll (Eds.), Handbook of research on educational communications and technology (pp. 605-620). Lawrence Erlbaum Associates.
  • UNESCO (2023). International forum on AI and education: steering AI to empower teachers and transform teaching, 5-6 December 2022; analytical report. Retrieved from https://unesdoc.unesco.org/ark:/48223/pf0000386162
  • Valenti, S., Neri, F., & Cucchiarelli, A. (2003). An overview of current research on automated essay grading. Journal of Information Technology Education: Research, 2(1), 319-330.
  • Wang, X., Li, L., Tan, S. C., Yang, L., & Lei, J. (2023). Preparing for AI-enhanced education: Conceptualizing and empirically examining teachers’ AI readiness. Computers in Human Behavior, 146, 107798. doi: 10.1016/j.chb.2023.107798
  • Woolf, B. P., Lane, H. C., Chaudhri, V. K., & Kolodner, J. L. (2013). AI Grand Challenges for Education. AI Magazine, 34(4), 66-84.
  • محمد لهلة(سبتمر 2020)ز الذكاء الاصطناعي: مراحل البدء والتطور والأسس التي نشأ عليها، https://academy.hsoub.com/programming/artificial-intelligence
  • هدى جبور. (2023, November 19).مستقبل الذكاء الاصطناعي، استرجع من https://academy.hsoub.com/programming/artificial-intelligence/

عن د مصطفى جودت

أستاذ تكنولوجيا التعليم المشارك بجامعة الملك سعود ، وجامعة حلوان مدير تطوير المحتوى الرقمي بجامعة الملك سعود
error: Content is protected !!
التخطي إلى شريط الأدوات