تأثير الشرح المجرد مقابل التعرض المجرد في التعليم الإلكتروني

د. مصطفى جودت صالح

يتطلب تصميم أنظمة التعليم الإلكتروني الحديثة وتقييمها فهماً دقيقاً للعمليات المعرفية والوجدانية البشرية. غالباً ما يُقاس نجاح التعليم الرقمي على محورين متمايزين، قد يكونان متعارضين أحياناً: رضا الطلاب والإنجاز الواضح. يمثل رضا الطلاب، والمثابرة، والرغبة في مواصلة التعلم عبر الإنترنت متغيرات وجدانية، تتأثر بشدة بتقييم المستخدم الإيجابي لنظام التعلم وواجهته. وعلى النقيض من ذلك، فإن الإتقان الواضح، والفهم، والقدرة على نقل المعرفة هي متغيرات معرفية، تتطلب استراتيجيات تعليمية محددة تتماشى مع قيود الذاكرة العاملة ومتطلبات التخزين طويل الأمد.  

يجب على التصميم التعليمي أن يستخدم مبادئ نفسية متميزة عن قصد لتحسين كل من المشاركة الوجدانية والإنجاز المعرفي. إذا ركز التصميم فقط على جعل تجربة التعلم ممتعة وسلسة (لزيادة الرضا)، فإنه يخاطر بإهمال المعالجة الجهدية الضرورية للتعلم العميق، مما قد يؤدي إلى وهم ما وراء معرفي بالكفاءة. لذلك، فإن التمييز بين الآليات التي تعزز الإعجاب وتلك التي تعزز التعلم أمر بالغ الأهمية.

تعريف التأثيرين وعلاقتهما بالتعليم الإلكتروني

يركز هذا المقال على ظاهرتين نفسيتين مرتبطين بمبدئي التكرار والألفة هما: تأثير العرض المجرد (Mere Expository Effect) وتأثير التعرض المجرد (Mere Exposure Effect).

يشير تأثير التعرض المجرّد (Mere Exposure Effect) إلى ظاهرة نفسية اكتشفها عالم النفس روبرت زايونك (Robert Zajonc) في ستينيات القرن العشرين، وتتمثل في أن الأفراد يميلون إلى تفضيل الأشياء أو الأشخاص أو الأصوات أو الكلمات التي يتعرضون لها بشكل متكرر، حتى وإن كان هذا التعرض غير مقصود أو دون وعي. فببساطة، كلما رأينا شيئًا أكثر أو سمعناه أكثر، زاد إحساسنا بالألفة تجاهه، وبالتالي أصبحنا نميل إلى تقييمه إيجابيًا.

يُستخدم هذا المبدأ في مجالات متعددة مثل التسويق والإعلان والتعليم، حيث يُستفاد منه في تعزيز التعلّم والتقبّل. ففي البيئة التعليمية، يمكن استغلال تأثير التعرض المتكرر لترسيخ المفاهيم والمصطلحات الجديدة لدى المتعلمين، إذ إن التكرار المنتظم في سياقات مختلفة يجعل المعلومة مألوفة وسهلة الاستدعاء. كما أن هذا التأثير يفسر كيف يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي، من خلال التفاعل المستمر مع المستخدم، أن يصبح أكثر قبولًا وسلاسة في التواصل بمرور الوقت.

يشير تأثير العرض/ الشرح المجرد (MEI)، في هذا السياق، إلى الاستراتيجية التعليمية للتعليم الشارح أو التفسيري (Expository Instruction) — والذي يهدف إلى النقل التقليدي للمعرفة المنظمة (مثل المحاضرات، والنصوص، وشروحات الوسائط المتعددة) حيث يتم تقديم المحتوى بطريقة تعليمية للطالب. “التأثير” هنا هو نتيجة لتطبيق مبادئ تعليمية سليمة لتحقيق أهداف معرفية محددة، وتحديداً اكتساب المعرفة الصريحة، والفهم، والقدرة على نقل المادة المتعلمة بنجاح. يتعلق تأثير العرض المجرد (MEI) بشكل أساسي بتحسين الآليات المعرفية الضرورية للتعلم.  

