التصميم التعليمي لسيناريوهات التعلم الإلكتروني

إعداد : د. مصطفى جودت صالح

التصميم التعليمي لسيناريوهات التعلم الإلكتروني
إعداد: د. مصطفى جودت صالح

يعتبر التعلم الإلكتروني المبني على السيناريو Scenario Based eLearning والمعروف اختصارا بـ SBeL أحد أساليب التعليم الإلكتروني الفعالة القائمة على تشجيع المتعلمين على تطبيق المعارف والمهارات المراد تنميتها في سياقات حقيقية، أو بمعنى آخر فإن SBeL هو نوع من التعليم الإلكتروني يستخدم السيناريوهات والحالات الواقعية لتقديم المحتوى التعليمي عن طريق الممارسة الشبيهة للمواقف الحياتية الواقعية، و يتم استخدام هذا النوع من التعليم لتعليم المهارات والمفاهيم بطريقة تستند إلى الأداء العملي التطبيقي، وبالتالي، يتضمن هذا النوع من التعليم بناء سيناريوهات أو مسارات متعددة لمختلف الحالات أو المواقف التي يمر بها المتعلم أثناء ممارسته لموضوع التعلم حسب رؤية المصمم التعليمي. ويتميز المصمم التعليمي الناجح بقدرته على رصد الخبرات الواقعية ووضع مسارات منطقية تشمل الحالات المراد تعلمها خصوصا أن هذا النوع من التعلم يدمج خلاله أساليب فرعية مثل أسلوب حل المشكلات BBL و المحاكاة Simulation و ينمي القدرة على اتخاذ القرار، والاتصال والعمل الجماعي وغير ذلك مما يجب أن يضعه المصمم التعليمي في اعتباره إذا ما فكر في اللجوء إلى هذه الطريقة.

تناولت في مقال سابق تعريف التعلم القائم/المبني على السيناريو في بيئات التعلم الافتراضية ، وقد غطى المقال مقدمة تاريخية عن نشأة هذا الأسلوب وكيف تأثر بفكرة بيئات التعلم الإلكترونية والافتراضية ونشوء مسمى بيئات التعلم الانغماسية واعتبار طريقة التعلم المبني على السيناريو أحد الطرق الرئيسية لتصميم التعلم في بيئات التعلم الانغماسية وتضمن المقال السابق عدة أمثلة واقعية لمشروعات استخدمت هذه الطريقة.

يتناول المقال الحالي منهجية التصميم التعليمي للتعلم الإلكتروني المبني على السيناريو فهو يركز على التعلم الإلكتروني تحديدا وطريقة تطبيق التعلم المبني على السيناريو من خلاله، والمقال يهدف أن يكون دليلا إرشاديا للمصمم التعليمي يوضح له كيف يطبق هذا الأسلوب وما يجب مراعاته في ذلك.

سيناريوهات التعلم والألعاب التعليمية الإلكترونية.

قمت منذ عدة سنوات بنشر مراجعة لكتاب مميز هو: Scenario-Based E-Learning: Evidence-Based Guidelines for Online Workforce Learning الكتاب من تأليف روث كلارك وتقديم ريتشارد ماير والذي قمت بمراجعة أعمال عديدة له من قبل. حين راجعت الكتاب أول مرة لم يدر في خلدي أني سأرجع له بعد أكثر من عشر سنوات وأعيد قراءته. ورغم اختلاف بعض ما تم طرحه في الكتاب نظرا لتطور بيئات التعلم الإلكتروني وأدواته من جهة، وتقادم الأمثلة المطروحة في الكتاب من جهة أخرى.فإن هذا العمل من وجهة نظري مايزال مرجعا أساسيا لكل مصمم تعليمي يرغب في التعرف على أسلوب تطبيق التعلم المبني على السيناريو في التعلم الإلكتروني.

أشار الكاتب في مقدمته أن البرنامج التعليمي القائم على السيناريو ليس لعبة تعليمية رغم أنه أستفاد من ألعاب الفيديو والعاب الحاسب في فكرة المسارات والمكافآت ومحاكاة الواقع، فألعاب الكمبيوتر وألعاب الفيديو هي ألعاب تنافسية في طبيعتها هناك فقط فائز واحد لكن في سيناريوهات التعلم الإلكتروني العمل ذو طبيعة تشاركية وتعاونية وليست تنافسية والفوز يكون للجميع وهو ليس فوزا كما هو الحال في الألعاب بل تحقيقا لأهداف التعلم المرتبطة بالخبرات الواقعية فنحن في سيناريوهات التعلم لا نبحث عن كنز ولا نتسابق في بناء قلاع وجيوش بل نمارس خبرات واقعية قد تأخذ في مظهرها الخارجي شكل اللعبة خصوصا في حالة ،الممارسة في بيئات التعلم الانغماسية، كما قد نستفيد من استراتيجيات مثل التلعيب في خلق منافسة بسيطة دون وجود خاسر وفائز.

التعلم القائم على الألعاب Game Based Learning : هو أحد أشكال التعلم الإلكتروني يستخدم الألعاب والتفاعلات اللعبية لتعليم المفاهيم والمهارات. يتم تصميمه لجذب انتباه الطلاب وتحفيزهم وزيادة مشاركتهم في عملية التعلم. ويشمل هذا النوع من التعلم ألعاباً تعليمية تفاعلية وألعاب محاكاة وألعاب تنافسية وهي إما ألعابا فردية أو مجموعات صغيرة. أهم ما يميز الألعاب التعليمية هو السعي نحو الفوز والتعلم يحدث عرضيا من خلال السلوك اللعبي ولا يعد هدفا للاعب إكتساب المعرفة أو المهارة في حد ذاتها.

