إعداد: د. مصطفى جودت صالح

النسبة الذهبية (The Golden Ratio)، التي يُرمز إليها بالحرف الإغريقي فاي (Φ أو ϕ)، هي ثابت رياضي غير نسبي يُقدّر تقريباً بـ 1.618. وتُعرّف هذه النسبة الفريدة بأنها العلاقة التناسبية التي تنشأ عند تقسيم قطعة مستقيمة إلى جزأين غير متساويين، بحيث تكون نسبة الطول الكلي للقطعة إلى الجزء الأطول مساوية لنسبة الجزء الأطول إلى الجزء الأقصر.
تُعرف النسبة الذهبية أيضاً بأسماء أخرى مثل “النسبة الإلهية” (Divine Proportion) أو “القطع الذهبي” (Golden Section) ، وقد ارتبطت منذ العصور القديمة بمفاهيم الجمال والانسجام الكوني والتوازن، حيث تم استخدامها في أعمال معمارية وفنية بارزة، ويُعتقد أنها موجودة في الطبيعة والبيولوجيا. كما أنها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بمتتالية فيبوناتشي، حيث تقترب نسبة كل رقم إلى سابقه من قيمة Φ كلما تقدمت المتتالية.
أهمية اختيار الألوان في المحتوى التعليمي الرقمي
يلعب اللون دورًا حاسمًا في بيئات التعلم الرقمية، إذ يؤثر على مشاعر المتعلمين وتركيزهم ومعالجتهم المعرفية. يكشف علم نفس الألوان أن درجات الألوان يمكن أن تثير استجابات عاطفية محددة – فالأزرق يعزز الهدوء والثقة، والأحمر يعزز الانتباه والإلحاح، بينما يعزز الأخضر التوازن والنمو. في التعلم الإلكتروني، تترجم هذه الاستجابات النفسية مباشرةً إلى نتائج تعلم. على سبيل المثال، يمكن لأنظمة الألوان الباردة تحسين الفهم من خلال تقليل التعب البصري، بينما يمكن للألوان المتباينة تحسين سهولة القراءة وإبراز العناصر التعليمية الرئيسية. من منظور الحمل المعرفي، يمكن للألوان أيضًا أن تساعد في هيكلة المعلومات ودعم نظرية الترميز المزدوج – وهي فكرة أن المعلومات يسهل الاحتفاظ بها عند عرضها من خلال القنوات اللفظية والبصرية . ومع ذلك، فإن اختيار مجموعات الألوان بشكل غير صحيح يمكن أن يؤدي إلى الإفراط في التحفيز أو التداخل المعرفي، مما يقلل من قدرة المتعلمين على معالجة المعلومات بكفاءة. ومن ثم، فإن اتباع نهج منظم قائم على الأدلة لاختيار الألوان أمر ضروري، وهنا يمكن للنسبة الذهبية أن تعمل كإطار منهجي لتحقيق التوازن الجمالي والمعرفي.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو؛ لماذا يبحث المصمم التعليمي على قواعد واضحة لاختيار اللون ؟
يتطلب التصميم التعليمي الفعّال في العالم الرقمي واجهاتٍ لا تقتصر على تماسكها الوظيفي فحسب، بل تشمل أيضًا هيكلة بصرية جذابة. جيث تؤثر خيارات التصميم المختلفة ، وخاصةً اختيار العناصر المرئية ، على كيفية معالجة المتعلمين للمعلومات وحفظها واسترجاعها. وتؤكد الأبحاث أن الجماليات أساسية في التأثير على استجابة المستخدم الفورية، وحكمه اللاحق على سهولة الاستخدام والمصداقية. فعندما يواجه المستخدمون واجهة جذابة ومنظمة بصريًا، يزداد احتمال تفاعلهم مع المادة، وهي ظاهرة تُعرف باسم “تأثير سهولة الاستخدام الجمالي Aesthetic Usability Effect”.