موذج التعليم الشارح

يوضح النموذج خطوات إعداد مواد تعلم بالاعتماد على نموذج التعليم الشارح (Expository Teaching Model)، وهو نموذج يقوم على تقديم المحتوى بطريقة منظمة ومنطقية لتسهيل الفهم والاستيعاب. تبدأ العملية بتحديد الأهداف التعليمية (Giving goals) لتوضيح ما يُتوقع من المتعلم تحقيقه، ثم تُقدَّم المنظِّمات المتقدمة (Advanced Organizers) التي تعمل كإطار ذهني يساعد المتعلم على ربط المعرفة الجديدة بالمعارف السابقة. بعد ذلك، يُعرض المحتوى بشكل هرمي (Presentation of content hierarchically) من العام إلى الخاص أو من البسيط إلى المعقد، مما يدعم بناء الفهم التدريجي.

تُتبع هذه الخطوة بـ تقديم أمثلة تطبيقية مرتبطة بالمحتوى (Presentation of samples related to content) لمساعدة المتعلم على إدراك كيفية استخدام المفردات في سياقات حقيقية. بعد ذلك، تأتي مرحلة التمارين والتكرار (Exercises & Repetition) لترسيخ التعلم وتعزيز الذاكرة طويلة المدى. تُختتم العملية بمرحلتي التقويم (Evaluation) لتحديد مدى تحقق الأهداف، والتغذية الراجعة (Feedback) التي توجّه المتعلم نحو تصحيح الأخطاء وتحسين الأداء. يعكس هذا النموذج تطبيقًا عمليًا لفلسفة أوزوبل في التعليم الشارح، التي تؤكد على التنظيم المعرفي، وربط المعلومات الجديدة بالبنية الذهنية القائمة لدى المتعلم.

التعرض المجرد: تحقيق التفضيل الوجداني

آليات تأثير التعرض المجرد: الطلاقة الإدراكية، التعود، وتقليل عدم اليقين

يعمل تأثير التعرض المجرد إلى حد كبير من خلال عمليات الذاكرة الضمنية، مما يعني أن المواقف الإيجابية يمكن أن تتشكل حتى دون استدعاء واعي لحدث التعرض. الآلية المركزية هي الزيادة في الطلاقة الإدراكية — سرعة وسهولة معالجة المُحفز. عندما يصبح المُحفز أسهل في المعالجة بسبب التكرار، تُنسب هذه الطلاقة دون وعي إلى التقييم الوجداني الإيجابي، أو “الإعجاب” .  

من وجهة نظر تطورية، فإن تأثير التعرض المجرد منطقي: قد تشير العناصر غير المألوفة إلى تهديد محتمل، في حين تشير المحفزات المألوفة إلى الأمان، مما يقلل من عدم اليقين المعرفي ويعزز استجابة تفضيلية موجهة نحو الاقتراب . في التعليم الإلكتروني، يُترجم هذا إلى راحة المستخدم وتفضيله الضمني لبيئة التعلم نفسها، مثل نظام إدارة التعلم (LMS) أو واجهة التطبيق. في حين أن تأثير التعرض المجرد يعتمد عادةً على الخبرة، فقد أظهرت الدراسات الحديثة أن التأثير يمكن أن ينجم أيضاً عن تعليمات صريحة، مما يعني أن مجرد إخبار المستخدم بأن مُحفزاً ما سيكون متكرراً يمكن أن يؤثر استباقياً على تقييماته الضمنية والصريحة، مما يدل على وجود صلة بين التوقع والتفضيل.  

تُفسَّر آليات تأثير التعرض المجرّد (Mere Exposure Effect) من خلال ثلاث عمليات نفسية رئيسة هي: الطلاقة الإدراكية، والتعوّد، وتقليل عدم اليقين.

أولاً، تشير الطلاقة الإدراكية (Perceptual Fluency) إلى سهولة معالجة الدماغ للمثيرات التي شاهدها أو سمعها سابقًا، فكلما ازداد التعرض للمثير، أصبح إدراكه أسرع وأسهل، مما يولّد شعورًا بالارتياح والألفة يترجمه الفرد إلى تفضيل إيجابي.

ثانيًا، تقوم آلية التعوّد (Habituation) على أن التكرار يقلل من استجابة الدماغ للمثيرات الجديدة ويجعلها مألوفة وغير مهدِّدة، فيتحول المثير من كونه غريبًا إلى مألوف ومقبول نفسيًا.