Plass, J. L., Mayer, R. E., & Homer, B. D. (Eds.). (2020). Handbook of game-based learning. Mit Press.
Phelps, A. M., & Baker, R. S. (2018). GAMES, GAMIFICATION, AND GAME-BASED LEARNING: A Guide for Instructional Designers and Learning Researchers. New York, NY: Routledge.

نستخلص من هذا أن التعلم الإلكتروني المبني على السيناريو SBeL يختلف عن التعلم الإلكتروني المبني على الألعاب التعليمية GBeL في كون الألعاب التعليمية الإلكترونية في غالبيتها إما فردية أو تنافسية محدودة تهدف لتنمية مهارة أو معلومة محدودة نسبيا لكنها قائمة على التحفيز والمتعة والخيال حتى لو حاكت بعض المواقف الواقعية، طريقة التعلم الإلكتروني المبني على السيناريوهات ليس الهدف منها اللعب بل محاكاة خبرة واقعية تنتهي بالأداء الصحيح وليس بالفوز والتنافسية فيها ليست هدفا في حد ذاتها بل تستخدم بشكل محدود في حالات مثل توظيف استراتيجة التعليب في سيناريوهات التعلم مثلا، كما أنها في غالبها لا تعتمد على الأداء الفردي بقدر اعتمادها على التفاعل الاجتماعي بشكل يحاكي المواقف الحياتية، ورغم ما تقدم نجد كثيرا من الشركات تقدم محتواها في صورة لعبة تعليمية في سيناريو متعدد المسارات مثلا؛ لعبة السيف المكسور Broken Sword والتي صدر منها حتى الآن خمس إصدارات تعتمد اللعبة على وضع اللاعب في مواقف في قصة بوليسية يحاول فيها حل الجريمة من خلال الحوار مع الشخصيات واكتشاف البيئة المحيطة وقد بنيت على شكل سيناريو متعدد المسارات بمعنى أنه ليس محتملا أن يسير لاعبين في نفس المسار طوال اللعبة فكل يتفاعل حسب خبراته ووجهة نظره في القضايا المختلفة التي سيمر بها واللعبة في اصدارها الأول اعتبرت لعبة لتعليم اللغة الإنجليزية لغير الناطقين بها ، فبطلها فرنسي نزل إلى إنجلترا حيث وضع في موقف أو قصة بوليسية واحتاج للتفاعل مع الأشخاص ليتمكن من الانتقال بين أجزاء اللعبة واعتمدت في إصدارها الأول عام 1994 على فكرة قيام اللاعب بالتأشير لاختيار إجابة أو تصرف ما من بين عدة خيارات متاحة وبناءا على اختياره ينتقل للموقف التالي وقد حللت اللعبة في رسالة الماجستير الخاصة بي في معرض حديثي عن الألعاب التعليمية في 1998.

هذه اللعبة ورغم اعتمادها على سيناريو متعدد المسارات ورغم كونها لعبة تعليمية ، في بدايتها ، لكن لا يمكن أن نعتبرها برنامج تعليم إلكتروني مبني على السيناريو لأن هدف اللاعب هنا هو حل اللغز وليس التركيز على ممارسة المحادثة باللغة الإنجليزية أو صقل مهاراته في المحادثة، كما أن الخبرة المقدمة خبرة مصطنعة ولا تماثل الخبرات الحقيقية التي يمارسها المتعلم في بيئته الواقعية.

سيناريوهات التعلم والمحاكيات التعليمية.

أشرت في المثال السابق إلى لعبة بها سيناريو متعدد المسارات، وبشكل عام فكرة السيناريو متعدد المسارات سنجدة في الألعاب التعليمية القائمة على لعب الأدوار كما سنجده في برامج المحاكاة مثلا كبرنامج معمل الكيمياء الافتراضي Virtual Chem Lab وهذا البرنامج تحديدا هو أداة معتمدة على المحاكاة لمعمل كيمياء ليس له سيناريو محدد فهو يقدم لك المواد والأدوات المتواجدة في معمل الكيمياء الأساسي ويسمح لك بعمل التجارب المختلفة دون تقييد ودون مسارات ثابتة مصممة مسبقا بل وفقا لمسارات قائمة على فكرة الفعل والنتيجة، أو العلاقة بين القرار والاستجابة. فوفقا للتباديل والتوافيق يمكنك الوصول لنتائج لا يمكن حصرها في هذا المعمل. وهذا التطبيق تحديدا نجده في شكلين الأول ثنائي وثلاثي الأبعاد والثاني يقدم في شكل بيئة محيطية أو انغماسية بحيث يزيد شعور المتعلم بالعمل في معمل الكيمياء. وتمكن بعض إصدارات هذا البرنامج أن يتدخل المعلم في تحديد تجارب بعينها ووضع أهداف محددة مثلا قائمة بالمواد الحمضية والقاعدية والأوعية الزجاجية للحصول على ملح كلوريد الصوديوم، وهنا يجب على المتعلم السير في مسار محدد لتجربة بعينها للوصول إلى النتيجة المطلوبة.