لذلك، يجب على مصممي التعليم البحث عن أطر منهجية تُحوّل الخيارات الجمالية إلى ما هو أبعد من مجرد التفضيل الشخصي، ودمجها بثبات ضمن نظريات التعلم . ففي حين أن نظرية اللون ونظرية الحمل المعرفي (CLT) تُعدّان أساسيتين لتصميم تعليم إلكتروني سليم، إلا أن هناك ضرورةً استراتيجيةً لاستخدام مبادئ هيكلية تُنظّم توزيع هذه العناصر المرئية.
وبعد أن ناقشنا في مقال سابق أسس اختيار الألوان في مقررات التعليم عن بعد وحددنا عدد من المعايير المرتبطة بالتفضيل اللوني، وعوامل التباين والتناغم و معايير الانقرائية وإدراك اللون، يستخدم المقال الحالي مؤشر حسابي لاختيار الألوان يمكن ان يستخدمه المصمم التعليمي خاصة بالنسبة لعناصر المحتوى المولدة آليا. وليس معنى ذلك أن يقوم المصمم بحساب قيمة كل لون لكن أغلب برامج التصميم الحديثة بها ما يعرف ببالتة الوان النسبة الذهبية وهي اختيارات مسبقة للألوان بناءا على النسبة الذهبية.
تطبيق النسبة الذهبية على اختيار الألوان
يمكن تطبيق النسبة الذهبية على اختيار الألوان من خلال تحديد نسبة هيمنة الألوان في التركيبة. على سبيل المثال، عند تصميم واجهة تعليم إلكتروني أو عرض شرائح، يمكن توزيع الألوان وفقًا للنسبة 62%: 38% (تقريبًا φ). هذا يعني أن لونًا مهيمنًا واحدًا يشغل حوالي 62% من المساحة المرئية، بينما يشغل اللون الثانوي 38%. يتوافق هذا التوازن النسبي مع التفضيلات البصرية الطبيعية ويُخفف من الحمل المعرفي.
وهناك تطبيق أكثر تطورًا يتضمن استخدام النسبة الذهبية في تدوير عجلة الألوان. يمكن للمصممين الدوران حول عجلة الألوان بزاوية 137.5 درجة تقريبًا – ما يُسمى بالزاوية الذهبية golden angle – لإيجاد أزواج ألوان تُكمل بعضها البعض بشكل طبيعي. تُنتج هذه العلاقة الرياضية تركيبات تبدو متباينة ومتناغمة في آن واحد.

على سبيل المثال: اللون الأساسي: أزرق غامق (#0057A3) لون الزاوية الذهبية: برتقالي دافئ (#FFA340) التوازن المحايد: خلفية رمادية فاتحة (#F2F2F2) تُحقق هذه التركيبات توازنًا ديناميكيًا بين درجات الألوان الباردة والدافئة، مما يُعزز سهولة القراءة والتفاعل العاطفي.
مثال: نسب ألوان النسبة الذهبية في تصميم الواجهة قد تستخدم لوحة معلومات التعلم الإلكتروني ما يلي:
اللون الأساسي (نسبة φ) – خلفية زرقاء ناعمة بنسبة 62% (#E3F2FD)
اللون الثانوي (نسبة 1/φ) – برتقالي مميز بنسبة 38% للأزرار والعناصر البارزة (#FFA340)
العناصر المحايدة – درجات الرمادي والأبيض للنص ومناطق المحتوى يضمن هذا التوزيع الحفاظ على التسلسل الهرمي البصري والترابط العاطفي للواجهة، وتجنب الرتابة والإفراط في التحفيز.