ثالثًا، فـ تقليل عدم اليقين (Reduction of Uncertainty) فيرتبط برغبة الإنسان الطبيعية في التنبؤ والسيطرة على بيئته. فكلما تكرّر التعرض لمثير معين، قلّ الغموض المرتبط به وزادت القدرة على توقّعه، مما يخلق إحساسًا بالراحة النفسية والثقة تجاهه. وهكذا، فإن تأثير التعرض المجرّد يعتمد على تفاعل هذه الآليات الثلاث التي تجعل المألوف أكثر جاذبية من المجهول.

العلاقة بين تكرار التعرض والتفضيل الإيجابي

إن العلاقة بين تكرار التعرض والتفضيل الإيجابي ليست خطية أو دائمة. يمكن أن يؤدي التعرض المفرط (أو الزائد) لمُحفز إلى تقليل التفضيل، مما يؤدي بدلاً من ذلك إلى الملل، أو الانزعاج، أو إجهاد التعوّد . تلتزم هذه العلاقة بدالة غير رتيبة، توصف عادةً بمنحنى على شكل جرس، حيث يصل الإعجاب إلى الحد الأقصى الأمثل قبل أن يتراجع مع التعرضات اللاحقة .  

علاوة على ذلك، تعتمد فعالية تأثير التعرض المجرد على التكافؤ الوجداني الأولي للمُحفز . لا يضمن التعرض المتكرر زيادة الإعجاب إذا تم الحكم على المُحفز في البداية بأنه سلبي أو غير سار. على سبيل المثال، أظهرت الدراسات أن التعرض المتكرر للمحفزات البصرية “السيئة” ذاتياً يمكن أن يعزز قدرة المشاهد على اكتشاف العيوب، مما يؤدي إلى انخفاض، بدلاً من زيادة، الإعجاب. تحمل هذه الملاحظة آثاراً كبيرة على التصميم التعليمي الرقمي: يكون تأثير التعرض المجرد أكثر فعالية عند تطبيقه على عناصر ذات جودة أولية عالية. إذا كانت واجهة التعليم الإلكتروني رديئة بطبيعتها، أو سيئة التنظيم، أو غير متناسقة بصرياً، فلن يؤدي الاستخدام المتكرر إلى زيادة الإعجاب؛ بل من المحتمل أن يؤكد ويعزز التقييم السلبي. وبالتالي، فإن تطبيق تأثير التعرض المجرد في التصميم التعليمي يعتمد بشكل أساسي على ضمان مستوى عالٍ من جودة واجهة المستخدم/تجربة المستخدم الأولية قبل الاعتماد على التكرار لتعزيز المواقف الإيجابية والمثابرة على النظام .  

تأثير العرض/الشرح المجرد في اكتساب المعرفة

التعليم الشارح والتعلم المعزز بالتكنولوجيا

يعمل التعليم الشارح كأساس للاكتساب المنظم للمعرفة. في بيئات التعلم المعززة بالتكنولوجيا، يتضمن ذلك النقل المتعمد للمحتوى من خلال المحاضرات عبر الإنترنت، والقراءات، ومقاطع الفيديو التعليمية، وشروحات الوسائط المتعددة المصممة لبناء فهم أساسي . على عكس تأثير التعرض المجرد الذي يستهدف الموقف، فإن الهدف من تأثير العرض المجرد الفعال هو التغيير المعرفي الملموس: التنمية الفعالة للمخططات العقلية القوية، وتوحيد الذاكرة الصريحة، والقدرة النهائية على نقل المعرفة إلى مواقف جديدة. غالباً ما يتناقض التعليم الشارح التقليدي مع أساليب التعلم النشط، لكن تأثير العرض المجرد يظل حاسماً لتقديم المعلومات الأساسية الضرورية بكفاءة .

 يميل المتعلمين لتبنّي أو قبول فكرة ما بدرجة أكبر بمجرد أن تُقدَّم لهم تفسيرات ظاهرها منطقية أو معقولة، حتى لو كانت هذه التفسيرات سطحية أو غير دقيقة تمامًا. في بيئات التعلم التكنولوجية، يظهر هذا التأثير بوضوح في تفاعل الطلاب مع الأنظمة الذكية، مثل منصات الذكاء الاصطناعي التوليدي أو أنظمة التوصية التعليمية، حيث يؤدي تقديم شرح مبسّط وواضح لقرارات النظام أو استجاباته إلى زيادة ثقة المتعلم في التقنية واستعداده لاستخدامها باستمرار.