محاكي معمل الكيمياء عبر بيئة انغماسية

برنامج المحاكاة قد يستخدم ضمن التعلم المبني على السيناريو لكنه لابد أن يوظف من خلال مهام ومسارات محددة قائمة على أداء مهام بعينها هي مهام التعلم، بمعنى أن المصمم التعليمي بمجرد توفيره أو شرائه لتطبيق مثل معمل الكيمياء لا يعتبر قد وظف التعلم القائم على السيناريو حتى يضع أمام المتعلم مهام مرتبطة بخبرات واقعية يمر بها في العمل، وفي هذه الحالة يمكن مثلا استخدامه في تعليم الصيدلة من خلال مهام محددة. وتسمح بعض إصدارات محاكيات معامل الكيمياء للمعلم أن يحدد مهاما أمام المتعلم كما سبقت الإشارة، كما يمكن للمعلم أن يسجل تغذية راجعة مقابل كل نتيجة قد يصل إليها المتعلم توضح له مثلا سبب الخطأ أو تعزز له الصواب.

عوامل اختيار التعلم الإلكتروني المبني على السيناريو.

يحسن التعلم الإلكتروني المبني على السيناريو عملية صنع القرار وحل المشكلات وقدرات التفكير النقدي. كما يقدم التعلم التجريبي في بيئة آمنة ومحاكية للواقع. لكن على الجانب الآخر فإن التعلم الإلكتروني القائم على السيناريو هو حل مجهد في التصميم ومكلف في الإنتاج لذلك يجب أن نختار الموضوعات الملائمة له بدقة والتي تحتاجه فعليا وليس مجرد اختيار لهدف تطبيق هذا الأسلوب فقط لأننا حينها لن نحقق شرط مهم من شروط جودة التعليم الإلكتروني وهو فاعلية التكلفة والناتج عن نسبة التكلفة إلى مقدار ما تحقق من أهداف.

إن القرار في اختيار هذا الأسلوب يخضع لعدة عوامل منها المجال الموضوعي المراد التدريب عليه ، والمؤسسة وحجم التمويل والوقت المتاح للتطوير، والحلول التكنولوجية الممكن توفيرها، وطبيعية المهارت وهل توجد بدائل أقل تكلفة تحقق نفس النتائج وأتخاذ القرار لا يتم على مستوى فردي في العادة بل من قبل فريق مختص له صلاحيات توفير اللوجستيات اللازمة لتطوير المقرر المعتمد على السيناريو.

يمكن استخدام التعلم الإلكتروني القائم إلى السيناريو في الموضوعات السردية التي يمكن تحويلها إلى صور ذهنية وربطها بالخبرات العملية كالقصص التفاعلية، كذلك في التخصصات التطبيقية كالمجالات الطبية والهندسية. يمكن أيضًا استخدام السيناريوهات للتدريب على المهارات الشخصية والمهارت اللينة Soft Skills حيث لا توجد إجابة واحدة صحيحة دائما بل تعتمد على الموقف الذي يكون فيه المتعلم. في مثل هذه المواقف ، سيساعد التعلم القائم على السيناريو المتعلمين على تحليل المواقف وتحديد أفضل مسار للعمل و / أو كيفية تطبيق القواعد. من ناحية أخرى فمن المهم أن نفهم أنه على الرغم من أهمية هذا الأسلوب، فإن سيناريوهات التعلم لا تصلح في جميع المواقف. على سبيل المثال ، إذا كان موضوع التعلم معتمد على الحفظ والاسترجاع أو حتى إعادة خطوات محددة ثابتة مثل فهرسة الكتب – دون أي غموض أو حالات شاذة أو مفاجئة- فإن استخدام السيناريوهات سيكون غير ضروري وسيكون عبئًا معرفيًا زائدًا على المتعلمين. وبالمثل ، ليست هناك داعي إلى السيناريوهات عندما يكون موضوع التعلم يتناول المستوى التأسيسي أو التعريفي بمجال ما يدور حول الحقائق والمفاهيم والمصطلحات.

بشكل عام يمكن استخدام سيناريوهات التعلم على مستويين:

التعلم المصغر القائم على السيناريو : هي أجزاء صغيرة من المقرر الدراسي أو الدورة التدريبية تستخدم فيها سيناريوهات التعلم لتنمية القدرة على الاستدعاء والفهم واتخاذ القرار. ويستخدم مع هذا النوع من التعلم الوسائط الفائقة HyperMedia والتي تعتمد على التشعيب أو التفريع سواء من النصوص والصور ومن أشهر الأشكال التي يقدم من خلالها الكتب الإلكترونية التفاعلية و الفيديو الفائق HyperVideo. وكما سبقت الإشارة فإن هذا المستوى لا يكون المقرر الدراسي كاملا قائم على السيناريو بل عنصر أو عدة عناصر منه وتكون في شكل “دعوة للتفكير” أو “لنجرب معا” وهكذا.

التعلم التطبيقي أو التجريبي القائم على السيناريو : يستخدم لتنمية قدرة المتعلم على التطبيق حيث لا يقتصر السيناريو على اتخاذ القرار الصحيح من بين عدة قرارات خاطئة، بل بتطبيق معرفة ومهارات لإيجاد حلول وتوظيفها لتحقيق هدف محدد وهو الأكثر صعوبة في الإنتاج وغالبا ما يستخدم برامج خارجية كالمحاكيات وتطبيقات الواقع الافتراضي لتقديم هذا النوع من التعلم ومثال عليه برنامج معمل الكيمياء الافتراضي Virtual Chem Lab المشار إليه سابقا، ومع انتشار المحاكيات في المجالات المختلفة والمقدمة من شركات مختلفة أصبح هذا الخيار متاحا وذو تكلفة مقبولة أمام المصمم التعليمي فلم يعد عليه أن يبدأ من الصفر فلو أتاحت الكلية أو المعهد محاكي ما في مجال متخصص من مجالاتها فكل ما عليه أن يبني الموقف التعليمي متعدد المسارات من خلال تهيئة هذا المحاكي أو بناء مهام تعلم من خلاله يطلب من المتعلم أو المتدرب أداءها.

