التصميم التعليمي بين ركائز التعلم ودعاماته

التصميم التعليمي بين ركائز التعلم ودعاماته
مقال من إعداد: د. مصطفى جودت صالح

ثمة خلط كبير بين نظريتين من نظريات علم النفس التعليمي الأولى تسمى بنظرية التعلم المرتكز Anchored instruction أو ما يطلق عليها مراسي التعلم أو مرتكزات التعلم ، والثانية تسمى بالدعامات التعليمية Instructional Scaffolding أو الدعم التدريجي للتعلم وأحيانا بالسقالات المعرفية . ويمكن القول أن كلتيهما من النظريات المؤثرة في مجال التصميم التعليمي بشكل عام وتصميم التعلم المعتمد على التكنولوجيا على وجه الخصوص، فضلا عن أنهما ترتبطان بمبادئ التعلم النشط، حيث تقدم هاتان النظريتان أطرًا مفاهيمية وعملية لتصميم تجارب تعلم غنية وذات معنى في بيئات التعلم التكنولوجية. فبينما تركز نظرية التعليم المرتكز على ربط المفاهيم المجردة بسياقات واقعية وذات صلة، تهتم نظرية الدعامات التعليمية بتوفير الدعم المتدرج للمتعلمين لتمكينهم من إنجاز مهام معقدة بشكل مستقل تدريجيًا.

يوضح المقال الحالي كيف يمكن لهاتين النظريتين أن تشكلا أساسًا متينًا لتصميم تعليمي فعال في بيئات التعلم الإلكتروني والتعلم عن بعد. كما يستعرض المبادئ الأساسية لكل نظرية، ويستعرض أمثلة عملية لتطبيقهما، ويناقش كيف يمكن دمجهما لخلق تجارب تعلم تفاعلية وملهمة تتجاوز حدود أساليب التعلم التقليدية.

نظرية التعليم المرتكز  (جون برانسفورد)

ينظر إلى التعليم المرتكز كنهج تعليمي يرتكز على ربط المفاهيم والمواضيع الدراسية بحالات واقعية أو مشكلات حقيقية بهدف زيادة دافعية المتعلمين وتشجيعهم على تطبيق معارفهم ومهاراتهم في سياقات واقعية. ويعد التعليم المرتكز  Anchored instruction من نماذج التعلم القائم على التكنولوجيا تم تطويره بواسطة مجموعة الإدراك والتكنولوجيا في فاندربيلت (CTGV) تحت قيادة جون برانسفورد. ومع أن عديد من العلماء قد ساهموا في بلورة نظرية التعليم المرتكز ، فإن برانسفورد هو المتحدث الرئيسي وبالتالي تُنسب النظرية إليه.

على المستوى الشخصي أرى أن أفضل تعريب للمصطلح “Anchored instruction” هو “التعليم المرتكز على الحالات الواقعية” أو ” التعليم المبني على الخبرات الواقعية“ورغم أن هذا النوع من التعليم وضع لخدمة التعليم المبني على التكنولوجيا إلا أنه اهتم بكيفية ربط المواقف التعليمية في بيئة العمل التكنولوجية بالمواقف والخبرات الواقعية.

طبقت النماذج الأولية من النظرية على التعلم باستخدام أقراص الفيديو التفاعلية interactive videodisc وهي أقراص تعمل من خلال جهاز فيديو رقمي تشبه أقراص الكمبيوتر المدمجة لكنها أكبر منها حجما، وقد شجعت النماذج الأولية من هذه المنجية كل من الطلاب والمعلمين على طرح وحل المشكلات المعقدة والواقعية. حيث تعلم تعمل المواد المرئية خاصة الفيديوهات كـ “مراسي/ مرتكزات” (سياقات واقعية كلية) لخبرات التعلم اللاحقة.