من الناحية التعليمية، يمكن توظيف تأثير MEI إيجابيًا عبر تقديم شروحات مختصرة تساعد المتعلم على بناء الفهم الأولي للمفاهيم المعقدة دون إثقاله بالتفاصيل. ومع ذلك، فإن الاعتماد المفرط على هذا النوع من الشرح قد يؤدي إلى تعلّم سطحي إذا لم يُدعّم بتطبيقات وتجارب واقعية. لذلك، يُنصح المصممون التعليميون باستخدام هذا التأثير بشكل متوازن: فالتفسير المجرّد يسهم في تحفيز الفضول وبناء الألفة مع المحتوى، بينما يجب لاحقًا توسيعه عبر أنشطة استقصائية وتطبيقية تدعم الفهم العميق والتفكير النقدي لدى المتعلمين.

إدارة الحمل المعرفي والنظريات المعرفية للتعلم

يرتبط التعليم الشارح الفعال في بيئات التعليم الإلكتروني ارتباطاً وثيقاً بإدارة قيود الذاكرة العاملة، كما هو موضح في نظرية الحمل المعرفي (CLT). يجب تصميم المواد التعليمية لتقليل الحمل المعرفي الخارجي — الحمل المفروض بواسطة الميزات التعليمية التي لا تدعم التعلم بشكل مباشر، مثل التنقل السيئ أو الواجهات المعقدة بشكل مفرط. وفي الوقت نفسه، يجب على التصميم تحسين الحمل المعرفي الجوهري — الجهد المخصص لبناء وأتمتة المخططات العقلية.  

توجه العديد من المبادئ المشتقة من النظريات المعرفية تحسين المواد الشارحة. على سبيل المثال، يفرض تأثير الانتباه المقسم (أو مبدأ التجاور المكاني) وجوب عرض النص بشكل متجاور أو متكامل مع المرئيات لمنع المتعلمين من إهدار الموارد المعرفية في محاذاة العناصر المنفصلة عقلياً. وبالمثل، يشير تأثير التكرار إلى إزالة المعلومات غير الأساسية والمتكررة للحفاظ على التماسك والتركيز. علاوة على ذلك، تشير الأبحاث إلى أن تسلسل الأنشطة التعليمية أمر حيوي؛ فغالباً ما تكون مكاسب المعرفة أكبر عندما يسبق التعليم الشارح الأولي الأنشطة المعقدة وحل المشكلات مثل المحاكاة، التزاماً بمبدأ التدريب المسبق .  

الفروق بين المفهومين: التفضيل مقابل الكفاءة

يكمن الاختلاف الجوهري بين تأثير التعرض المجرّد (Mere Exposure Effect) والاستراتيجيات المستخدمة في التعليم الشارح المجرّد (Mere Explanation Instruction) في طبيعة الأهداف والعمليات المعرفية التي يعتمد عليها كلٌّ منهما. فـ تأثير التعرض المجرّد يركّز على الجانب الوجداني والإدراكي السطحي، حيث يؤدي التكرار إلى تعزيز الألفة والارتياح النفسي تجاه المثير، دون الحاجة إلى معالجة معرفية عميقة. أي أن المتعلم يكوّن اتجاهًا إيجابيًا أو تقبّلًا للشيء لمجرد تكرار رؤيته أو سماعه، لا بسبب فهمه أو تحليله.

أما التعليم الشارح المجرّد فيتجاوز هذا المستوى، إذ يسعى إلى إحداث تعلم موجه ومقصود من خلال تقديم شروحات وتفسيرات مبسطة للمفاهيم بهدف تسهيل الفهم الأولي وبناء المعرفة. هذا النوع من التعليم يتطلّب درجة أعلى من المعالجة المعرفية الواعية، حيث ينخرط المتعلم في تفسير وربط المعلومات الجديدة بالمعارف السابقة، حتى وإن كانت الشروحات سطحية نسبيًا في البداية. وبذلك، فإن الاختلاف بينهما يتمثل في أن التعرض المجرّد يعتمد على التكرار والانفعال الإيجابي، بينما التعليم الشارح المجرّد يعتمد على التفسير والإقناع المعرفي كوسيلة لتيسير الفهم وبناء التعلم.