سيكلوجية اللون
يشير علم النفس المعرفي إلى أن المتعلمين يعالجون المعلومات البصرية بكفاءة أكبر عندما تلتزم عناصر التصميم بمبادئ إدراكية كالتوازن والتباين والوحدة. تُقدم النسبة الذهبية طريقةً قابلةً للقياس لتحقيق هذا التناغم. فعندما تكون الألوان متوازنة تناسبيًا وفقًا لـ φ، فإنها تُقلل من إجهاد الإدراك وتُوجه الانتباه نحو العناصر التعليمية الرئيسية. يتوافق هذا المبدأ مع نظرية الجشطالت، وخاصةً قوانين القرب والتشابه، التي تصف كيفية تجميع العناصر البصرية في إدراك المتعلم. على سبيل المثال، تُظهر الأبحاث المتعلقة بتصميم الواجهة أن المستخدمين يشعرون برضا أكبر وإنجازًا أسرع للمهام عندما تتبع تخطيطات الألوان مخططات متوازنة تناسبيًا . في سياقات التعلم الإلكتروني، يُترجم هذا إلى تنقل أكثر سهولة، وتذكر أفضل للإشارات التعليمية، وتقليل العبء المعرفي غير الضروري. يمكن لواجهة الدورة التدريبية التي تستخدم النسبة الذهبية في خلفيتها وألوانها المميزة أن توجه المتعلمين دون وعي نحو المعلومات الأساسية، مما يدعم الانتباه الموجه نحو الهدف – وهو عنصر أساسي في التعلم الفعال .

الفكرة الأولى التي يبرزها الإنفوجرافيك هي أن الألوان الدافئة مثل الأحمر والبرتقالي تُستخدم لجذب الانتباه إلى العناصر المهمة، في حين أن الألوان القوية ينبغي أن تُستخدم بشكل استراتيجي ومدروس حتى لا ترهق العين أو تُفقد النصوص وضوحها. كما يوضح أن اختيار تباين جيد بين لون النص ولون الخلفية يمكن أن يحسّن قابلية القراءة بنسبة تصل إلى 40%، مما يسهل عملية الفهم والاستيعاب لدى المتعلم.
أما في الجزء الأخير، فيشير التصميم إلى أن استخدام الألوان المناسبة وفقًا لمعانيها الثقافية والنفسية يساعد على تعزيز التعلّم وربط المعلومات بالانفعالات المناسبة، مما يسهل التذكر والاستدعاء لاحقًا. كما يؤكد على أهمية اختيار توليفات لونية متناغمة باستخدام عجلة الألوان، إذ يُعد التناسق اللوني من أكثر العوامل التي تسهم في تجربة تعلم بصرية مريحة وجذابة. بهذا، يقدم الإنفوجرافيك دليلاً عمليًا لمصممي التعلم الإلكتروني حول كيفية تسخير علم الألوان لخدمة أهداف التعلم بطريقة فعالة وجذابة.
الألوان والذاكرة
في بيئات التعلم الإلكتروني، يتجاوز دور اللون مجرد الزخرفة، إذ يعمل كإشارة بصرية قوية تؤثر بشكل كبير على إدراك المتعلم. تُظهر الدراسات أن الإشارات اللونية تُحسّن بشكل كبير من قدرة المتعلمين على تذكر المعلومات، حيث يتذكر المتعلمون الصور الملونة بسهولة أكبر بكثير من الصور بالأبيض والأسود.
كما يؤثر الاختيار الاستراتيجي للون على الحالات العاطفية والنفسية المُساعدة على التعلم. فاللون الأزرق، المرتبط بالسماء والبحار، يُثير الهدوء والسكينة، مما يجعله مناسبًا للمواضيع عالية التوتر أو المعقدة التي تتطلب تركيزًا. أما الألوان الدافئة، مثل البرتقالي، فتُثير الإبداع والطاقة، بينما يُعرف الاستخدام الحكيم للون الأحمر بتحفيزه للحواس البصرية وتعزيز قدرته على تذكر المعلومات من خلال جذب الانتباه الفوري.
وعلى الرغم من قدرة البشر على التمييز بين ملايين الألوان، إلا أننا نواجه صعوبة في تذكر درجات ألوان محددة لأن أدمغتنا تميل إلى تخزين ما رأيناه كأحد الألوان الأساسية القليلة، وفقًا لما اكتشفه فريق بحثي بقيادة جامعة جونز هوبكنز. في دراسة بحثية جديدة نُشرت في مجلة علم النفس التجريبي: طعن باحثون بقيادة عالم النفس الإدراكي جوناثان فلومباوم في الافتراضات المعيارية المتعلقة بالذاكرة، موضحين لأول مرة أن ذاكرة الناس للألوان تميل لصالح “أفضل” نسخ من الألوان الأساسية على حساب الألوان التي رأوها بالفعل.