ومن نافلة القول التأكيد على أنه يختلف تصميم الفيديوهات التفاعلية بالأسلوب الخطي عن تصميمها بطريقة التعلم المرتكز (Anchored Instruction) في عدة جوانب رئيسية. ففي الأسلوب الخطي، يتم تقديم المحتوى بشكل متسلسل ومباشر، مما يجعله أقل ارتباطًا بالسياقات الواقعية. بينما يركز التعلم المرتكز على ربط المحتوى بمشكلات حقيقية وسياقات ملموسة، مما يعزز من ارتباط المتعلم بالمعلومات. علاوة على ذلك، يتسم الأسلوب الخطي بتفاعل محدود، حيث يكون المتعلم متلقٍ للمعلومات بشكل أساسي. في المقابل، يشجع التعلم المرتكز على مشاركة المتعلم النشطة في عملية حل المشكلات واكتشاف المعرفة. كما يتميز التعلم المرتكز بتقديم محتوى ضمن سيناريوهات معقدة وأنشطة متعددة الأبعاد تتطلب تطبيق المعرفة في مواقف متنوعة، مما يسهم في تطوير مهارات التفكير العليا ويعزز الفهم العميق للمحتوى.

وكما أوضحت مجموعة الإدراك والتكنولوجيا في فاندربيلتCTGV (1993): “فقد كان تصميم هذه المراسي أو الركائز مختلفًا تمامًا عن تصميم مقاطع الفيديو التقليدية التي جرت العادة باستخدامها في التعليم، حيث كان لهدف منها هو إنشاء سياقات مثيرة للاهتمام وواقعية تشجع على البناء النشط للمعرفة من قبل المتعلمين. فالمراسي أو المرتكزات كانت عبارة عن مسارات قصصية بالفيديو وليست محاضرات وشروحات واعتمد التعلم على الاستكشاف .

يرتبط التعليم المرتكز ارتباطًا وثيقًا بإطار التعلم الواقعي وكذلك بنظرية المرونة المعرفية في تركيزه على استخدام التعلم القائم على التكنولوجيا.

انظر: CTGV (1990). Anchored instruction and its relationship to situated cognition. Educational Researcher, 19 (6), 2-10.
CTGV (1993). Anchored instruction and situated cognition revisted. Educational Technology, 33 (3), 52- 70.

وقد طورت مجموعة الإدراك والتكنولوجيا في فاندربيلت (CTGV) مجموعة من برامج الفيديو التفاعلية تسمى “سلسلة حل المشكلات جاسبر وودبيري”. تتضمن هذه البرامج مغامرات تستخدم فيها المفاهيم الرياضية لحل المشكلات. ومع ذلك، فإن نموذج التعليم الثابت يعتمد على نموذج عام لحل المشكلات.

https://www.youtube.com/watch?v=3Hpol8OI2qM

مبادئي النظرية

  • يجب تصميم أنشطة التعلم والتعليم حول “مرساة” يجب أن تكون نوعًا من دراسة الحالة أو موقف المشكلة.
  • يجب أن تسمح مواد المناهج بالاستكشاف من قبل المتعلم (مثل برامج القرص المدمج التفاعلية).
  • استخدام سيناريوهات واقعية قائمة على المشكلات كمراسي للتعلم
  • تقديم المعلومات في شكل سردي، غالبًا من خلال الوسائط المتعددة
  • تشجيع الاستكشاف النشط وحل المشكلات
  • ربط المعرفة السابقة بمواقف التعلم الجديدة
  • تعزيز نقل المعرفة عبر سياقات مختلفة

وتشمل الجوانب الرئيسية للتعليم المرتكز

  • تنسيق التعلم التوليدي: حيث ينشئ الطلاب حلولًا للمشكلات المعقدة المقدمة في المرساة/ ركيزة التعلم.
  • العرض القائم على الفيديو: غالبًا ما يستخدم الفيديو لتقديم مشكلات واقعية مرتبطة بالسياق التعليمي.
  • تعقيد المشكلة: يركز على المشكلات المعقدة متعددة الخطوات التي تعكس المواقف الواقعية.
By Evan Glazer – http://epltt.coe.uga.edu/index.php?title=Problem_Based_Instruction, CC BY-SA 4.0, https://commons.wikimedia.org/w/index.php?curid=52126681

خطوات تصميم مقرر تعليم إلكتروني باستخدام هذه النظرية

أنت كمصمم تعليمي أو كمعلم في حال استباعك لمبادئ نظرية التعلم المرتكز ، فإن ثمة خطوات منهجية يجب عليك أخذها في الاعتبار أثناء تصميم مقررك وتقديمه.