التباين في مقاييس النتائج: الموقف مقابل الإنجاز

يتعلق تأثير التعرض المجرد (MEE) في المقام الأول بالنتائج الوجدانية، مثل مدى تقييم المستخدم للمُحفز بشكل إيجابي. تشمل المقاييس الإعجاب، والتفضيل، والرضا، والمثابرة في استخدام المنتج أو النظام . على العكس من ذلك، يركز تأثير الشرح المجرد (MEI) بشكل حصري على النتائج المعرفية، والتي تُقاس بالمؤشرات الصريحة للإنجاز، مثل الاستدعاء، والتعرف، والفهم، وإظهار نقل المعرفة .

مفارقة الجانب الوحداني مقابل المعرفي

ينشأ تعارض حاسم من اختلاف هذه التأثيرات: فالاستراتيجيات التي تزيد المشاعر الإيجابية الفورية (تأثير التعرض المجرد) غالباً ما تكون ضارة بالتعلم طويل الأمد (تأثير العرض المجرد). تُظهر الأبحاث المعرفية باستمرار أن استراتيجيات التعلم التي تعزز الذاكرة القوية طويلة الأمد (مثل الممارسة المتباعدة، واختبار الاسترجاع — استراتيجيات تأثير العرض المجرد) غالباً ما تنتج شعوراً ذاتياً أقل بالإتقان والكفاءة الفورية مقارنة بالاستراتيجيات التي تزيد الألفة قصيرة الأمد (مثل الممارسة المجمعة أو التعرض الصم — نتائج تأثير التعرض المجرد).  

يؤدي هذا الاختلاف إلى فشل معرفي واسع الانتشار حيث يعتمد المتعلمون على الشعور بالسهولة — الطلاقة الذاتية الناتجة عن التكرار المجمع — كبديل للمعرفة الفعلية. إن “وهم الطلاقة” هذا هو نتيجة غير مقصودة لآلية تأثير التعرض المجرد: فالتعرض المتكرر والمجمع يجعل المادة تبدو مألوفة، مما يؤدي إلى ثقة عالية حتى عندما يكون الاحتفاظ ضعيفاً. نظراً لأن الممارسة المتباعدة غالباً ما لا تكون عادة دراسية افتراضية للطلاب، يجب على المصممين التعليميين تعطيل هذا الوهم ما وراء المعرفي بنشاط لتعزيز استراتيجيات تأثير العرض المجرد الفعالة، حتى لو كانت تلك الاستراتيجيات تزيد الصعوبة مؤقتاً أو تقلل من سهولة الاستخدام المتصورة الفورية.  

دمج تأثيري التعرض والشرح المجردين لتصميم تعليم إلكتروني أمثل

يتطلب تصميم التعليم الإلكتروني الفعال الفصل المتعمد والنشر الاستراتيجي لمبادئ تأثير التعرض المجرد وتأثير العرض المجرد لتحسين تجربة المستخدم والإنجاز الأكاديمي على حد سواء. يجب أن يحكم تأثير التعرض المجرد الطبقة الوجدانية (الواجهة)، بينما يحكم تأثير العرض المجرد الطبقة المعرفية (المحتوى).

الاستفادة من تأثير التعرض المجرد لرضا النظام والمثابرة (طبقة التصميم الوجداني)

يجب تعظيم تأثير التعرض المجرد في تصميم منصة التعلم والواجهة (UI/UX). من خلال الاستخدام المستمر لعناصر واجهة المستخدم الملاحية الموحدة والمعروفة — مثل مواضع الأزرار الشائعة، وهياكل القائمة، والرموز — يستفيد المصممون من ألفة المستخدمين الموجودة مسبقاً . تبني هذه الألفة تفضيلاً ضمنياً، وتقلل من عدم اليقين المعرفي، وتقلل بشكل كبير من الحمل الخارجي المرتبط بالتنقل في التكنولوجيا نفسها .

تُعد هذه الاستجابة الوجدانية الإيجابية حاسمة لتحفيز الطلاب ومثابرتهم. الرضا، وهي نتيجة يعززها مبدأ الألفة، هو إحدى الفئات الأساسية الأربع في نموذج ARCS لتحفيز التعليم (الانتباه، والأهمية، والثقة، والرضا) . تساهم الواجهة المألوفة، القابلة للتنبؤ، والسهلة الاستخدام بشكل مباشر في شعور المتعلم بالثقة والرضا العام، مما يشجعه على مواصلة التفاعل مع المادة. يعمل تأثير التعرض المجرد بشكل فعال كـ “سقالات” للمكونات غير التعليمية لبيئة التعليم الإلكتروني. من خلال جعل النظام المحيط (الحاوية) يبدو مريحاً وآمناً من خلال التكرار والاعتياد المتسقين، يتم حفظ الموارد المعرفية المحدودة للمتعلم وتوجيهها نحو المحتوى الصعب والجهدي (تأثير العرض المجرد).  