التصميم التعليمي للتعلم الإلكتروني القائم على السيناريو.

http://www.vkmaheshwari.com/WP/?attachment_id=2324

التصميم التعليمي للتعلم القائم على السيناريو يعتمد أساسا على فكرة السيناريوهات المتفرعة branched scenarios وهي نفس الفكرة القائم عليها التعلم الفريعي في المدرسة السلوكية، ففي الستينات من القرن العشرين, بدأت أساليب التعليم المبرمج تظهر كبديل لطرق التعليم التقليدية. هذه الطرق استندت إلى نظريات التعلم السلوكية والتي تركز على تعزيز مهارات التعلم الذاتية للطلاب. يعتمد مفهوم التفريع في التعليم المبرمج branching in programed instruction على تقديم مواد تعليمية متفرعة تناسب مستوى معرفة الطالب وقدراته. بدلاً من تتبع مسار تعليمي محدد، يتيح التعليم التفريعي للمتعلمين اختيار المسار الذي يناسبهم بناءً على إجاباتهم وتفاعلهم مع المادة. يتكون التعليم المبرمج من وحدات قصيرة تسمى “خطوات” تتضمن معلومة جديدة وسؤالًا أو مشكلة يجب حلها. يقوم الطالب بتقديم إجابته ويتلقى تغذية راجعة فورية حول صحة إجابته. إذا كانت الإجابة صحيحة، يتابع الطالب إلى الخطوة التالية. إذا كانت الإجابة غير صحيحة، يتلقى الطالب توجيهات إضافية ويتابع المحاولة حتى يتعلم المفهوم الصحيح. إن الاختلاف بين سيناريوهات التعلم الإلكتروني حاليا والتعليم المبرمج التفريعي في السابق هو أنها قائمة على موقف متكامل وخبرة يتم وضعها موضع الاختبار وليس معلومة مصغرة تختبر وينتج عنها تغذية راجعة محددة مسبقا.

من يرغب في القراءة حول نشأة التعليم المبرمج التفريعي وارتباطه بآلات التعلم يمكن الرجوع للمصادر التالية:

·       Holland, J. H. (1960). Teaching machines: An application of principles from the study of human learning. Journal of the experimental analysis of behavior, 3(4), 275-287.
·       Glaser, R. (1965). Adaptive strategies in complex learning. In Teaching machines and programmed learning II: Data and directions (pp. 373-403).
·       Atkinson, R. C., & Paulson, J. A. (1972). An approach to the psychology of instruction. Psychological Bulletin, 78(1), 49-61.

بالعودة إلى فكرة السيناريوهات المتفرعة، فينظر لها بأعتبارها أدوات تدريب/ تعليم عبر الإنترنت تتيح للمتعلمين اتخاذ القرارات في سيناريو واقعي (لكن رقمي) ، وتجربة عواقب تلك القرارات. يبدأ كل سيناريو بنفس الطريقة ، ولكن عندما يتخذ المتعلم كل قرار ، يتفرع السيناريو على طول مسارات مختلفة بنتائج مختلفة. تعتمد هذه النتائج على الاختيارات التي قام بها المتعلم. بمعنى آخر فإن السيناريوهات المتفرعة تقود المتعلمين في مسارات مختلفةوفقا لاختياراتهم. كل خيار يفتح إمكانيات جديدة أو يقربهم خطوة واحدة من نتيجة غير معروفة مسبقا.

كثيرًا ما توصف سيناريوهات التعلم الإلكتروني بأنها ذات “تأثير الدومينو domino effect” ، لأن كل قرار ينقل المتعلم إلى مسار مختلف قليلاً ، مما يتركه في مواجهة مجموعة جديدة من القرارات التي يجب اتخاذها. يؤثر كل قرار على الفرع التالي من السيناريو. على سبيل المثال ، قد يعني اختيار منح العميل خصمًا كبيرًا في المرحلة الأولى من السيناريو أن المتعلم غير قادر على الالتزام بالمواصفات لاحقا، مما قد يؤدي لمشكلة في الاستلام ومشكلة مع المدير المباشر.

تحديات بناء سيناريوهات التعلم وسبل اجتيازها.

أنت كمصمم تعليمي إذا أردت أن تبني هذا النوع من السيناريوهات فستواجهك عدة تحديات منها :

1. إنشاء سيناريوهات واقعية: تخلق السيناريوهات المتفرعة فرصًا جيدة للتعلم. ولكن لكي يكون هذا التعلم واقعيا وحقيقيا، يجب أن يعبر السيناريو عن مواقف واقعية من تلك التي يواجهها المتعلم أو المتدرب في العمل. لأن السيناريوهات التي تتضمن مواقف واقعية ستساعد المتعلمين ، خصوصا العاملين ذوي الخبرات ، على اتخاذ قرارات أفضل وتحقيق أداء أفضل في وظائفهم، ولكن لو اختلف السيناريو عن الواقع الملموس من قبل هؤلاء العاملين أو طبيعة خبراتهم السابقة فسينصرف انتباههم من الموقف الواجب اتخاذ قرار فيه إلى تقييم الفرق بين الموقف المصطنع والمواقف المعتادة في العمل. لذلك ، يجب أن تكون السيناريوهات ونقاط القرارات ونتائج كل سيناريو متفرّع أمثلة حقيقية (وإن كانت افتراضية) لأحداث مكان العمل الفعلية. للقيام بذلك ، من المهم التركيز على نوع السلوكيات التي يجب على المتعلمين إظهارها في مواقف مختلفة – مثل كيفية تعامل ممثل خدمة العملاء مع عميل غير راضي عن الخدمة المقدمة. وقد أشرنا في المقال السابق كيف يمكن للمصمم التعليمي التعاون مع الخبراء في المجال في رصد الخبرات الواقعية والسلوكيات المطلوبة، كذلك يمكن أن يقابل عينة من المتدربين ليحلل سلوكياتهم ويرجع للخبراء لتحديد الخاطئ منها والصائب فسيساعده ذلك على رسم مسارات متعددة في السيناريو حسب السلوكيات المرصودة.

