التعلم الجوال: الجيل القادم من التعلم للطلاب ذوي الاعاقة

تكنولوجيا المعلومات والاتصالات أحدثت ثورة في عالم التواصل ولعلها حملت معها “الصندوق الأسود” الذي يبيّن سر تراكم الصعوبات التواصلية والتكيفية والحياتية لدى الطلاب ذوي الإعاقة ويسّر كافة مسارات التواصل المادي والمعنوي والبيئي موفراً المساندة والمساعدة والدعم والفرص لتمكين الطلاب ذوي الإعاقة من التغلب على معظم الصعوبات والتحديات ونحن لا نزال في بداية الطريق!

إن محاولة استثمار تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التعلم لرسم المعالم الأولية توفر المساعدة والمساندة والدعم وتقديم فرص لتمكين كافة الطلاب ذوي الإعاقة بكافة أنواع إعاقاتهم من التعلم والتواصل بغض النظر عن مستويات قدراتهم ومهاراتهم.

إننا في المنطقة العربية نتطلع قدما إلى تطوير هذه التكنولوجيا وتكييفها من أجل توفير الحق في التعلم ولتكن الخطوات الأولى في سبيل استثمار إمكانات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات باللغة العربية متطلعين إلى الباحثين والعلماء في هذا المجال لرسم معالم هذا الطريق.

ولا يغيب عن بالنا أن الاستعانة بهذه التكنولوجيا لا يغني عن الدور الريادي والأساسي للمعلم والمربي.

وقد أكدت المنظمات الدولية والمؤتمرات العلمية مثل مؤتمر سلامنكا بإسبانيا 1994 عن أهم النشاطات المتعلقة بالتربية الجامعة، فكان المؤتمر العالمي حول الحاجات التربوية الخاصة (حق المشاركة، وحق الحصول على نوعية جيدة من التعليم) . جاء المؤتمر ضمن إطار السياسة التي وضعها المؤتمر العالمي حول (التربية للجميع) وأكد إعلان سلامنكا أن لكل طفل حقاً أساسياً في التعليم، ويجب أن يعطى فرصة بلوغ مستوى مقبول من التعليم والمحافظة عليه. وأن لكل طفل خصائصه الفريدة واهتماماته وقدراته واحتياجاته الخاصة في التعليم. وأن نظم التعليم يجب أن تعمم، والبرامج التعليمية ينبغي أن تطبق على نحو يراعى فيه التنوع في الخصائص والاحتياجات.

رؤية جديدة للتعلم الجوال للطلاب ذوي الاعاقة

معظم الناس حالياً بما فيهم الأشخاص والطلاب ذوي الاعاقة يملكون هواتف نقالة أو محمولة للتواصل وبالتالي يمكن استخدام هذه التقنية وتوظيفها فى العملية التعليمية، فالثورة اللاسلكية هذه تحمل الكثير إلى المنظومة التعليمية؟ وهذا يتطلب منا العمل على نقلة نوعية فى مجال التعليم والسعي لتوظيف أجهزة الهواتف الجوالة (الموبايل) فى عمليتي التعليم والتعلم ، إذا أن لهذه التقنية فوائد جمّة إذا تم دمجها فى التعليم فى ضوء التوجه الجديد نحو دمج تقنية المعلومات والاتصالات فى التعليم.

فما هو التعلم الجوال للطلاب ذوي الاعاقة؟

يمكن استخدام الأجهزة الرقمية الشخصية والهواتف النقالة والأجهزة اللوحية فى إنجاز العديد من المهام التعليمية وإن اختلف دور كل منها. حيث أن معظم هذه الأجهزة المتنقلة تكون مفيدة فى التعليم والتدريس وتسهيل مهام المعلمين والمتعلمين، وتعد أيضا أدوات مساعدة للتعلم للطلاب ذوي إذا يمكنهم من:

– التفاعل مع بعضهم البعض، مع المعلم ومع أقرانهم من غير المعوقين.

– سهولة الاستخدام من قبل الطلاب ذوي الاعاقة، معظم الأجهزة الرقمية الشخصية يتوافر فيها المذكرات والكتب الإلكترونية وهي أخف وزناً وأصغر حجماً وأسهل حملاً من الحقائب المليئة بالملفات والكتب أو من الحاسبات المحمولة أيضاً.

– تتضمن برامج التعرف على الكتابة اليدوية وبرامج قارئ الشاشة والقواميس الناطقة وبرامج الاملاء الصوتي وبرمجيات أخرى مهارات تحسين التعلم للطلاب ذوي الاعاقة.

– إمكانية إجراء التسجيل الإلكتروني وإدخال البيانات والانخراط في العملية التعليمية – أون لاين- واتباع كافة الدورات التدريبية وحضور كافة الحصص الدراسية على الخط.

– التعليم عن بعد، قلّص المسافات بحيث يمكن للطلاب ذوي الاعاقة استخدام هواتفهم الخليوية من المنزل أو من موقع العمل أو مواقع أخرى.

– سهولة تصفح مواقع الإنترنت وتتبع الروابط التعليمية والمصادر الأخرى التي تغني التعلم والتعليم.

– الأجهزة الرقمية الشخصية والهواتف النقالة تعمل على حل مشكلة الأجهزة الغالية الثمن وسد الفجوة الرقمية لأنها أقل تكلفة من أجهزة التكنولوجيا المساعدة الأخرى ومنها الأجهزة الشخصية والأدوات اللازمة لتلك الأجهزة.

– استخدام خدمات الرسائل القصيرة للحصول على المعلومات بشكل أسهل وأسرع من المحادثات الهاتفية أو البريد الإلكتروني مثل جداول مواعيد المحاضرات أو جداول الاختبارات وخاصة مع إجراء تعديلات طارئة على هذه الجداول.