الاستفادة من تأثير العرض/ الشرح المجرد لإتقان المحتوى (التصميم المعرفي)

بالنسبة لتقديم المحتوى الشارح، يجب أن تعطي الاستراتيجيات التعليمية الأولوية للحمل الجوهري على الطلاقة الإدراكية. إحدى الاستراتيجيات الأساسية هي مبدأ التجزئة. بالنسبة للمواد المعقدة التي تتميز بحمل معرفي جوهري عالٍ، يجب تقسيم المحتوى إلى أجزاء منطقية صغيرة يمكن للمتعلم التحكم فيها وتيرتها بشكل مستقل، عادةً باستخدام أزرار “متابعة” أو “التالي” . تضمن هذه التجزئة حصول المتعلم على الوقت اللازم للمعالجة الجوهرية الأساسية وتوحيد المعلومات قبل الانتقال إلى مفاهيم جديدة .  

علاوة على ذلك، يجب أن يكون كل التكرار المطلوب للمحتوى التعليمي إثرائياً، وليس صماً. يجب أن يستخدم التعليم الشارح المجرد تقنيات، مثل التلميح وطرح الأسئلة، التي تحث المتعلمين على ربط المفاهيم الجديدة بنشاط بهياكل المعرفة السابقة، وبالتالي ضمان الترميز الدلالي . عندما يكون تكرار المفاهيم الأساسية ضرورياً، يجب تنفيذه بشكل استراتيجي من خلال التكرار المتباعد وممارسة الاسترجاع . يعزز توزيع الممارسة بمرور الوقت الاحتفاظ والنقل، ويجب على المصممين التعليميين مزج أنواع الممارسة طوال الدروس بدلاً من تجميع الأنواع المتشابهة معاً لزيادة فعالية الممارسة الموزعة إلى أقصى حد .  

موازنة الأهداف الوجدانية والمعرفية

يستخدم تصميم التعليم الإلكتروني الأمثل تأثير التعرض المجرد عمداً لتعزيز قابلية استخدام النظام والتحفيز مع تطبيق مبادئ تأثير العرض المجرد لدفع الإتقان المفاهيمي العميق، وتجنب التعارض الداخلي حيث تقوض الراحة الجهد.  

كلمة أخيرة: نحو تحسين المشاركة والإنجاز في التعلم الرقمي

إن التمييز المفاهيمي بين تأثير التعرض المجرد (MEE) والمبادئ الكامنة وراء التعليم الشارح المجرد الفعال (MEI) أمر أساسي لتصميم بيئات تعليم إلكتروني ناجحة. يتناول تأثير التعرض المجرد العلاقة الوجدانية للمستخدم مع منصة التعلم، مستخدماً آليات معرفية ضمنية مثل الطلاقة الإدراكية لتعزيز الإعجاب، وتقليل عدم اليقين في النظام، وفي النهاية تعزيز مثابرة المستخدم . وهذا أمر بالغ الأهمية للاعتماد الأولي والمشاركة المستمرة.

في المقابل، يتناول التعليم الشارح المجرد (MEI) المهمة المعرفية الصريحة لاكتساب المعرفة. ويتطلب استراتيجيات تعليمية — مثل الالتزام الصارم بمبادئ نظرية الحمل المعرفي، ومبدأ التجزئة للتحكم في الوسائط، وتنفيذ الممارسة الإثرائية والمتباعدة — لضمان الإتقان العميق والمعرفة القابلة للنقل .