  1. اختيار ركائز التعلم المناسبة:
    • الصلة بالمحتوى: يجب أن تكون ذات صلة مباشرة بالمحتوى الذي تريد تدريسه.
    • الإثارة والجاذبية: يجب أن تكون مثيرة للاهتمام ومحفزة للطلاب.
    • التعقيد: يجب أن تكون معقدة بما يكفي لتقديم تحديات وتشجيع التفكير النقدي، وتمثل تحدي للمتعلم دون المبالغة في التعقيد.
    • الواقعية: يجب أن تكون واقعية قدر الإمكان لكي يتمكن الطلاب من التعرف عليها، وبالتالي فالخبرات المقدمة هي خبرات سياقية بيئة قدر المستطاع.
  2. بناء السيناريو التعليمي: بعد الاستقرار على المرتكزات التعليمية التي سيتم إدراجها في المقرر ، يأتي دور بناء سيناريو يوظف تلك المرتكزات في سياق المقرر ، ويشمل السيناريو وصفا نصيا للآتي:
    • تحديد الأهداف التعليمية: حدد بوضوح الأهداف التي تريد تحقيقها من خلال المقرر.
    • كتابة المحتوى:قم بوصف المحتوى التعليمي وصفا نصيا دقيقا مع توظيف مرتكزات التعلم ضمن سياق الدرس بحيث يواجه الطلاب تحديات ومواقف تتطلب منهم تطبيق المعرفة والمهارات التي يتعلمونها.
    • تنوع الأنشطة: قم بتضمين مجموعة متنوعة من الأنشطة التفاعلية، مثل المحاكاة، وحل المشكلات، والبحث، والتعاون.
    • التغذية الراجعة والدعم : من أسس تصميم التعلم التفاعلي توافر التغذية الراجعة ( الرجع ) للتفاعل ، كذلك توفير الدعم والتوجيه أثناء قيام الطالب بحل المشكلة، لذلك يجب على المصمم التعليمي العمل على تصميم آليات الدعم المقدمة وأساليب الرجع.
  3. توفير متطلبات المقرر: بعد الانتهاء من بناء السيناريو والاستقرار على الانشطة والخبرات المقدمة فإن المصمم التعليمي يجب عليه أن يحدد احتياجاته من الموارد والأدوات
    • الأدوات العمل التعاوني: وفر أدوات تتيح للطلاب التعاون والعمل معًا لحل المشكلات.
    • الموارد التعليمية: قم بتوفير مجموعة متنوعة من الموارد التعليمية حسب متطلبات السيناريو، مثل النصوص، والصور، والفيديوهات، والتطبيقات التفاعلية.
  4. تقييم التعلم: يشمل التقييم جوانب ثلاث؛ المهاري/ الأدائي ، و تقييم المهارات العقلية العليا خصوصا التفكير النقدي، و تقييم العمل التعاوني.
    • تقييم المهارة: قم بتقييم قدرة الطلاب على تطبيق المعرفة والمهارات المكتسبة في مواقف جديدة.
    • تقييم التفكير النقدي: قم بتقييم قدرة الطلاب على التفكير النقدي وحل المشكلات المعقدة.
    • تقييم التعاون: قم بتقييم قدرة الطلاب على العمل معًا والتعاون.