على سبيل المثال، هناك الأزرق السماوي، وهناك الأزرق البحري، وهناك الأزرق الكوبالت، والأزرق اللازوردي. الدماغ البشري حساس للاختلافات بين هذه الألوان – يمكننا، في النهاية، التمييز بينها. ولكن عند تخزينها في الذاكرة، يُطلق الناس على جميع هذه الألوان المختلفة اسم “الأزرق”، كما وجد الباحثون. وينطبق الشيء نفسه على درجات اللون الأخضر والوردي والأرجواني وما إلى ذلك.
نظرية الحمل المعرفي واختيار اللون
تفترض نظرية الحمل المعرفي أن سعة الذاكرة العاملة محدودة؛ وبالتالي، يجب على المصممين تقليل العبء الواقع على هذه السعة بسبب خيارات التصميم غير الفعّالة.كما يُولّد التحفيز البصري المفرط، الذي يُشار إليه غالبًا باسم “شغب قوس قزح rainbow riot”، أو المحتوى البصري غير المنظم، عبئًا ذهنيًا إضافيًا، يُشتت انتباه المتعلمين ويُقلل بشكل كبير من فعالية التعليم.
يُعرّف العبء المعرفي الخارجي Extraneous load بأنه الجهد الذهني المبذول في معالجة عناصر التصميم التي لا تُسهم بشكل مباشر في تحقيق نتيجة التعلم. أي أنه الجهد العقلي الذي يُكرّس لمعالجة العناصر الموجودة في بيئة التعلم والتي لا تساهم بشكل مباشر في تحقيق الأهداف التعليمية. بعبارة أبسط ، هو الحمل الذهني الناتج عن الطريقة التي يتم بها تقديم المحتوى، بدلاً من أن يكون ناتجاً عن الصعوبة الكامنة للمادة التعليمية نفسها.
يُعد الاستخدام الاستراتيجي للألوان، المعروف باسم “التلميح البصريvisual cueing”، أسلوبًا تعليميًا فعالًا لتوجيه الانتباه وإدارة هذا العبء. يُمكن أن يُساعد الترميز اللوني والخلفيات المُهيكلة في تقليل العبء الذهني، خاصةً عند عرض المفاهيم التي تتطلب جهدًا ذهنيًا كبيرًا.
يُمثل مبدأ التناغم الجمالي القائم على النسبة الذهبية عاملا أساسيًا ضد التعقيد البصريvisual complexity، مما يضمن معالجة البيئة البصرية الأساسية على أنها مُنظمة ومتوازنة. يُقلل هذا التحسين من المعالجة المطلوبة لبنية واجهة التفاعل مع المتعلم، مما يُحرر الذاكرة العاملة للجهد الذهني اللازم للتعلم الفعلي.
توضح عديد من الأبحاث أن المثيرات البصرية المعتمدة على النسبة الذهبية تتم معالجتها بشكل أسرع بواسطة النظام البصري للمتعلم مما يقلل بشكل جوهري من الحمل المعرفي الخارجي المرتبط بالإدراك البصري.
تطبيق النسبة الذهبية على الختيار الألوان
في تصميم واجهات التفاعل عمليا، غالبًا ما يُترجم تطبيق النسبة الذهبية أو فاي Φ على الألوان وفقا لقاعدة 60-30-10. تُعرف هذه التقنية الشائعة باختيار اللون وفقا للنسبة الذهبية، حيث توفر حلا عمليا يوازن بين العمق والتباين والتوازن البصري اللازمين.
تطبيق النسبة على تصميم واجهات التفاعل:
60% مخصصة للون السائد، و30% للون الثانوي، و10% مخصصة للون المميز.