الـSoft skills أو المهارات الناعمة هي مجموعة من المهارات الشخصية والاجتماعية والاتصالية التي تساعد الفرد على التفاعل بفعالية مع الآخرين في بيئة العمل والحياة اليومية. وتشمل هذه المهارات القدرة على التواصل الفعال، وحل المشكلات، وإدارة الوقت، والتفكير النقدي، والعمل الجماعي، والقيادة، والإدارة، وغيرها من المهارات التي تساعد الفرد على التأقلم في بيئة العمل والنجاح فيها. وتعتبر تلك المهارات مهمة جداً في سوق العمل، حيث تعتبر أحد معايير التوظيف والترقية والاحتفاظ بالوظيفة. وذلك لأن الأفراد الذين يتمتعون بالمهارات الناعمة يمكنهم التفاعل بفعالية مع الزملاء والعملاء والمشرفين والجمهور، مما يساعد على تحسين العلاقات الشخصية والاجتماعية والعملية، وتحسين جودة العمل، وتحقيق الأهداف المشتركة بطريقة أكثر فعالية.

2. تحقيق الاتصال التعليمي بين شخصيات واقعية: من اكبر التحديات التي تواجه مصمم التعلم اللقائم على السيناريو هو الاتصال التعليمي البشري سواء مع الزملاء أو مع شخصيات افتراضية شديدة الشبه والتصرفات بما يجده المتعلم أو المتدرب في بيئته الحقيقية من أفراد وزملاء وعملاء. ويعتبر الاتصال البشري أساسي لتكوين المهارت الناعمة Soft Skills لدى العاملين وهو ما يزيد من أهمية تحقيق هذا االاتصال التعليمي ويخلق تحدٍ أمام المصمم التعليمي في كيفية تصميم تلك الشخصيات وأساليب التفاعل معها. و يبرز هذا التحدي في جانبين الأول جانب سلوكي حيث أنه يجب رصد الشخصيات الحقيقية وسلوكياتها المتوقعة في كل حدث وتجسيده في السيناريو وفي الغالب يقوم فريق رصد متخصص بالتعاون مع خبراء المجال لبناء ما يسمى بشجرة القرارات.

أما الجانب الآخر للتحدي فهو الجانب التكنولوجي حيث أنه يصعب خلق شخصيات افتراضية تطابق الواقع تماما حتى لو وضع المتدرب في ذهنه أنه لا يتعامل مع شخصية واقعية فإن الفروق الكبيرة بين ما يتفاعل معه في البرنامج وبين ما يواجهه في بيئة العمل ستفقد تعلمه الواقعية خاصة على مستوى التأثيرات السيكولوجية، وقد وجدت بعض الحلول التكنولوجية على مستوى الاتصال والتفاعل، أولها هو استخدام لعب الأدوار بحيث يلعب كل متدرب دوره الحقيقي في الفريق ويتواصل مع زملائه من هذا المنطلق، ونجد هذا في بعض برامج التدريب على خدمات العملاء والتجارة الإلكترونية وغيرها. كذلك أستخدم الفيديو التفاعلي والذي يضع فيديو مسجل لشخصيات حقيقية في مواقف متعددة وبناءا على استجابة المتدرب يظهر له الفيديو الذي يظهر فيه سلوك المدير أو الزميل كاستجابة أقرب للواقع في صورة تغذية راجعة، ويعاب على هذه الطريقة حاجتها لتسجيل مئات الساعات من الفيديو لرصد كافة الاستجابات المتوقعة لمختلف شخصيات العمل لكن من إيجابيات هذا الأسلوب سهولة الإنتاج وإمكانية التسجيل للشصيات الحقيقية كالمدير الحقيقي في العمل مثلا. ولتخطي مشكلة كثرة الفيديوهات وربطها ببعضها البعض ظهرت منصات متخصصة في ربط الفيديوهات التفاعلية وتقديمها مثل منصة كالشورا kaltura.

الحل التكنولوجي الثالث وهو الأكثر تكلفة هو استخدام الشخصيات الافتراضية المدعمة بالذكاء الاصطناعي وهو ما تقدمه بيئات التعلم الانغماسية حاليا ولكي تتمكن من توظيف هذه التكنولوجيا لابد أن تكون مؤسستك حاصلة عليها أو مشتركة بها لأنها ليست بالحل رخيص التكلفة. وقد عملت عديد من الشركات حاليا على إتاحة مكتبة شخصيات افتراضية يتم استخدامها في مشاريع التعلم المعتمدة على بيئات التعلم الانغماسية وكل شخصية لها ملامحها الخاصة كالشصية المتحيزة، والمتشككة، والمتحاملة، والفضولية ، وما إي ذلك ، ولكن هذه المكتبات رغم أنها خفضت من تكلفة استخدام هذه الحلول التكنولوجية لكنها تدعم بيئات تعليمية محدودة نسبيا نشأت لدعمها في الأساس.