أمثلة على استخدام نظرية Anchored Instruction في سياقات مختلفة:

  • في مجال العلوم: تصميم مدينة مستدامة، أو رحلة استكشافية إلى الفضاء.
  • في مجال الرياضيات: حل لغز جريمة، أو تصميم مشروع هندسي.
  • في مجال التاريخ: إعادة بناء حدث تاريخي، أو إنشاء متحف افتراضي.

ميزات استخدام نظرية Anchored Instruction:

  • زيادة الدافعية: تجعل التعلم أكثر متعة وإثارة.
  • تحسين الفهم: تساعد الطلاب على ربط المعرفة الجديدة بالواقع.
  • تطوير مهارات التفكير النقدي: تشجع الطلاب على التفكير بشكل عميق وحل المشكلات.
  • تعزيز التعاون: تشجع الطلاب على العمل معًا والتعلم من بعضهم البعض.

نظرية الدعم التدريجي أو دعامات التعلم
( السقالات التعليمية Instructional Scaffolding)

قدمت النظرية مفهوم السقالات التعليمية (Scaffolding) كأحد المفاهيم الأساسية التي تميز أساس التعلم الفعال. وقد استمدت جذورها من أفكار علماء النفس التربوي البارزين أمثال جيروم برونر و فيجوتسكي وغيرهم، حيث تقدم إطارًا منهجيا لفهم كيفية دعم المتعلمين أثناء تعلمهم بهدف اكتساب المعارف والمهارات. تعود أصول مفهوم السقالات التعليمية إلى السبعينيات، عندما قدمه عالم النفس الأمريكي جيروم برونر الذي اقترح أن المعلمين يجب أن يوفروا دعمًا مؤقتًا للمتعلمين، يشبه السقالات المستخدمة في البناء، لمساعدتهم على إنجاز المهام التي تتجاوز قدراتهم الحالية. هذا الدعم، وفقًا لبرونر، ينبغي أن يتم سحبه تدريجيًا مع تطور قدرات المتعلم، تمامًا كما تُزال السقالات عند اكتمال البناء.

إذا فالدعم التدريجي من منظور جيروم برونر ، يتضمن:

  • توفير دعم مؤقت للمتعلمين أثناء تطوير مهارات أو فهم جديد
  • التقليل التدريجي للدعم مع زيادة كفاءة المتعلمين
  • تكييف المساعدة مع المستوى الحالي لأداء المتعلم
  • مساعدة المتعلمين على سد الفجوة بين قدراتهم الحالية والهدف المطلوب

بالتوازي مع أفكار برونر، قدم عالم النفس الروسي ليف فيجوتسكي مفهومًا مكملًا وهو “منطقة النمو القريبة” (Zone of Proximal Development). هذا المفهوم يصف المساحة بين ما يمكن للمتعلم إنجازه بمفرده وما يمكنه تحقيقه بمساعدة شخص أكثر خبرة. أكد فيجوتسكي على أهمية التفاعل الاجتماعي في عملية التعلم، مشيرًا إلى أن التعلم يحدث بشكل أكثر فعالية عندما يتلقى المتعلمون الدعم المناسب ضمن هذه المنطقة.

Zone of Proximal Development (ZPD) هو مفهوم تم تطويره من قبل عالم النفس الروسي ليف فيجوتسكي، ويشير إلى الفجوة بين ما يمكن للفرد تعلمه بمفرده وما يمكنه تعلمه بمساعدة شخص آخر أكثر قدرة (مثل المعلم أو الزميل). يوضح فيجوتسكي أن التعلم الفعّال يحدث عندما يتم تقديم الدعم (scaffolding) في هذه المنطقة، مما يساعد المتعلم على النمو واكتساب مهارات جديدة تتجاوز قدراته الحالية.