ربط وظيفة اللون بنسب فاي في واجهة مستخدم التعلم الإلكتروني يضمن استخدام الألوان وفقًا لوظيفتها التعليمية وتأثيرها النفسي: 60% سائد (مُثبّت): تمثل هذه النسبة الأكبر الأساس البصري لواجهة التفاعل أو قالب المقرر، وتُطبق عادةً على الأطر الرئيسية والأسطح الكبيرة وعناصر الخلفية. من الناحية التعليمية، يجب أن يوفر هذا اللون تباينًا عاليًا في السطوع مع النص، والذي يتحقق غالبًا من خلال درجات ألوان محايدة أو هادئة ومنخفضة التشبع (مثل الرمادي الفاتح، أو الباستيل، أو الأزرق الفاتح) لتقليل التشتيت وزيادة التركيز. 30% ثانوي (موصل): يُكمل هذا اللون اللون السائد، مما يُضفي بُعدًا وتباينًا دقيقًا. يُستخدم للعناصر الهيكلية مثل الأشرطة الجانبية، والعناوين، وكتل القالب الرئيسي، وقوائم التنقل. تُساعد هذه النسبة في تحديد التسلسل الهرمي البصري للمحتوى، وتحسين سهولة تصفح المعلومات وتنظيمها. 10% تلميحات (إشارة/فعل): مُخصصة حصريًا للإشارات البصرية، وتُخصص هذه النسبة الأصغر للعناصر عالية التأثير مثل التحذيرات المهمة، ورسائل الملاحظات، والأزرار التفاعلية، وعبارات الحث على اتخاذ إجراء. إن تحديد الألوان عالية التأثير (مثل الأحمر أو البرتقالي) بنسبة 10%، والذي تفرضه نسبة Φ، يضمن أقصى فعالية لها في توجيه الانتباه، مع تقليل خطر الإفراط في استخدام الألوان الزاهية. يعمل هذا القيد الرياضي كحماية من الفوضى البصرية، محولاً النسبة الذهبية إلى آلية “سلامة معرفية”.


كيف تبني لوحة ( بالتة) ألوانك الخاصة ؟
بالإضافة إلى التوزيع النسبي المشار إليه في الفقرة السابقة (60/30/10) ، يمكن استخدام النسبة الذهبية لاستخلاص قيم ألوان محددة ومترابطة ومتوافقة مع النماذج الرقمية للنسبة الذهبية وذلك باستخدام نموذج ألوان RGB (الذي يعطي قيم لونية من 0 إلى 255)، يمكن توليد القيم الأساسية بضرب القيمة القصوى (255) في 0.618 (أي 1/Φ) وتكرار العملية. ينتج عن ذلك قيم أساسية هي 255، 158، 97، و0. حيث تعد النماذج اللونية / الحسابية الناتجة ، مثل الأخضر (0، 158، 97) أو البرتقالي (255، 158، 0)، خيارات ألوان متناغمة بشكل منهجي. يمكن توسيع نطاق هذا المنهج ليشمل نماذج الصبغة والتشبع والقيمة (HSV/HSL)، حيث تُستخدم علاقات Φ لضبط التشبع والقيمة، مما يضمن بقاء الاختلافات داخل اللوحة مترابطة ومتوازنة من الناحية الجمالية.

يوضح هذا الشكل النتائج التجريبية حول أفضل تفضيلات ألوان النصوص والخطوط الرفيعة بالنسبة إلى لون الخلفية، وفقًا لدراسة (Murch, 1987) كما وردت في Vanderdonckt & Beirekdar (2005). يبين الجدول أن درجة التباين بين لون النص والخلفية هي العامل الأكثر تأثيرًا في وضوح القراءة وسهولة الإدراك البصري. على سبيل المثال، على خلفية بيضاء كانت الألوان الأزرق (94%) والأسود (63%) هي الأكثر تفضيلاً، بينما اللون الأحمر (25%) كان الأقل وضوحًا. في المقابل، على خلفية سوداء، كانت النصوص البيضاء (75%) والصفراء (63%) هي الأكثر وضوحًا.
أما الخلفيات الملونة مثل الأخضر أو الأزرق أو الأصفر فتُظهر أن الألوان المكملة — أي الألوان المقابلة لها في عجلة الألوان — تحقق أعلى نسب تفضيل، لأنها توفر تباينًا بصريًا قويًا يسهل التمييز. فعلى سبيل المثال، كان النص الأسود على خلفية خضراء (100%) هو الأكثر وضوحًا، بينما كان النص الأحمر على نفس الخلفية (25%) الأقل تمييزًا. تؤكد هذه النتائج أهمية استخدام التباين العالي بين النص والخلفية في تصميم الواجهات التعليمية الرقمية لضمان وضوح المحتوى وتقليل إجهاد العين لدى المتعلمين.