الإدراك الحاسم للمصممين التعليميين هو التعارض الكامن بين الشعور الفوري بالسهولة الناتج عن تأثير التعرض المجرد (وهم الطلاقة) والجهد المطلوب لتأثير العرض المجرد القوي (الترميز الإثرائي). تتطلب التربية الفعالة استراتيجيات تعمل بنشاط على مواجهة المشاعر المضللة قصيرة الأمد للكفاءة الناتجة عن التكرار البسيط، مما يضمن إدخال الصعوبة بشكل مناسب من خلال الممارسة المتباعدة والقائمة على الاسترجاع التي تضمن نتائج التعلم طويلة الأمد. للمضي قدماً، يجب على اختصاصيي تكنولوجيا التعليم تنفيذ مقاييس أداء تقيس بدقة ومتزامنة الاستقبال الوجداني (نتيجة تأثير التعرض المجرد) والإنجاز الأكاديمي طويل الأمد (نتيجة تأثير العرض المجرد) للتحقق من الفعالية التعليمية الحقيقية لنهج التصميم ثنائي التركيز

المراجع

Expository Teaching: Ausubel Theory of Learning. (2025, October 18). Retrieved from https://www.simplypsychology.org/expository-method-of-teaching.html

Gkintoni, E., Antonopoulou, H., Sortwell, A., & Halkiopoulos, C. (2025). Challenging Cognitive Load Theory: The Role of Educational Neuroscience and Artificial Intelligence in Redefining Learning Efficacy. Brain Sciences, 15(2), 203. doi: 10.3390/brainsci15020203 https://www.mdpi.com/2076-3425/15/2/203

Harmon-Jones, E., & Allen, J. J. B. (2001). The Role of Affect in the Mere Exposure Effect: Evidence from Psychophysiological and Individual Differences Approaches. Personality and Social Psychology Bulletin, 27(7), 889–898. doi: 10.1177/0146167201277011, https://www.researchgate.net/publication/255500552_The_Role_of_Affect_in_the_Mere_Exposure_Effect_Evidence_from_Psychophysiological_and_Individual_Differences_Approaches

Hasan, A. K., Athila, M., Bertuanda, M., Sapriya, S., & Wilodati, W. (2025). RELEVANCE OF USING EXPOSITORY LEARNING STRATEGIES IN TEACHING AND LEARNING ACTIVITIES IN SCHOOLS. PROGRES PENDIDIKAN, 6(1), 36–41. doi: 10.29303/prospek.v6i1.1131و https://www.researchgate.net/publication/388562154_RELEVANCE_OF_USING_EXPOSITORY_LEARNING_STRATEGIES_IN_TEACHING_AND_LEARNING_ACTIVITIES_IN_SCHOOLS

Kerim, Ü., & Tuğba, Y. (2020). The Effects of Pre-service English Language Teachers’ Making Vocabulary Learning Materials in Web-Supported Situated Learning Environment on Their Vocabulary Learning. English Language Teaching, 13(4), 52–52. doi: 10.5539/elt.v13n4p52

LeFever, L. (2025). The Art of Explanation: Making your Ideas, Products, and Services Easier to Understand. Wiley.

Pilat, D., & Krastev, Dr. S. (2025). Mere Exposure Effect – Biases & Heuristics | The Decision Lab. Decision Lab. Retrieved from https://thedecisionlab.com/biases/mere-exposure-effect

Seamon, J. G., McKenna, P. A., & Binder, N. (1998). The mere exposure effect is differentially sensitive to different judgment tasks. Conscious. Cogn., 9521834. Retrieved from https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/9521834

Singh, P. (2025). The Power of Explanation: Understanding the Expository Method Of Teaching. Extramarks Blogs: Weaving stories for schools, students, and parents. Retrieved from https://www.extramarks.com/blogs/teachers/expository-method-of-teaching

Wang, Y.-M., Wei, C.-L., Chen, W.-J., & Wang, Y.-S. (2024). Revisiting the E-Learning Systems Success Model in the Post-COVID-19 Age: The Role of Monitoring Quality. International Journal of Human–Computer Interaction. doi: 10.1080/10447318.2023.2231278

Yahiaoui, F., Aichouche, R., Chergui, K., Brika, S. K. M., Almezher, M., Musa, A. A., & Lamari, I. A. (2022). The Impact of e-Learning Systems on Motivating Students and Enhancing Their Outcomes During COVID-19: A Mixed-Method Approach. Front. Psychol., 13, 874181. doi: 10.3389/fpsyg.2022.874181

عن د مصطفى جودت

أستاذ تكنولوجيا التعليم المشارك بجامعة الملك سعود ، وجامعة حلوان مدير تطوير المحتوى الرقمي بجامعة الملك سعود
error: Content is protected !!