الدعامات التعليمية في سياق التعليم الإلكتروني المعاصر

في سياق التعليم الإلكتروني المعاصر، تكتسب نظرية الدعامات التعليمية أهمية متزايدة. فمع انتقال كثير من عمليات التعلم إلى الفضاء الرقمي، أصبح من الضروري إعادة تصور كيفية تقديم الدعم للمتعلمين في بيئات التعلم الافتراضية. ويقوم تطبيق مبادئ الدعامات التعليمة في التعليم الإلكتروني من خلال عدة استراتيجيات مبتكرة. أحد الأساليب الفعالة هو تصميم دروس تفاعلية تقدم مستويات متدرجة من الصعوبة. هذا النهج يسمح للمتعلمين بالتقدم وفقًا لوتيرتهم الخاصة، مع توفير الدعم المناسب في كل مرحلة.

كما يمكن دمج أدوات المساعدة عند الطلب، مثل القواميس الإلكترونية أو الشروحات التوضيحية، لتوفير دعم فوري عندما يحتاجه المتعلم. كذلك استخدام الرسوم البيانية والخرائط الذهنية لتنظيم المعلومات يعد أسلوبًا آخر فعالًا لتطبيق مفهوم السقالات التعليمية في البيئة الرقمية. هذه الأدوات البصرية تساعد المتعلمين على فهم العلاقات بين المفاهيم المختلفة وتنظيم أفكارهم بشكل أكثر فعالية.كما تؤكد النظرية على توفير نماذج وأمثلة للمهام المطلوبة، إلى جانب التغذية الراجعة الفورية، مما يعزز عملية التعلم بشكل كبير.

وقد جمعت ريبيكا البرت في مقال بموقع “Edutopia” ست استراتيجيات فعّالة لدعم تعلم الطلاب وتعزيز مشاركتهم بشكل أعمق، وهي:

  1. النمذجة والممارسة الموجهة: يمكن للمعلمين أن يقدموا نماذج عملية ويوضحوا خطوات التفكير لتوفير أمثلة واضحة للطلاب عما يجب تحقيقه.
  2. استخدام الوسائل البصرية: دمج الصور أو المخططات أو مقاطع الفيديو يمكن أن يساعد في تبسيط المفاهيم المعقدة ويجذب المتعلمين بصريًا.
  3. تقسيم المهام إلى خطوات بسيطة: تقسيم الدروس إلى أجزاء أصغر ومنطقية يساعد المتعلمين على التركيز على جانب واحد حتى إتقانه قبل الانتقال إلى الجزء التالي.
  4. تقديم بدايات الجمل أو القوالب: إعطاء المتعلمين هيكلاً مبدئيًا يساعدهم على تنظيم أفكارهم وبناء الثقة، خاصة أثناء الكتابة أو المناقشات.
  5. إتاحة وقت للمناقشة: تسهيل المحادثات بين الأقران مع تقديم أسئلة موجهة يساعد المتعلمين على معالجة المعلومات الجديدة وربطها بمعرفتهم السابقة.
  6. تشجيع الإقدام على الممارسة لأجل التعلم: خلق بيئة آمنة يمكن للمتعلم ارتكاب الأخطاء فيها كجزء من عملية التعلم مما يحفز المتعلمين على التجربة والتعلم النشط.

وترى ريبيكا البرت أن هذه الاستراتيجيات تهدف إلى دعم المتعلمين وفقًا لمستواهم الحالي ونقلهم تدريجيًا نحو التعلم المستقل

العلاقة بين النظريتين

على الرغم من الاختلافات التي قد توجد بين كلتا النظريتين، لكن على جانب آخر تتكامل هاتان النظريتان مع بعضهما البعض بعدة طرق:

  • التعلم السياقي: تؤكد كلتا النظريتين على أهمية السياق في التعلم. يوفر التعليم المرتكز سياقًا تعليمية واقعية وغنية بالممارسة سميت “بالمراسي”، بينما يساعد الدعم التدريجي المتعلمين في نظرية الدعامات التعليمية على مساعدة المتعلمين على الانتقال في هذا السياق / التجارب وفهما.
  • التركيز على حل المشكلات: يقدم التعليم المرتكز مشكلات معقدة (مراسي) يطلب من المتعلم حلها، ويمكن استخدام الدعم التدريجي لمساعدة المتعلمين في حل هذه المشكلات وفقا لدعامات التعلم.
  • الاستكشاف الموجه: يشجع التعليم المرتكز على استكشاف مساحة المشكلة، بينما يوفر الدعم التدريجي الدعم اللازم لهذا الاستكشاف.
  • تنشيط المعرفة السابقة: تدرك كلتا النظريتين أهمية ربط التعلم الجديد بالمعرفة الموجودة.
  • الاستقلال التدريجي: يهدف التعليم المرتكز إلى تطوير مهارات حل المشكلات لدى المتعلم، والتي تتماشى مع الإزالة التدريجية للدعم في نظرية الدعامات التعليمية.
  • دور المعلم: في كلا النهجين، يتحول دور المعلم من التدريس المباشر إلى التيسير والدعم.

استخدامات كلتا النظريتين في التصميم التعليمي

تؤثر كلتا النظريتين على تصميم تجارب التعلم، خاصة في البيئات المعززة بالتكنولوجيا. لكن يمكن للجدول التالي توضيح نقاط الالتقاء والخلاف بين النظريتين:

الدعامات التعليمية Instructional Scaffoldingالتعليم المرتكز Anchored Instruction
تهدف إلى تقديم الدعم المؤقت للمتعلمين أثناء اكتسابهم للمهارات أو المعرفة، مع تقليل الدعم تدريجيًا لتعزيز الاستقلالية.تركز على توجيه المتعلم ضمن سياقات واقعية وذات معنى، غالبًا باستخدام نهج حل المشكلات أو السرد القصصي، بهدف تحفيز المتعلمين على استكشاف المشكلات المعقدة.
أنظمة التعلم التكيفية: تستخدم منصات مثل “أكاديمية خان” الدعائم عن طريق تعديل صعوبة المحتوى بناءً على أداء المستخدم، لضمان تقديم تحديات تتناسب مع مستوى المتعلم.
الدروس التفاعلية: توفر الإرشادات خطوة بخطوة لتوجيه المتعلمين خلال المهام المعقدة (مثل منصات البرمجة مثل Codecademy).
آليات التغذية الراجعة: تتضمن منصات التعلم الإلكتروني تغذية راجعة فورية وبناءة لمساعدة المتعلمين على تصحيح الأخطاء وفهم المفاهيم بعمق.
تقسيم المحتوى: يتم تقسيم المعلومات المعقدة إلى وحدات صغيرة ليسهل استيعابها، مما يساعد على بناء المعرفة تدريجيًا.
التعلم المبني على السيناريو: تُستخدم السيناريوهات والمحاكاة والدراسات الحقيقية في منصات مثل “Duolingo” أو المحاكاة الطبية لتوفير سياقات تعليمية ملهمة وواقعية.
العناصر التفاعلية: تُستخدم الفيديوهات والرسوم المتحركة وبيئات الألعاب لإضفاء الطابع السردي وجعل التعلم أكثر تشويقًا.
المواقف التعاونية: تدعم هذه النظرية التعلم التعاوني، حيث يناقش المتعلمون المشكلات معًا ويعملون على حلها، وهو ما يظهر في أنظمة إدارة التعلم الحديثة مثل Moodle وCanvas.
التعلم القائم على المشكلات (PBL): العديد من الدورات تعتمد مشاريع أو تحديات كمرتكزات لتشجيع المتعلمين على تطبيق معارفهم لحل مشكلات واقعية.