إن استخدام التكنولوجيا في التعليم وخاصة “التعلم الجوال للطلاب ذوي الاعاقة” يلعب دور حيوي من تمكين تطوير المناهج المرنة والمساعدة والمشاركة على قدم المساواة في تجربة التعلم. كما أن الاعداد لاستخدام هذه التقنية توفر لذوي الاعاقة التعلم مدى الحياة خارج المدارس. وتعمل على إزالة الحواجز التي تقف عائقاً في التعليم لتعميم فكرة “التعليم الشامل للجميع”.

وهذا ما ينطبق على بنود اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في تحقيق هدف “التعليم الجامع” لضمان أن الطلاب ذوي الإعاقة لهم حق الوصول الكامل، على قدم المساواة مع غيرهم من الطلاب، إلى المنظومة التعليمية.

التعلم الجوال للطلاب ذوي الاعاقة، إدارة وتنظيم وأدوات ووسائل تعليمية

عموماً، توفر الهواتف المحمولة والحديثة منها حالياً مزايا مماثلة لأجهزة الكمبيوتر اللوحية، وأجهزة المساعد الرقمي الشخصي، وبالتالي يمكن استخدامها في العديد من البيئات التعليمية وإنجاز العديد من المهام التعليمية المختلفة. فمعظم الأجهزة المحمولة هي مفيدة في مجال التعليم على حد سواء كما الإدارة والتنظيم والوسائل التعليمية وتعتبر أدوات دعم للطلاب ذوي الاعاقة. يمكن للطلاب ذوي الاعاقة التفاعل مع بعضهم البعض في أي مكان وفي أي وقت.

ونلخص الأبعاد الرئيسة لتوفير التعلم عن بعد ” التعلم الجوال” للطلاب ذوي الاعاقة بالنقاط التالية:

– توفير محتوى الدورة التدريبية للطلاب خارج الحرم الجامعي أو خارج المدرسة.

– تقديم التغذية الراجعة للطلاب دون الحاجة لتواجدهم داخل الجامعة أو المدرسة.

– توفير خدمات الدعم المطلوبة لهم مباشرة من خلال روابط كثيرة متوفرة على الانترنت يمكنهم الحصول منها على الكثير من الموارد والمصادر.

– التفاعل مع المعلم والجامعة أو المدرسة، فعالية تعليمية، جدوى فنية إضافة إلى فعالية من حيث التكلفة.

ونلخص أيضاً أهمية الدعم الأكاديمي للطلاب ذوي الاعاقة من خلال النقاط التالية:

– الرسائل القصيرة وتلقي الرسائل التعليمية والتحفيزية وخدمات المعلم.

– التواصل والتفاعل مع المؤسسة التعليمية.

– التواصل والتفاعل مع المتعلمين الأقران ومجموعات الدراسة.

– تصفح التعلم الإلكتروني وتحميل أدلة الدراسة والكتيبات.

– تقييم كامل متعدد الخيارات مع تغذية راجعة وردود أفعال على سبيل المثال المهام التعليمية والامتحانات ونتائجها.

أما الدعم الإداري فيمكن توفيره من خلال:

– خدمة الرسائل القصيرة كحزمة متكاملة مع شبكة الإنترنت.

– تحميل المواد المطلوبة للطالب (أقسام المواد التعليمية، وتحديد المهام، والرسائل، الخ)

– تلقي الجدول الدراسي بالمواد.

– من المعلومات الإدارية الأخرى (تذكير، إخطارات، معلومات عاجلة، الخ)

– التواصل مع الجامعة أو المدرسة عبر بوابة على شبكة الإنترنت.

– تلقي نتائح الفحص والاختبار من خلال خدمة الهاتف الجوال أو عبر البوابة التعليمية.

– الوصول إلى البيانات المالية وبيانات التسجيل من خلال رقم خدمة الهاتف الجوال.

– تزويد الطلاب بالإرشادات والنصائح اليومية.

وأخيراً نستخلص من خلال التجارب أن التعلم الجوال للطلاب ذوي الاعاقة هو استراتيجية يجب العمل عليها بكل طاقاتنا لتحقيق على الأقل الوسيلة والمستوى التعليمي الأساسي وخاصة للطلاب ذوي الاعاقة في المناطق الريفية والبعيدة والنائية والمهمشة، فالتعلم الأنسب لهم هو التعلم الجوال.

الهواتف الذكية المتوفرة حالياً تمكننا من التعلم والوصول إلى مصادر المعرفة وخاصة للذين لم تتوافر لهم فرص الوصول إلى المدارس التقليدية وأنظمة الجامعة.

علينا أن نتكاتف ونوحد الجهود للعمل على كيفية دعم استراتيجية “التعلم الجوال للطلاب ذوي الاعاقة ” في المنطقة العربية.

علينا التشارك والبحث حول كيفية وضع نماذج التعلم الجوال وكيفية تطويرها والتركيز على المحتوى العربي في صياغة مناهج التعلم.

التعلم الجوال لذوي الاعاقة ليس منوط فقط بالبلدان المتقدمة، بإمكاننا أن نفعل الكثير ونحقق قفزات تعليمية هامة لتطوير وتحسين وتعليم وزيادة رفاهية الأشخاص والطلاب ذوي الاعاقة.

التعلم الجوال، الكتب الإلكتروني

التعلم الجوال، الكتب الإلكترونية

 

 المصدر: الشبكة السعودية لذوي الاعاقة – القسم: التعليم والتأهيل والإرشاد

عن د مصطفى جودت

أستاذ تكنولوجيا التعليم المشارك بجامعة الملك سعود ، وجامعة حلوان مدير تطوير المحتوى الرقمي بجامعة الملك سعود
error: Content is protected !!
التخطي إلى شريط الأدوات