حل آخر هو استخدام الشخصيات التفاعلية التي تقدمها بعض أنظمة التأليف مثل ٍStoryline بتسجيل المواقف المختلفة عبر أحداث متعددة وجمعها في عنصر واحد ولكن يعاب عليها رغم رخص تكلفة الإنتاج وواقعية الشخصيات أحيانا أنها تجعل استجابة المتعلم محددة بين عدة بدائل قد يفضل المتعلم بديلا آخر عليها.

مكتبة الشخصيات في Articulate Storyline

3. الانتقالات المنطقية بين تفريعات السيناريو ومساراته: من التحديات التي تواجه المصمم التعليمي هي كيف ينقل المتعلم بين مسارات التعلم المختلفة، فلا يمكن من حيث المنطق ان يربط الانتقال باختبارات الأداء أو باختيارات المتعلم التي قد يختارها بشكل عشوائي لعدم معرفته الإجابة الصحيحة، كما أن سير المتعلم في مسار واحد محدد أثناء البرنامج لا يعني أنه تمكن من باقي الخبرات التي يقدمها البرنامج التعليمي، مثلا لو افتراضنا أن برنامج لتعليم مهندسي الميكانيكا كيفية تشخيص الأعطال التي تؤدي إلى عدم دوران محرك السيارة، ولنفترض أن المهندس قد أختار أحد الأسباب وتجاوب معه بشكل صحيح، فهل يعني هذا أنه متمكن من تشخيص باقي الأسباب؟ بالطبع لا، هذا ما يعني أن المصمم في حاجة لإرجاع المتعلم لبداية نقطة التشخيص بعد نجاحه في أداء إحدى المهام وإجباره أو حثه على اختيار مسار آخر للمرور بخبرة أخرى لم يتعلمها في المسار الذي اختاره في السابق. كذلك من المشكلات الأخرى المرتبطة بهذه النقطة هي أنه كيف يمكن للمصمم التعليمي أن يجعل المتعلم يتعلم من أخطائه كما يتعلم من إجاباته الصحيحة، فلو اختار المتعلم المسار الصحيح من أول مرة فإنه لن يتعلم كيف يمكنه معالجة الخطأ المبني على قرار غير صحيح قد يتم اتخاذه في موقف آخر.

وللأسف الحل في هذه الحالات ليس سهلا، لكن لعل أكثر الحلول مباشرة هو عمل تقييم لخبرات المتعلم في نهاية كل مرحلة لكل المهارات التي يفترض أن يمر بها المتعلم وفي حالة إخفاقه في أحدها يتم توجيهه للمسار الخاص بهذه الخبرة أو توجيهه لاختيارها فيما يعرف بالتغذية الراجعة البنائية constructive feedback وهي ليست تغذية راجعة بشكلها الحاصل في المدرسة السلوكية بقدر كونها توجيه سلوك البرنامج نحو الخبرات التي يمر بها المتعلم والتي لم يمر بها بعد، فالخبرات تنظم بشكل بنائي ويرتبط بعضها بالبعض الآخر ويشترط للانتقال من المستوى الأدنى للإعلى المرور بكل الخبرات في المستوى السابق.

4. الحفاظ على بساطة أنشطة التعلم ومهامه: من الجوانب التي تشكل تحديا أمام المصمم التعليمي لسيناريوهات التعلم هو تحليل الخبرات التعليمية وتحويلها إلى أنشطة ومهام تعلم في أبسط صورة ممكنة مع وضع في الاعتبار العبء المعرفي Cognitive Load الذي سيشكله أداء المتعلم لتلك الانشطة والمهام . وإذا ما اعتبرنا أن سيناريو التعلم يتكون من نقاط قرار وتفريعات أو مسارات فيجب أن يكون نقاط القرار في الجلسة الواحدة لا يتعدى العشر نقاط كحد أقصى.

5. تقييم الخبرات المكتسبة : تحد آخر يواجه المصمم التعليمي هي كيف يقيم أداء المتعلم ككل أثناء البرنامج حيث أن المتعلم المفترض أن يسير في مسارات متعددة ويتعلم من أخطائه وتقدم له التغذية الراجعة البنائية التي توجهه إلى المسارات الصحيحة فكيف يتم تقييم المتعلم، هل سيتم ذلك كما يحدث في الألعاب التعليمية، مثلا ، أول من يصل، أم حساب الأخفاقات مقابل القرارات الصائبة ، أم غير ذلك. بشكل آخر كيف أميز بين المتعلم الذي استفاد من أخطائه ومن توصل للاستجابة الصحيحة من أول محاولة أو من خمن الاستجابة عشوائيا. كذلك كيف أحلل استجابة التعلم واتأكد أنها تعبر عن السلوك الفعلي الذي سيسلكه في حالة تعرضه لهذا الموقف في الواقع وليست استجابة مصطنعة.

يمكن للمصمم التعليمي في حالات التعلم الإلكتروني المبني على السيناريو المقدم بشكل جماعي أن يستخدم تقييم الزملاء كمصدر للتقييم ، كذلك بالنسبة لسيناريوهات التعلم ذات النهاية المفتوحة والتي لا يوجد سلوك صحيح دائما أو خاطئ دائما فإنه يتم تقييم المتعلم من خلال تحليل تقارير المتابعة وتحليل فجوت الأداء في كل موقف من تلك الواردة بالسيناريو، وغالبا ما يكون هذا النوع من التقييم معتمد على المعلم وليس تقييم البرنامج عبر توجيه المتعلم إلى مسارات صحيحة أو خاطئة.

حل آخر أقترحه علىى المستوى الشخصي هو عمل اختبار مواقف ( اختيار من متعدد بين عدد من المواقف المتوقعة) يقدم للمتعلم خارج عنصر التعلم القائم على السيناريو يتضمن أغلب المواقف التي يفترض أنه مر بها عبر عنصر التعلم ويهدف الاختبار أن يقيم استجابات المتعلم.