في سياق التصميم التعليمي للتعلم الإلكتروني، يمكن للمصمم التعليمي دمج هاتين النظريتين بشكل فعال كالآتي:

  • دمج الوسائل المتعددة التفاعلية: الاستفادة من الفيديو والوسائل التعليمية التفاعلية الأخرى لإنشاء مراسي غنية بالخبرات الواقعية ، وإعطاء تلك الوسائل بعدا تكيفيا ومراعاة تقسيمها لعناصر تعلم صغيرة LOs.
  • استخدام استراتيجية الاستكشاف الموجه: الجمع بين الطبيعة الاستكشافية للتعليم المتكز والدعم التدريجي أثناء الاستكشاف وفقا لنظرية دعامات التعلم.
  • تصميم مسارات تعليمية مخصصة: يمكن للمصمم التعليمي العمل على تصميم مسارات مختلفة للمتعلمين أثناء التفاعل مع المحتوى تربط المتعلم بسيناريوهات واقعية وفقا لطبيعة تفاعله، مما يعزز الفهم والاستفادة العملية. ويمكن استخدام المحاكات التعليمية والتعلم المقائم على السيناريو ضمن تصميمه لتلك المسارات.
  • تحفيز المتعلمين والحفاظ على دافعيتهم: تساهم وضع المشكلات التعليمية في سياقات التعلم في الحفاظ على اهتمام المتعلمين وزيادة التفاعل المعرفي، ويراعى تنوع الأنشطة وتدرج مستوياتها.
  • نقل المعرفة: تهتم الدعائم التعليمية على مساعدة الطالب على اكتساب المعرفة الأساسية، بينما يربط التعليم المرتكز على اكتساب المعارف من خلال التفاعل مع المواقف الواقعية، ومن ثم يجب على المصمم التعليمي تصنيف المعارف ووضعها في سياقاتها المناسبة.

في نهاية المقال يمكننا القول أنه قد ساهمت النظريتان في جعل بيئات التعلم الإلكتروني أكثر دعمًا وملاءمة وسعيًا نحو استقلالية المتعلمين وتنمية مهاراتهم التطبيقية، وأوجدت مفاهيم ومعالجات جديدة زادت من كفاءة التعليم الإلكتروني والتعلم عن بعد. كما خلقت استراتيجيات جديدة كالتعلم التكيفي والتعلم المبني على السيناريو والمحاكاة التعليمية.

المراجع

  • 4 Types Of Scaffolding In Education Explained | Increase Learning Success. (2024, June 29). Retrieved from https://scaffoldtype.com/4-types-of-scaffolding-in-education-2
  • Alber, R. (2014). 6 Scaffolding Strategies to Use With Your Students. Edutopia. Retrieved from https://www.edutopia.org/blog/scaffolding-lessons-six-strategies-rebecca-alber
  • Bransford, J.D. & Stein, B.S. (1993). The Ideal Problem Solver (2nd Ed). New York: Freeman.
  • Bransford, J.D. et al. (1990). Anchored instruction: Why we need it and how technology can help. In D. Nix & R. Sprio (Eds), Cognition, education and multimedia. Hillsdale, NJ: Erlbaum Associates.
  • CTGV (1990). Anchored instruction and its relationship to situated cognition. Educational Researcher, 19 (6), 2-10.
  • CTGV (1993). Anchored instruction and situated cognition revisted. Educational Technology, 33 (3), 52- 70.
  • Kurt, S. (2021). Anchored Instruction Model – Educational Technology. Educational Technology. Retrieved from https://educationaltechnology.net/anchored-instruction-model
  • Nance, A. (2024). 7 Scaffolding Learning Strategies for the Classroom. University of San Diego – Professional & Continuing Education. Retrieved from https://pce.sandiego.edu/scaffolding-in-education-examples
  • Reiser, R. A., & Dempsey, J. V. (2012). Trends and Issues in Instructional Design and Technology. Pearson.
  •  Tharp, R. G., & Gallimore, R. (1988). Rousing Minds to Life: Teaching, Learning, and Schooling in Social Context. Cambridge University Press.

عن د مصطفى جودت

أستاذ تكنولوجيا التعليم المشارك بجامعة الملك سعود ، وجامعة حلوان مدير تطوير المحتوى الرقمي بجامعة الملك سعود
error: Content is protected !!