للمزيد : https://jolt.merlot.org/vol10no4/Richardson_1214.pdf
يُعدّ النظام اللوني أحمر-أخضر-أزرق (RGB) النموذج الأساسي والأكثر شيوعاً لتكوين وعرض الألوان في البيئات الرقمية. وهو نظام يعتمد على مبدأ الإضاءة (Light Emission)، مما يجعله المحرك الرئيسي لشاشات العرض الرقمية، مثل شاشات الحواسيب، والهواتف الذكية، وأجهزة التلفاز.
تُعد نماذج الصبغة والتشبع والقيمة (HSV) ونماذج الصبغة والتشبع والإضاءة (HSL) بدائل نموذجية للنظام اللوني RGB، وقد تم تطويرها خصيصاً لتكون أكثر توافقاً مع كيفية إدراك العين البشرية للألوان. وعلى عكس نموذج RGB الذي يحدد الألوان عبر شدة الأضواء الحمراء والخضراء والزرقاء، تعيد نماذج HSV و HSL ترتيب الأبعاد الهندسية لنظام RGB في مساحات أسطوانية (Cylindrical) أكثر سهولة وبديهية للمستخدمين والمصممين.
تُستخدم هذه النماذج Hue, Saturation, Value/Lightness على نطاق واسع في برامج تحرير الصور، وأدوات اختيار الألوان (Color Pickers)، وفي تطبيقات الرسوميات الحاسوبية.
يُظهر هذا الجدول كيف يمكن توظيف نسبة التوزيع اللوني وفق متوالية النسبة الذهبية (Phi) في تصميم واجهات التعليم الإلكتروني بطريقة تحقق التوازن البصري والوظيفي. إذ تُخصص نسبة تتراوح بين 60–62% للّون السائد أو الخلفية لتوفير تباين عالٍ مع النصوص وتقليل الإجهاد البصري، مما يخلق بيئة تعلم مريحة ومستقرة. بينما تُستخدم نسبة 30–38% كلون ثانوي لتحديد العناصر البنيوية مثل أشرطة التنقل أو مناطق التنظيم البصري، مما يساعد المتعلم على المسح البصري السلس وفهم الهيكل العام للمحتوى. أما النسبة الأصغر 8–10% فتُخصص للألوان المميزة أو التوكيدية التي تُستخدم في إشارات التغذية الراجعة، والتنبيهات، والأزرار التفاعلية، لتوجيه انتباه المتعلم نحو المعلومات المهمة وتعزيز الاحتفاظ المعرفي. يعكس هذا التقسيم فهماً دقيقاً لكيفية تحويل الجماليات الرياضية إلى استراتيجية تعليمية فعّالة تدعم تجربة التعلم الرقمية.
كلمة أخيرة
بدون ألوان، سيكون العالم مجرد ظلال رمادية باهتة ومملة. حيث أن للألوان قدرة على تهدئتنا، وإيقاظنا، وربطنا بالطبيعة. كما أنها تُمكّننا من التعبير عن مشاعر معينة في تصميم محتوانا التعليمي الإلكتروني. ولكل لون وظيفة نفسية وجمالية وإدراكية لكن التحدي الحقيقي يقع في إيجاد آلية واحدة معيارية لاختيار الألوان تقلل من ذاتية المصمم قدر المستطاع، وقد لجأ بعض المصممين منذ نهاية الستينيات إلى ما سمي بالنسبة الذهبية وهي نسبة تم استشفافها من المخلوقات فيما حولنا ومحاولة إيجاد علاقة رياضية بين الشكل واللون.