مراحل تصميم التعلم الإلكتروني القائم على السيناريو.

1. حدد الفجوات والأهداف والسلوكيات : تبدأ عملية تصميم التعليمي لسيناريو التعليم الإلكتروني برصد الفجوات وصياغة الأهداف . على وجه التحديد ، قم بدراسة فجوات الأداء والمهارة والمعرفة التي يجب على المتعلمين اكتسابها من أجل تحقيق الأهداف. ما هي المهارات التي يحتاج المتعلمون تطويرها؟ ما هي المعلومات التي يحتاجون إليها لاستيعابها بنهاية سيناريو التفريع؟ ما هي سلوكيات الأداء التي تحاول تقييمها؟ . يتم ذلك كما ذكرنا سابقا من خلال عمل تحليل للمحتوى، ومقابلة الخبراء ورصد سلوكيات المتعلمين.

2. حدد أفضل وأسوأ الاستجابات للمواقف المختلفة: اتفقنا أن السيناريو يكون متشعب مكون من مواقف بها نقاط قرار وتفريعات تعبر عن سلوكيات مختلفة، ويجب على المصمم التعليمي أن يدرك أنه لا توجد أستجابة واحدة صحيحة حيث يكمن جمال السيناريوهات المتفرعة في أنها تحاكي مواقف العالم الحقيقي. فاتخاذ القرار يبنى على عدة عوامل يجب أن يحددها السيناريو كشخصية العمل والموارد المتاحة وأسلوب طرح السؤال وغيره من العوامل التي يبنى عليها القرار ويرتبط بها المسارات المتاحة وما يرتبط بها من تغذية راجعة بنائية. وراعي إمكانية تعديل الاستجابات بناءا على رد فعل العميل أو رغبة المتعلم في تحسين النتائج.

3. ارسم خريطة القرار: لسيناريو التعليمي سيناريو تفريعي معتمد على سمارات متعددة بناءا على قارارت يتم اتخاذها ومعطيات مرتبطة بظروف اتخاذ كل قرار ويجب قبل كتابة السيناريو أن يتم تحديد خريطة القارارات حتى يتم تنظيم أحداث السيناريو. لاحظ في الرسم التالي أن هناك أكثر من سيناريو يمثل الخيارات المتاحة وما يرتبط بها من عواقف.


http://www.nwlink.com/~donclark/hrd/elearning/branching_scenarios.png

وحاليا ونظرا لزيادة العمل على مشروعا التعلم الإلكتروني المبني على السيناريوهات فقد وجدت حزم متخصصة لتصميم خرائط السيناريوهات التفريعية مثل حزمة yoscenario والموجهة لمصمم السيناريو التعليمي التفريعي في الأساس وتسمح له برسم المسارات وتحديد نقاط القرار والاحداث المختلفة وكتابة الملاحظات لكاتب أحداث السيناريو فيما بعد، كذلك ربط المخطط بتصميم الشاشات والإطارات وتحديد نقاط التفاعل والتفريع في كل إطار.

4. أختر أدوات التأليف eLearning authoring tool المناسبة : يقع على عاتق المصمم التعليمي أن يختار الأداة التأليف التي تتيح له تطبيق السيناريو المرغوب ويتوقف هذا على عدة عوامل مثل طريقة التقديم وأسلوب المعالجة وكيفية التفاعل مع المتعلم ويتطلب ذلك دراية واسعة من المصمم التعليمي بأدوات التأليف وأساليب الإنتاج. مثلا هل سيتم الإنتاج في شكل كتاب إلكتروني تفاعلي ، أم فيديو تفاعلي ، أم من خلال عنصر تعلم تفاعلي أو عبر بيئة تعلم انغماسية تقدم بأسلوب الواقع الافتراضية أو غير ذلك من أساليب الإنتاج التي تحدد اختيار أدوات التألي

5. التخطيط المبدئي لواجهة التفاعل layout : في هذه المرحلة يقوم المصمم التعليمي بالتعاون مع مصمم الجرافيك بوضع مخطط مبدئي لواجهة المستخدم وطرق عرض المحتوى بناءا على بيئة التعلم وأساليب الإنتاج وأدوات التفاعل المختلفة. هذا المخطط المبدئي سيحكم فيما بعد طريقة عرض الخيارات ومناطق عرض المحتوى وأساليب التفاعل.

6. كتابة لوحات الإخراج Storyboards: بعد الانتهاء من رسم خريطة التفرعات للسيناريو وتحديد الأحداث والمسارات ، وبعد اختيار القوالب ووضع مخطط مبدئي لواجهات التفاعل يتم في العادة تقسيم الأحداث على كتاب السيناريو لعمل وصف نصي للعمل Script يعرض مبدئيا على خبراء المحتوى ثم يعاد في شكل لوحة إخراج تشمل التفريعات وشكل المحتوى في القوالب والشاشات المختلفة وتعد لوحات الإخراج الوسيلة التي يتواصل فيها مطور المحتوى مع المصمم التعليمي.

ومن أولى المهام التي يقوم بها مصمم لوحات الإخراج هو تحويل خرائط القرار السابق تصميمها إلى مخطط مساري يدمج تصميم الشاشات والتفريعات المختلفة مع الخريطة للحصول على مايسمى Visual Interface Branching Diagram أو مخطط تفرعات الواجهة البصرية. ويلحظ أن كل رسم في الخريطة بالمثال التالي تعبر عن شاشة والتفرعات الممكنة منها. لاحظ أن كل مخطط يعبر عن نقطة قرار واحدة في الخريطة الأولى، والتي ستكتب على أساسها شاشات لوحات الأخراج لهذا الجزء من البرنامج.