وباستعراض المقال الحالي يتضح لنا أن استخدام النسبة الذهبية في اختيار الألوان للمحتوى الرقمي يؤدي إلى تكامل الجانب الرياضي مع الاحساس الجمالي الفني وينعكس إيجابا على الوظيفة الإدراكية وبالتالي سهولة الوصول للمحتوى Content Accessability، حيث تُقدم النسبة الذهبية لمصممي التعليم إطارًا قويًا ومبررًا رياضيًا لاختيار الألوان وتوزيعها بشكل منهجي في اختيار المحتوى الرقمي لمقررات التعليم الإلكتروني. وبعيدًا عن الجدل التاريخي حول هذه النسبة، تُقدم Φ آليةً أساسيةً لإنشاء واجهات متوازنة بصريًا وفعّالة معرفيًا تدعمها عديد من الأدلةالناتجة عن عدد من البحوث التجريبية. حيث ترتبط تلك النسبة بمعالجة بصرية أسرع – وهو عامل حاسم في تقليل العبء المعرفي غير الضروري وتحسين فعالية التعليم بشكل عام. ومن خلال تطبيق نموذج التناسب 60-30-10، تُنظّم النسبة الذهبية استخدام الألوان، وتضمن استخدام الألوان الجذابة باعتدال مما يؤثر إيجابا على جذب الانتباه والاستدعاء وفي نفس الوقت يمنع التشتيت البصري والإرهاق المعرفي.
المراجع
Accessible use of color in figures. (2022, July). Retrieved from https://apastyle.apa.org/style-grammar-guidelines/tables-figures/colors
Clark, R. C., & Lyons, C. (2011). Graphics for learning: Proven guidelines for planning, designing, and evaluating visuals in training materials (2nd ed.). Pfeiffer.
Crudu, V. (2025). Mastering UI Design – Balancing Functionality and Aesthetics for Optimal User Experience. Vasile Crudu. Retrieved from https://moldstud.com/articles/p-mastering-ui-design-balancing-functionality-and-aesthetics-for-optimal-user-experience
De Bartolo, D., De Luca, M., Antonucci, G., Schuster, S., Morone, G., Paolucci, S., & Iosa, M. (2021). The golden ratio as an ecological affordance leading to aesthetic attractiveness. Psych Journal, 11(5), 729. doi: 10.1002/pchj.505
Elliot AJ, Aarts H. Perception of the color red enhances the force and velocity of motor output. Emotion. 2011 Apr;11(2):445-9. doi: 10.1037/a0022599. PMID: 21500913.
Elliot, A. J., & Maier, M. A. (2014). Color psychology: Effects of perceiving color on psychological functioning in humans. Annual Review of Psychology, 65, 95–120. https://doi.org/10.1146/annurev-psych-010213-115035
Gao, Z., Zhang, W., & Chen, L. (2021). Applying aesthetic principles to improve engagement in corporate e-learning systems. Computers & Education, 166, 104168. https://doi.org/10.1016/j.compedu.2021.104168
Germeroth, K. (2024). Understanding Cognitive Load Theory for better online course design. Moodle US. Retrieved from https://moodle.com/us/news/understanding-cognitive-load-theory-for-better-online-course-design
Hsiao, K. F., & Su, L. Y. (2020). Effects of golden ratio-based design on learners’ cognitive load and aesthetic satisfaction in MOOCs. Educational Technology & Society, 23(2), 152–164.
Loi, E., De Tommaso, M., & Livio, C. (2022). Golden ratio preference, aesthetic judgment, and visual affordance: An empirical study on neuroaesthetics. Brain Sciences, 12(12), 1640. https://doi.org/10.3390/brainsci12121640
Mayer, R. E. (2009). Multimedia learning (2nd ed.). Cambridge University Press.
Pappas, C., & Pappas, C. (2023). The eLearning Color Guide: Evoking The RIGHT Emotion. eLearning Industry. Retrieved from https://elearningindustry.com/the-elearning-color-guide-evoking-the-right-emotion
Parrish, P. E. (2007). Aesthetic principles for instructional design. Educational Technology Research and Development, 57(4), 511–528. doi: 10.1007/s11423-007-9060-7
Quint, C., & Taylor, S. (2019). The influence of visual design on user perception: Evidence from color harmony and layout proportion studies. Design Studies, 65, 50–67. https://doi.org/10.1016/j.destud.2019.08.004