7. إضافة الشخصيات التفاعلية : تحدثنا عن هذه النقطة في معرض الحديث عن تحديات تصميم التعليم الإلكتروني المبني على السيناريو وغالبا ما يستخدم المصمم التعليمي شخصيات من مكتبات جاهزة مع إضافة بعض اللمسات لها التي تعبر عن الخصائص الفريدة للمحتوى.

8. مرحلة الاختبار والمراجعة : والاختبار والمراجعة للوحات الإخراج هي آخر مرحلة للتصميم وبداية مرحلة التطوير فيما بعد ، وهناك عدة طرق للمراجعة منها قيام الخبراء بلعب دور المتعلمين واتباع المسارات المختلفة للسيناريو، كذلك عمل نموذج مبدئي Prototype للعمل وطرحه للمراجعة والتحسين ويبرز فقط نقاط القرار والخيارات المتاحة ولا يشترط فيه أن تعمل الشخصيات وبيئة التعلم بالشكل الذي يفترض أن تقدم به عند انتهاء البرنامج. وتوجد حليا في بعض حزم تصميم لوحات الإخراج إمكانية اختبار التصميم بداية من الخريطة لواجهات التفاعل والتفريعات المرتبطة بها إلى التصميم النهائي للوحات الإخراج وهذه المراجعة تعد مراجعة فنية ولا تغني عن مراجعة الخبراء للصياغة والتفاعل.

الخلاصة :

استعرض المقال الحالي أسس تصميم التعلم الإلكتروني المبني على السيناريو وميز بينه وبين الألعاب التعليمية والمحاكيات التعليمية وبين طبيعته الخاصة ومجالات استخدامه كما استعرض بعض التحديات التي تواجه المصمم التعليمي عند تصميم هذا النوع من التعلم الإلكتروني ، وكيفية مواجهة كل من هذه التحديات ، كما انتهى المقال بالخطوات أو الإجراءات التي يقوم بها المصمم التعليمي لتصميم مقررات التعلم الإلكتروني المبني على السيناريو. والواقع أن الحديث في هذا الأمر يطول فكل نقطة تم استعراضها يمكن أن تصبح مقالا كاملا ، مثلا رسم خرائط القرار له أسس وقواعد وبرامج خاصة بها وأساليب في التقويم، كذلك هو الحال في اختيار الشخصيات التي يتفاعل معها المتعلم لها أسس اختيار وهناك تطبيقات ومكتبات عالمية تقدم حلولا تختلف فيما بينها وفقا لبيئات التعلم وإمكانات تلك الشخصيات وما يمكنها أداؤه من تفاعل. لكن كما قال العرب؛ ما لا يدرك كله لا يترك جله. وأتمنى أن يكون هذا المقال قد قدم إضافة حقيقية للمصممين التعليميين والباحثين في مجال تكنولوجيا التعليم.

المراجع :

  • 7 Examples on Scenario Based Learning (SBL) for Formal and Informal Learning. (2021, July 13). Retrieved from https://www.eidesign.net/7-examples-scenario-based-learning-sbl-formal-informal-learning
  • 8 Tips To Create Amazing Branching Scenarios For Online Training. (2023, January 23). Retrieved from https://www.efrontlearning.com/blog/2017/11/tips-create-branching-scenarios.html
  • Andriotis, N. (2018). The Challenges of Developing Effective Branching Scenarios. TalentLMS Blog. Retrieved from https://www.talentlms.com/blog/develop-branching-scenarios-challenges
  • Branched Scenarios & Fast-Track Critical Skills – SimTutor. (2023, April 24). Retrieved from https://www.simtutor.com/blog/posts/2021/november/how-branched-scenarios-fast-track-critical-skills-learning
  • Clark, R. C., & Mayer, R. E. (2012). Scenario-based e-learning: Evidence-based guidelines for online workforce learning. John Wiley & Sons.
  • Plass, J. L., Mayer, R. E., & Homer, B. D. (Eds.). (2020). Handbook of game-based learning. Mit Press.
    Phelps, A. M., & Baker, R. S. (2018). GAMES, GAMIFICATION, AND GAME-BASED LEARNING: A Guide for Instructional Designers and Learning Researchers. New York, NY: Routledge
  • Sallum, N. (2021). A Training Manager’s Guide to Scenario-based eLearning. Rapid eLearning Blogs – CommLab India. Retrieved from https://blog.commlabindia.com/elearning-design/scenario-based-elearning-primer
  • Scenario-Based Learning: Preparing Learners for Real-World Situations Through Immersive Experiences. (2023, April 24). Retrieved from https://www.talespin.com/blog-post/scenario-based-learning-preparing-learners-for-real-world-situations-through-immersive-experiences
  • Tucker, C. (2019). Creating Branching Scenario Layouts – Experiencing eLearning. Experiencing eLearning. Retrieved from https://www.christytuckerlearning.com/creating-branching-scenario-layouts
  • Tucker, C. (2020). Planning a Branching Scenario – Experiencing eLearning. Experiencing eLearning. Retrieved from https://www.christytuckerlearning.com/planning-a-branching-scenario

عن د مصطفى جودت

أستاذ تكنولوجيا التعليم المشارك بجامعة الملك سعود ، وجامعة حلوان مدير تطوير المحتوى الرقمي بجامعة الملك سعود
error: Content is protected !!
التخطي إلى شريط الأدوات